Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا رفعت "موديز" تصنيف تركيا الائتماني للمرة الأولى في 10 أعوام؟

تجاهلت البلاد الخسائر العنيفة لليرة في مقابل الدولار الأميركي وبدأت حصد ثمار دورة التشديد النقدي

وكالة "موديز" ترفع التصنيف الائتماني لتركيا إلى مستوى "B1" (أ ف ب)

ملخص

أدى التشديد الحاد الذي اتبعه البنك المركزي إلى استعادة الثقة في العملة وجاذبيتها، وهو ما يمكن رؤيته في زيادة الودائع بالليرة، التي يبلغ متوسطها حالياً ما يقارب 60 في المئة.

على رغم استمرار تراجع الليرة والخسائر القاسية التي تلاحقها في مقابل الدولار الأميركي أعلنت وكالة "موديز" رفع التصنيف الائتماني لتركيا إلى مستوى "B1"، للمرة الأولى في 10 أعوام، ورفعت سقف العملة الأجنبية في تركيا أيضاً إلى "Ba3" من مستوى "B2".

وأشارت الوكالة في تقرير حديث إلى تحسينات في الإدارة وعودة راسخة إلى السياسة النقدية التقليدية، وأبقت أيضاً على نظرة مستقبلية إيجابية للبلاد.

ولا تزال تركيا أدنى بواقع أربع نقاط من فئة استثمارية مثل الأردن وبنغلاديش، ويأتي رفع الائتمان من "موديز" عقب تحديث في التصنيف من جانب وكالتي التصنيف الائتماني "أس أند بي غلوبال" و"فيتش"، فيما أدت عودة أنقرة للسياسات التقليدية إلى تحول في التضخم وزيادة سريعة في احتياط العملة الأجنبية لدى البنك المركزي.

وقالت الوكالة الدولية، إن المحرك الرئيس للترقية إلى مستوى "B1" هو التحسينات في الحوكمة وبالأخص العودة الحاسمة والثابتة بصورة متزايدة للسياسة النقدية التقليدية، مما أسفر عن أول نتائج مرئية من حيث خفض الاختلالات الرئيسة في الاقتصاد الكلي.

وشهدت تركيا بعضاً من أسرع الزيادات في الأسعار خلال الأعوام الأخيرة فيما ابتعد الرئيس رجب طيب أردوغان عن السياسات الاقتصادية التقليدية، وفضل تحقيق النمو من القروض الرخيصة والحد الأدنى من زيادات الرواتب والتمويل العام الفضفاض.

وأشارت إلى "تحسينات في الحوكمة وبصورة أكثر تحديداً العودة الحاسمة والراسخة بصورة متزايدة إلى السياسات النقدية التقليدية، التي تسفر عن أول نتائج واضحة في ما يتعلق بتقليص الاختلالات الرئيسة في الاقتصاد الكلي في البلاد".

وبدعم من الرئيس رجب طيب أردوغان وبقيادة وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، تنفذ تركيا سياسة نقدية ومالية متشددة منذ 2023 لمعالجة التضخم المتزايد، وعلق "شيمشك" على حسابه الشخصي في منصة "إكس" قائلاً "رفعت وكالة موديز تصنيفنا الائتماني درجتين للمرة الأولى... بفضل البرنامج الذي ننفذه رفعت وكالة موديز التصنيف الائتماني لبلادنا بعد 11 عاماً وحافظت على نظرة مستقبلية إيجابية".

تركيا تحصد التحول إلى تشديد السياسة النقدية

في الوقت نفسه أدى التشديد الحاد الذي اتبعه البنك المركزي إلى استعادة الثقة في العملة وجاذبيتها وهو ما يمكن رؤيته في زيادة الودائع بالليرة، التي يبلغ متوسطها حالياً ما يقارب 60 في المئة، وقال البنك المركزي التركي إنه سيحافظ على موقفه المتشدد حتى يتحقق انخفاض دائم في التضخم، وفي يونيو (حزيران) الماضي كرر البنك أن تراجع التضخم سيترسخ في النصف الثاني من العام.

ووفق بيان قال وزير الخزانة والمالية التركي، إن "زيادة التصنيف تأثرت في التوازن الاقتصادي وانخفاض حاجات التمويل الخارجي وزيادة الاحتياطات الدولية وعملية تراجع التضخم" وأضاف "إن الحفاظ على نظرة مستقبلية إيجابية يعكس الثقة في برنامجنا ويشير إلى ترقيات محتملة للتصنيف".

وقالت "موديز"، إنه مع زيادة صدقية وفاعلية السياسة النقدية فإن استقرار الاقتصاد الكلي والمؤسسات الأقوى قد يسمحان لنقاط القوة الائتمانية الأساسية في تركيا، مثل اقتصادها المتنوع والتنافسي ومقاييس المالية والديون القوية نسبياً، بالتقدم مرة أخرى وأشارت إلى أن ذلك سيتحقق وبخاصة إذا كان التحول في سلوك سياسة الاقتصاد الكلي مصحوباً بتغييرات هيكلية تقلل من أخطار حدوث صدمات تضخمية طويلة الأمد في المستقبل.

وعلى رغم الإشارات الإيجابية سجل العجز التجاري في تركيا ارتفاعاً بنسبة 21.4 في المئة على أساس سنوي خلال يونيو الماضي، وبحسب بيانات وزارة التجارة التركية بلغ العجز التجاري نحو 6.43 مليار دولار وسط تراجع كل من الصادرات والواردات، وذكرت الوزارة في بيان أن الصادرات انخفضت 10.6 في المئة على أساس سنوي إلى 18.57 مليار دولار في يونيو الماضي، فيما تراجعت الواردات 4.1 في المئة إلى 25 مليار دولار خلال الفترة نفسها.

على صعيد التضخم تشير البيانات الرسمية إلى أن تضخم أسعار المستهلكين على أساس سنوي في تركيا تراجع إلى 71.6 في المئة خلال يونيو الماضي، وهو ما جاء أقل من التوقعات مدفوعاً بزيادة المصروفات والأسعار في قطاعات التعليم والإسكان والمطاعم.

ووفقاً لمعهد الإحصاء التركي جاء التضخم على أساس شهري أيضاً أقل من التوقعات في يونيو الماضي عند مستوى 1.64 في المئة مقارنة مع 3.37 في المئة في مايو (أيار) الماضي الذي بلغ التضخم على أساس سنوي فيه 75.45 في المئة، وفي استطلاع سابق أجرته وكالة "رويترز" توقع المحللون أن ينخفض التضخم السنوي إلى 72.6 في المئة في يونيو بعدما سجل في مايو أعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 42.6 في المئة بحلول نهاية عام 2024.

دورة لتشديد السياسة النقدية بصورة عنيفة

وفي مايو الماضي قرر البنك المركزي التركي الإبقاء على معدلات الفائدة الرئيسة من دون تغيير عند مستوى 50 في المئة للشهر الثاني على التوالي، ويعد القرار مؤشراً على أن البنك يرى أن السياسة النقدية الحالية مشددة بما فيه الكفاية حتى قبل أن يصل التضخم إلى ذروته.

وقال البنك المركزي، إن موقفه من السياسة النقدية "سيجرى تشديده في حال توقع تدهور كبير ومستمر في التضخم"، ويتوقع مسؤولوه أن يبدأ التضخم في البلاد، الذي لا يزال بين الأسرع عالمياً، بالانخفاض بدءاً من أغسطس (آب) المقبل وينهي العام عند 38 في المئة.

ورفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة بصورة كبيرة بما بلغ 4150 نقطة أساس (41.5 في المئة) منذ يونيو 2023، لكنه أبقى عليها من دون تغيير عند 50 في المئة في أبريل (نيسان) الماضي لإعطاء فرصة لنهج تشديد السياسة النقدية الذي تبناه في وقت سابق ليحدث تأثيراً، وهو النهج الذي شمل زيادة مقدارها 500 نقطة أساس في مارس (آذار) الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال وزير المالية إن التضخم سيبدأ بالانخفاض بعد أن يصل إلى ذروته في مايو الماضي، مضيفاً "ابتداء من أشهر الصيف سينخفض التضخم بسرعة كبيرة"، وخلال الفترة الماضية أعلنت الحكومة التركية عن خطة تقشف مدتها ثلاثة أعوام تهدف إلى خفض الإنفاق العام لكبح التضخم، ومن بين إجراءات أخرى، قالت إنها ستحد من الإنفاق على التوظيف والمواصلات للموظفين العموميين.

وعلى رغم أن أسعار الفائدة الاسمية التركية هي الأعلى بين دول مجموعة العشرين فإنها لا تزال أقل بكثير من الصفر عند تعديلها وفقاً لمعدلات التضخم الحالية، ويفضل المسؤولون الأتراك النظر إلى الفرق بين كلفة الاقتراض والمسار المتوقع للتضخم من قبل البنك المركزي، وهي وجهة نظر تشير إلى أن السياسة أكثر تشديداً بالفعل مما تبدو عليه خلاف ذلك.

وإذا ظلت أسعار الفائدة معلقة في المستقبل المنظور فسينصب التركيز بصورة متزايدة على خطة التعديل المالي وأدوات التشديد البديلة، ويعد استمرار البنك المركزي في وقف رفع أسعار الفائدة لفترة أطول أمراً رئيساً للحفاظ على زخم التدفقات الأجنبية التي تتدفق إلى الأصول المحلية، إذ يضع المستثمرون ثقتهم في جهود تركيا لخفض التضخم والعودة إلى سياسة اقتصادية أكثر تقليدية.

اقرأ المزيد