Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كتاب وصحافيون وأكاديميون يقبعون في سجون أذربيجان

الأمثلة لا تنتهي حول المعتقلين السياسيين هذا إلى جانب عمليات الخطف من دولة إلى أخرى

تعتمد أذربيجان على سياسة اعتقال وخطف الصحافيين في أذربيجان أو جلبهم من دول أخرى (اندبندنت تركية)

ملخص

أكثر من 20 شاباً متخصصين بالصحافة الاستقصائية خلف القضبان في أذربيجان، وهناك شاب مشلول اعتقل وسجن بسبب منشور على مواقع التواصل الاجتماعي

نجح ميخائيل ساكاشفيلي في تحقيق تقدم كبير في ترسيخ مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير خلال 10 أعوام من حكمه لجوروجيا، إلا أنه بعد ذلك تعرض للاعتقال، والسبب الحقيقي وراء ذلك هو أنه رجل "ثوري مخملي".

ساكاشفيلي دخل التاريخ كسياسي أثبت أن إرادة القائد حاسمة في جلب الديمقراطية إلى أي بلد، وهو الذي عاش في الغرب لفترة بعد هزيمة حزبه في الانتخابات البرلمانية عام 2013، واعتقل في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021 بعد دخوله إلى البلاد.

بعد استقالة ساكاشفيلي بدأ رجل الأعمال الملياردير الموالي لروسيا بدزينا إيفانيشفيلي يحكم البلاد من وراء الكواليس، وصدر أيضاً في جورجيا قانون "العملاء الأجانب"، وجاء باقتراح من روسيا بذريعة تقليص أو حتى إلغاء النفوذ الغربي في البلاد، وهذا القانون أدى بالفعل إلى توتر علاقات جورجيا مع الغرب. وعلى رغم اقتراب الانتخابات البرلمانية في جورجيا المقررة في الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فإن السلطات تواصل تضييق نطاق الحريات، سواء على مواطنيها أم على المواطنين الأجانب، وهكذا كان أحد الصحافيين الأذربيجانيين ضحية لهذا القانون.

خطف عابر للحدود

وفي الآونة الأخيرة منع الصحافي والكاتب الأذربيجاني إفكان صادقوف من السفر في مطار تبليسي، من دون توجيه سبب منطقي لذلك. وقبل هذا بأعوام تحديداً في مايو (أيار) 2017، اختطف الكاتب الاستقصائي الأذربيجاني إفكان موهتارلي من عاصمة جورجيا تبليسي، ثم نقل إلى أذربيجان، وهناك قضت عليه محكمة باكو بالسجن لمدة ستة أعوام بتهمة أنه "ضرب ضابطاً على رأسه أثناء عبوره الحدود، مما أدى إلى أضرار جسيمة في جمجمته"، على رغم أن هذا الصحافي عبر الحدود مخطوفاً.

ومثل هذه الحادثة دفعت منظمات حقوقية دولية لإعلان الصحافي مختارلي سجيناً سياسياً في أذربيجان، لكن أطلق سراحه لاحقاً بعد ضغوط دولية. الموضوع هنا كيف لجوروجيا أن تسمح لدولة أخرى بخطف مواطن أجنبي من أراضيها ونقله، مما يرتبط بقوة ونفوذ شركة النفط الحكومية الأذربيجانية "سوكار" في جورجيا، بحسب محللين.

وبالعودة لقضية الصحافي والكاتب الأذربيجاني إفكان صادقوف، الذي سبق أن اعتقل لأسباب سياسية مرتين في أذربيجان، ذهب الأسبوع الماضي مع زوجته وطفليه من أجل مغادرة جورجيا، إذ استقر فيها قبل بضعة أشهر، ولكن قيل له في المطار إن "زوجته والأطفال لديهم إذن بالذهاب إلى أي بلد يريدون، إلا أنه هو لا يمكنه العودة إلا لأذربيجان".

بعد اعتراضه على هذا "التصرف التعسفي" قامت الشرطة الجورجية باعتقال صادقوف، الذي اشتكى إلى وزارة الداخلية في شأن هذا القرار الغريب، لكنه أحيل إلى المحكمة في الثالث من أغسطس (آب)، وحكم عليه بالسجن لمدة شهرين كإجراء احترازي في الوقت الحالي، واليوم هناك مخاوف حقيقية من تسليمه لأذربيجان.

إضراب عن الطعام حتى الموت

سياسة الحكومة الأذربيجانية الحالية في اعتقال وخطف الصحافيين، أو جلبهم من دول أخرى ليست بجديدة، فهذا السلوك لا يقتصر على الصحافيين فحسب، بل يشمل أيضاً أكاديميين ومثقفين وخبراء. ففي أغسطس 2023 اعتقل الخبير الاقتصادي فضل جاسيموف في إسطنبول، ونقل على عجل إلى باكو بناء على طلب أذربيجان.

وفي يوليو (تموز) 2023 اعتقلت الشرطة الأذربيجانية المحاضر في كلية الاقتصاد البروفيسور غوباد إباد أوغلو، ووجهت له تهمة "طباعة أموال مزورة"، لكن لم تكن هناك أدلة تثبت ذلك، لهذا طلبت أذربيجان من السلطات التركية تسليمها فضل جاسيموف الذي كان يقيم في إسطنبول، ولسبب غير معروف استجابت تركيا لذلك واعتقلت جاسيموف، ونقل بسرعة إلى باكو، وهناك في باكو طلب منه الإدلاء بشهادته ضد إباد أوغلو، وبعد ذلك وتحت التعذيب أدلى جاسيموف بالشهادة التي طلبها الادعاء. وبعد ما يقارب تسعة أشهر من المحاكمة أطلق سراح إباد أوغلو بشروط، لكن ما مصير جاسيموف؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كتب جاسيموف شهادته بخط يده ونشرها محاميه، ويقول فيها: "وقعت على المحضر تحت ضغط شديد وتعذيب من الشرطة، لقد وضعوا رأسي في المرحاض لمدة نصف ساعة".

وعلى رغم إطلاق سراح إباد أوغلو إلا أن جاسيموف بقي معتقلاً، فقرر الإضراب عن الطعام، ونتجية لذلك انتهى به الأمر بالموت بعد 54 يوماً من الإضراب، وكتب في وصيته: "جنازتي ستأتي من هنا، رتبوا لي قبراً بجوار قبر والدي".

عندما نقرأ وصية جاسيموف نتساءل، ما الأسباب التي قدمتها باكو لتركيا كي تقوم السلطات التركية باعتقاله وتسلميه، ثم يموت جوعاً في سجون أذربيجان.

أمثلة أخرى

ما حصل لجاسيموف سبق أن حصل مثله مع الصحافي والكاتب الأذربيجاني رؤوف ميرقاديروف عام 2014، إذ كانت باكو طلبت من أنقرة أن يشهد ميرقاديروف ضد اثنين من المدافعين عن حقوق الإنسان، وهما رجل وزوجته، وبينما أخطر ميرقاديروف، الذي ألغيت بطاقته الصحافية وتصريح إقامته، بمغادرة تركيا خلال أسبوع، بعد ثلاثة أيام وبينما كان متوجهاً إلى جورجيا بالحافلة مع زوجته وابنته الصغيرة، أوقفت قوات الأمن الحافلة على الطريق، وأنزل الصحافي من الحافلة واصطحب إلى مطار إيسنبوغا، ومن هناك طار إلى باكو.

رفض ميرقاديروف، الذي مكث في قبو وزارة الاستخبارات مدة عامين، الإدلاء بشهادته ضد الزوجين المدافعين عن حقوق الإنسان، وبعد أن يئست منه المحكمة أطلقت سراحه، وبمجرد خروجه تقدم على الفور بطلب إلى الأمم المتحدة واستقر في سويسرا كلاجئ سياسي، وعلى رغم كل هذا لا يزال يقول إنه يحب تركيا.

الأمثلة في أذربيجان لا تنهي حول المعتقلين السياسيين، من صحافيين وأكاديميين وغيرهم، على سبيل المثال لا الحصر يقبع في سجون باكو خبير النفط رامين إيساييف، وهو خريج جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس، والآن هو مسجون في أذربيجان لأنه طالب بتعويض عن عمله. وأيضاً يقبع هناك في السجون المدافع عن الحقوق الإعلامية علي عسكر محمدلي، الذي تخرج من كلية الحقوق في جامعة إسطنبول بامتياز. وأيضاً تضم سجون أذربيجان المحامي إيفيز زينالي، وهو أيضاً درس في تركيا وتخرج من كلية الحقوق بجامعة أنقرة.

ليس هؤلاء فحسب، بل أيضاً في سجون أذربيجان يقبع أمين شايك إبراهيموف، وهو صحافي وكاتب وشخصية تلفزيونية، عمل في السلك الدبلوماسي لكنه استقال من عمله هذا طوعاً، وعلى رغم ذلك اعتقل وسجن في باكو. وأيضاً هناك المحلل والخبير الاقتصادي حافظ بابالي، وغيرهم كثير. أكثر من 20 صحافياً شاباً متخصصين بالصحافة الاستقصائية هم الآن يقبعون في السجون الأذربيجانية، كما أن هناك شاباً مشلولاً اعتقل وسجن بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ملاحظة: الآراء الوادرة في هذه المقالة تخص المؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لصحيفة "اندبندنت التركية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير