Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما تداعيات مقتل هنية على ملف مفاوضات وقف النار في غزة؟

قدم بايدن مقترحاً لإنهاء الحرب وتنفيذه يأتي في ثلاث مراحل

متظاهرون ينددون باغتيال هنية في صيدا (جنوب لبنان) (رويترز)

ملخص

يعد هنية كبير المفاوضين في "حماس" ولتصفيته تأثيرات خطرة في محادثات الرهائن، كيف يمكن قراءة انعكاسها؟

"إسرائيل صعّدت المواجهة" هكذا وصفت حركة "حماس" عملية اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أثناء زيارته العاصمة الإيرانية طهران، ولهذا التصعيد الخطر تداعيات سلبية على مستقبل الحرب في قطاع غزة.

في الواقع، جاء اغتيال هنية في وقت كان طرفا الحرب يحاولان الوصول إلى هدنة بوساطة أميركية تقضي في نهايتها إلى وقف الحرب المدمرة على قطاع غزة، لكن هل سوف يؤثر قتل الزعيم الأول لـ "حماس" في مسار المفاوضات في شأن هدنة غزة وصفقة التبادل؟

يؤكد جميع المراقبين السياسيين أن تصفية هنية لها انعكاسات سلبية على مستقبل المفاوضات بين "حماس" وإسرائيل، أما مستقبل هذا الملف فهو مرتبط بصورة وثيقة في شأن الزعيم الجديد للحركة وطبيعة ميوله ما إذا كان متشدداً أو يبحث عن حلول لحرب القطاع.

تنازلات إيجابية

وأتت عملية اغتيال هنية بعد أيام قليلة من تقديم "حماس" تنازلات إيجابية لإسرائيل حول ملف صفقة تبادل الرهائن وهدنة غزة، وكان زعيم الحركة هو الشخص الذي يقود هذه الجولة من المحادثات.

ومنذ أكثر من شهر، قدّم الرئيس الأميركي جو بايدن مقترحاً لإنهاء الحرب على غزة وتنفيذه يأتي في ثلاث مراحل متتالية، وأرسله إلى إسرائيل  و"حماس" لدراسته، ووصف المقترح بأنه خريطة طريق مهمة لإنهاء القتال.

وبعد أسابيع عدة من دراسته العميقة، وافقت الحركة على خريطة طريق بايدن لكنها أجرت تعديلات طفيفة، ووصفت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "كان" رد الحركة بأنه الأفضل منذ بدء القتال ويمهّد لصفقة قد تنهي الحرب.

وفي إسرائيل، تلكأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالموافقة على المقترح وأرسل ردوداً كثيرة وتعديلات مختلفة، حتى أن الأمر وصل به إلى إجراء تعديل جوهري على خريطة طريق بايدن، وعلى رغم ذلك كان هنية يقود المفاوضات بإيجابية، حسب "كان".

وتجاهل نتنياهو إيجابية هنية والمقترح الأميركي إلى أن جرت تصفية زعيم "حماس".

معتدل ومفاوض

في الحقيقة، يعد هنية وجه دبلوماسية "حماس" الدولية، ويحظى الراحل باحترام كبير من دول كثيرة في العالم لكن إسرائيل والولايات المتحدة يصنفانه إرهابياً، وهنية أكثر الشخصيات اعتدالاً في الحركة، إذ يختلف عن يحيى السنوار المتشدد ضد إسرائيل، وعن محمد الضيف الذي يكن العداء لتل أبيب.

وعند مقارنة هنية مع بقية أعضاء المكتب السياسي للحركة، فإنه معتدل أيضاً بتفكيره في شأن ملف المصالحة الفلسطينية مع حركة "فتح"، ومعتدل في التعامل مع القضايا الدولية، وعلى رغم ذلك لا يمثل التيار الوحيد في "حماس" إذ إن هناك فئة متشددة.

لا صفقة حالياً

وهنية يعد كبير مفاوضي الفصيل في المحادثات التي تجرى مع إسرائيل في شأن مستقبل غزة، وبسبب هذه الصفات فإن تصفيته قد تؤثر في ملف المفاوضات، و"قد يكون أكبر خسارة لإسرائيل" كما قال أستاذ العلوم السياسية ساجد دغمش الذي أضاف "يعد قتل هنية خسارة لإسرائيل لأنه كان يمكن استثمار وجوده في منصبه واستغلال حرصه على الذهاب لهدنة، وتحقيق أحد أهداف الحرب المتمثل في الإفراج عن الرهائن من خلال صفقة تنقذ نتنياهو في شأن أهداف القتال التي وضعها".

وأكد غمش أن "نتنياهو لا يريد صفقة في الوقت الحالي، وما يرغب به في الأقل مواصلة الحرب حتى لو كان ذلك على حساب الرهائن وأهداف الحرب التي وضعها المجلس الوزاري الإسرائيلي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقاد كبير مفاوضي "حماس" المحادثات الأخيرة التي أجراها الوسطاء مع الحركة الفلسطينية في قطر ومصر وكذلك في روما، ويعتقد أستاذ العلوم الإستراتيجية ضرغام الطهراوي أن اغتيال هنية يوقف فعلياً هذه الجهود الدبلوماسية ويعرقل فرص التوصل إلى أي اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار، ويضيف الطهراوي "تصفية هنية ضربة كبيرة تختلف عن جميع الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل منذ بدء حرب غزة، هذه المرة هي الأكبر والأهم والأكثر تأثيراً حتى الآن، قتله من المؤكد سيؤدي إلى تعطيل فرص التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب لفترة طويلة". ويتابع الطهراوي "هذه العرقلة تخدم إرادة نتنياهو الذي كثيراً ما انتهج أسلوب المماطلة والتسويف، ووضع العراقيل في وجه أي تقدم في إطار التوصل إلى الهدنة، إنه يريد جرّ المنطقة إلى حرب شاملة، لتحقيق أهداف خاصة مرتبطة بإطالة عمره السياسي من طريق إطالة أمد الحرب".

التأثير السلبي

في الحقيقة، توعد نتنياهو جميع قيادات "حماس" بالتصفية، وقال في بداية الحرب "سوف نسحق الحركة ونقتل قياداتها في داخل غزة وخارجها، جميعهم على قائمة المطلوبين للتصفية"، ويستدل الباحثون السياسيون من هذا التصريح وقوف تل أبيب وراء عملية اغتيال هنية.

وبغض النظر عن ذلك فإن الطهراوي يؤكد أن توقف المحادثات سيكون في الأقل في الأمد القريب، لأن تصفية هنية جعلت "حماس" من دون قيادة، مما زاد الضغط المفروض عليها، لذا لن تذهب إلى مفاوضات جديدة.

ولكن على المدى البعيد لن تكون هناك تأثيرات قوية لمقتل هنية، حسب ما يقول الطهراوي لأن الحركة ستختار قادة جدداً وتستمر في مسارها، لكن استئناف المحادثات مع إسرائيل سيكون بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، وهو ما كان يريده نتنياهو منذ البداية.

وفكرة تأجيل التفاوض بسبب مقتل هنية ليس مجرد توقعات وقراءات سياسية، بل من جانب رسمي، ويؤكد محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن مقتله سيجمد المفاوضات "ومحاولات الوساطة لا يمكن أن تستمر في هذا الجو ومن الاستحالة أن تحقق أي تقدم".

من جهته، يقول عضو مكتب "حماس" السياسي موسى أبو مرزوق "لا يمكن مواصلة التباحث مع إسرائيل بعد ارتقاء إسماعيل هنية".

قلق من خليفة هنية

حتى في إسرائيل فإن الباحثين السياسيين هناك يؤكدون أن اغتيال هنية له تأثيرات سلبية في محادثات الرهائن، ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي يوآب شتِيرن "يعد هنية المحاور الرئيس مع الوسطاء المصريين والقطريين في شأن محادثات الرهائن ووقف إطلاق النار الجاري في غزة، قتله يعني عدم استكمالها"، ويضيف "في إسرائيل قلقون في شأن خليفة هنية، إن اختيار شخصية أكثر تطرفاً لتقود حماس، سوف يمثل خطراً على إسرائيل نفسها، وأن تكون هذه الشخصية رافضة فكرة الذهاب لصفقة رهائن مع نتنياهو".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات