Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محطة 15 آب المفصلية

شعار "من البحر إلى النهر" وصفة لحرب مستدامة تخدم إسرائيل وأنظمة ورثتها ميليشيات

تصاعد الدخان بعد قصف إسرائيلي على النصيرات في وسط قطاع غزة، 11 أغسطس 2024 (أ ف ب)

ملخص

لا تعطي "الأممية" الإسلاموية الإيرانية أهمية لأي تسوية ممكنة، وفي ثوابت قاموسها لا وجود لمطلب الدولة الفلسطينية ولا للقرارات الدولية في شأن حل الدولتين، واستطراداً ترفض هذه الأممية المستجدة المبادرة العربية للسلام ومعها صيغة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني يتبنى القرارات والمبادرات الدولية والعربية.

كانت ركيزة الخطاب "الثوري" العربي بعد هزيمة 1967 القول إن بقاء "الأنظمة التقدمية العربية" هو الانتصار بحد ذاته. كان ذلك الخطاب لا يرى في احتلال سيناء والضفة الغربية وغزة والجولان هزيمة شنيعة، فالمهم بالنسبة إليه أن الأنظمة الاستبدادية العسكرية المسماة تقدمية استمرت في حكم بلدانها، وهي باستمرارها هذا ألحقت هزيمة نكراء بالمؤامرة الأميركية- الصهيونية الرجعية التي لم يكُن هدفها احتلال فلسطين والأرض العربية بقدر ما كان إسقاط "ضباط" التقدم والاشتراكية الذين واصلوا انقلاباتهم باسم فلسطين وتحريرها "من البحر إلى النهر" منذ الانقلاب الأول في سوريا نهاية الأربعينيات، مروراً بانقلاب الضباط الأحرار في مصر ثم أمثالهم في العراق ووصولاً إلى درة تاج الانقلابات العربية مع العقيد معمر القذافي ونظرياته الكونية.

اليوم تعود نظرية التحرير "من البحر إلى النهر" مع قوى أخرى تمسك إيران بقيادتها إلى الواجهة. قوام هذه القوى ميليشيات مذهبية أنشأتها طهران على امتداد عقود صعودها الخميني، تتحرك من خارج السلطات القائمة، ومن دون أي اعتبار للدساتير والقوانين المرعية في البلدان المعنية.

وتدفع إيران هذه الميليشيات إلى حروب مفتوحة لا تأخذ في الاعتبار موازين القوى ولا أولويات الصراع بما يبقي حال الاشتعال قائمة، ويضع منطقة المشرق العربي على فوهة بركان متفجر.

ومثلما رأى "ثوريو" الستينيات والسبعينيات العرب في بقاء الأنظمة "التقدمية" انتصاراً على المؤامرات، على رغم الخسائر الهائلة في الأرض والشعوب، يميل "ثوريو" إيران اليوم إلى جعل المكسب، ليس في ما تحققه المنظمات التابعة من انتصارات على الأرض ضد الاحتلال، وإنما في بقاء واستمرار هذه المنظمات بالذات ومن ورائها النظام الإيراني الذي يحاول مع "أمميته" المذهبية أن يقوم بدور الاتحاد السوفياتي في حينه، كطليعة أممية لحركات التحرر الوطني وأنظمتها التقدمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا تعطي "الأممية" الإسلاموية الإيرانية أهمية لأي تسوية ممكنة، وفي ثوابت قاموسها لا وجود لمطلب الدولة الفلسطينية ولا للقرارات الدولية في شأن حل الدولتين، واستطراداً ترفض هذه الأممية المستجدة المبادرة العربية للسلام ومعها صيغة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني يتبنى القرارات والمبادرات الدولية والعربية.

وفي المقلب الآخر، تتبنى الحكومة الإسرائيلية ومعها الأحزاب الصهيونية البرنامج الإيراني حرفياً، لا للدولة الفلسطينية ولا للمبادرة العربية ولا لمنظمة التحرير. وهي تحت هذه العناوين تواصل حربها في غزة والضفة الغربية، وبدائلها لمشاريع التسوية مزيد من خطط قضم الأراضي وبناء المستوطنات وصولاً إلى التفكير والعمل على تهجير الفلسطينيين عبر المذابح وأنواع القهر شتى.

في ظروف كهذه، وبين رؤيتين عدميتين للصراع، تندلع حروب مفتوحة إلى الأبد، المنتصر الموقت فيها هو من يحقق أكبر قدر من المجازر بحق الطرف الآخر، والفارق بين طرفي هذه الحروب هو أن دولة كاملة المواصفات، مزودة بأفضل الإمكانات وأصناف الدعم الأميركي والدولي، هي من تواجه ميليشيات ومنظمات أفلحت في تمزيق مجتمعاتها ودولها لمصلحة مشروع إقليمي مذهبي، تبريراً لدخولها في حرب كبرى تدّعي استعادة وطن على حساب تفتيت مجتمعات بكاملها وفقدان أوطان قائمة.

الآن تقف المنطقة على مفترق يبدو أن لا منفذ له في غير استمرار دفع الأثمان. أول المتضررين هو الشعب الفلسطيني الذي تخاض المعارك باسمه وعليه. ومحطة الـ15 من أغسطس (آب) الجاري المخصصة لاستئناف مفاوضات غزة ستكون، على الأرجح، مفصلاً حاسماً بين تاريخين، فإما الدخول في تسوية واضحة الأفق في تقديم حلول للقضية الفلسطينية، أو مواصلة المغامرة بالقضية وبمصائر فلسطين ولبنان والشرق العربي.

لقد استكملت الاستعدادات للحرب كما لهدنة مقنعة، فهل يولد سلام أم تشهد المنطقة الانفجار الكبير؟

المزيد من آراء