Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤسس "خطة الحسم" بتسلئيل سموتريتش... قليل الكلام كثير الأفعال!

عرف بآرائه المتشددة ضد ما يعرف بالنزعة الإصلاحية اليهودية وأيضاً ضد اليسار الإسرائيلي وضد الفلسطينيين

نتنياهو (يمين) وسموتريتش (أ ب)

ملخص

طموح سموتريتش الدخول في معترك السياسة حال دون إكماله دراسة الماجستير في القانون العام والدولي من "الجامعة العبرية" بالقدس، فزعيم حاخامات الصهيونية الدينية حاييم دروكمان شجعه على ذلك، خصوصاً أن سموتريتش تزعم جمعية "رغافيم" اليمينية المتطرفة التي تلاحق الفلسطينيين في مجال الأراضي والبناء، والتي تحث السلطات على استصدار أوامر بهدم بيوت عربية، بحجة البناء غير المرخص، مما مهد لوصوله إلى "الكنيست"

على رغم الشخصية الهادئة التي يظهر فيها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (44 سنة) في وسائل الإعلام فإن أفكاره المشبعة عما يصفه بـ"أرض إسرائيل الكاملة" ودفاعه الشرس عن المشروع الاستيطاني وتصريحاته المثيرة للجدل لم تجعله فحسب عنصراً مؤثراً في السياسة الداخلية الإسرائيلية، بل كانت كفيلة بأن تبرزه في العناوين الرئيسة للصحافة الإسرائيلية والفلسطينية، وحتى العالمية، خصوصاً بعد أن دعم حرق قرية حوارة الفلسطينية جنوب نابلس، وأنكر كلياً وجود الشعب الفلسطيني، كيف لا وقد نشأ سموتريتش وترعرع في مستوطنة "بيت إيل" القريبة من رام لله التي تعد إحدى أشد وأعتى مستوطنات الضفة الغربية، ودرس في معاهدها الدينية المتطرفة التي صقلت شخصيته ليصبح زعيماً قوياً لتيار "الصهيونية الدينية" لا يعترف بوجود أي حدود للاستيطان، لدرجة أن البعض في الإدارة الأميركية دعا إلى متابعته والتحذير منه والانتباه لخطواته، واقترح أن مما وقعه الرئيس الأميركي جو بايدن لاستهداف عناصر مزعزعة للاستقرار في الضفة الغربية يجب أن يستخدم ضد سموتريتش، الذي أدى قراره، بحجب الأموال عن السلطة الفلسطينية، إلى الدفع بها إلى شفا الانهيار.

 

شخصية قيادية

في مستوطنة "خسفين" التي تعد مركزاً لتيار "الصهيونية الدينية" جنوب الجولان عام 1980 ولد سموتريتش، فوالده الحاخام الأرثوذكسي حاييم يروحام المعروف باعتناقه نظرية "النقاء اليهودي" بين النهر والبحر، انتقل إلى هناك لتأسيس نواة توراتية بطلب من الحاخام تسفي يهودا كوك الذي يعد الأب الروحي لهذا التيار، إلا أنه سرعان ما انتقل مجدداً إلى مستوطنة "بيت إيل" وسط الضفة الغربية، ليعمل مدرساً دينياً فيها مدة 15 عاماً، وعلى رغم أن سموتريتش قضى طفولته وشبابه في هذا المستوطنة فإنه درس في المعاهد الدينية الأشكنازية في القدس التابعة لكوك، والتي خرجته منها ليكون من أبرز قادة حركة التمرد ضد إخلاء المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة عام 2005، مما قاد إلى اعتقاله ثلاثة أسابيع بعد العثور على 700 ليتر من الوقود في منزله، اشتبه في التخطيط لاستعمالها في أعمال تخريبية قبل أن يتم الإفراج عنه من دون لائحة اتهام.

مواصلة سموتريتش تعليمه في المدرسة الدينية العليا في مستوطنة "كدوميم" المقامة على أراضي نابلس شمال الضفة الغربية، وزواجه من مستوطنة تحمل أفكاره ذاتها، وإنجابه سبعة أبناء، لم يحل دون دراسته الحقوق في كلية "أونو" الأكاديمية، التي حصل فيها على درجة البكالوريوس في القانون بمرتبة الشرف، وعلى رخصة لمزاولة مهنة المحاماة. وعلى رغم التحاقه بالجيش الإسرائيلي بعمر الـ28، فإنه شغل منصب مساعد منسق العمليات الرئيسة في قسم العمليات في هيئة الأركان العامة، والمسمى "جوبنك" مدة 16 شهراً.

 

معترك سياسي

طموح سموتريتش الدخول في معترك السياسة حال دون إكماله دراسة الماجستير في القانون العام والدولي من "الجامعة العبرية" بالقدس، فزعيم حاخامات الصهيونية الدينية حاييم دروكمان، المعروف بمواقفه العنصرية ضد العرب (طالب سابقاً بحرق بلدة بيتا الفلسطينية) شجعه على ذلك، خصوصاً أن سموتريتش آنذاك تزعم جمعية "رغافيم" اليمينية المتطرفة، التي تلاحق الفلسطينيين في مجال الأراضي والبناء، والتي تحث السلطات على استصدار أوامر بهدم بيوت عربية، بحجة البناء غير المرخص، وهو ما مهد لوصوله إلى "الكنيست"، للمرة الأولى، في انتخابات 2015، وحيازته المركز الثاني على قائمة "تكوما" (الاتحاد الوطني)، وعلى رغم صغر سنه، لم يكن سموتريتش يوماً عضواً عادياً في "الكنيست" الإسرائيلي وحسب، بل لعب دوراً رئيساً في إقرار تشريع يرمي إلى إضفاء الشرعية على ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وعلى قانون يمنع دعاة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات من زيارة إسرائيل، كما أدى نجاحه في إزاحة أوري أرئيل عن قيادة حزب "تكوما"، والسيطرة عليه في انتخابات داخلية لصعوده انتخابات 2019، وتعيينه وزيراً للمواصلات وعضواً في مجلس الأمن.

وحتى انتخابات "الكنيست" الـ24 التي أجريت عام 2021، كان سموتريتش لا يزال شخصية ثانوية تدور في فلك الثنائي نفتالي بينت وأييلت شاكيد في إطار حزب "البيت اليهودي"، إلا أن استقلاله بحزب "الصهيونية الدينية" الذي ترأسه في انتخابات 2021، مكنه من الحصول وحده، للمرة الأولى، على أربعة مقاعد (حكومة بينت - يائير لبيد). وبعد أن شكل ثنائياً مع إيتمار بن غفير زعيم حزب "العظمة اليهودية"، تمكن سموتريتش من رفع عدد مقاعده في انتخابات 2022 إلى سبعة مقاعد، ودخل في حكومة بنيامين نتنياهو الحالية وزيراً للمالية، ووزيراً في وزارة الأمن، والمسؤول عن تنسيق أعمال الحكومة في المناطق والإدارات المدنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مزعزع الاستقرار

لم يكتفِ سموتريتش برسم نفسه زعيماً فذاً لتيار "الصهيونية الدينية"، بل أقنع حزب "البيت اليهودي" بحل نفسه ليعلن في الـ20 من أغسطس (آب) عام 2023 تأسيس حزب جديد بزعامته جمع فيه أحزاباً وتيارات يمينية معاً، وكيف لا يحظى بالدعم والتأييد، وهو صاحب "خطة الحسم" التي طرح من خلالها طرقاً لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين، وهي التي اعتمدها في وقت لاحق المؤتمر العام لحزب "الصهيونية الدينية"، وتتلخص أبرز محاورها بالسعي إلى نيل أرض إسرائيل الكاملة من البحر إلى النهر، وتشجيع الاستيطان مقابل تشجيع الفلسطينيين على الهجرة ومساعدتهم في ذلك، واستخدام القوة والعنف تجاه المعارضين، مع إنكار وجود الشعب الفلسطيني ومنعه من إقامة أي كيان وطني مستقل، كما أنه يشجع على السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى.

ويرى مراقبون أن صعود سموتريتش ونجاحاته المتلاحقة وارتفاع شعبيته بصورة ملحوظة بين المستوطنين زادت من حدة العنف الممارس من قبل المستوطنين، إذ إن هجماتهم الشهرية وفقاً لما أظهرته أرقام الأمم المتحدة، ارتفعت بنسبة تزيد على 30 في المئة عام 2023 مقارنة بعام 2022، كما أنه خصص في موازنة إسرائيل للعام الحالي مبلغ 960 مليون دولار لتطوير شبكة طرق سريعة تربط إسرائيل بمستوطنات الضفة الغربية، وهي توازي ربع إجمالي أموال وزارة النقل والمواصلات الإسرائيلية، وقلص موازنات الدواء والتعليم شرق القدس لمصلحة تمويل أحزاب الائتلاف والاستيطان.

مواقفه الحادة

أصبحت تصريحات ومواقف سموتريتش المتطرفة والمعادية للفلسطينيين بصورة علنية محل انتقاد دولي واسع، إذ قاطع مسؤولون أميركيون وفرنسيون زيارته واشنطن وباريس العام الماضي. وإلى جانب تصريحه في مارس (آذار) 2023 أنه "لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني"، احتفى قبل فترة وجيزة بإقرار "الكنيست" إلغاء قانون "فك الارتباط" في أربع مستوطنات إسرائيلية شمال الضفة الغربية تم إخلاؤها عام 2005.

وكتب على منصة "إكس" "بدأنا بتصحيح تاريخي". ومنذ تعيينه من قبل نتنياهو في منصب وزير المالية في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2022 وبدرجة أكبر منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2023، عمل سموتريتش بصورة حثيثة على الحد بصورة كبيرة من مقدار أموال المقاصة (الضرائب) التي تحولها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية شهرياً، والتي تشكل نحو 70 في المئة من الإيرادات السنوية للسلطة، كما هدد بعدم تجديد إعفاء يمنح الحصانة للبنوك الإسرائيلية التي تحول الأموال إلى البنوك الفلسطينية في الضفة الغربية، بعد شهر يونيو (حزيران) الجاري، ما من شأنه أن يعوق بشدة اقتصاد الضفة الغربية الذي يعتمد بصورة جوهرية على إسرائيل، وأن يقوض أيضاً التخطيط الأميركي لغزة ما بعد الحرب، وتأمل واشنطن بعودة السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها في نهاية المطاف، وتوحيد الضفة الغربية والقطاع تحت كيان سياسي واحد وتمهيد الطريق إلى دولة فلسطينية مستقبلية، وهو ما يرفضه سموتريتش جملة وتفصيلاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير