ملخص
ضعف حضور المرأة التونسية من ناحية الترشحات الجدية للانتخابات الرئاسية يعود إلى أسباب ثقافية وسياسية وأخرى تعود للمرأة نفسها أو للهياكل التي تنشط بها على غرار الأحزاب أو المنظمات
على رغم تجاوز عدد من سحبوا استمارات التزكيات، بنية الترشح للانتخابات الرئاسية التونسية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، قرابة 90 مشروع ترشح مقيمين داخل البلاد وخارجها، فإن حضور النساء الراغبات في الترشح يعد محتشماً مقارنة بعدد الرجال، إذ يبلغ عددهن حتى الآن ست مترشحات فقط، من دون اعتبار رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي التي سبق أن أعلنت عن نيتها الجدية في الترشح لهذه الانتخابات.
ويرى عديد المراقبين للحياة السياسية في تونس أن ضعف حضور المرأة في العدد أو من ناحية الترشحات الجدية يعود إلى أسباب عدة مختلفة منها الثقافية أو سياسية وأخرى تعود للمرأة نفسها أو للهياكل التي تنشط بها على غرار الأحزاب أو المنظمات.
حظوظ ضعيفة
من بين العشرات الذين ينوون الترشح جرى تقديم ملفين فقط لهيئة الانتخابات أحدهما للرئيس الحالي قيس سعيد والآخر للمترشحة ليلى الهمامي التي سبق أن قدمت ترشحها للانتخابات الرئاسية في 2014، ولكن لم يقبل ملفها. وسبق أيضاً أن أعلنت ترشحها لنفس الاستحقاق الانتخابي في 2019. وللمرة الثالثة، تعود الباحثة في القانون ليلى الهمامي لخوض غمار نفس السباق من أجل منصب رئيس الجمهورية في الانتخابات المنتظرة.
أيضاً عبرت الناشطة في المجتمع المدني روضة الرزقي عن نيتها في الترشح، إضافة إلى الناشطات الحقوقيات رقية الحافي وراضية بن محسن السدرات وفتحية بن إبراهيم معاود ولطيفة بن حفصية، لكن إلى حدود اليوم لم تستكمل أي واحدة منهن ملف الترشح ما عدا المرشحة ليلى الهمامي.
وبحسب مراقبين تونسيين فإن معظم هذه الأسماء النسائية تعد حظوظها ضعيفة جداً مقارنة بالترشحات الرجالية، وعلى رغم ما تحظى به المرأة التونسية من حقوق من أجل خوضها غمار الانتخابات فإن البعض يعتقد أن السلطة الحالية تمارس مضايقات ضد النساء الناشطات في الميدان السياسي.
أمام ذلك أعلنت منظمات نسوية تونسية تجميد الاحتفالات بعيد المرأة الذي يزامن الـ13 من أغسطس (آب) الجاري في ظل تواصل انتهاك حقوق النساء والتضييق على الحريات ونشر خطاب الكراهية، بحسب بيان أصدرته هذه المنظمات التي أطلقت حملة للإفراج عن السجينات على خلفية نشاطهن المدني والسياسي.
واتهمت الناشطة السياسية ألفة الحامدي رئيس الجمهورية قيس سعيد بإهانة المرأة التونسية وإقصائها، معتبرة أن اشتراط العمر الأدنى وضع من أجل إبعادها عن الانتخابات. وأكدت أن رفض ترشحها ليس سوى جزء من حملة أوسع تستهدف إقصاء النساء من المشهد السياسي.
بدوره، اتهم الحزب الدستوري الحر السلطة الحالية بالتنكيل برئيسته عبير موسي ووضعها في السجن لمنعها من الترشح للانتخابات.
تعزيز حقوق المرأة
من جانبها، ترى الناشطة النسوية عايدة بن شعبان في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "الوضع العام في تونس خلال الأعوام الأخيرة لم يكن عادلاً بخصوص حقوق النساء الراغبات في اعتلاء مناصب مهمة"، مضيفة، "يعود هذا إلى عدة اعتبارات أهمها ثقافية واجتماعية".
وتواصل الناشطة بن شعبان حديثها بقولها، "حتى المنظمات النسوية لم تلعب دوراً محورياً في الدفاع عن حقوق المرأة للترشح إلى مثل هذه المناصب المهمة ولم نسمع لها صوتاً عالياً من أجل الوقوف وراء الرائدات، ولم نرَ مشروعاً قوياً وواضحاً من أجل تعبيد الطريق للمرأة وجعلها في الصفوف الأمامية من أجل الاستحقاقات الانتخابية المهمة على غرار الانتخابات الرئاسية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر مراقبون للحياة السياسية في تونس أن مسألة تجميع التزكيات ستكون حاسمة بالنسبة لعدد النساء اللاتي ينوين الترشح لهذه الانتخابات في ظل الصعوبات التي واجهها معظم من ينوون خوض السباق الرئاسي في هذا السياق بصورة عامة.
من جانب آخر، يرى المحلل السياسي بسام حمدي أنه "على رغم الترسانة التشريعية للدفاع وتعزيز حقوق المرأة وعلى رغم تكريس مبدأ التواصل في عديد من المناصب السيادية، ظلت ترشحات المرأة لمنصب رئيس الجمهورية التونسية رمزية لا غير نظراً لعدة اعتبارات أهمها اجتماعي فلا يزال الناخب التونسي لا يقبل أن يكون هذا المنصب الرمزي للبلاد تعتليه امرأة، وذلك نظراً إلى الموروث الثقافي في ذهن الناخب".
ويواصل حمدي، "الاعتبار الثاني الذي يجعل حظوظ المرأة ضعيفة في السباق الانتخابي لمنصب الرئيس الدولة هو دائماً ما تكون المرأة في الصفوف الخلفية للأحزاب ما عدا عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر التي كادت تكون حظوظها وافرة لولا وجودها في السجن منذ أشهر".
ويعتقد المحلل السياسي، أن "عقلية الشعب التونسي أصبحت تتغير شيئاً فشيئاً"، مضيفاً "أصبح الناخب التونسي يقبل وجود المرأة في مناصب قيادية مهمة في البلاد على غرار وزارات سيادية كوزارة العدل حالياً أو رئاسة الحكومة، التي اعتلتها أول امرأة عربية هي التونسية نجلاء بودن لكن المسؤولية اليوم أصبحت على عاتق المرأة السياسية والقيادية في حد ذاتها التي يجب أن تؤمن بحظوظها".
وتابع، "على رغم نجاح المرأة التونسية في عدة مناصب وقدرتها على قيادة البلاد فإن ترشحها لمنصب رئيس الجمهورية ظل حبيس مخاوفها ربما لاعتقادها أن الناخب يميل إلى التصويت للرجال في هذا لمنصب المهم لكن مقارنة ببلدان عربية أخرى تظل صورة المرأة التونسية ومكانتها في المشهد العام والسياسي بصفة خاصة أفضل بكثير".
وبدورها أشارت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي، إلى أن "القانون الانتخابي والمناخ السياسي في تونس غير مشجع لترشح النساء للانتخابات الرئاسية، ولا حتى للانتخاب". وتابعت "اليوم رئيسة حزب تقبع في السجن وغير قادرة على الترشح للانتخابات في حين أنها تعد منافسة جدية للرئيس الحالي" وذلك في إشارة منها إلى رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي.
كان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخاب في تونس فاروق بوعسكر شدد على أن "كل المترشحين سواسية أمام الهيئة والقانون الانتخابي".