Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهدئة أردوغان- الأسد وسط إغلاق الحدود بين تركيا وشمال سوريا

اعتداءات على ممتلكات اللاجئين في قيصري بعد حديث عن واقعة تحرش تخلف احتجاجات في حلب وإدلب

متظاهر أمام شاحنة تركية محترقة خلال احتجاجات ضد أنقرة شمال حلب، في 1 يوليو   (أ ف ب)

ملخص

شهدت مناطق في ريف حلب الشمالي (الخاضعة للنفوذ التركي) شمال غربي سوريا اشتباكات مع متظاهرين أحرقوا العلم التركي ورفعوا شعارات إسقاط النظام في أنقرة.

تنتشر رائحة البارود في الشمال السوري مع تسارع وصول عجلة قطار التطبيع بين دمشق وأنقرة إلى محطة النهاية من دون أن يأبه عرابو الاتفاق إلى التظاهرات التي تأججت في عدة مناطق خاضعة للمعارضة السورية والمدعومة تركياً في أرياف حلب وإدلب.

في السابق لم يكن ذكر اشتباكات وتبادل إطلاق نار بين الجيش التركي وأفراد من المعارضة في مناطق تسيطر عليها أنقرة منذ عام 2016 سوى ضرب من الخيال، لكن من العجب أن تقلب حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان الطاولة وتعيد ترتيب أوراق سياستها الخارجية مجدداً.

ومع أن تركيا لم توصد الباب في وجه المعارضة إلا أن فتح باب الحوار مع رئيس النظام السوري بشار الأسد أجج العنف، إذ يسري قلق بين المعارضين السوريين، وبخاصة المسلحون من التوجه الجديد لصانع القرار في أنقرة.

وقال مسؤول على الحدود لـ"رويترز" إن تركيا ردت في وقت متأخر أمس على الاضطرابات بإغلاق معبر باب الهوى الحدودي حتى إشعار آخر، ويُعدّ إلى جانب معبر باب السلام ومعابر أخرى أصغر، ممرات رئيسة لعبور حركة التجارة والركاب لأكثر من ثلاثة ملايين نسمة.

من جانبه، أعلن مصدر في المعارضة السورية وسكان أن تركيا أغلقت معابرها الحدودية الرئيسة إلى شمال غربي سوريا اليوم الثلاثاء بعد تعرض القوات التركية لإطلاق نار من سوريين غاضبين بسبب العنف ضد سوريين في تركيا.

وتعرضت ممتلكات وسيارات مملوكة لسوريين لأعمال تخريب وإحراق في مدينة قيصري بوسط تركيا، أججتها تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي ذكرت أن رجلاً سورياً اعتدى جنسياً على طفلة،  في حين أوضح وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا أن الحادثة قيد التحقيق.

وذكرت وكالة الاستخبارات التركية في بيان أن أعمال العنف امتدت إلى محافظات هاتاي وغازي عنتاب وقونية وبورصة ومنطقة إسطنبول، وتحدثت تقارير على مواقع التواصل الاجتماعي عن وقوع إصابات بين السوريين.

في المقابل شهدت مناطق في ريف حلب الشمالي (الخاضعة للنفوذ التركي) شمال غربي سوريا اشتباكات مع متظاهرين أحرقوا العلم التركي، ورفعوا شعارات إسقاط النظام في أنقرة وامتدت الاحتجاجات الغاضبة بحق هذا التقارب بين البلدين لمناطق عفرين والأتارب وجنديرس.

تحرك الأمن التركي

من جانبها أوقفت السلطات التركية اليوم الثلاثاء 474 شخصاً بعد أعمال العنف. وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا على منصة "إكس" إنه "تم توقيف 474 شخصاً بعد الأعمال الاستفزازية" التي نفذت ضد سوريين في البلاد.

وفي أحد التسجيلات سمع صوت رجل تركي وهو يصرخ "لا نريد مزيداً من السوريين. لا نريد مزيداً من الأجانب".

ودعت السلطات المحلية إلى التهدئة وكشفت عن أن الضحية طفلة سورية تبلغ من العمر خمس سنوات.

 

 

ودان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موجة العنف الأخيرة ضد اللاجئين السوريين في بلاده. وقال "بغض النظر عن هوياتهم، فإن إضرام النيران في الشوارع وفي المنازل أمر غير مقبول"، مشدداً على وجوب عدم استخدام خطاب الكراهية لتحقيق مكاسب سياسية.

لكن أعمال العنف امتدت إلى مدن أخرى بينها إسطنبول مساء أمس الإثنين. وأشار صحافي في وكالة "الصحافة الفرنسية" إلى أن الشرطة عززت الإجراءات الأمنية حول القنصلية السورية لدى إسطنبول.

قتلى في الشمال السوري

وارتفعت حصيلة قتلى الاحتجاجات الدامية المناهضة لتركيا في شمال سوريا إلى سبعة أشخاص، بحسب ما أفاد مصدر طبي والمرصد السوري لحقوق الإنسان، بعد أعمال عنف طاولت مصالح سوريين في تركيا.

وساد هدوء حذر اليوم بعد تظاهرات على طول الشريط الحدودي الخاضع لسيطرة تركيا وفصائل موالية لها، عبر خلاله المئات عن غضبهم غداة أعمال العنف في تركيا ضد سوريين.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، إن "حصيلة القتلى بلغت سبعة، بينهم ستة قتلوا في مدينة عفرين وآخر في جرابلس، قضوا في تبادل إطلاق نار مع حرس نقاط تركية" خلال الاحتجاجات أمس الإثنين. ولم يحدد ما إذا كان القتلى مسلحين أم لا.

وأكد مصدر طبي في شمال سوريا هذه الحصيلة، فيما شيع العشرات في عفرين أحد القتلى. وأفاد المرصد كذلك بإغلاق تركيا أربعة معابر حدودية في شمال سوريا بعد هذه الأحداث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشهدت احتجاجات أمس "أعمال عنف وإطلاق رصاص واعتداءات" في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائل متحالفة معها في شمال سوريا، وفق المرصد، إضافة إلى "اعتداءات على العربات التركية وقطع طرقات". وشملت التظاهرات مناطق في إدلب المجاورة تسيطر عليها هيئة "تحرير الشام" وفصائل متحالفة معها.

وسيطرت تركيا في عام 2016 مع فصائل سورية موالية لها على مراحل إثر عمليات عسكرية عدة، على مناطق حدودية في شمال سوريا.

وشهدت تركيا التي تستضيف نحو 3.2 مليون لاجئ سوري أعمال عنف مرتبطة برهاب الأجانب مرات عدة في الأعوام الأخيرة، أثارتها في أكثر الأحيان إشاعات تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل النصية.

ولا يزال مصير اللاجئين السوريين مسألة جدلية في السياسة التركية فيما تعهد معارضو أردوغان في انتخابات العام الماضي إعادتهم إلى سوريا.

وتأتي هذه الأحداث في ما تحدث أردوغان الجمعة الماضي عن إمكانية عقد لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، معتبراً أن الأمر "ليس مستحيلاً".

ضبط النفس

إلى ذلك دعت المعارضة السورية المدعومة تركياً المتظاهرين إلى التحلي بضبط النفس. وجاء في بيان لما يسمى الجيش الوطني السوري المعارض إلى عدم الانجرار وراء أصحاب الفتن الذين يسعون إلى تخريب المؤسسات والتعبير السلمي عن المطالب الشعبية.

وقال عضو الائتلاف الوطني عن المجلس الكردي في سوريا شلال كدو إن المعارضة والعقلاء يتطلعون إلى الهدوء والاستقرار في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، ويتوجهون إلى الناس بضرورة عدم الانجرار إلى الفتن التي تستهدف الاستقرار النسبي في تلك المناطق.

وأضاف في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "أي تصعيد لتخريب العلاقة بين المعارضة السورية وتركيا لن يعود بالمنفعة لتلك المناطق أو الهدوء النسبي السائد فيها قبل أعمال الشغب التي شاهدناها قبل أيام".

 

واستبعد المسؤول في الائتلاف المعارض في الوقت ذاته انعكاس التقارب بين دمشق وأنقرة على حدوث تغيير بموقف المعارضة من الحكومة السورية، مضيفاً "لنكن واقعيين إذا حصل بين البلدين أي تطبيع سيكون له انعكاسات على المعارضة السورية والأداء الخاص بها على الأرض، أما في ما يتعلق بإمكانات الوصول إلى تسوية مع حكومة دمشق فهذا أمر مستبعد جداً وهذا التوجه غير مطروح لدى أطراف المعارضة".

وأشار كدو إلى أن "المعارضة السورية ملتزمة العملية السياسية التي تجري تحت إشراف الأمم المتحدة والتي تهدف إلى تطبيق القرارات الدولية وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي 2254".

وقال "التطبيع بين أنقرة ودمشق وقرار عودة العلاقات بينهما ليس مفاجئاً، ومر بعدد من محطات التفاوض وهي ليست الدولة الوحيدة التي تعيد العلاقات بل سبقتها دول مهمة وكبيرة".

تراجع المعارضة السورية

وتوقع الباحث التركي في الشؤون السياسية فراس رضوان أوغلو تقلص دور المعارضة السورية واتجاهها نحو مستويات من الضعف، لكنه يرجح في الوقت ذاته أنها ستسمر في المستقبل بممارسة دورها بصورة سلمية. وقال "كل يوم تتقلص، وتتناقص لتصبح معارضة سياسية".

وجزم أوغلو هذه الاشتباكات متوقعة متهماً دمشق بدعم المتظاهرين لأنها لا ترغب بالوجود التركي كونه غير شرعي، والضغط على تركيا، مضيفاً "الأحداث مرتبطة بجولة المفاوضات بين الطرفين، التي تحاول أنقرة السعي نحو التقارب مع دمشق لأسباب سياسية وأهداف اقتصادية واستراتيجية".

وفي معرض رده على سؤال صحافي قال الرئيس التركي أردوغان الجمعة الماضي لا سبب يمنع إقامة علاقات بين دمشق وأنقرة، وجاء ذلك تزامناً مع رغبة رئيس حزب الشعب الجمهوري في تركيا أوزغور أوزال بمحاولة ترتيب لقاء مع القيادة السورية.

إزاء ذلك يرى مراقبون أن الأوضاع تذهب باتجاه التصعيد لكن الحال لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه، في ظل انتشار القواعد العسكرية التركية في مناطق المعارضة كافة، وهي عامل أمان ومهم في بقاء الفصائل المسلحة. وتشي معلومات عن إبلاغ الاستخبارات التركية لقيادات المعارضة عن نية تسليم سلاح المقاتلين في الفصائل المسلحة لكن الأخيرة رفضت ذلك وأغلقت الممرات البرية في وجه الشاحنات التركية المارة بمنطقة إعزاز بريف حلب.

ووصف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، رامي عبدالرحمن ما يحدث بـ"انتفاضة" بوجه القوات التركية، والاعتداءات على السوريين في ولاية قيصري، التي كانت بمثابة "القشة التي قسمت ظهر البعير"

في هذه الأثناء يغرق الشمال السوري وفي مناطق تسيطر عليها المعارضة بالظلام الدامس بعد انقطاع الكهرباء وتوقف المولدات عن العمل إثر أزمة محروقات ووقود تلوح بالأفق، وهذا ما يجعل القاطنين على المحك في تحدي البقاء إما الاستمرار بالاحتجاج الشعبي في وجه التركي وبندقيته أو تأييد ما يحدث من مجريات سياسية، وفي كل الأحوال من المتوقع أن يبقى الشمال على كف عفريت ومعرضاً للانفجار.

المزيد من متابعات