Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف من تكرار الإبادة الجماعية في دارفور

مدينة الفاشر الاستراتيجية في أسوأ أوضاعها وأصبحت خالية تماماً من الحركة والحياة بسبب مخاوف المواطنين من هجوم واسع النطاق

يواجه النازحون في معسكري زمزم وأبو شوك خطر التعرض لهجمات انتقامية على هويتهم القبلية (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

يتخوف مراقبون من أن يعيد التاريخ نفسه بالعودة إلى عامي 2003 و2008 اللذين حدثت فيهما أول إبادة جماعية خلال حرب دارفور، في ظل تجاهل طرفي القتال الدعوات المتلاحقة لإنهاء الحرب.

يعيش سكان مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ظروفاً إنسانية قاسية بسبب الحصار الذي تفرضه قوات "الدعم السريع" على المدينة، منذ مايو (أيار) الماضي، إذ تشهد مواجهات مستمرة وقصفاً مدفعياً متواصلاً بين طرفي الصراع (الجيش والدعم السريع) على الأحياء المكتظة بالسكان، مما أدى إلى تدمير المنازل، فضلاً عن تكبد أكثر من مليون مواطن مشاق النزوح خلال رحلات محفوفة بالأخطار سيراً على الأقدام نحو معسكرات الإيواء بمنطقتي زمزم وأبو شوك، إضافة إلى محلية الطويلة والقرى والبلدات المحيطة بالفاشر.

لكن المشكلة أن مناطق النزوح تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الطبيعية من غذاء ودواء ومياه صالحة للشرب، نتيجة لتعطيل قوافل المساعدات الإنسانية وتكدسها في الحدود البرية بين السودان وتشاد لأسباب تتعلق بجوانب أمنية.

وازاء هذا الوضع المتردي يتخوف مراقبون وناشطون في العمل المجتمعي من أن يعيد التاريخ نفسه بالعودة إلى عامي 2003 و2008 اللذين حدثت فيهما أول إبادة جماعية خلال حرب دارفور، في ظل تجاهل طرفي القتال الدعوات المتلاحقة لإنهاء الحرب.

وفي الأثناء، حذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن القتال العنيف للسيطرة على الفاشر، سيؤدي إلى استمرار الاستهداف بدوافع عرقية إذا ما سقطت هذه المدينة في يد "الدعم السريع"، وأعرب عن قلقة بشأن مصير النازحين في معسكري زمزم وأبو شوك، الذين يواجهون خطر التعرض لهجمات انتقامية على هويتهم القبلية.

أزمة خانقة

يقول إبراهيم خميس من مواطني الفاشر وهو ناشط في العمل الإنساني، إن "عشرات المواطنين في مدينة الفاشر يتساقطون يومياً ما بين جريح وقتيل بسبب المواجهات العنيفة المتتالية بين القوتين المتحاربتين المستمرة لفترة أربعة أشهر، نتيجة للحصار المحكم والهجوم العشوائي بالأسلحة الثقيلة، الذي تشنه قوات ‘الدعم السريع‘، مما أدى إلى تهجير نحو 700 ألف شخص بحثاً عن ملاذات آمنة في الضعين وتمباسي وجبل مرة والقرى الريفية المحيطة بالمدينة ومعسكرات النزوح، بخاصة زمزم وأبو شوك، إلى جانب استهداف المستشفيات التي خرجت عن الخدمة، وأصبح مستشفى الفاشر الوحيد الذي يناهض من أجل تقديم الخدمة العلاجية للمتأثرين جراء العمليات العسكرية الدامية، في ظل النقص الحاد في المعينات الطبية والأسرّة، مما اضطر إدارته لاستخدام أروقة المستشفى وظلال الأشجار لاستقبال الحالات الحرجة".

أضاف خميس "الآن جميع النازحين يواجهون رحلات نزوح محفوفة بالأخطار، فضلاً عن السير على الأقدام لمعسكري زمزم وأبو شوك الواقعين في الجنوب الشرقي لمدينة الفاشر وغيرها من المناطق المحيطة للمدينة، لا سيما أن وجهات نزوحهم لم تكن الخيار الأمثل بسبب افتقارها لمقومات الحياة من غذاء ورعاية صحية ومياه نظيفة للشرب ومأوى".

وأشار إلى أن "ما يشاع من مزاعم بوصول مساعدات إنسانية إلى ولايات دارفور غير حقيقية، إذ تقف الشاحنات محملة بالمواد الإغاثية في الحدود البرية بين تشاد والسودان بسبب عدم منحها تأشيرات دخول".

وشدد الناشط في العمل الإنساني على أن الوضع الراهن في مدينة الفاشر يحتاج للتدخل العاجل من المسؤولين في الهيئات الدولية والمنظمات لإغاثة النازحين وتخفيف الأزمة الإنسانية التي ظلت متلاحقة وتتفاقم بصورة خانقة.

مخاوف وقلق

من جانبه، أوضح إسماعيل خريف أحد قيادات التطوعية في معسكر أبو شوك، أن "مدينة الفاشر كانت بمنأى عن الصراع الدائر بين الجيش و‘الدعم السريع‘ في ولايات دارفور، التي تضم الملايين من النازحين الفارين من الخرطوم والجزيرة وغيرهما من الولايات التي تأثرت بصورة مباشرة بالحرب، إلى جانب سكان مدن وقرى دارفور، لا سيما أن الجميع أصبح يتهددهم الموت منذ حصارها من خلال الاستهداف المتعمد من قوات ‘الدعم السريع‘ للمدنيين".

وأردف خريف "المشكلة أن معسكرات الإيواء تعاني ظروفاً قاسية، فضلاً عن أنها تعتبر مدناً مصغرة، إذ تعتمد على المجهودات الشعبية والمنظمات التي تبذل مساع كبيرة لتوفير الحاجات الأساسية للنازحين من مواد غذائية ودواء ومياه نظيفة وإعادة المساكن التي دمرت بسبب الأمطار، إلى جانب المبادرات التي نشطت في المطابخ الجماعية ونظمها ناشطون في العمل الإنساني من أبناء دارفور، وهي الآن تكافح من أجل الاستمرار لتقديم خدماتها للمحتاجين في ظل شح وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، إضافة إلى استهداف أعضائها وقتل نحو 10 منهم".

ومضي في الحديث "في الحقيقة نجد أن الرعب والقلق يسيطران على النازحين في هذين المعسكرين خشية العودة إلى عقدين من الزمن، إذ كانت هناك إبادة جماعية لنحو 300 ألف شخص نفذتها ميليشيات ‘الدعم السريع‘، والمؤسف أن ما نشاهده الآن يشير إلى أن التاريخ قد يعيد نفسه بسبب الأعمال العدائية وارتكاب جرائم من الأطراف المتحاربة".

وبين القيادي في معسكر أبو شوك أن "مدينة الفاشر الاستراتيجية في أسوأ أوضاعها وأصبحت خالية تماماً من الحركة والحياة بسبب مخاوف المواطنين من هجوم واسع النطاق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تدخل سريع

في سياق متصل يقول المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين آدم رجال إن "طرفي الصراع يواصلان ممارسة الجرائم ضد الإنسانية في مدينة الفاشر بتجدد المواجهات الدامية وارتكاب انتهاكات جسيمة في حق المدنيين، وهو ما تسبب في زيادة حركة النزوح نحو معسكرات الإيواء التي تعاني من أوضاع معيشية كارثية بسبب انعدام الأمن الغذائي الذي أدى إلى موت الأطفال والمسنين والنساء نتيجة سوء التغذية".

وأشار رجال إلى أن "مخيمات النزوح واللجوء تتعرض للقصف المتواصل من قبل قوات ‘الدعم السريع‘ مما أسفر عن وقوع أعداد كبيرة من الضحايا من دون الالتزام بالقوانين الدولية، فضلاً عن تدمير كافة جوانب الحياة، إذ تشهد المناطق التي يسيطر عليها طرفا النزاع عمليات قتل وعنف من نوع خاص واعتقالات تعسفية، إضافة إلى أن الأمطار فاقمت أوضاع النازحين بسقوط المنازل داخل معسكرات النزوح ومناطق أخرى".

وطالب المتحدث باسم منسقة النازحين واللاجئين مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي ودول الجوار، ممارسة الضغط لوقف الحرب وتفعيل القرار بحظر الطيران في ولايات دارفور وحماية المدنيين. ودعا في الوقت نفسه إلى ضرورة التدخل السريع من قبل المنظمات الإنسانية الإقليمية والدولية لمنع تفاقم الكارثة، بخاصة أن معسكرات النزوح تضم نحو ستة ملايين نازح في حاجة لمساعدات عاجلة نتيجة سوء أوضاعهم الصحية بسبب نقص الغذاء.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير