Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفساد والمال السياسي يقلقان الأردنيين قبل الانتخابات البرلمانية

السلطات تعلن التعامل بحزم وصرامة لضمان استحقاقات نزيهة

لافتة انتخابية تدعو للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة  (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

ملخص

شهدت الانتخابات البرلمانية لعام 2020 مشاركة 41 حزبا وبلغ عدد المترشحين الحزبيين 397 مترشحا وبنسبة 23 في المئة من إجمال المترشحين.

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في الـ10 من سبتمبر (أيلول) المقبل تطفو إلى السطح مخاوف من سطوة المال السياسي والفساد الانتخابي في معضلة تاريخية تعانيها البلاد كلما حل استحقاق ديمقراطي عبر صناديق الاقتراع.

يقول مراقبون إن المواسم الانتخابية لا تخلو من شكاوى متكررة حول شراء الأصوات وتزوير النتائج وتأثير المال في العملية الانتخابية، على رغم إقرار الحكومات الأردنية المتعاقبة سلسلة من التشريعات والإصلاحات بما في ذلك القوانين الانتخابية وتعزيز أجهزة الرقابة لضمان نزاهة العملية الانتخابية.  

في المقابل، يعتقد آخرون بأن ما يحدث ليس أكثر من ممارسات فردية غير منظمة، أسهم في انتشارها التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي، فتتزايد الضغوط وتنتشر الإشاعات للتأثير في الناخب من ناحية اتخاذ القرارات السياسية.

رقابة دولية وحزم حكومي

تحظى الانتخابات البرلمانية الأردنية برقابة واسعة من قبل منظمات مدنية دولية ومحلية بينها المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية (IFES) منذ عام 2007 التي كان من مهماتها ضمان نزاهة الانتخابات وتعزيز ثقة الجمهور بالهيئة المستقلة للانتخاب وهي الجهة الرسمية المكلفة تسيير العملية الانتخابية والرقابة عليها وضمان نجاحها من دون أي خروقات.

إلى جانب المنظمات الدولية، تبرز منظمة" راصد" التي يتجاوز دورها العملية الانتخابية ورصد أي مخالفات تحدث خلالها إلى مراقبة النواب ورصد أدائهم تحت قبة البرلمان والإشارة إلى مواطن الخلل والضعف، وتلفت إلى أن 103 نواب في مجلس النواب الـ19 سيعيدون ترشيح أنفسهم للانتخابات النيابية المقررة في الـ10 من سبتمبر المقبل.

بينما تقول مصادر حكومية لـ"اندبندنت عربية" إن ثمة تعليمات حازمة لدى السلطات الأردنية بإنجاح التجربة الانتخابية هذا العام من دون أية شائبة وضمن أعلى معايير النزاهة والشفافية، خصوصاً أنها التجربة البرلمانية الأولى التي تؤسس للتحول الديمقراطي نحو تشكيل حكومة برلمانية حزبية، إذ يتوقع أن تحظى الأحزاب بنحو نصف عدد مقاعد مجلس النواب الجديد.

وفقاً للمصادر، تلقت السلطات الحكومية مؤشرات صارمة بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية سواء في عملية الاقتراع أو الفرز وضمان الوقوف مسافة واحدة من جميع المرشحين والكتل الانتخابية.

المال السياسي

في مقابل ذلك كله، ثمة قلق حقيقي لدى الأردنيين من ظاهرة المال السياسي التي بدأت تتضخم وتهدد بتشويه أول تجربة برلمانية حزبية في البلاد.

ومثار القلق بالنسبة إلى مراقبين هو حجم وعدد المرشحين الذين انتظموا داخل الأحزاب الأردنية من دون أن تكون لديهم تجربة سياسية وإنما ملاءة مالية فقط، إذ إن هذه الأحزاب عززت صفوفها بنخبة من رجال المال والأعمال والمستثمرين والمقاولين.

 

 وبات المال السياسي يهدد كذلك خريطة العشائر الانتخابية التي كثيراً ما اعتمدت على ثنائية القبيلة والمناطقية لإيصال مرشحيها إلى قبة البرلمان، بينما تراجعت هذا العام ظاهرة مرشح الإجماع العشائري مع تزاحم كبير لجهة عدد المرشحين الراغبين في الحصول على مقعد نيابي، في مشهد يقول مراقبون إنه يعود لحجم المكاسب السياسية والسلطوية التي يحظى بها النائب في الأردن.

يشار إلى أن الانتخابات البرلمانية لعام 2020 شهدت مشاركة 41 حزباً من أصل 48 حزباً مرخصاً، وبلغ عدد المترشحين الحزبيين 397 مترشحاً وبنسبة 23 في المئة من إجمال المترشحين على مستوى المملكة والبالغ عددهم 1690 من الذكور والإناث.

أما اليوم، فإن عدد الأحزاب المرخصة يسجل 38 حزباً، تضم 88 ألف منتسب ومنتسبة.

المال السياسي والقانون

يعرف المحامي عبدالله الزبيدي المال السياسي بأنه المال الذي يستخدم للتأثير في القرارات السياسية ويشمل ذلك تمويل الحملات الانتخابية وشراء الأصوات واستمالة الناخبين والضغط على المسؤولين لتحقيق مصالح شخصية أو فئوية، مشيراً إلى أن قانون الانتخاب ينظم مسألة استخدام المال في الانتخابات بصورة صارمة، إذ تنص المادة 63 على تجريم إعطاء أو تلقي المال أو أي منفعة أخرى بقصد التأثير في تصويت الناخبين، ويعاقب كل من يقوم بهذا الفعل بالحبس لمدة تصل إلى سنتين، وتجرّم المادة ذاتها أي موظف حكومي يقوم بتسهيل مهمات المرشحين أو القوائم الانتخابية بقصد توجيه الناخبين.

لكن الزبيدي يرى أن المال السياسي قد يكون مشروعاً في حالات عدة مثل تمويل الحملات الانتخابية ضمن الضوابط القانونية.

ويؤكد رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري بدوره وجود ظاهرة المال السياسي، مضيفاً أن من يملك المال يملك القوة وأن قانون الانتخابات الجديد به ثغرات من شأنها فتح الباب على مصراعيه لاستخدام المال السياسي، على رغم محاولة الحكومة النأي بنفسها حفاظاً على مبدأ فصل السلطات ومنع تغول السلطة التنفيذية بالعمل الحزبي.

يشار إلى أن الهيئة المستقلة للانتخابات تتحقق من توافر شروط ترخيص الأحزاب والتدقيق المالي السنوي على حسابات الأحزاب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اتهامات بهندسة الانتخابات

 في مقابل ذلك، تبدو مهمة جماعة الإخوان المسلمين صعبة بالنظر إلى تحديات عدة تهدد بإنهاء سطوتها داخل البرلمان الأردني التي استمرت لعقود، مما دفع الجماعة إلى الزج بوجوه جديدة وشابة وذات ثقل عشائري ضمن مناطقها في محاولة منها لمواجهة الكثافة الحزبية في الانتخابات الجديدة بعدما استفردت لأعوام بالعمل الحزبي النيابي.

لكن الجماعة تقول إنها باتت مستهدفة مع قرب موعد الاقتراع من خلال حملة اعتقالات طاولت عدداً من الناشطين والمرشحين في قوائمها، مما دفعها إلى توجيه تهمة" هندسة الانتخابات" ونتائجها للحكومة التي تنفي أي تدخل في مسار العملية الديمقراطية الاستثنائية في البلاد.

ويرفض عضو مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب جهاد المومني من جانبه توصيف "هندسة الانتخابات"، معتبراً أنه زائف ولا يمتّ للواقع بصلة ويطلقه من يتخذون موقفاً بمقاطعة الانتخابات أو بعض ممن لم يحالفهم الحظ في انتخابات سابقة أو تيارات لها مصالح انتخابية.

ويؤكد المومني أن جميع الإجراءات التي تمر بها العملية الانتخابية بدءاً من جداول الناخبين والاعتراض عليها، وصولاً إلى يوم الاقتراع والفرز وإعلان النتائج تخضع للمراقبة المحلية والدولية وممثلي المرشحين، علاوة على ضمانة الاعتراض عليها في المحاكم المختصة في حال عدم الاقتناع بقرار الهيئة المتصلة بالاعتراضات وغيرها.

 ويشير إلى أن جميع إجراءات الهيئة لا تتيح أي عملية تلاعب، إذ إن جميع مراكز الفرز ستكون مزودة بكاميرات.

لكن الاتهامات التي تطاول الحكومة ذهبت بعيداً هذه المرة إلى هندسة الأحزاب، فضلاً عن هندسة نتائج الانتخابات، بالقول إنها تسعى إلى تشكيل أحزاب موالية لها وليست معارضة.

مال سياسي أم مال أسود؟

تؤكد أستاذة العلوم السياسية في جامعة مؤتة الدكتورة رشا مبيضين أن للمال السياسي تأثيراً كبيراً في عملية صنع القرار السياسي وتوجهات السياسيين بمختلف دول العالم، وتشرح كيف يمكن للمال السياسي أن يساعد في بناء شبكات وعلاقات وتأمين الدعم السياسي وتمويل الحملات الانتخابية المكلفة، وليس بالضرورة عبر شراء الأصوات وإنما من خلال بناء صورة إيجابية للسياسيين عن طريق الإعلانات والحملات الانتخابية، مما يؤدي إلى زيادة شعبيتهم ودعمهم.

أمين عام حزب الميثاق الوطني محمد المومني وهو وزير إعلام سابق، كان أثار جدلاً بتصريحات له في شأن اختراق أحزاب أردنية بالمال السياسي، لكن آخرين رفضوا هذه التصريحات معتبرين أنها تسيء لصورة الأحزاب السياسية أمام الرأي العام.

المومني رأى أن "المال السياسي "استباح واخترق أحزاباً أردنية، وتوقع أن يتم الزج ببعض الحزبيين في السجن بسبب ذلك، لكن الأمينة العامة لحزب العمال الأردني رلى الحروب طالبت بالتفريق بين المال السياسي والمال الأسود وردت بالقول إن المال السياسي يستخدم في الحملات الحزبية والتعريف بالأحزاب والعمل السياسي في كل أنحاء العالم، أما المال الأسود فهو ما يستخدم في شراء الأصوات بالانتخابات.

حشوات انتخابية

من بين الظواهر التي ترتبط بالانتخابات البرلمانية في الأردن ما تم توصيفه بـ"الحشوات الانتخابية"، في محاولة لوصف ما يقوم به مرشحون أقوياء ومتنفذون عبر ضم مرشحين وهميين إلى حملاتهم بهدف تشكيل قائمة انتخابية وفق ما يقتضيه القانون، بينما يعتبرها بعضهم  "ديكوراً".

يتحدث الباحث في الشأن السياسي أحمد الحسبان عن هذه الظاهرة بوصفها من السلبيات التي لم يتمكن قانون الانتخاب الجديد من إنهائها، ويشير إلى إقحام الفئات الشبابية والنسوية ضمن إطار القوائم المترشحة وبمواقع متقدمة لغاية استكمال تشكيل بعض القوائم فقط، لافتاً إلى نظام "الكوتا" الذي خصص قبل أعوام للنساء وضمان وجودهن داخل قبة البرلمان.

بينما تقول الأمينة الأولى لحزب الشعب الديمقراطي الأردني عبلة أبو علبة إن وجود نظام قوائم مفتوحة في القانون الانتخابي يفتح المجال أمام بقاء ظاهرة "الحشوات" في قوائم المترشحين.

ويعتقد مراقبون بأن "الحشوات الانتخابية" تلبي حاجة المرشحين الأقوياء وذوي الحضور الذين يلجأون إلى إضافة مرشحين من الأوزان الخفيفة للاستفادة من مئات الأصوات واكتمال العتبة الانتخابية لجهة عدد الأصوات المطلوبة، تحديداً في نظام القائمة المحلية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي