Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جنود أميركا من المهاجرين مهددون بالترحيل

أقسموا على الولاء للولايات المتحدة وضحوا بأنفسهم في سبيلها أملاً في نيل نفس الحقوق والحماية التي يتمتع بها المواطنون الأميركيون لكن الحقيقة كانت قاسية ومؤلمة

رُحل بينفينيدو بيريز (يسار) وخوان كيروز (يمين) بعد تورطهما في مشكلات قانونية، وهما من بين آلاف المحاربين القدامى غير الموثقين في الولايات المتحدة (بينفينيدو بيريز/خوان كيروز)

ملخص

في الولايات المتحدة، خدمة الجيش لسنوات طويلة والتضحية من أجل الوطن لا تضمن بالضرورة الأمان للمهاجرين. فبغض النظر عن سنوات الخدمة أو التفاني، يبقى المهاجر عرضة للترحيل إذا ارتكب الأخطاء وهو مما يعكس التعقيدات التي يواجهها هؤلاء الذين يضعون حياتهم على المحك من أجل بلد لا يوفر لهم الحماية الكاملة.

في مايو (أيار) 2001 وقف بينيفيدو بيريز المحارب القديم أمام القاضي. كان قد التحق بالجيش الأميركي عام 1972 معتقداً أنه سينال الحقوق التي يتمتع بها أي مواطن عند انتهاء خدمته، لكنه اكتشف بعد سنوات أنه بوصفه مهاجراً فهو لا يتمتع بتلك الحقوق.

وجاءت هذه الصدمة القاسية عندما قُيد بالأصفاد واُقتيد إلى السجن، وبعد أشهر مثل أمام القاضي حيث أدين بتهم تتعلق بالمخدرات، كان هذا يعني الترحيل من الولايات المتحدة. لم يشفع له كونه قد حارب من أجل البلد فالقانون أمره بالخروج.

يقول بيريز لـ"اندبندنت"، "تلقيت خبراً يقول ’لا يهمنا أنك محارب قديم، سيتعين عليك المثول أمام قاض وسيقرر ما كنت تستحق الترحيل أم لا".

وقضية بينيفيدو بيريز ليست حالة منعزلة، فهناك ما يقارب 94 ألف محارب قديم مهاجر خدموا في الجيش الأميركي، إلا أنهم لم يحصلوا على الجنسية الأميركية، مما يجعلهم عرضة لخطر الترحيل في حالة أي مخالفة قانونية، حتى لو كانت بسيطة. كثر منهم كانوا يعتقدون أن الخدمة في الجيش ستسمح لهم بالبقاء في البلاد.

وعلى رغم وجود بعض المبادرات الحكومية مثل "الإفراج الإنساني المشروط"، التي تهدف إلى إعادة المحاربين القدامى إلى أوطانهم، لا يزال عديد منهم يعيشون في خوف من أن خطأً صغيراً قد يؤدي إلى إبعادهم عن عائلاتهم وترحيلهم من البلد الذي دافعوا عنه.

المحامون المتخصصون بشؤون الهجرة والمحاربون القدامى أنفسهم يؤكدون أن نظام الهجرة في حاجة ماسة إلى إصلاح جذري، لتوفير حماية أفضل لأولئك الذين كانوا على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل بلدهم حتى وإن واجهوا مشكلات قانونية لاحقاً.

بدأت مشكلة بيريز في سبتمبر (أيلول) 2000 بشكل غير متوقع، عندما كان في طريقه لحضور مباراة لفريق نيويورك ميتس. لكن الرحلة انتهت في موقف سيارات مهجور، إذ سرعان ما طوقت الشرطة السيارة التي يستقلها بسرعة.

يقول بيريز لـ"اندبندنت"، "رأيت فجأة سيارات سوداء، والجميع يحمل أسلحة، وهناك طائرة هليكوبتر. وقلت لنفسي، اللعنة، ما الذي يحدث؟ من هذا الشخص الذي يقود السيارة بحق الجحيم؟"

لم يكن بيريز يعلم أن "الصديق" الذي كان يركب معه هو عميل فيدرالي متخفٍ، وأنه كان في مهمة للقبض عليه بتهم تتعلق بالمخدرات. وبعد أن اعترف بالذنب في المحكمة، حكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر وبرنامج إعادة تأهيل.

 

أبلغ لاحقاً بأن القاضي، وفقاً لقوانين الهجرة، لا يستطيع منحه حق البقاء في البلاد. في نيويورك، تصنف جرائم المخدرات على أنها "جنايات مشددة" أو "جرائم تتعلق بالأخلاق"، عقوبتها الترحيل من البلاد. وبالفعل رُحل بيريز إلى جمهورية الدومينيكان في عام 2004، البلد الذي غادره عندما كان في التاسعة من عمره.

يقول بيريز، "لم أكن أعلم كيف سأعيش أو كيف سأتدبر أموري. تم نفيي... هذا البلد [الولايات المتحدة] هي الوحيدة التي أعرفها حقاً... لقد فقدنا كل شيء".

 

عاد بيريز لاحقاً إلى الولايات المتحدة بتصريح إقامة موقت لأسباب إنسانية، وهو إجراء يسمح لبعض غير المواطنين بدخول البلاد رغم عدم وجود أساس قانوني للدخول. لكن هذا التصريح لا يوفر أي مسار دائم له للبقاء في الولايات المتحدة ويمكن أن ينتهي في أي لحظة.

يذكر أن تقريراً صادراً في عام 2020 من كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو كان قد أشار إلى وجود "تراكم" يزيد على 730 ألف طلب للحصول على الجنسية، وأوضح أن "التأخيرات تكون واضحة خصوصاً بالنسبة لغير المواطنين في الجيش".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خدم خوان كيروز مثل بينفينيدو بيريز في الجيش الأميركي وسُرح بمرتبة الشرف [مما يعني أنه أكمل خدمته بسلوك جيد ولم يواجه أي مشكلات تأديبية خطرة]. انضم كيروز إلى الجيش في عام 2004 وعمل ميكانيكي مسارات، إذ كان يقوم بصيانة وإصلاح المركبات العسكرية التي تعمل على المسارات. لكنه قضى ثلاثة أعوام في السجن بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات.

يستذكر كيروز، "عندما مثلت أمام القاضية، قلت لها: 'أنا محارب قديم في الجيش الأميركي وحصلت على تسريح مشرف'، لكنها ردت: 'إذا كنت في الجيش، كان ينبغي عليك أن تعرف أفضل. أنت ذاهب إلى بلدك'. وهكذا رُحلت، وبقيت خارج البلاد لمدة 10 أعوام".

 

رحل كيروز إلى المكسيك ولم يسمح له بالعودة حتى لحضور جنازة والده إميليانو الذي توفي في الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2021.

ومثل بيريز، وجد أملاً في نظام الإفراج الإنساني الموقت الذي سمح له بالعودة موقتاً إلى الولايات المتحدة.

لكن شبح الترحيل لا يزال يطارده. يقول، "أكدوا لي أنني طالما أعتني بعائلتي والتزم القانون، فلن أُرحل. لكن القلق والتوتر يسيطران علي. أخاف أن أفقد عائلتي مرة أخرى... لقد خدمت هذا البلد، وخطأ واحد جعلني أدفع ثمناً باهظاً".

يعيش بيريز أيضاً حالة من عدم اليقين، فطلب تجنيسه لا يزال معلقاً. يقول، "أعيش بلا أوراق رسمية، أنتظر مصيري. إذا انتهى الإفراج الموقت، سأفقد تصريح العمل، ولن أتمكن من إعالة أسرتي".

 

يقترب بيريز من نهاية فترة انتظاره الطويلة، إذ خضع الأربعاء الماضي لما توقع أن يكون المقابلة النهائية مع دائرة خدمات الهجرة والجنسية الأميركية قبل تجنيسه رسمياً. لكن مخاوفه تتزايد في شأن مصير رفاقه المحاربين القدامى، بخاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

وتأتي هذه المخاوف في ظل تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها الرئيس السابق دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية لعام 2024 حيث وصف الهجرة غير الشرعية بأنها "تسمم دماء أمتنا"، كما روج لادعاءات لا أساس لها حول قيام المهاجرين في أوهايو بـ"أكل الحيوانات الأليفة للسكان".

ولم تقتصر تصريحات ترمب على المهاجرين فحسب، بل امتدت لتشمل الجنود الأميركيين أنفسهم، إذ نقل عنه وصفه الجنود الذين لقوا حتفهم في الحروب بـ"الحمقى" و"الخاسرين".

تثير هذه التطورات قلقاً متزايداً في أوساط المحاربين القدامى من أصول مهاجرة الذين يجدون أنفسهم في مواجهة خطاب سياسي متصاعد ضد الهجرة، على رغم خدمتهم وتضحياتهم للوطن الذي اختاروه.

 

ويقول بيريز، "أشعر بالقلق ليس على نفسي، لأني لا أعتقد أن لدي ما يمكن أن يعيد الزمن إلى الوراء، ولكن أشعر بالقلق على عديد من المهاجرين، وليس فقط المحاربين القدامى، بسبب الخطاب العدائي وجميع تعليقات [ترمب] الساخرة".

وأضاف، "يجب إصلاح نظام الهجرة بأكمله، ليكون أكثر عدلاً للجميع. ولكن يجب أن يضعوا دائماً في الاعتبار أنه إذا كنت على استعداد لتقديم التضحية القصوى من أجل بلدك، فيجب أن تكون هناك استثناءات معينة".

على رغم هذا الظلم وعدم اليقين، فإنهما لا يزالان فخورين بخدمة هذا البلد. وقال كويروز لـ"اندبندنت"، "سأظل دائماً فخوراً بما فعلته، بغض النظر عن أي شيء. وأقول للجميع دائماً إنه إذا أتيحت لي الفرصة... سأخدم هذا البلد مرة أخرى، لكنني أشعر أنني تعرضت للخذلان. لقد كُذب علي. لأن القسم الذي أقسمته هو نفس القسم الذي تؤديه عندما تصبح مواطناً".

© The Independent

المزيد من تقارير