Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاختيار بين السيئ والأسوأ... خدعة النظام الإيراني في الانتخابات الرئاسية

خامنئي يعطي الضوء الأخضر لجليلي وبزشكيان لحث المواطنين على المشاركة في الاقتراع

جانب من تجمع انتخابي للمرشح قاليباف في طهران، الأربعاء 26 يونيو الحالي (رويترز)

ملخص

في وقت تبقى الكلمة الفصل في القضايا الأساسية في إيران بيد المرشد، إلا أن الانتخابات الرئاسية تكتسي أهمية بالغة بالنسبة للنظام، ليس لجهة هوية الرئيس العتيد فحسب، بل لجهة نسبة الاقتراع التي تحدد مدى شرعيته وقبول الناس به.

انتهت مهلة الدعاية الانتخابية لمرشحي الانتخابات الرئاسية في إيران صباح اليوم الخميس الموافق لـ27 يونيو (حزيران) الجاري، ودخلت إيران في مرحلة الصمت الانتخابي. وسيحاول المرشحون محمد باقر قاليباف، وسعيد جليلي، ومصطفى بور محمدي، وعلي رضا زاكاني، وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، ومسعود بزشكيان، الذين وافق مجلس صيانة الدستور على أهليتهم، حث مزيد من الأشخاص على المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها غداً الجمعة الموافق لـ28 من الشهر الجاري. في الوقت نفسه، هناك أخبار متناقضة تتحدث عن انسحاب مرشحَين على الأقل لمصلحة أحد المرشحين. 

المرشد علي خامنئي الذي يواجه الآن أزمة شرعية النظام أكثر من أي وقت مضى، قال يوم الثلاثاء الماضي الموافق لـ25 يونيو الجاري، إن "مشاركة المواطنين في الانتخابات هي فخر للنظام".

ولجأ المرشحون الذين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور إلى أساليب مختلفة لحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات الرئاسية، إذ وعدوا الناس بأمور خارجة عن صلاحيات رئيس الجمهورية في بنية نظام الجمهورية الإسلامية.

شراء فترة الخدمة الإلزامية

أمير حسين قاضي زاده، الرئيس الحالي لمؤسسة "الشهيد" الذي رشح نفسه للانتخابات الرئاسية بهدف الدفاع عن حكومة إبراهيم رئيسي، قال في المناظرة الأخيرة إنه سيمكّن الشباب من "شراء فترة الخدمة العسكرية الإلزامية". إن مثل هذا الإجراء، بغض النظر عن أنه لا يدخل في نطاق صلاحيات رئيس الجمهورية وحسب، بل يحمل في طياته خطراً على المؤسسة العسكرية، نظراً لتراكم الفئات العمرية التي تشتري فترة الخدمة العسكرية الإلزامية. كما أنه يتعارض مع العدالة الاجتماعية. لكن أمير حسين قاضي زاده، الذي تجاهل دور النائب الأول في حكومة إبراهيم رئيسي في منع استيراد لقاح كورونا خلال الجائحة، ونفى حجب الإنترنت في عهد رئيسي، لا تهمه العدالة الاجتماعية، ولا حياة الشباب الذين يتضررون أثناء الخدمة العسكرية. المهم بالنسبة لرئيس مؤسسة "الشهيد" كما هي الحال بالنسبة للمرشحين الخمسة الآخرين، هو مشاركة الناس في الانتخابات والحصول على المزيد من الأصوات لمصلحة النظام.


عضو "لجنة الموت"

مصطفى بور محمدي الذي كان عضواً في "لجنة الموت" وله دور في جرائم الاغتيالات المتسلسلة، عندما سُئل في المناظرة عن عمليات الإعلام في الثمانينيات من القرن المنصرم، قال إن قتل السجناء كان مشروع النظام، نافياً مسؤوليته عن إعدام السجناء، قائلاً إنه كان مجرد قاضٍ في تلك الفترة. أما الآن، وكونه المدعي العام، فقال إنه يتعاطف مع الناس ويشاركهم وجعهم. وفي حملته الانتخابية يعد الناس باستمرار بأنه سيحل المشكلات الاقتصادية والمعيشية ويرفع العقوبات الدولية، وأنه يحترم المرأة وكرامتها.

إصلاحي النظام

وأما مسعود بزشكيان الإصلاحي، فعندما ذهب إلى وزارة الداخلية للتسجيل كان قد قال بوضوح إن هدفه الرئيس من خوض الانتخابات هو رفع نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وأنه على عكس الشخصيات الإصلاحية الأخرى فقد وافق مجلس صيانة الدستور على أهليته لخوض السباق الرئاسي. وأما الآن، فوضع الإصلاحيون المواطنين في الفخ ليختاروا رئيساً بين السيئ والأسوأ، وقالوا لهم إنه ما لم يصوتوا لهم فإن المتشددين سيستولون على السلطة.  

في السياق نفسه، أيّد الرئيس السابق محمد خاتمي الذي يعتبر أول رئيس لحكومة إصلاحية في إيران، مسعود بزشكيان. وفي مقطع فيديو مساء يوم الثلاثاء، وجّه خاتمي رسالة طالب فيها الإيرانيين بالتصويت لمصلحة بزشكيان، وقال "لا الإطاحة بالنظام ممكنة، ولا مرغوب فيها".
يذكر أن الإيرانيين صرخوا بصوت عالٍ بوجه التيارين الإصلاحي والأصولي، قائلين "الإصلاحيون، الأصوليون... قد انتهت اللعبة".  

كما زعم نجل أكبر هاشمي رفسنجاني، محسن هاشمي في تصريح له أن المنافس الرئيس لمسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية هو رفض المواطنين المشاركة.

ويحاول الإصلاحيون تقديم مسعود بزشكيان على أنه "فرصة للتحول وتغيير الأوضاع الحالية". لكن بزشكيان أكد وباستمرار أن حكومته ستسير وفق السياسات العامة للمرشد علي خامنئي. وأدت هذه السياسات الداخلية والخارجية والقضايا الثقافية والتعليمية إلى ارتفاع نسب الفقر وعزلة إيران في العالم، وتحطيم الأرقام القياسية من حيث الأضرار الاجتماعية خلال العقود الثلاثة الماضية على الأقل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وعد بحل مشكلات العمال

محمد باقر قاليباف الذي يرى أن تحقيق حلمه في أن يصبح رئيساً للبلاد أقرب من أي وقت مضى، وعد في حملته الانتخابية مختلف الشرائح العمالية والمعلمين والطلاب بأنه سيحل مشكلاتهم. وقال قاليباف وبوضوح إن العلاقة بين الرئيس والمرشد إذا ما لم تكن على وفاق، فقد يحدث خلل في الحكم. رئيس البرلمان الذي وعد خامنئي بأنه سيعالج قضية الفضاء الافتراضي من خلال إقرار خطة في البرلمان، فإنه يدافع اليوم عن رفع الحجب على الإنترنت. وتسبب قاليباف في الماضي بسجن صحافيين على الأقل.

وانتشرت أخبار من داخل المعسكر الأصولي تتحدث عن احتمالية التحالف بين قاليباف وجليلي، على رغم أن كلاً منهما يؤكد البقاء في المنافسة حتى اللحظة الأخيرة. 


جليلي والعملة الصعبة

سعيد جليلي الذي يتحدث عنه الإيرانيون بأنه كان فاشلاً في المفاوضات النووية، يعارض دبلوماسية التفاوض ويقول إنه ليس "مدمناً على الاتفاق" كما يقول عنه منافسه أمير حسين قاضي زاده. يريد جليلي أن يجلب العملة الصعبة لإيران، لكنه لا يوضح كيف سيعمل هذا من دون علاقات دبلوماسية وإقامة علاقات بناءة مع العالم.

ولا تقتصر تناقضات سعيد جليلي الكلامية والسلوكية على هذه القضية فحسب، بل يرى أمير حسين ثابتي، أحد أعضاء مقر جليلي، أن موضوع الحجاب يجب أن يتم التعامل معه بشدة مثل موضوع المخدرات. إلا أن مقر جليلي نشر صوراً لفتيات لا يرتدين الحجاب بالكامل ويحملن صوراً لجليلي. 


إعانات من ذهب

علي رضا زاكاني، عمدة طهران المثير للجدل، الذي وقف بعناد شديد ضد رغبة عشرات الآلاف من المواطنين في طهران الذين رفضوا بناء مساجد في الحدائق العامة، وقال إنه سيبني مسجداً في حديقة "قيطرية" وغيرها من الحدائق في العاصمة، يدعي الآن أنه "نقي وخادم" وخاطب الإيرانيين بـ "الشعب العزيز"، مضيفاً أنه إذا ما أصبح رئيساً للبلاد، فسيقدم سبائك ذهب إلى الإيرانيين كإعانات.
ومن بين المرشحين الستة في الانتخابات الرئاسية، يعرف كل من بور محمدي، وزاكاني، وقاضي زاده أنهم لن يصبحوا رؤساء للبلاد، لكن بقاءهم في هذه المسرحية الانتخابية ضرورة وسينسحبون على الأرجح في الساعات الأخيرة. هؤلاء الثلاثة تم ترشيحهم بمهمة محددة وربما بعد انتهاء الانتخابات ستتم مكافأتهم بمناصب إدارية مهمة.

قاليباف وجليلي وبزشكيان هم المرشحون الثلاثة الذين يعول عليهم النظام لزيادة نسبة المشاركة العامة في هذه الانتخابات.

في الانتخابات الرئاسية الإيرانية في دورتيها الـ11 والـ12، جمع الإصلاحيون أصوات الناس لمصلحة حسن روحاني من خلال إثارة الخوف في نفوسهم من وصول أشخاص مثل سعيد جليلي، وإبراهيم رئيسي إلى السلطة. كما وعد روحاني بالانفتاح الاقتصادي والمفاوضات مع العالم والحريات الاجتماعية ووقف حجب الإنترنت، إلا أن وزير داخليته في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 الدامي وبضوء أخضر من السلطات العليا، أطلق النار على المتظاهرين. 

والآن يستخدم النظام الخدعة ذاتها. يوم الثلاثاء (25 يونيو)، أعطى خامنئي، وهو يعلم أن المواطنين لا يرغبون بالمرشح الذي يوافق عليه، إشارة إلى سعيد جليلي، وقال إن الرئيس المقبل لا ينبغي أن يسعى إلى إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة. وفي اليوم ذاته، دعم خاتمي، من خلال كلمة مسجلة بثت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مسعود بزشكيان. هذه الكلمة فُسرت بأن التصويت لبزشكيان يعني قول كلمة لا لعلي خامنئي. هذا في وقت قال المرشد ومسؤولون حكوميون آخرون وفي أكثر من مناسبة إن التصويت لأي من المرشحين هو تصويت لشرعية نظام الجمهورية الإسلامية.

وعلى الجانب الآخر، هناك العديد من الناس يطالبون بتغير جذري وهم على أعلى مستوى من الوعي الاجتماعي، ويعتقدون أنه لا يوجد أمل في تحسين الأوضاع في ظل النظام الحالي.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"  

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط