Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الموت جوعا يهدد النازحين بمعسكرات دارفور

الأمم المتحدة تطالب طرفي الصراع بفتح المسارات الآمنة لوصول الإمدادات الغذائية

يعاني النازحون السودانيون من سوء التغذية   (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

يشهد 171 مخيماً أسوأ حالاتها من ناحية تردي الأوضاع الإنسانية من جوع ومرض وموت، إلى جانب الوضع الصحي الذي انهار بعد خروج المستشفيات عن الخدمة بسبب القصف المتبادل بين القوتين واستهداف الطواقم الطبية مع استمرار عمليات النزوح الجماعية.

تتفاقم معاناة النازحين واللاجئين السودانيين في معسكرات إقليم دارفور المختلفة يوماً تلو الآخر مع اتساع رقعة الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، إذ تسيطر الأخيرة على الجزء الأكبر من وسط هذا الاقليم، في وقت تتعالى في تلك المعسكرات صرخات الأطفال وأنين كبار السن والنساء الحوامل، تضوراً من الجوع بسبب النقص الحاد في الغذاء، لا سيما عدم تناول أحدهم الطعام لعدة أيام مضت، مما أسهم في إصابتهم بمرض سوء التغذية الحاد، الذي أدى إلى الوفيات، في ظل توقف المساعدات الإنسانية، التي قادت النازحين إلى أوضاع كارثية، إضافة إلى تعطيل السيول والفيضانات التي تجتاح معظم مناطق البلاد حالياً دخول شاحنات الإغاثة للإقليم.

إزاء هذا الوضع ظل كبار المسؤولين في الأمم المتحدة يحذرون من حدوث أزمة مطلقة في السودان، فضلاً عن إطلاق نداءات تطالب طرفي الصراع فتح المسارات الآمنة عبر الحدود وخطوط القتال لوصول الإمدادات الغذائية للمعسكرات المتضررة، إذ يبلغ عدد الاسر المستحقة للمساعدات، بخاصة في معسكر "كلمة" جنوب دارفور الذي يعاني الجوع أكثر من 142 الف شخص، فضلاً عن أنهم لم يتلقوا الدعم الغذائي منذ فترات طويلة، إلا القليل الذي لا يسد الجوع.

في الأثناء كشفت الإدارة العامة لمعسكرات النازحين أنه مايو (أيار) الماضي شهد وفاة 66 طفلاً نتيجة لسوء التغذية إلى جانب عدم توفر الأدوية المناسبة لانقاذ حياتهم، إضافة إلى وفاة 38 من كبار السن و6 من النساء الحوامل.

إلى ذلك أشارت التقارير التي صدرت من لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تفشي المجاعة في أجزاء واسعة بولايات دارفور الخمسة، لا سيما معسكر زمزم بالفاشر الذي يضم 500 الف نازح، إلى جانب معسكري كساب وأبوشوك بمحلية كتم شمال درافور، ومعسكر السلام بجنوب دارفور، والحميدية في وسط دارفور.

وتعد هذه المخيمات من مجمل 171 مخيماً، فضلاً عن أنها تعيش أسوأ حالاتها من ناحية تردي الأوضاع الإنسانية من جوع ومرض وموت، إلى جانب الوضع الصحي الذي إنهار بعد خروج المستشفيات عن الخدمة بسبب القصف المتبادل بين القوتين، واستهداف الطواقم الطبية، مع استمرار عمليات النزوح الجماعية.

استغاثة عاجلة

يقول المواطن السوداني إسحق عبدالله الذي يقيم في معسكر أبو شوك شمال دارفور إن "النازحين واللاجئين في جميع معسكرات الإيواء بولايات دارفور تتشابه معاناتهم، إذ يعيشون أوضاعاً إنسانية مزرية، إلى جانب كل أشكال الانتهاكات لحقوق الإنسان والمتاجرة بقضاياهم، في ظل نقص الغذاء والمجاعة الضارية، فضلاً عن توقف المساعدات، التي كانت تصل المعسكرات عن طريق المعابر الحدودية مع تشاد، محملة بالذرة وتقسيمها على الأسر التي تكتظ بهم المعسكرات، وهى عبارة عن أوقيات لا تكفي لسد الجوع".

وأضاف عبدالله، "هذه الأزمة أدت إلى انتشار الجوع ومرض سوء التغذية، الذي أسهم في موت الأطفال الذين يمزق صراخهم العالي تضوراً من الجوع القلوب، إلى جانب أنين كبار السن والنساء الحوامل".

 

تابع "السيول والفيضانات بسبب الأمطار الغزيرة التي تشتهر بها تلك المناطق زادت من معاناتهم، إذ إنهارت 350 خيمة إيواء بمعسكر أبو شوك، إلى جانب وجود إصابات، مما حال دون الخروج للبحث عن الغذاء، فضلاً عن التغذي بالبليلة والغالب منهم على قشور الذرة وأوراق الملوخية المسلوقة".

وأشار النازح إلى أن "معسكرات النازحين بدارفور تحتاج إلى استغاثة عاجلة من توفير مواد إيواء وبذل الجهود في تصريف المياه الراكدة في البرك والمستنقعات تفادياً لانتشار الأوبئة، إضافة إلى فتح الممرات الآمنة لدخول المواد الإغاثية المقدمة من الأمم المتحدة، التي لا تتوانى في إيصال قوافلها لإنسان دارفور المنكوب وإنقاذه من الجوع، لكن المشكلة تكمن في طرفي الصراع اللذان يعرقلان دخول المساعدات الإنسانية ويسهمان في تجويع المواطنيين، بخاصة حكومة السودان التي لا تريد الاعتراف بوجود المجاعة في ظل التحديات التي جعلت شبحها حقيقة".

يهددهم الموت

من جانبه أشار الطبيب المتطوع بمعسكر السلام بجنوب دارفور يحيى أحمد أن "معسكرات النزوح واللجوء بدارفور تتفشى في أوساطهم مرض سوء التغذية التي تؤدي إلى فقدان المناعة، إلى جانب إصابتهم بالأمراض الوبائية بسبب مياه الأمطار، التي أسهمت في توالد البعوض والحشرات الناقلة للأمراض، ونظراً للانتشار الكثيف للقوتين المقاتلة فإن التدخلات من المنظمات الإنسانية قليلاً لا تلبي احتياجات العدد الكبير في المعسكر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأردف أحمد، "معسكر السلام بنيالا سجل حوالى  600 حالة إصابة بسوء التغذية وسط الأطفال ونحو 40 حالة أسبوعياً من النساء الحوامل، إلى جانب معاناة المرضعات وذوي الحاجات الخاصة وأصحاب الامراض المزمنة، في ظل عدم تلقيهم الرعاية الصحية والعلاجات المناسبة".

ونبه الطبيب المتطوع إلى أن "الوضع لا يحتمل التأخير ولا بد من وجود حلول لانقاذ أوضاعهم المزرية، التي إذا امتدت نحو شهر فإن خطر الموت يهدد الجميع في غرب وشرق ووسط وجنوب دارفور".

استهداف المدنيين

وفي ذات السياق استنكرت الناشطة في العمل المدني إقبال صالح استهداف الأطراف المتصارعة المدنيين بمخيمات النزوح وقالت إن "مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور تسير على نفس نهج ولايات دارفور الأخرى التي تضررت كثيراً من الحرب، إذ تشهد الفاشر تبادل القصف المدفعي الذي أدى إلى تدمير المنازل والأسواق بما فيها سوق المواشي والمستشفى السعودي الوحيد الذي يقدم الخدمات الطبية بعد إنهيار القطاع الصحي بالولاية، إلى جانب مركز غسيل الكلى".

وأوضحت صالح "استهداف مخيمات النازحين وقصفها جواً بالمتفجرات عقب إعلان المجاعة لا مبرر له، فضلاً عن أن النازحين بالفعل يعانون الجوع والمرض، إضافة إلى رصد انتهاكات ضد المدنيين، شملت حملات اعتقالات واسعة من القوات المشتركة".

وأشارت الناشطة في العمل المدني إلى أنهم "تحققوا أخيراً من اعتقال 14 مدنياً دون أسباب واضحة، كذلك اعتقالات وسط التجار وطلاب الجامعات والمعلمين والمحامين، فضلاً عن أن هذه الأعمال العدائية تعد إنتهاكاً واضحاً وممنهجاً، وفي الوقت نفسه تشهد الولاية موجات نزوح جماعية فراراً من جحيم الحرب".

 

تفشي المجاعة

وعلى صعيد متصل أوضح المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين آدم رجال ان "المنسقية تلقت تقاريراً حديثة بوفاة خمسة أطفال بسبب الجوع في معسكر مكجر بولاية وسط دارفور بسبب سوء الأوضاع المعيشية، التي تفاقمت بسبب الحرب المندلعة 16 شهراً، إلى جانب فشل الموسم الزراعي، إذ إن النازحين في معسكرات الإيواء لا يتناولون الغذاء لمدة يومين بسبب نفاذ المخزون الغذائي".

وزاد رجال في القول "المعسكرات تحاصرها المجاعة، فضلاً عن ان مخيم نيرتتي يضم 115 الف من النازحين القدامى والجدد، بجانب 60 الف من المجتمعات المضيفة، لذلك لا يمكن سد حاجة هذه الأعداد الهائلة التي تعاني فجوة غذائية".

ولفت المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين إلى أن "مرض سوء التغذية الذي انتشر بسبب الجوع لا يزال يشكل تحدياً صحياً، مما يتطلب بذل مزيد من الجهود من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لوقف الحرب، فضلاً عن ضرورة بناء إستراتيجيات فعالة وتدابير وقائية للحد من تفشي المجاعة وإنقاذ أرواح المتضررين".

تصاعد مريع

وكان منسق الامم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان توبي هاروارد كشف خلال زيارته للبلاد في يوليو (تموز) الماضي عن دخول 77 طفلاً إلى مستشفى اطباء بلا حدود بوسط دارفور في أسبوع واحد وهم يعانون سوء التغذية الحادة وما يصاحبها من مضاعفات، في ظل انعدام الأدوية المنقذة لملايين الارواح.

وبين أن معدلات الوفيات آخذه في التصاعد المريع ، خصوصاً وسط الأشخاص الأشد ضعفاً دون توفر المزيد من الدعم، مناشداً طرفي الصراع وقف الإقتتال وفتح مسارات آمنة لدخول المساعدات الإنسانية، ومن ثم القضاء على المجاعة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير