ملخص
الصين خففت عديداً من القيود على شراء العقارات، مما أدى إلى زيادة في إطلاق العقارات الفاخرة الجديدة في المواقع المركزية، لتلبية الطلب المتزايد
تشير التوقعات إلى زيادة أعداد الأثرياء جداً في الصين، بنسبة تقارب 50 في المئة في غضون بضعة أعوام (من يمتلكون ثروة صافية لا تقل عن 30 مليون دولار)، وفقاً لتوقعات تقرير الثروات الأخير الصادر عن "نايت فرانك".
يأتي ذلك في وقت يواجه فيه الاقتصاد الصيني تحديات وتباطؤاً في النمو، إذ تساءلت شبكة "سي أن بي سي" في تقرير لها حول ثروات الأثرياء الصينيين، أين يودع الأثرياء جداً في الصين ثرواتهم؟ إذ من المتوقع أن ترتفع أعدادهم إلى 144897 ثرياً بحلول عام 2028 من 98551 ثرياً في عام 2023.
وقال مديرو الثروات لـ"سي أن بي سي"، إن الاتجاه الاستثماري الحالي لأثرياء الصينيين هو الاتجاه "المحافظ"، إذ تتدفق أموالهم إلى الأصول الدولية في ظل اقتصاد صيني متعثر بسبب قطاع العقارات المضطرب، ومع ذلك لا تزال سوق العقارات الفاخرة في البلاد أحد الأصول المفضلة.
العقارات الفاخرة
من جانبه قال رئيس الأبحاث في الصين لدى شركة العقارات العالمية جيمس ماكدونالد، "كان هناك زيادة ملحوظة في المعاملات ضمن قطاع العقارات الفاخرة في شنغهاي"، مشيراً إلى أن ذلك يعود إلى تخفيف الحكومة للسياسات الأخيرة.
وأضاف، أن الصين خففت عديداً من القيود على شراء العقارات، مما أدى إلى زيادة في إطلاق العقارات الفاخرة الجديدة في المواقع المركزية، لتلبية الطلب المتزايد.
وفي مايو (أيار) الماضي، خفضت الحكومة عدد الأعوام التي كان يتعين على الناس دفع الضرائب فيها في شنغهاي قبل أن يتمكنوا من شراء العقارات إلى ثلاثة أعوام، بعد أن كانت خمسة أعوام، وخفضت أيضاً نسب الدفعة الأولى للمشترين لأول مرة إلى 20 في المئة من 30 في المئة.
المساكن الفاخرة في شنغهاي
رئيس قسم الأبحاث في شركة "سي بي أي آي" في الصين سام شيا، إن "المساكن الفاخرة خصوصاً في شنغهاي كانت استثماراً جيداً للأفراد ذوي الثروات العالية والعائلات الغنية في الأعوام الأخيرة بسبب ندرتها".
ووفقاً للبيانات التي قدمها شيا زاد حجم المعاملات للمساكن الجديدة التي يبلغ سعر الوحدة الواحدة منها في الأقل 2.75 مليون دولار بنحو 38 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2024، وأشار شيا إلى أن 40 في المئة من هؤلاء المشترين كانوا من سكان شنغهاي المحليين.
وقالت رئيسة أبحاث منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة "نايت فرانك" كريستين لي، إن المشاريع الفاخرة مثل "الأربور" في منطقة التسوق الفاخرة شين تيان دي في شنغهاي، و"حديقة البندة" التابعة لشركة "غرينتاون" و"قوس شنغهاي" في منطقة لوجياتسوي المالية، بيعت فور إطلاقها.
ومع ذلك أشارت لي إلى أن سوق العقارات الفاخرة في الصين لا يزال مركزاً بصورة رئيسة في المناطق الأساسية للمدن من الدرجة الأولى.
وقال المدير التنفيذي للاستثمار في مكتب "عائلة هيفينغ" ستيفن باو، "في المشهد الحالي، تمثل المنازل الفاخرة في شنغهاي أصولاً قيمة للحفاظ على الثروة والسيولة، خصوصاً للأفراد ذوي الثروات الفائقة".
وقال المحللون، إن فئات الاستثمار المحلية الأخرى، مثل السوق العقارية الأوسع والأسهم المدرجة في الصين، ليست بنفس الشعبية بين الأثرياء جداً.
الأصول الخارجية
من جهته قال الرئيس التنفيذي لمكتب "هايوين إنترناشيونال" في هونغ كونغ نيك شياو لـ"سي أن بي سي"، إن "العملاء الصينيين كانوا يميلون بصورة كبيرة إلى العقارات وأسهم السوق المحلية".
وأستدرك، "لكن هؤلاء المستثمرين الصينيين الأثرياء بدأوا في تبني مجموعة متزايدة وأكثر تنوعاً من فئات الأصول، بما في ذلك العملات والائتمان الخاص والأسهم الخاصة وسندات الخزانة الأميركية والأسهم في الأسواق المتقدمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "بالنسبة إلى عديد من العملاء الصينيين، توفر الأسهم الأميركية واليابانية المشاركة في القطاعات ذات النمو العالي والاتجاهات العلمانية التي لن تنعكس في المستقبل القريب، تساعدهم سندات الخزانة الأميركية في تثبيت عوائد تاريخية مرتفعة، وتوفر الأسهم الخاصة العالمية طبقة من التنويع إضافة إلى التعرض لسوق الأسهم العامة".
بينما أشار باو إلى أن "تدفق الأموال إلى الأصول الدولية من قبل الأثرياء الصينيين ينعكس في زيادة التخصيصات عبر مستثمري المؤسسات المؤهلة الداخلية وبرنامج الشراكة المحدودة الداخلية المؤهلة، إذ يسمح برنامج " "QDII للمؤسسات المالية بالاستثمار في الأوراق المالية خارج الصين، في حين يسمح برنامج شراكة محدودة محلية مؤهلة "QDLP" بتحويل اليوان المحلي إلى عملات أجنبية للاستثمارات الخارجية"، قائلاً "هذا يتماشى مع الاتجاه العام للدفاعية الاستثمارية"، مضيفاً أن "الأثرياء الصينيين محافظون بسبب الشكوك في الاقتصاد المحلي وكذلك البيئة الجيوسياسية الأوسع".
ولاحظ باو أن الأثرياء الصينيين يتجهون نحو الحفاظ على رأس المال والمنتجات ذات العائدات العالية والمنخفضة الأخطار مثل سندات الخزانة الأميركية، خصوصاً بعد تكبدهم خسائر في العقارات والأسهم المحلية.
صعوبة في الاختيار
أما شياو فقال، "بعض العملاء الصينيين يواجهون صعوبة في اختيار من بين عديد من استراتيجيات صناديق التحوط في الفضاء الدولي، بسبب نقص المهارات"، مضيفاً "هذا يتناقض مع النهج الاستثماري الأكثر تنوعاً للأثرياء في أجزاء أخرى من العالم، الذين غالباً ما يكونون على استعداد لتخصيص الأموال لصناديق الاستثمار المشتركة والمحافظ متعددة الأصول".
وأشار إلى أنه مقارنة بأقرانهم العالميين، يمتلك المستثمرون الصينيون الأثرياء ثرواتهم موزعة عبر عديد من البنوك والوسطاء، من دون نظرة موحدة لقياس الأداء، مضيفاً
"بعض العملاء الصينيين يواجهون صعوبة في الاختيار من بين عديد من استراتيجيات صناديق التحوط في الفضاء الدولي، بسبب نقص المهارات".
وقال شياو، إن "آخرين لم يديروا الأخطار بعد بنظرة شاملة أكثر لتشمل الجوانب الماكرو والجيوسياسية والقطاعية في قراراتهم الاستثمارية".
وقال باو، إن "هذا التباين في السلوك الاستثماري يبرز العقليات المختلفة والشهية للأخطار بين المستثمرين الصينيين المحليين ونظرائهم الدوليين"، مضيفاً "يميل الفريق الأول نحو الحفاظ على رأس المال وتوليد دخل مستقر، بينما يميل الفريق الثاني إلى تبني نهج أكثر توازناً وتنويعاً لإدارة الثروات".