بنغلاديش تفرض حظرا للتجول وتنشر الجيش لحفظ الأمن

أعلن مكتب رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة اليوم الجمعة فرض حظر للتجول في كل أنحاء البلاد ونشر قوات الجيش لحفظ الأمن بعد أيام من الاحتجاجات الطالبية الدامية.

وقال المتحدث باسم مكتب رئيسة الوزراء نعيم الإسلام خان لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الحكومة قررت فرض حظر للتجول ونشر الجيش لمساعدة السلطات المدنية".

وأسفرت الاضطرابات هذا الأسبوع عن مقتل 105 أشخاص، وفق إحصاء يستند إلى بيانات المستشفيات، كما أن التظاهرات الطالبية باتت تشكل تهديداً غير مسبوق لحكم الشيخة حسينة المستمر منذ 15 عاماً.

اقتحام سجن

واجتاح متظاهرون اليوم الجمعة سجناً في منطقة نارسينغدي بوسط بنغلاديش وأطلقوا سراح "مئات" المعتقلين قبل أن يضرموا النار في المبنى، وفق ما أفاد شرطي وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الشرطي طالباً عدم كشف اسمه "فر المعتقلون من السجن وأضرم المتظاهرون النار" فيه، مضيفاً "لا أعلم عدد المعتقلين، لكنهم بالمئات".

وأكد المسؤول الحكومي الكبير في المنطقة موشومي ساركر لوكالة الصحافة الفرنسية اقتحام السجن، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وقال أحد السكان المحليين إنه شاهد 20 رجلاً في الأقل يغادرون السجن حاملين أمتعتهم في أكياس.

وتشهد بنغلاديش منذ الأول من يوليو (تموز) تظاهرات طلابية تطالب بإصلاح نظام التوظيف في القطاع العام على خلفية أزمة توظيف حادة في صفوف الخريجين في البلد البالغ عدد سكانه 170 مليون نسمة.

ويطالب الطلاب الحكومة بالتخلي عن نظام الحصص في وظائف القطاع العام وبتطبيق نظام قائم على الجدارة.

ويرون أن هذا النظام يهدف إلى محاباة أبناء أنصار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة التي تحكم البلاد منذ عام 2009.

وشهدت التظاهرات اشتباكات عنيفة بين الطلاب من جهة والشرطة ومتظاهرين مناهضين لهم من جهة أخرى، مما أسفر عن مقتل 50 شخصاً في الأقل منذ الثلاثاء، بحسب تعداد وكالة الصحافة الفرنسية.

قالت وسائل إعلام إن ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص لقوا حتفهم في بنغلاديش اليوم الجمعة خلال احتجاجات جديدة على نظام الحصص في الوظائف الحكومية في وقت تعطلت فيه خطوط الاتصالات على نطاق واسع وتوقفت القنوات الإخبارية التلفزيونية.

وقطعت السلطات بعض خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول أمس الخميس في مسعى إلى كبح الاحتجاجات المعارضة لنظام الحصص في العمل.

ولم يصدر تعليق فوري من حكومة بنغلاديش على قطع الاتصالات لكن الاحتجاجات الجديدة تتحدى أمر الحكومة بحظر جميع التجمعات والمسيرات العامة إلى أجل غير مسمى بعد مقتل أكثر من 20 شخصاً في أعمال عنف هذا الأسبوع.

وقال الرئيس الموقت لحزب بنغلاديش الوطني المعارض في المنفى، طريق الرحمن، على منصة "إكس"، "أدعو جميع القادة والنشطاء والمواطنين للوقوف إلى جانب الطلاب (المحتجين)... وتقديم جميع أشكال الدعم لهم، وكذلك مواصلة دفع هذه الحركة الاحتجاجية إلى الأمام".

وأضاف أنه جرى اعتقال عديد من زعماء أحزاب المعارضة والنشطاء والطلاب في محاولة لإضفاء "نزعة سياسية" على الحركة لكن لم يتسن لــ"رويترز" التحقق من تصريحاته في شأن الاعتقالات.

وقال صحافيون من "رويترز" إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين في بعض المناطق بينما اجتاحت قوات الأمن والمحتجين العاصمة دكا، التي شهدت قلة في حركة المرور اليوم الجمعة لأنه عطلة أسبوعية في البلاد.

وقال شاهد من "رويترز" إن هناك دعوات إلى تنظيم احتجاج في الساعة 08.00 بتوقيت غرينتش عند المسجد الرئيس.

ومما يزيد حدة الاحتجاجات، وهي الأكبر منذ إعادة انتخاب رئيسة الوزراء الشيخة حسينة هذا العام، ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب الذين يشكلون ما يقارب خمس السكان البالغ عددهم 170 مليون نسمة.

ويقول بعض المحللين إن أعمال العنف باتت مدفوعة بمشكلات اقتصادية أوسع نطاقاً مثل ارتفاع التضخم وتزايد البطالة وتقلص احتياطات النقد الأجنبي.

تعطل الاتصالات واختراق المواقع

تعطلت الاتصالات الهاتفية مع الخارج والاتصالات عبر الإنترنت اليوم الجمعة فيما لم يتم تحديث المواقع الإلكترونية لعديد من الصحف، التي أصبحت أيضاً غير نشطة على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال أحد صحافيي "رويترز" إن عدداً قليلاً فقط من المكالمات التي تتم بالفعل لكن لا تتوفر خدمة الإنترنت على الهواتف المحمولة ولا خدمة النطاق العريض، مضيفاً أنه حتى الرسائل النصية لم يعد من الممكن إرسالها.

وأضاف أن القنوات التلفزيونية الإخبارية وهيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية (بي تي في) توقفت عن البث على رغم أن القنوات الترفيهية تعمل بصورة طبيعية.

وعرضت بعض القنوات الإخبارية رسالة تفيد بوجود عطل فني وأن البث سيستأنف قريباً.

وأظهر موقع تتبع الرحلات الجوية "فلايت رادار 24" أنه لم تحدث أي اضطرابات في الرحلات الجوية في المطار الدولي الرئيس.

ويبدو أن المواقع الإلكترونية الرسمية للبنك المركزي ومكتب رئيس الوزراء والشرطة جرى اختراقها من مجموعة تسمى نفسها "ذا ريزيستنس" (المقاومة).

ويظهر في المواقع المخترقة رسالة موحدة تقول "أوقفوا قتل الطلاب"، مضيفة بحروف حمراء "لم تعد هذه مجرد احتجاجات، هذه حرب الآن".

مواطنون في بنغلاديش يسيرون بجوار سيارات محترقة (أ ف ب)

وجاء في رسالة أخرى "قطعت الحكومة الإنترنت لإسكاتنا والتستر على أفعالها".

وذكرت صحيفة "بروثوم" أن أعمال العنف التي وقعت أمس الخميس في 47 منطقة من أصل 64 في بنغلاديش أسفرت عن مقتل 27 شخصاً وإصابة 1500 آخرين، بينما قدرت وكالة الأنباء الفرنسية عدد القتلى خلال اليوم بنحو 32 شخصاً، نقلاً عن متحدث باسم الشرطة.

ولم يتسن لـ"رويترز" التي أبلغت عن مقتل 13 شخصاً ارتفاعاً من ستة في وقت سابق من الأسبوع، من التحقق على الفور من ارتفاع حصيلة القتلى.

ويطالب المتظاهرون الحكومة بالتوقف عن تخصيص 30 في المئة من الوظائف الحكومية لأسر أولئك الذين قاتلوا من أجل الاستقلال عن باكستان.

وقالت الحكومة أمس الخميس إنها مستعدة لإجراء محادثات مع المتظاهرين، لكنهم رفضوا، قائلين إن "المناقشات وإطلاق النار لا يسيران جنباً إلى جنب".

اعتقال معارض

اعتقلت الشرطة البنغلادشية الجمعة أحد كبار قادة حزب معارض في العاصمة دكا، على ما أفاد المتحدث باسم الشرطة فاروق حسين عقب اضطرابات استمرت لأيام على مستوى البلاد وأوقعت قتلى.

وقال المتحدث إن روح الكبير رضوي من الحزب القومي البنغلادشي المعارض يواجه "مئات القضايا" من دون تقديم تفاصيل إضافية حول أسباب توقيفه.

وأعلنت الشرطة البنغلادشية في وقت سابق حظراً لمدة يوم على كل التجمعات في العاصمة دكا الجمعة، حسبما أكد المفوض حبيب الرحمن بعد أيام على اضطرابات في أنحاء البلاد أوقعت قتلى.

وقال "حظرنا جميع التجمعات والمسيرات واللقاءات العامة في دكا اليوم"، مضيفاً أن القرار جاء حرصاً على "أمن المواطنين".

وأضرم متظاهرون في بنغلاديش النار بعديد من المباني الحكومية خلال اشتباكات أوقعت قتلى في مختلف أنحاء البلاد بين طلاب وشرطة مكافحة الشغب، بحسب ما ذكر بيان للشرطة.

وجاء في البيان أن المتظاهرين "أحرقوا وخربوا ونفذوا أنشطة مدمرة" في مكاتب هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية "بي تي في" والوكالة الوطنية لإدارة الكوارث، إضافة إلى "مختلف" مباني الشرطة والمباني الحكومية. وصدر البيان في ساعة متأخرة أمس الخميس بعد فرض حجب على الإنترنت في أنحاء البلاد قطع خطوط اتصال بنغلاديش بالعالم الخارجي.

وقالت الشرطة "أظهرنا حتى الآن أقصى درجات ضبط النفس"، مضيفة أنه إذا استمرت الأنشطة التدميرية فإن عناصرها "سيضطرون إلى استخدام القانون بحده الأقصى".

وقتل 39 شخصاً هذا الأسبوع في الاشتباكات خلال الاحتجاجات الطلابية على قوانين التوظيف في القطاع العام بينهم 32 قتلوا أمس الخميس في أكثر أيام الاضطرابات دموية حتى الآن.

وقالت شبكة "إندبندنت تليفجين" التلفزيونية الخاصة إن 702 أصيبوا خلال اشتباكات أمس الخميس بينهم 104 من عناصر الشرطة و30 صحافياً. وسجلت اشتباكات في 25 من أقاليم البلاد الـ64، وفق التلفزيون.