ملخص
المساهمات تكون في حدود 4000 دولار والهبات المقدمة من المقيمين في الخارج مقبولة، بينما نفقات الدور الأول 90 ألف دولار تقريباً وترتفع في الثاني إلى 100 ألف دولار
دخل المرشحون المتنافسون على منصب رئيس الجمهورية في الجزائر مرحلة التحضر للحملة الانتخابية التي من المقرر انطلاقها في 15 أغسطس (آب) الجاري. وبقدر ما يستدعي الأمر وضع برنامج ثري يستقطب الناخبين، يبقى تمويل هذه الفترة المهمة من العملية الانتخابية بالنسبة لكل مرشح محطة أساسية، لا سيما في ظل الضوابط التي وضعها القانون.
قواعد وضوابط قانونية
وبعد تأشير المحكمة الدستورية بقبول ملفات ثلاثة راغبين في الترشح لرئاسيات السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، وهم عبد المجيد تبون، وعبد العالي حساني، ويوسف أوشيش، على إثر دراسة طعون بعض الأسماء التي أبدت رغبة في الترشح وقدمت ملفاتها للجنة المستقلة للانتخابات، لكنها رفضت بسبب "تسجيل بعض التجاوزات وعدم استيفاء الشروط"، أعلنت لجنة مراقبة تمويل الحملة الانتخابية عن مجموعة من القواعد والضوابط القانونية الواجب اتباعها تتعلق بمصادر تمويل حملاتهم والالتزامات المفروضة.
وأوضحت اللجنة في بيان أن الأمين المالي المعين من طرف المرشح له الدور الهام في التسيير المالي والمادي للحملة وإدخال الرقابة عليها، وإرسال المعلومات المفصلة الخاصة بالحساب البنكي للجنة المراقبة، كما يتعين على المرشح فتح حساب بنكي وحيد، على أن تكون كل الأموال سواء كانت مداخيل أو مدفوعات لا تتم إلا عن طريق الحساب الخاص بالحملة الذي يضم كل الإيرادات والنفقات.
تشديدات وتحذيرات
كما شددت اللجنة على أن تكون مصادر تمويل الحملة من المساهمات الحزبية والشخصية للأفراد، والهبات النقدية أو العينية المقدمة من المواطنين، تكون في حدود 600 ألف دينار جزائري كحد أقصى أي ما يعادل 4000 دولار، مع تبليغ اللجنة بقيمة الهبات وقائمة أسماء الواهبين.
ولجأ المصدر إلى التحذير من تلقي المرشحين الهبات النقدية أو العينية أو أية مساهمة مهما كان شكلها، من أية دولة أجنبية، أو أي شخص طبيعي أو معنوي من جنسية أجنبية، وبصفة مباشرة أو غير مباشرة، ما عدا الهبات المقدمة من الجزائريين المقيمين في الخارج.
وطلبت اللجنة إيداع حساب الحملة لدى مصالحها من قبل محافظ الحسابات الذي يقوم بوضع هذا الحساب قيد الفحص بعد مراقبة الوثائق الثبوتية في خلال شهر ابتداء من تاريخ إعلان النتائج النهائية، وأوضحت أنه لا يجوز تقديم حساب الحملة وهو في حالة عجز، ولا بد من تصفية الحساب وقت إيداعه حتى وإن اقتضى الأمر مساهمة المرشح، كما حددت نفقات الحملة في الدور الأول بـ 120 مليون دينار جزائري (أي ما يعادل 90 ألف دولار تقريباً)، ويرفع في الدور الثاني إلى 140 مليون دينار (نحو 100 ألف دولار).
الخبرة والدعم يصنعان الفارق
وأمام هذه الشروط، رأى سياسيون أن المرشح عبد المجيد تبون، لن يجد صعوبة في توفير الأموال والاستجابة لما جاءت به لجنة مراقبة تمويل الحملة الانتخابية، لاعتبارات عدة أهمها الدعم الذي يلقاه من الأحزاب والطبقة السياسية والمنظمات على اختلافها، وما يسهم في جلب الأموال، ثم الخبرة التي بات يتمتع بها بعد التجربة الأولى مع انتخابات 2019، والتي تجعل إدارة الحملة التي تم تعيين مديرها أول أمس، ممثلاً في إبراهيم مراد وزير الداخلية، قادرة وبسهولة على تسيير المرحلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك عيّن المرشح يوسف أوشيش السكرتير الأول لجبهة "القوى الاشتراكية"، لإدارة حملته الانتخابية جمال بلول، الذي تولى أمانة الإعلام في الحزب، كما انتخب نائباً برلمانياً في وقت سابق، بينما قام عبدالعالي حساني، رئيس حركة "مجتمع السلم"، بإعلان على "فيسبوك"، أحمد صادوق مديراً لحملته الانتخابية، وهو من القياديين البارزين في الحزب، انتخب نائباً برلمانياً، ويترأس حالياً المجموعة البرلمانية للحركة.
الحفاظ على السيادة
وفي السياق، استبعد مساعد الأمين العام لحزب "اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية" الحبيب لعليلي أن يواجه المرشحون الثلاثة للرئاسيات مشكلة في التمويل، لأن قانون تمويل الحملات الانتخابية واضح، مشيراً إلى أن الهدف من وضع قيود وقوانين على تمويل الحملة الانتخابية هو "الحفاظ على السيادة الوطنية من تدخل المال الأجنبي، ومحاربة المال الفاسد في الداخل". وتابع لعليلي أن المرشحين سيكتفون بزيارة ثلاث أو أربع محافظات على أقصى تقدير نظراً لارتفاع درجات الحرارة وتزامن الحملة مع موسم الاصطياف، وقال "أتوقع أن تجري الحملة الانتخابية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما لا يحتاج إلى نفقات مالية كبيرة".
قضية جوهرية
الحقوقي أدم مقراني، يرى في تصريح خاص أن تمويل الحملات الانتخابية قضية جوهرية تؤثر في سير العملية الانتخابية، مبرزاً أن القانون الجزائري يحدد بصورة واضحة مصادر التمويل وآلياته، ويضع حدوداً للتمويل لتجنب التأثير السلبي للمال في الانتخابات، وأوضح أن الحكومة الجزائرية تقدم دعماً مالياً للمرشحين، بخاصة إذا حصلوا على نسبة معينة من الأصوات تصل إلى 10 و20 في المئة.
ويواصل مقراني أن التحديات المالية قد تكون أحد العوائق التي يواجهها المرشحون لا سيما منافسي الرئيس الحالي، علماً أن النظام القانوني الجزائري يسعى لتأمين تكافؤ الفرص بين المرشحين عبر توفير دعم مالي حكومي وضمان الشفافية في التمويل، مما يقلل من فرص حدوث أزمة تمويل حادة، وختم أن "السلطات تحاول من خلال هذه الإجراءات ضمان نزاهة العملية الانتخابية ومنع استخدام المال الفاسد من التأثير في النتائج".
وبحسب متابعين، فإن استباق السلطات وضع إجراءات تنظيمية تخص مسألة التمويل إنما يرجع إلى تجنب تكرار سيناريو وقع عام 1999، يعرف بحادثة "انسحاب الستة"، حين انسحبت ست شخصيات مرشحة للانتخابات الرئاسية منافسة للرئيس الراحل بوتفليقة، في الساعات الأخيرة من الموعد، بحجة حسم الإدارة فوزه، بالتالي أفرجت لجنة مراقبة تمويل الحملة الانتخابية عن مجموعة من القواعد والضوابط القانونية منعاً لـ"الانسحاب المفاجئ" في اللحظات الأخيرة الذي قد يحدث فراغاً قانونياً عاشته البلاد في مواعيد سابقة.