Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التغيرات المناخية تحرم الهنود من النوم

مرت على الشخص بالمتوسط 4.8 ليلة إضافية تخطت فيها الحرارة 20 درجة مئوية بين 2018 و2023 بسبب أزمة المناخ

رجل ينقل مبردات الهواء في أحد الأسواق وسط موجة حارة شديدة في فاراناسي الهندية (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

يقول خبراء في المناخ إن درجات الحرارة المرتفعة أثناء الليل تشكل خطورة أكبر على الإنسان مقارنة مع درجات الحرارة المرتفعة أثناء النهار، هذه الحرارة تحول دون تبريد الجسم، مما يفاقم خطر الإصابة بالمرض، بل ويعزز احتمال الوفاة بسبب ضربة الحر

خلصت دراسة جديدة إلى أن أزمة المناخ تتسبب بارتفاع حاد في درجات الحرارة أثناء ساعات الليل في مختلف أنحاء الهند، وبذلك يسجل عدد الليالي التي تتجاوز فيها الحرارة 25 درجة مئوية زيادة تراوح بين 50 و80 ليلة سنوياً، مما يترك انعاكاسات سلبية على النوم ويعرض صحة السكان للخطر.

ويصدر هذا التحليل بعد يومين فقط من تسجيل مدينة دلهي الليلة الأكثر قيظاً على الإطلاق [من بين كل الليالي التي مرت عليها منذ بدء التسجيلات]، وكان ذلك يوم الأربعاء إذ بقيت درجة الحرارة الدنيا ثابتة عند 35.2 درجة مئوية، متجاوزة المعدل الطبيعي بثماني درجات مئوية.

هذا وتشهد الهند أطول موجة حر على الإطلاق، إذ أودت بحياة مئات فيما تحدثت تقارير عن 40 ألف حالة يشتبه في إصابتها بضربة شمس، وفي مايو (أيار) الماضي سجلت العاصمة الهندية مع بقية شمال ووسط الهند حرارة بلغت 50 درجة مئوية تقريباً.

وإذ تدق درجات الحرارة المرتفعة المميتة نواقيس الخطر، يذكر التحليل الصادر عن مؤسسة "كلايمت سنترال" (مركز المناخ) ومبادرة "كلايمت ترندز" (اتجاهات المناخ) الجمعة الماضي أن درجات حرارة الليل تصاعدت بوتيرة أكبر مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم، بسبب أزمة المناخ الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز.

وليست هذه حال الهند وحدها، إذ شهد الشخص بالمتوسط على مستوى العالم 4.8 ليلة إضافية بين 2018 و2023 تجاوزت فيها الحرارة 20 درجة مئوية بسبب أزمة المناخ.

 

ويقول خبراء في المناخ إن درجات الحرارة المرتفعة أثناء الليل تشكل خطورة أكبر على الإنسان مقارنة مع درجات الحرارة المرتفعة أثناء النهار، هذه الحرارة تحول دون تبريد الجسم، مما يفاقم خطر الإصابة بالمرض، بل ويعزز احتمال الوفاة بسبب ضربة الحر.

يشرح الدكتور أكشاي ديوراس من "جامعة ريدينغ" الإنجليزية أن وصول "درجات الحرارة الدنيا إلى مستويات مرتفعة، خصوصاً عندما تصاحبها رطوبة عالية، يجعل من الصعب على جسم الإنسان تبريد نفسه، مما يؤدي إلى مواجهة اضطرابات في النوم والإنهاك الحراري [تشمل الأعراض عادة التعرق الشديد والنبض السريع] أثناء النهار".

أضف إلى ذلك أن اضطراب النوم أو النقص فيه يزيدان أيضاً الأخطار الطويلة المدى التي تهدد الحياة من قبيل ضعف الصحة الجسدية والصحة العقلية والنفسية، وتراجع أداء الوظائف الإدراكية والمعرفية، بل ويقلصان متوسط العمر المتوقع، لا سيما بالنسبة إلى الفئة الضعيفة صحياً والأطفال والمسنين.

ميشيل يونغ، باحثة مشاركة في مجال البحوث الخاصة بتأثيرات المناخ لدى منظمة "كلايمت سنترال"، تقول "نعلم أيضاً أن الناس لا يعيشون هذه التأثيرات بالطريقة نفسها أو بصورة متساوية، في ظل الفوارق الموجودة بين البلدان وداخل البلد نفسه بناء على دخل الفرد، وإمكان الحصول على مكيفات الهواء، إضافة إلى العمر وعوامل أخرى".

 

معلوم أن نصف سكان الهند يعملون في العراء تحت أشعة الشمس في وقت تحطم درجات الحرارة الأرقام القياسية، ومن دون حصولهم على راحة كافية في الليل، يرتفع الخطر الذي يتهدد حياتهم.

أضافت يونغ: "لما كانت الهند واحدة من البلدان الأكثر تضرراً بالحرارة الشديدة الناجمة عن تغير المناخ، فإن بلوغ درجات الحرارة الدنيا مستويات عالية بين عشية وضحاها جعل من موجة الحر القياسية التي تجتاحها هذا العام أكثر فتكاً".

وتكشف بيانات الحكومة الهندية عن وفاة 110 أشخاص بسبب ضربات الحر هذا الصيف، في حين يقول ناشطون إن حصيلة الوفيات أعلى بأشواط في الحقيقة.

في الواقع شكلت درجات الحرارة المرتفعة أثناء الليل القاعدة في معظم مدن الهند هذا الصيف، كذلك وصلت الحرارة في منطقة ألوار في راجاستان إلى مستوى قياسي بلغ 37 درجة مئوية الشهر الجاري. وشهدت المدن في الولاية الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الهند أوتار براديش، مثل لاكيمبور خيري وشاهجاهانبور وفاراناسي، أعلى مستوى لها حتى الآن من درجات الحرارة الدنيا، مسجلة 33 و33 و33.6 درجة مئوية على التوالي.

أما السبب الذي يحول دون تراجع الحرارة في المدن فيكمن في الافتقار إلى المساحات الخضراء والمساحات المفتوحة، في مقابل الانتشار الواسع للخرسانة التي تحبس الحرارة.

 

تحدث في هذا الشأن أيضاً الدكتور روكسي ماثيو كول، عالم المناخ في "المعهد الهندي للأرصاد الجوية الاستوائية" في بيون، فقال "إن التأثير الذي تطرحه ’الجزيرة الحرارية الحضرية‘ [منطقة حضرية أو مدينة كبرى تكون أكثر دفئاً من المناطق الريفية المحيطة بها بسبب الأنشطة البشرية المتمركزة فيها] يتبدى بوضوح في درجات الحرارة الليلية".

ويشرح الدكتور كول: "تتحول المدن إلى جزر حرارية حضرية عندما تمتص المباني والطرق وغيرها من البنية التحتية الحرارة وتعيد إطلاقها، مما يجعل المدن أكثر قيظاً بدرجات عدة من المناطق الريفية المحيطة بها"، ويتابع : "إن المباني الشاهقة والمنشآت الخرسانية في المدن لا تسمح بطرد حرارة الطقس الزائدة أثناء الليل".

ومن بين المدن الحضرية في الهند [يزيد عدد سكانها عادة على 4 ملايين نسمة]، شهدت مومباي، عاصمة البلاد المالية والتجارية، أعلى التغيرات في درجات الحرارة أثناء الليل، إذ شهدت المدينة 65 يوماً إضافياً من الليالي ذات الحرارة المرتفعة بسبب الاحترار العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بيد أن المناطق الشرقية، من بينها ولاية البنغال الغربية وآسام، تواجه أسوأ التأثيرات، فحتى المدن الأكثر برودة نسبياً من قبيل غواهاتي وسيليغوري، تكابد سنوياً ما يصل إلى 86 ليلة شديدة الحرارة.

كذلك شهدت مدن عدة في مختلف أنحاء الهند ما بين 15 و50 يوماً إضافياً تجاوزت فيها درجات الحرارة الدنيا 25 درجة مئوية بسبب أزمة المناخ، وأكدت تقديرات علمية كثيرة أن الحرارة الشديدة في الهند وفصول الصيف الطويلة مردهما في المقام الأول إلى أزمة المناخ، والعام الحالي ذكرت دراسة علمية نهضت بها منصة "كليماميتر"المتخصصة بتحليل الظواهر المناخية المتطرفة أن موجات الحر في مايو الماضي ازدادت بمقدار 1.5 درجة مئوية بسبب غازات الدفيئة في العالم المسببة للاحتباس الحراري والناجمة عن حرق الفحم والنفط والغاز، التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي للأرض.

وليست الهند وحدها في مواجهة هذه الأزمة، بل إن نصف الكرة الشمالي برمته يقاسي القيظ الشديد، ويتلقى مليارات الأشخاص في آسيا إنذارات بارتفاع درجات الحرارة منذ أبريل (نيسان) الماضي. ولقي ما يربو على ألف شخص حتفهم خلال موسم الحج هذا العام في المملكة العربية السعودية، كذلك اجتاحت درجات الحرارة المرتفعة القياسية الولايات المتحدة والمكسيك.

يبقى أن الأشهر الـ12 الماضية كانت الأكثر قيظاً على الإطلاق، وتبين أن صيف العام الماضي 2023 كان الأعلى حرارة منذ 2000 عام، وأن 2024 في طريقه إلى تحطيم هذا الرقم القياسي.

© The Independent

المزيد من بيئة