Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل بريطانيا "دولة إسلاموية" فعلا كما يصفها نائب ترمب؟

حكومة "العمال" تستنكر تصريح فانس وقلق متزايد من سياسة الجمهوريين

جي دي فانس مرشح الجمهوريين لمنصب نائب الرئيس (أ ف ب)

ملخص

وصف المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس بريطانيا بأنها "دولة إسلاموية بأسلحة نووية"، ورغم الاستنكار البريطاني الرسمي، إلا أنه من المستبعد أن تؤثر تصريحاته كثيراً في علاقته مع حكومة العمال، في ضوء تأكيد الحكومة البريطانية بأنها مستعدة للعمل مع الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.

لم يمر تصريح المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، التي وصف فيها بريطانيا بأنها "دولة إسلاموية بأسلحة نووية"، مرور الكرام لدى وسائل الإعلام والنخبة البريطانية التي نددت بتصريحاته واعتبرتها "عنصرية".

وجاءت تعليقات فانس الجدلية هذا الشهر خلال "مؤتمر المحافظين الوطني" في واشنطن، بعيد فوز حزب العمال بالانتخابات في الرابع من يوليو (تموز) الجاري، إذ استذكر محادثته مع صديق وقال "كنت أتحدث عن هوية أول دولة إسلاموية نووية، ربما إيران أو باكستان التي تملك بالفعل، وفي الأخير اتفقنا على أنها بريطانيا بعدما تولى حزب العمال السلطة".

تنديد رسمي

واستنكرت نائبة رئيس الوزراء البريطاني أنجيلا راينر تصريح فانس، لكنها قللت من أهميته نظراً إلى أنه سبق وأدلى بتصريحات صادمة، مضيفة أن "القادة السياسيين في مختلف أنحاء العالم يحملون وجهات نظر مختلفة، لكننا نحن نحكم بما يخدم مصالح بلداننا، والولايات المتحدة حليف رئيس لنا، وسنعمل مع الرئيس والنائب اللذين يختارهما الشعب الأميركي".

من جانبها وصفت النائبة عن حزب العمال روزي دوفيلد تصريح فانس بـ "الجهل والعنصرية"، في حين قالت زعيمة حزب الخضر البريطاني كارلا دينير إن ما قاله السياسي الجمهوري ينم عن"كراهية للإسلام".

وحتى زعيم حزب الإصلاح وصديق دونالد ترمب وأحد أبرز داعميه في بريطانيا، نايجل فاراج، عارض ما قاله مرشح منصب نائب الرئيس، وحذر قائلاً إن "الإسلاميون ليسوا ضمن حزب العمال بل خارجه، وهذا سيكلفهم الانتخابات العامة المقبلة".

أما البارونة سعيدة وارسي، وهي أول وزيرة بريطانية مسلمة، فقالت إن تصريحات فانس تنم عن "كراهية معتادة للإسلام وعنصرية ضد المسلمين يمارسها بعفوية بعض من النافذين في مجتمعاتنا".

من جانبها قالت مسؤولة في "مجلس بريطانيا الإسلامي" إن تصريح فانس "تذكير صارخ بكيفية استغلال المشاعر الشعبوية والمعادية للإسلام لكسب الأصوات"، مشيرة إلى أن "هذا الخطاب التحريضي ليس له مكان في سياستنا ويجب أن تنتقده حكومتنا".

العلاقة مع العمال

ورغم التنديد الرسمي، فمن المستبعد أن تؤثر تصريحات فانس كثيراً في علاقته مع حكومة العمال، في ضوء تأكيد الحكومة البريطانية بأنها مستعدة للعمل مع الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.

وتجمع فانس علاقة وثيقة مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، إذ زاره الأخير في واشنطن ولقي منه ترحيباً حاراً قبل الانتخابات البريطانية في مارس (أذار) الماضي، وكان حينها وزيراً في حكومة الظل.

وعلّق لامي على جدل "بريطانيا الإسلاموية" قائلاً إنه على تواصل وتوافق مع نائب ترمب نتيجة لقواسمهما الطبقية والأسرية المشتركة، وقال لـ "بي بي سي"، "التقيته في مناسبات عدة وكلانا من الطبقة العاملة وعانت عائلاتنا من مشكلات الإدمان، وكلانا مسيحيان ولذلك أعتقد أنني قادر على إيجاد أرضية مشتركة معه".

وقف "المساعدات المجانية"

وسبق أن انتقدت شخصيات بارزة في حزب العمال ترمب منذ انتخابه رئيساً للمرة الأولى عام 2016، كما انتقد رئيس بلدية لندن صادق خان مقترحاته بتقييد سفر المسلمين إلى الولايات المتحدة.

لكن قيادات الحزب اليوم تسعى إلى مد الجسور خلال الفترة التي تسبق الانتخابات الأميركية التي ستجرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لأن استطلاعات الرأي أظهرت أن المرشح الجمهوري في طريقه للفوز.

وتترقب أوروبا التغييرات التي قد يحدثها ترمب حال فوزه، وهو الذي دفع بشعار "أميركا أولاً" إلى الواجهة، ومن المتوقع أن يبني سياساته الخارجية على هذا الأساس، مما يهدد بتوترات في علاقات واشنطن مع دول أوروبا وبلدان حلف الـ "ناتو" ومنها بريطانيا. 

ويلتزم فانس رؤية ترمب الرافضة للتدخلات الأميركية الخارجية، إذ تعهد أمام المؤتمر الوطني الجمهوري هذا الأسبوع بعدم إرسال أبناء بلاده للقتال في الخارج من دون داع.

ويسود القلق الأوساط البريطانية الرسمية من أن يشجع فانس على وقف الدعم الأميركي لأوكرانيا، خصوصاً أنه برز كأحد أشرس المنتقدين للمساعدات المقدمة إليها، وقال في خطابه أخيراً إن الإدارة الجمهورية ستسعى إلى ضمان توزيع عبء تأمين السلام العالمي على حلفائها بحيث تضع حداً للمساعدات المجانية.

تمثيل المسلمين متواضع

ولا تدعم الإحصاءات حول عدد المسلمين وتمثيلهم في بريطانيا حديث فانس حول "إسلاموية بريطانيا"، فعلى رغم وجود 3.87 مليون مسلم يمثلون 6.5 في المئة من سكان إنجلترا وويلز، فإن بريطانيا لم تشهد إلا وزيرة مسلمة واحدة في تاريخها، وذلك في عهد حكومة ديفيد كاميرون المحافظة عام 2010.

والتأثير المباشر للمسلمين في السياسة البريطانية ليس بالقوة التي يوحي بها تصريح السياسي الأميركي، فعلى رغم انتخاب أول عضو مسلم في البرلمان البريطاني عام 1997، فإن أعلى عدد مقاعد فاز به مرشحون مسلمون سُجل عام 2019 بمقدار 19 مقعداً، أي بزيادة أربعة مقاعد عن انتخابات 2017، وليس جميعهم من حزب العمال، فأربعة منهم كانوا "محافظين". 

زيادة عدد المسلمين

وهناك توقعات بأن تكسر انتخابات عام 2024 رقماً قياسياً جديداً لدى نشر الإحصاءات الرسمية، إذ يشير محللون إلى أن نمو المجتمع المسلم سيؤدي إلى ازدياد تأثيره في السياسة البريطانية، وقال كريس هوبكنز من شركة "سافانتا" لاستطلاعات الرأي إن "الأعوام الـ 10 الماضية شهدت زيادة في عدد قادة المجتمع الإسلامي الذين أصبحوا حاضرين في الخطوط السياسية الأمامية".

وكثيراً ما صوتت غالبية المسلمين لمصلحة حزب العمال، إذ أشارت نتائج الاستطلاع التي نشرت قبل الانتخابات إلى أن 64 في المئة من المسلمين يميلون لحزب العمال، واحتمال أن يدعم 19 في المئة فقط "المحافظين".

ويستمر نمو المجتمع المسلم في بريطانيا بوتيرة متوازية مع نمو الكثافة السكانية إجمالاً، فبين عامي 2011 و2021 نمت الكثافة السكانية بنحو 3.52 مليون نسمة، وأسهم المسلمون بنحو 33 في المئة من هذه الزيادة، إضافة إلى أنهم أصبحوا أكثر انتشاراً في أنحاء إنجلترا وويلز مقارنة بالأقليات الأخرى.

ويشير تحليل أجراه "مجلس بريطانيا الإسلامي" إلى أن 40 في المئة من مسلمي إنجلترا يعيشون داخل المناطق الفقيرة والأكثر حرماناً، وزاد العدد عام 2021 بما يقارب نصف مليون شخص يعيشون وسط مناطق محرومة مقارنة بعام 2011.

المزيد من تقارير