Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السبيل الصحيح لإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة

بدلاً من التخلي عن كييف ينبغي لواشنطن أن تزودها بالعتاد العسكري اللازم للفوز

القوات الأوكرانية تطلق النار على موقع روسي في منطقة دونيتسك، أوكرانيا، يونيو 2024 (ألينا سموتكو/رويترز)

ملخص

ينبغي على الولايات المتحدة العمل على إنهاء الحرب بسرعة، ولتحقيق ذلك عليها زيادة توريد الأسلحة لأوكرانيا ومساعدتها على تحقيق انتصار حاسم، واستعادة أراضيها، ودفع روسيا إلى التفاوض

لقد وصلت الولايات المتحدة إلى طريق مسدود في أوكرانيا. نهج الرئيس جو بايدن التدرجي لا يحقق ثماراً، بل أدى إلى حرب استنزاف طويلة ومأسوية. فيما أثار الأداء المتعثر لأوكرانيا في العام الماضي إلى زيادة الاحتمال المغم بانتصار روسيا، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى وقوع كييف تحت السيطرة الإمبريالية الروسية.

ووعد الرئيس السابق دونالد ترمب بتغيير النهج الأميركي إذا فاز بإعادة الانتخاب في نوفمبر (تشرين الثاني) مؤكداً أنه يمكنه إنهاء الحرب "في غضون 24 ساعة". فيما كتب نائبه، السيناتور الأميركي جي دي فانس، أن على أوكرانيا أن تقتصر على "إستراتيجية دفاعية" "للحفاظ على قوتها البشرية العسكرية الثمينة، ووقف النزف وإتاحة الوقت لبدء المفاوضات". يبدو أن الحل الذي يفضله كل من ترمب وفانس هو تسوية من خلال التفاوض من شأنها أن تسمح لواشنطن بتركيز اهتمامها ومواردها في مكان آخر.

وليس هناك من شك أن الحرب يجب أن تنتهي وبسرعة. الجواب ليس في قطع كل المساعدات الأميركية أو التسرع إلى صفقة غير متكافئة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لا تزال الولايات المتحدة قادرة على الخروج من الوضع الصعب وأيضاً تجنب منح روسيا انتصاراً. من أجل وقف الإنفاق الأميركي اللامحدود والحفاظ في نفس الوقت على استقلال وأمن أوكرانيا، تحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى منح كييف فرصة أخيرة جدية لتحقيق النصر والمتمثل ليس بالعودة إلى حدود أوكرانيا لعام 2013 أي الحدود المعترف بها دولياً (كما ترغب كييف) ولكن باستعادة مستدامة لحدودها عام 2021 أي من دون جزيرة القرم وأجزاء من شرق البلاد المعروف بالدونباس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

للوصول إلى هذه النتيجة، يتعين على واشنطن وحلفائها أن يعملوا على تحسين الوضع العسكري لأوكرانيا بصورة كبيرة وبسرعة من خلال ضخ كميات كبيرة من الأسلحة مع عدم فرض أي قيود على استخدامها. وسوف تأتي الفرصة الأكثر واقعية لتحقيق السلام إذا تمكنت القوات الأوكرانية من إطلاق حملة حاسمة تعيد القوات الروسية إلى المواقع التي كانت عليها قبل عام 2022.

وقد يحفز رئيس أميركي جديد التحول في السياسة لتحقيق هذه الغاية؛ على سبيل المثال، قد تغتنم إدارة ترمب المقبلة الفرصة للإشارة إلى النفوذ الأميركي وإنهاء الصراع، وتعزيز سمعة الولايات المتحدة الدولية والسماح لواشنطن بالتركيز على أولويات أخرى. ولكن بغض النظر عمن هو في البيت الأبيض، فإن تعزيز المساعدات العسكرية غير المقيدة في الأمد القريب يوفر أفضل فرصة للسلام على المدى الطويل على حدود أوروبا.

حرب لا نهائية

إن الإستراتيجية الحالية لإدارة بايدن غير مستدامة بالنسبة للولايات المتحدة وأوكرانيا على حد سواء. في عام 2022، بعد هجوم روسيا وإظهار أوكرانيا عزيمة رائعة في القتال، بدأت واشنطن وبعض حلفائها تدرجاً وبحذر في إرسال مساعدات عسكرية إلى كييف، ووضعت قيوداً على كيفية ومكان استخدام القوات الأوكرانية للقدرات الأكثر تقدماً. وكانوا يخشون أن يؤدي رد أكثر حزماً إلى تصعيد روسي، مما قد يؤدي إلى توسيع نطاق الصراع إلى ما هو أبعد من أوكرانيا وتعريض الغرب للخطر. لقد بثت تهديدات بوتين النووية الرعب في مسؤولين أميركيين وأوروبيين لدرجة أنهم رغم تزعمهم السعي لتحقيق نصر أوكراني، فإنهم في الواقع لا يقدمون لكييف سوى الدعم الكافي لمنعها من الانهيار تحت وطأة الهجوم الروسي. الهدف البين ليس هزيمة روسيا في ساحة المعركة، بل مساندة أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" - أي، كما نأمل، إلى أن تستنتج موسكو أن استمرار الحرب تحول إلى عملية انهزامية وتنهي الحرب بنفسها.

وبعد مرور أكثر من عامين على القتال، لم تستسلم كييف، لكن شركاءها الغربيين لم يعطوها الأدوات اللازمة للفوز. ومن المرجح أن تنتهي حرب استنزاف طويلة بانهيار أوكرانيا، إذ ليس لدى كييف القوة البشرية الكافية لإرسال تعزيزات إلى الخطوط الأمامية لأعوام مقبلة. أما بقية البلاد فتعاني هي الأخرى. وتعاني ثلاثة أرباع الشركات الأوكرانية من نقص العمالة بسبب الهجرة والتجنيد العسكري (والإصابات الناتجة منه). لقد فقد القطاع الزراعي مساحات خصبة: بالنسبة إلى بعض المحاصيل، انخفضت مساحة الأراضي المحصودة بنحو الثلث. وقد تسبب فقدان الموانئ، مثل ماريوبول على بحر الآزوف، في مشكلات خطرة للمنتجين الذين يتطلعون إلى التصدير. وتشير تقديرات تقرير صدر في فبراير (شباط) الماضي برعاية جزئية من البنك الدولي إلى أن إعادة بناء المباني السكانية والبنية الأساسية والصناعة في أوكرانيا سيتطلب ما يقارب نصف تريليون دولار. ومع مرور الوقت، فالأمور ستزداد سوءاً.

والوقت ليس في مصلحة شركاء أوكرانيا الغربيين أيضاً. زعمت الدول الأوروبية أن الحرب الروسية تمثل تهديداً وجودياً للقارة، لكن في الغالب، كانت استثماراتها العسكرية الأخيرة متواضعة وكانت مترددة في إنفاق مبالغ كبيرة من المال لدعم الاقتصاد الأوكراني. وتشكل البلدان الواقعة على خط المواجهة الشرقي لأوروبا الاستثناء؛ سوف تنفق بولندا أكثر من أربعة في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي هذا العام، وتخطط فنلندا، العضو الجديد في منظمة حلف شمال الأطلسي، لمضاعفة إنتاجها من ذخيرة المدفعية بحلول عام 2027. ولكن حتى هذه البلدان تتيقن بأن كل قذيفة مدفعية ترسلها إلى أوكرانيا الضعيفة تنهك مخزونات أسلحتهم. وإذا حققت روسيا مزيداً من المكاسب في أوكرانيا وكثفت تهديداتها للغرب، فقد لا تقبل تلك الدول مثل هذه المقايضة بعد الآن.

يجب أن تنتهي الحرب، وأن تنتهي بسرعة

بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ليس هناك فائدة من تمويل صراع طويل الأمد. إن إستراتيجية بايدن المتمثلة في تقديم المساعدات الإضافية لن تمنع تدمير أوكرانيا في نهاية المطاف، وسوف تبقي الولايات المتحدة غارقة في حرب من دون طريق واضح نحو النصر. كما أنها عملية غير مستدامة على المستوى السياسي: ففي أعقاب عقود من "الحروب الأبدية" التي لم تحظ بشعبية كبيرة، لم يعد بوسع القادة الأميركيين أن يعدوا بنفقات مالية غير محدودة وإمدادات من الأسلحة على أساس إستراتيجية ليس لها أي احتمال للنجاح.

وتواجه الولايات المتحدة أيضاً أخطاراً إستراتيجية أكبر من خلال تقييد دعمها أوكرانيا على التسليح التدرجي البطيء. يمكن لموسكو أن تعتمد على اقتصاد الحرب الخاص بها، وليست بحاجة إلى التفاوض طالما أنها واثقة من قدرتها على استنزاف أوكرانيا حتى استسلامها. ولا تستطيع أوكرانيا أن تتحمل كلف التفاوض انطلاقاً من موقع ضعفها الحالي، بعد أن خسرت أراضي وإمكانية الوصول إلى بحر آزوف، وهو ممر مائي بالغ الأهمية لصادراتها الزراعية، وافتقارها إلى السبل اللازمة لعكس أي من الخسارتين.

وهذا يعني أن الحرب ستستمر، وكلما طال أمدها زاد الوقت أمام روسيا لخلق مشكلات لأوروبا والولايات المتحدة في أجزاء أخرى من العالم. وقد توسع موسكو تعاونها مع كوريا الشمالية من خلال تبادل تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية والصواريخ الباليستية، وتخصص مزيد من القوات العسكرية لزعزعة استقرار الدول في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومنطقة البحر الأبيض المتوسط الأوسع، والتشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي أس" (GPS) عبر منطقة متزايدة الاتساع في أوروبا. وفي الوقت نفسه، تعمل الصين على بناء قدراتها العسكرية الخاصة، ويمكنها الاستفادة من التقلبات المستمرة في أوروبا لبسط نفوذها في منطقة المحيط الهادئ.

وفي الوقت نفسه، لا ينبغي لواشنطن وشركائها أن يشعروا بالقلق المفرط في شأن استفزاز روسيا. إن المخاوف الغربية من التصعيد الروسي مبالغ فيها. وطوال فترة حكمه كان بوتين حريصاً على تجنب الصدام المباشر مع الغرب، ربما بسبب إدراكه لدونية روسيا اقتصادياً وعسكرياً. الآن، لدى موسكو مصلحة في احتواء القتال في أوكرانيا لأنها ستجد صعوبة في مجاراة قوة السلاح الغربي والقوات المشتركة في حرب موسعة. تهدد روسيا بالتصعيد لكنها تتراجع عند مواجهتها بالقوة. ومع ذلك، لا تزال هناك حدود لما ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها القيام به؛ وعلى وجه التحديد، لا ينبغي لهم تحدي الجيش الروسي على الخطوط الأمامية بإرسال قواتهم إلى أوكرانيا.

إجراءات حاسمة

وبدلاً من إطالة أمد هذه الحرب، يجب أن يكون هدف الولايات المتحدة إنهاءها بسرعة، بمساعدة أوكرانيا على هزيمة روسيا وفي الوقت نفسه ردع موسكو عن متابعة طموحاتها الإمبريالية. إن تحقيق الاستقرار في أوروبا أولاً من شأنه أن يسمح لواشنطن بتركيز جهودها في المسرح الآسيوي، حيث تواجه تهديداً متزايداً من الصين، مما يمكّنها من ترتيب إستراتيجيتها بدلاً من المخاطرة بمواجهة قوتين تعديليتين [القوة التعديلية هي التي تسعى إلى تغيير النظام العالمي القائم] في وقت واحد.

والطريقة الأكثر منطقية لتحقيق هذا الهدف تتلخص في زيادة توريد الأسلحة إلى أوكرانيا وعدم فرض أية قيود على استخدامها. إن أوكرانيا تحتاج إلى المدفعية والمدرعات والقوة الجوية ويجب أن تكون قادرة على ضرب أهداف عسكرية في روسيا، مثل المطارات، ومستودعات الذخيرة والوقود، والمصانع العسكرية. ومن خلال رفع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الغربية، وخصوصاً الصواريخ متوسطة المدى، ستتيح واشنطن لكييف الفرصة لإضعاف القوات الروسية ومنع الهجمات واسعة النطاق على المدن والبنية التحتية الأوكرانية. ولا تستطيع أوكرانيا أن تدافع عن نفسها في ظل تضاؤل ​​الإمدادات من المنظومات المضادة للطائرات الباهظة الثمن.

ومن شأن هذه الزيادة أن تمنح أوكرانيا فرصة أخيرة لتحقيق اختراق تكتيكي لاستعادة سيادتها على الأراضي كلها أو بعضها التي كانت ضمن سيطرتها قبل عام 2022. ومن هذه المكانة، يمكن للقوات الأوكرانية أن تستمر في تهديد المكاسب التي حققتها روسيا في غزوها عام 2014، وبخاصة شبه جزيرة القرم. ورغم أن شوق كييف لاستعادة حدود البلاد قبل عام 2014 أمر مفهوم، فإن خسائرها الهائلة والإرهاق الوطني يجعلاني أي توصيف أقل طموحاً للنصر العسكري أكثر واقعية.

ومن خلال إضعاف القوات الروسية وإخراجها من الأراضي التي استولت عليها منذ أوائل عام 2022، ستكسب كييف خيارات سياسية. ومن الممكن أن يفرض مثل هذا الإنجاز العسكري كلفاً مادية ومعنوية كافية لإجبار روسيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وحتى من دون المفاوضات، التي قد لا تؤدي بأي حال إلى تهدئة رغبة موسكو في استعادة إمبراطوريتها في أوروبا، فإن تحقيق انتصار سريع وحاسم في ساحة المعركة من شأنه أن يلحق أضراراً كافية بالقوات الروسية لشراء الوقت لأوكرانيا لإعادة بناء بنيتها التحتية وصناعتها، واستعادة الأراضي الخصبة للإنتاج الزراعي. وتعزيز قدرتها العسكرية لردع مزيد من الهجمات الروسية المقبلة.

من المرجح أن تنتهي حرب استنزاف طويلة بانهيار أوكرانيا

سيكون لدى الولايات المتحدة وحلفائها الموارد اللازمة لتنفيذ هذه الإستراتيجية بحلول الوقت الذي تكون فيه الانتخابات الأميركية قد جرت أو تولى رئيس جديد منصبه. وبحلول أوائل عام 2025، ستكون القدرة الإنتاجية الغربية قد زادت بما يكفي لتزويد القوات الأوكرانية بكميات كافية من قذائف المدفعية. إن المصانع الأميركية في طريقها لإنتاج 80 ألف قذيفة شهرياً بحلول نهاية عام 2024 و100 ألف قذيفة شهرياً في وقت ما في عام 2025. أضف إلى ذلك، من المتوقع أن تنتج المصانع الأوروبية 100 ألف أو أكثر من القذائف شهرياً بحلول أواخر عام 2025. هذه الأعداد لن تسمح لأوكرانيا بالحفاظ على مواقعها الدفاعية وحسب، مما يتطلب ما يقدر بنحو 75 ألف قذيفة شهرياً، بل أيضاً بدء عمليات هجومية.

كما يمتلك الجيش الأميركي أيضاً كثيراً من المعدات الفائضة، بما في ذلك نماذج قديمة من الدبابات والمركبات الأخرى الموجودة في المخازن. وحتى الآن، أرسلت الولايات المتحدة 31 دبابة فقط إلى أوكرانيا، بصورة أساسية لإجبار ألمانيا على توفير الدبابات التي لديها، ولكن هناك في المخازن المئات الأخرى التي يمكن تجديدها وشحنها. ومن الواضح أن أوكرانيا تحتاج إلى أكثر مما تلقته، إذ إن الخسائر تقلص بسرعة مخزونها من المدرعات. ومن المقرر أيضاً أن ينضم عدد صغير من الطائرات المقاتلة الغربية إلى العمليات العسكرية في الأشهر المقبلة، ولكن هناك عشرات أخرى يمكن للدول الأوروبية إرسالها إلى كييف. وتدرس اليونان، على سبيل المثال، تقديم عشرات الطائرات.

وعلى رغم أن واشنطن وحلفاءها لا يستطيعون إرسال جنودهم إلى أوكرانيا، فإنهم يستطيعون توفير تدريب عسكري إضافي للقوات الأوكرانية. تعد القوى البشرية مشكلة متنامية بالنسبة لكييف. وينبغي دعوة الأوكرانيين الذين هم في سن التجنيد والذين هاجروا إلى الخارج للعودة إلى الوطن والانضمام إلى القتال. وفي الدول الأوروبية حيث يقيم عدد منهم الآن، تستطيع الحكومات تشكيل وحدات عسكرية أوكرانية وتدريب المجندين الجدد قبل إعادتهم إلى أوكرانيا.

العامل الحاسم سيكون سرعة الإيصال وكمية المساعدات الفتاكة. إذا تمكنت أوكرانيا من تحقيق اختراق على خط المواجهة وفرض العودة إلى الوضع الميداني الذي كان قائماً قبل فبراير 2022، فقد يؤدي ذلك إلى هزيمة روسيا بصورة واضحة. ستظل شبه جزيرة القرم تحت الاحتلال الروسي، لكنها ستظل أيضاً نقطة ضعف يمكن للجيش الأوكراني استهدافها لردع موسكو عن شن حرب واسعة النطاق. وقد أثبتت الأحداث أن ميناء سيفاستوبول، وعدداً من القواعد العسكرية الروسية، وجسر مضيق كيرتش (الذي يربط شبه جزيرة القرم بالبر الرئيس الروسي) معرضة للمسيرات البحرية الأوكرانية، وفي حالة الجسر لتفجير شاحنة مفخخة.

ويجب منح أوكرانيا مزيداً من القدرات- مثل الصواريخ الباليستية الأميركية وصواريخ كروز البريطانية والفرنسية والألمانية- لضرب هذه الأماكن الآن وإبقائها تحت التهديد في حال التوصل إلى وقف إطلاق النار. بموجب القانون الدولي المعترف به، تعد هذه الأراضي جزءاً من الأراضي الأوكرانية، لذا فإن العمليات العسكرية هناك لن تحمل أخطار التصعيد نفسها كما هي الحال في ضرب الأهداف في روسيا نفسها. فقط موسكو (وحفنة من القوى الصغيرة) تعد القرم جزءاً من روسيا، وعندما هاجمتها أوكرانيا في العامين الماضيين، لم يكن رد فعل روسيا مختلفاً عن ردها على الهجمات الأوكرانية على الخطوط الأمامية.

وحتى في أفضل السيناريوهات، ليس هناك مؤشر لتوقع هزيمة دراماتيكية لروسيا بحيث تؤدي إلى تغيير جذري في النظرة الإستراتيجية لموسكو. ستظل روسيا دولة نووية قوية ذات طموحات عميقة لاستعادة عظمتها الإمبراطورية. ولكن لتحقيق هذا الهدف، فإنها تحتاج إلى أوكرانيا، ما من شأنه أن يمنحها القدرة على تهديد بقية أوروبا والسيطرة على السياسة الأوروبية. ومن دون أوكرانيا، تصبح روسيا مجرد قوة آسيوية، تخسر نفوذها بسرعة أمام الصين. ولا تستطيع كييف تغيير الضرورات الإستراتيجية لموسكو من خلال تحقيق انتصارات في ساحة المعركة، لكنها تستطيع حرمان روسيا من السيطرة على أراضيها. إن الإمداد السريع والكبير بالأسلحة الغربية من شأنه أن يمنح أوكرانيا أفضل فرصة لها لصد القوات الروسية وخلق الظروف المناسبة التي تحتاج إليها لإعادة البناء والتجهيز وردع أي تقدم روسي آخر. لا يوجد أي مبرر إستراتيجي لواشنطن لإطالة أمد الصراع من خلال تسليم الإمدادات بصورة تدرجية وبطيئة. إن السياسات المصممة في المقام الأول لتجنب التصعيد لن تنقذ أوكرانيا أو تعمل على استقرار الحدود الشرقية لأوروبا. بدلاً من ذلك، حان الوقت للرئيس الأميركي المقبل لاتخاذ إجراء حاسم.

 

*ياكوب غريغيل هو أستاذ في السياسة في الجامعة الكاثوليكية الأميركية، ومستشار أول في مبادرة ماراثون، وزميل زائر في معهد هوفر. وكان أحد كبار المستشارين في مكتب تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأميركية من عام 2017 إلى 2018

مترجم من "فورين أفيرز"، 25 يوليو 2024

المزيد من آراء