Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن يستضيف مكتبا لـ"الناتو" فما الدلالات؟

علاقات عمان مع الحلف تعود لثلاثة عقود مضت ومحللون يرون أن التطورات في المنطقة فرضت وجوده

الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي ينس شتولتنبرغ مع ملك الأردن عبدالله الثاني في بروكسل (الديوان الملكي الأردني)

ملخص

الموقع الجيوسياسي ومحاربة الإرهاب ومراقبة الممرات الحيوية أبرز الأسباب ومراقبون يرون فيه تحصيناً للبلاد، إذ تحتاج إلى الدعم العسكري والتقني والتدريب والمناورات المشتركة مع قوات "ناتو" لتعزيز كفاءة الجيش وقدراته الدفاعية.

حمل إعلان إنشاء مكتب لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في الأردن دلالات عديدة أبعد بكثير من البيانات الرسمية وفق مراقبين، تراوحت ما بين الجيوسياسي والعسكري، بخاصة مع جوار عمان لمحيط ملتهب ومتوتر، فضلاً عن الموقع الاستراتيجي الذي تتميز به البلاد، ومدى ارتباط ذلك بتطورات الأوضاع في المشهدين الإقليمي والعالمي.

ومنذ عام 1995 تطورت العلاقة بين الحلف وعمان من مجرد شريك ضمن منتدى الحوار المتوسطي إلى حليف مهم ورئيس، مما يثير تساؤلات حول ما يمكن أن تمثله الخطوة الجديدة باعتبارها مقدمة لقرارات أكبر.

علاقة قديمة

وعلى رغم أن العلاقات الأردنية مع الحلف تعود لثلاث عقود مضت، يقول "ناتو" إن إنشاء مكتب اتصال في عمان هو الأول في منطقة الشرق الأوسط وسيعزز التعاون مع الأردن، كما أنه سيساعد الحلف في فهم التهديدات والتحديات الإقليمية.

أما وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية فأكدت في بيان أن قرار افتتاح المكتب يمثل "علامة فارقة في الشراكة الاستراتيجية العميقة بين الأردن والحلف، إذ يقر الأخير بدور عمان المحوري في تحقيق الاستقرار إقليمياً ودولياً، ويشيد بإنجازاته الممتدة في مكافحة التهديدات العابرة للحدود كالإرهاب والتطرف العنيف".

وكان ملك الأردن عبدالله الثاني بحث في وقت سابق مع أعضاء حلف شمال الأطلسي سبل توسيع التعاون المشترك في المجالات العسكرية والأمنية والتدريب ومكافحة الإرهاب، وجرى الاتفاق على تجديد اتفاق التعاون المشترك بين الأردن والحلف، وتجديد حزمة برنامج بناء القدرات وبرنامج شراكة الوضع المتقدم.

موقع استراتيجي ومحاربة الإرهاب

وأمام القلق العالمي حيال التحكم في الممرات الحيوية في المنطقة واعتبار الأردن بمثابة بوابة إلى منطقة الشرق الأوسط، فإن وجود مكتب لـ"ناتو" في الأردن قد يسهم في حماية البحر الأحمر وقناة السويس، والتدخل السريع والمراقبة لمناطق تشهد نزاعات كالعراق وسوريا والأراضي الفلسطينية.

يشار هنا إلى أن الأردن شارك مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في التصدي لمسيرات وصواريخ أطلقتها إيران في أبريل (نيسان) الماضي باتجاه إسرائيل، ومرت فوق الأراضي الأردنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يشار إلى مقتل ثلاثة عسكريين أميركيين وإصابة عشرات في هجوم بطائرة مسيرة شنه مسلحون متحالفون مع إيران في يناير (كانون الثاني) الماضي على القوات الأميركية في قاعدة عسكرية أميركية شمال شرقي الأردن، بالقرب من الحدود السورية.

يقول المحلل السياسي عامر السبايلة إن فكرة افتتاح المكتب قديمة ومنذ سنوات طويلة من العمل المشترك بين الطرفين، لكن التطورات في المنطقة فرضت وجوده بالأردن في مثل ذلك التوقيت.

يضيف السبايلة "الأردن هو الأكثر قرباً لحلف شمال الأطلسي سياسياً وعسكرياً بتحالفه التاريخي مع الولايات المتحدة، كما أنه من الدول القليلة المستقرة في المنطقة، والعلاقة مهمة لأن نمط التحديات التي يواجهها الأردن يتزايد ويتحول، فهو بحاجة إلى حليف على شاكلة حلف شمال الأطلسي لتطوير قدراته، كما أن الحلف لديه مصالح في المنطقة يريد أن يحافظ عليها".

ويستبعد السبايلة ما يطرح من أن الأردن قد يحل محل تركيا في الحلف، لكن أهمية الأردن تكمن في موقعه ودوره ورغبة الحلف في التوسع في المنطقة لخدمة استراتيجيته التي تقوم على فكرة احتواء النفوذين الصيني والروسي، فضلاً عن التهديد الإيراني.

تحصين للأردن

يعتقد وزير الشؤون البلدية الأسبق حازم قشوع أن افتتاح مكتب لـ"ناتو" في الأردن من شأنه تحصين البلاد والجغرافيا السياسية الأردنية من حالة التوتر الإقليمي، ويرى قشوع أن ملك الأردن استطاع جعل بلاده مركزاً إقليمياً لحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مبدداً كل الهواجس تجاه المنعطفات القادمة مهما حملت من تداعيات، بخاصة في ما يتعلق بتجاذبات انتخابات الرئاسة الأميركية واحتمالية عودة الرئيس السابق دونالد ترمب للبيت الأبيض.

يضيف قشوع أن هذه الخطوة المهمة سبقتها خطوة تمثلت في عقد اتفاق عسكري استراتيجي مع الولايات المتحدة منذ وصول الرئيس بايدن إلى سدة الرئاسة، وهو اتفاق الدفاع المشترك، إضافة إلى زيادة المساعدات الأميركية المعلنة للأردن التي وصلت إلى رقم قياسي تجاوز 2.2 مليار دولار.

خطوة استراتيجية

يؤكد وزير الإعلام السابق سميح المعايطة أن مسار الدولة يقوم على معادلة واضحة لم تتغير من حيث التحالفات والعلاقات الدولية في عهود جميع ملوكه، وأولوياته قضايا أمته العربية والإسلامية، وكل تحالفاته أو علاقاته الكبرى يسخرها لخدمة مصالحه الوطنية ومواقفه وقضايا العرب والمسلمين وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ولذلك جاء افتتاح مكتب لـ"ناتو" في الأردن في هذا السياق وفي خطوة استراتيجية.

يضيف المعايطة "الأردن صديق وحليف للولايات المتحدة والغرب، وله صفة مهمة في علاقاته مع حلف ’ناتو‘ منذ سنوات طويلة، كما أنه يحتفظ بعلاقة خاصة مع كل الإدارات الأميركية والكونغرس ومجلس الشيوخ، حتى وإن كان هناك تباين في بعض المراحل مع سياسات بعض الإدارات حول القضية الفلسطينية".

يعتقد المعايطة أن علاقة الأردن القوية والجيدة مع الأوروبيين الذين يشكل معظمهم حلف "ناتو"، وهم الداعم الاقتصادي المنتظم والمستقر والمستمر، فضلاً عن أن دور البلاد في محاربة الإرهاب والتطرف كان أحد أسباب تحول عمان إلى شريك لحلف "ناتو".

انتقادات

ومثلما قوبل قرار فتح مكتب لـ"ناتو" بإشادات وتعليقات إيجابية، قوبل أيضاً بانتقادات من جانب عدد من القوى السياسية في الأردن، من بينها حزب جبهة العمل الإسلامي الذي طالب الحكومة بتوضيح خلفيات هذا القرار وتفاصيل الاتفاق الموقع وما يترتب عليه من التزامات قانونية وأمنية وعسكرية، ومدى قانونية توقيع هذا الاتفاق من دون الرجوع لمجلس النواب بحسب المادة 33 من الدستور.

وحذر الحزب من أن يكون افتتاح هذا المكتب حلقة جديدة نحو مزيد من الانخراط في الهيمنة الغربية وتحقيق مصالح الغرب في المنطقة، لكن وزير الإعلام الأردني السابق محمد المومني يرد على الانتقادات بالقول إن ثمة فائدة متبادلة للطرفين من فتح هذا المكتب، فهي شهادة عالمية مهمة في حق الأردن وقدراته ودوره المحوري، كما أن "ناتو" مستفيد بالمقابل لأنه سيكون مطلعاً بشكل مهني واحترافي أكثر على واقع الإقليم، ويناقش أفضل الطرق للتعامل مع تحديات الأمن والاستقرار.

تعاون عسكري

يقول مراقبون إن ثمة شراكة طويلة الأمد بين الأردن وحلف "ناتو"، ومن الطبيعي أن تتطور وتتوج بشكل رسمي عبر افتتاح مكتب في العاصمة عمان.

ويعتقد على نطاق واسع أن الدور الأردني على الصعيدين الإقليم والدولي، فضلاً عن سمة الاستقرار التي تتمتع بها البلاد، وجوار الأردن للعراق وسوريا والأراضي الفلسطينية، وما ينجم عنه من تهديدات إرهابية قد تطاول أراضيه، كلها عوامل سرعت من ضم الأردن إلى الحلف ولو كان عن طريق خطوة أولى تمثلت بافتتاح مكتب له، وذلك بهدف مراقبة تعقيدات المشهد الإقليمي وتداعيات حرب غزة وإمكان اتساع نطاق المواجهة إقليمياً.

يقول مدير الإعلام العسكري في الجيش الأردني العميد مصطفى الحياري إن ثمة تعاون عسكري تمثل بعديد من الدورات التي عقدت على الأراضي الأردنية كنتيجة مباشرة لافتتاح مكتب لحلف شمال الأطلسي في الأردن، كان آخرها دورة الشؤون المدنية العسكرية (CIMIC) التي تهدف إلى التدريب على إدارة الأزمات والمساعدات الإنسانية، ودمج هذه العملية مع الخطط العسكرية خصوصاً في وقت الحرب.

يوضح الحيارى أن تاريخ التعاون مع جيوش دول "ناتو" طويل ومثمر، مشيراً إلى شراكة القوات المسلحة الأردنية مع القيادة المركزية الأميركية التي أسهمت في تنفيذ ثالث أكبر عملية إغاثة إنسانية في التاريخ العسكري الحديث لمساندة المدنيين في قطاع غزة.

في السياق ذاته يقول مراقبون إن الأردن يحتاج إلى الدعم العسكري والتقني والتدريب والمناورات المشتركة مع قوات "ناتو"، مما يعزز من كفاءة القوات المسلحة، كما أنه يحتاج إلى الاستفادة من التكنولوجيا والتجهيزات العسكرية المتقدمة التي يمتلكها "ناتو"، لتعزيز قدراته الدفاعية في مواجهة كل الأخطار المحيطة به.

طائرات وصواريخ ومسيرات

تتقاطع هذه الأنباء مع ما أوردته وسائل إعلام عدة من قرب حصول الأردن على طائرات "إيه-10 ثاندر بولت" الأميركية، وضمها إلى ترسانته الجوية لتعزيز قدراته الدفاعية ومواجهة التهديدات الإقليمية.

وكانت وجهت لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي البنتاغون، في التاسع من يوليو (تموز) الجاري، بدرس إمكان نقل هذه الطائرات إلى الأردن.

وفي عام 2023 طلبت عمان من واشنطن تزويدها بصواريخ "باتريوت" لتعزيز منظومة البلاد الدفاعية، كما طلب الأردن كذلك الحصول على معدات رصد للطائرات المسيرة التي تشكل التحدي الأبرز أمنياً له، إذ نجحت فصائل موالية لإيران داخل العراق وسوريا في اختراق الأجواء الأردنية عبر طائرات مسيرة باتجاه إسرائيل أكثر من مرة من دون التمكن من اعتراضها.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات