Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بيان مشترك للوساطة في ختام اليوم الأول لمفاوضات جنيف حول السودان

دعم وصول المساعدات الإنسانية ووقف الأعمال العدائية والامتثال لمخرجات إعلان جدة والقانون الدولي الإنساني

انطلاق مفاوضات السودان في جنيف  (إكس – صفحة المبعوث الأميركي الخاص)

ملخص

قال مسؤول منطقة القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية آلان بوزويل إن البرهان سيواجه ضغوطاً متزايدة إذا وقف عائقاً أمام وضع حد للحرب.

اختتمت الجلسة الافتتاحية لمفاوضات جنيف الخاصة بالسودان اليوم الأربعاء، بحضور شركاء الوساطة الدوليين، الولايات المتحدة وسويسرا والسعودية ومصر والإمارات والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، فيما غاب الجيش السوداني عن المحادثات.

وقال شركاء الوساطة في بيان مشترك في ختام اجتماعات اليوم الأول من المحادثات "نعمل بجهد في سويسرا في اليوم الأول لجهود دبلوماسية مكثفة لأجل السودان على دعم وصول المساعدات الإنسانية، ووقف الأعمال العدائية، والامتثال لمخرجات إعلان جدة، والجهود الأخرى والقانون الدولي الإنساني".

حان وقت إسكات البنادق

انطلقت في جنيف  جنوب غربي سويسرا اليوم الأربعاء محادثات في شأن وقف إطلاق النار في السودان بوساطة من الولايات المتحدة، على رغم عدم مشاركة الجيش السوداني.

وقال متحدث باسم السفارة الأميركية لدى جنيف لوكالة الصحافة الفرنسية إن "المناقشات بدأت ولا تغيير"، في ما يتعلق بعدم مشاركة الجيش السوداني.

من جانبه، كتب المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" "لقد حان الوقت لإسكات البنادق".

والسودان غارق منذ أبريل (نيسان) 2023 في حرب بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو وضعت البلاد على شفير المجاعة. وباءت بالفشل كل جولات التفاوض السابقة التي أجريت في جدة.

وفي نهاية يوليو (تموز) الماضي دعت واشنطن الطرفين المتحاربين إلى جولة جديدة من المفاوضات في سويسرا، أملاً في وضع حد للحرب المدمرة المستمرة منذ نحو 16 شهراً.

وقال المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو إن "قوات ’الدعم السريع‘ أعلنت موافقتها غير المشروطة على المشاركة".

لكن سلطات السودان الذي يحكمه قائد الجيش فعلياً، لم تؤكد مشاركتها وأبدت تحفظها وعبرت عن اختلافها مع الولايات المتحدة في شأن المشاركين.

وترغب واشنطن في إشراك الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقبين في محادثات جنيف، التي ترعاها مع السعودية وسويسرا.

انقسامات داخلية خطرة

وقال مسؤول منطقة القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية آلان بوزويل إن "استئناف المحادثات سيشكل تقدماً، نظراً إلى أنه لم تجر أية مفاوضات رسمية منذ العام الماضي".

ولفت بوزويل إلى أن مشاركة الجيش لم تكن مرجحة لأن معسكر البرهان "يواجه انقسامات داخلية كبرى" حول هذه القضية، لكنه قال إن البرهان "سيواجه ضغوطاً خارجية متزايدة في حال عُد العائق الرئيس أمام وضع حد للحرب".

يفترض أن تستمر جولة المحادثات الجارية في سويسرا داخل مكان غير محدد لدواع أمنية 10 أيام على أبعد تقدير، وتأتي في وقت حذرت فيه المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة من أن البلاد تقف عند "نقطة انهيار" كارثية، وتواجه أزمات عدة تتهدد حياة عشرات الآلاف.

ودفعت الحرب البلاد إلى حافة المجاعة وفقاً للأمم المتحدة، وتسببت في مقتل عشرات الآلاف.

وأعلنت قوات "الدعم السريع" وصول وفدها المفاوض إلى جنيف تلبية للدعوة الأميركية. وعبرت في بيان عن تطلعها لمحادثات بناءة ومثمرة تسهم في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المتأثرين بالحرب، إلى جانب بحث آليات فعالة لتعزيز حماية المدنيين.

وأكد البيان "أن الوفد يحمل الرغبة والإرادة الصادقة لوضع حد لمعاناة السودانيين، ويعزز التعاطي الإيجابي مع جميع المبادرات الإقليمية والدولية لإيقاف الحرب وتحقيق السلام الدائم".

في المقابل قال الفريق عبدالفتاح البرهان القائد العام للجيش عشية انطلاق المفاوضات إنه "لا سلام والميليشيات المتمردة تحتل البيوت والمدن والقرى وتحاصرها وتقطع الطرق".

 

 

وجدد البرهان في خطابه بمناسبة عيد الجيش الـ70 أمس الثلاثاء التأكيد أن طريق السلام أو وقف الحرب واضح وهو "تطبيق ما اتفقنا عليه في جدة خلال مايو (أيار) من العام الماضي".

وشدد قائد الجيش على أن "لا مساومة أو مهادنة في حقوق الشعب المشروعة باستعادة الأمن والاستقرار والقضاء على هذا العدوان الغادر مهما بلغ حجم التضحيات، وسنعمل بلا هوادة على أن نحتفل في العيد المقبل لقواتكم المسلحة وبلادنا قد تطهرت من دنس ميليشيات آل دقلو وأعوانهم".

وعلى نحو متصل، أكد مصدر حكومي لـ"اندبندنت عربية" أنه لم يطرأ أي تغيير في موقف الحكومة المعلن عدم المشاركة في مفاوضات جنيف. مشيراً إلى أن مجلس الوزراء سيعقد اليوم اجتماعاً طارئاً تزامناً مع بدء المفاوضات في غياب الحكومة السودانية، بغرض إقرار خطة عاجلة لتحركات دبلوماسية واسعة على الصعيدين الدولي والإقليمي لشرح التطورات والملابسات حول مفاوضات جنيف وأزمة الحرب في البلاد.

استعدادات واتهامات

من جانبه، أعرب المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو في مؤتمر صحافي بجنيف عن أمله في أن يغتنم الجيش السوداني الفرصة للعمل معهم لتحقيق نتائج حقيقية على الفور لإقرار الاستقرار والسلام في السودان، من خلال انخراط الجيش في المحادثات.

ورحب المبعوث بممثلي دول الاتحاد الأوروبي والشركاء الأفارقة والخليجيين الذين يعملون لوقف العنف والمجاعة، وكذلك خبراء الشؤون الإنسانية والمدافعين عن النساء والشباب السودانيين.

وأبدى بريلييو في تغريدة منفردة ترحيبه بوصول الوفد المصري المشارك في المفاوضات إلى جنيف، مؤكداً أن مصر "شريك استراتيجي في جهودنا المشتركة لإنهاء الصراع ومعالجة الأزمة الإنسانية، ونتطلع إلى دورها الحيوي في دفع هذه المناقشات الدبلوماسية إلى الأمام".

وقال المبعوث إن "الولايات المتحدة أجرت مشاورات مع وفد السودان في جدة من دون تحقيق أي اختراق، وقد لا نتمكن من عقد محادثات وساطة مباشرة في غياب أحد الأطراف، لكن إذا استمر الوضع على حاله ستواصل واشنطن الجهود لوضع خطة عمل دولية لوقف العنف وإمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى السودان".

وكان وفد من حكومة السودان برئاسة وزير المعادن محمد بشير أبو نمو عقد اجتماعاً تشاورياً مع الجانب الأميركي في مدينة جدة السعودية، غير أن المشاورات انتهت من دون التوصل إلى تفاهمات تفضي إلى مشاركة في المفاوضات، وتمسكت الحكومة بتنفيذ اتفاق جدة خلال الـ11 من مايو (أيار) 2023، وبتحفظاتها في شأن مشاركة منظمة "إيغاد" ودولة الإمارات كمراقبين في المفاوضات.

واتهم المبعوث من وصفهم بـ"اللاعبين السلبيين جداً في السودان حالياً الذين يحاولون وضع أجوبة سياسية قبل جهود وقف العنف، ولديهم مصلحة في إطالة أمد الحرب للاستفادة من هذا الضعف الذي يعانيه الشعب السوداني لتحقيق مكاسب سياسية".

خيارات محدودة

المتخصص في العلاقات الدولية عبدالعظيم نور الدائم يقول إن فشل كل المبادرات الإقليمية والدولية تضع المجتمع الدولي أمام خيارات محدودة في حال تعثر المفاوضات، أبرزها إرسال قوات دولية أو إقليمية لتأمين إيصال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة إلى ملايين المواطنين المهددين بالمجاعة.

وأوضح نور الدائم أن المستوى المرتفع للانتهاكات في حق المدنيين وعدم توافر أية حماية لهم أو للعاملين الإنسانيين في هذه الحرب قد يضطر مجلس الأمن بدفع من الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرارات بموجب الفصل السابع، مما يعني التدخل الدولي لحماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يستبعد احتمالات لجوء المجتمع الدولي إلى الشروع في اتخاذ خطوات متوافق عليها دولياً، ربما تشمل مزيداً من العقوبات على الحكومة والجيش السوداني أشد قسوة من التي سبق أن اتخذت من جانب الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، وقد تصل إلى حظر الطيران الحربي واستيراد الأسلحة مثلما حدث سابقاً في دارفور.

وعلى الصعيد ذاته، أوضح المحلل السياسي عبدالرافع الحسين أن لهجة الولايات المتحدة تشير إلى أنها في طريقها لاستخدام ما تملكه من نفوذ دولي في التعامل مع ما تصفه بتعنت الجيش تجاه مفاوضات جنيف لوقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية، بالشروع في حشد التأييد الدولي لقرارات فرض وقف إطلاق النار في المرحلة المقبلة.

وأشار الحسين إلى أن فشل المبادرة الأميركية في مفاوضات جنيف سيعني بالضرورة مزيداً من التمدد والتوسع لنطاق الحرب بعد أن شملت ولامست نيرانها أكثر من نصف ولايات السودان، مما يعني مزيداً من المعاناة والتشريد للسودانيين ودفع البلاد نحو مصير مجهول.

وحذر من أن استمرار الحكومة السودانية الحالية في تجاهل المبادرات الدولية وتمسكها بالحسم العسكري وراءه أسباب سياسية وليست عسكرية، باعتبار أن أي حل تفاوضي يبقي على وجود "الدعم السريع" في الساحة السياسية سيعني نهاية طموحات الإسلاميين في العودة إلى السلطة من جديد.

خطوات تصعيدية

في المنحى ذاته، قال عضو الأمانة العامة لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) كمال بولاد إنه ما زال هنالك بصيص أمل في أن يختار الجيش طريق التفاوض، وبخاصة أن ملايين السودانيين ما زالوا ينتظرون إفادة أكثر إيجابية من قائد الجيش في شأن المفاوضات، لكن في حال استمر رفض الجيش المشاركة فإن الموقف الأميركي في اجتماع جنيف قد يتطور باتجاه التصعيد من أجل إيقاف الحرب في ظل الحضور الدولي المتوقع.

 وأعرب عن أمله في ألا تمضى الأمور في اتجاه أية خطوات تصعيدية من دون استشارة السودانيين وبعيداً من مصلحتهم في إيقاف الحرب، والوصول إلى صيغة تعيدهم إلى منازلهم وتعيد الأمن والاستقرار وإعادة الإعمار في إطار السيادة الوطنية.

 

 

وتابع "تلميح المبعوث الأميركي باتخاذ خطوات مع الشركاء الدوليين مؤشر يجب أن ينظر إليه بقلق شديد وبروح وطنية مخلصة تقطع الطريق على أي تدخل دولي خشن يتجاوز الإرادة والسيادة الوطنية السودانية، مع تأكيد ضرورة مواجهة الجوع والمرض وفتح المسارات أمام المساعدات العاجلة بالتعاطي الإيجابي مع العون الإقليمي والدولي الذي تكفله القوانين الدولية والأعراف الأخلاقية والإنسانية".

حلول خشنة

وفي شأن إمكانية فرض الولايات المتحدة حلولاً دولية لإيقاف الحرب بالسودان، أوضح الناطق الرسمي الأسبق للخارجية السودانية السفير حيدر بدوي أنه في حال لجوء الولايات المتحدة إلى منظمة الأمم المتحدة لتمرير قرارات لفرض حلول دولية للأزمة السودانية فإن كلاً من دولتي روسيا والصين ستقفان بالمرصاد لأي مقترح أميركي في هذا الشأن، لكن الولايات المتحدة قد تطرح الأمر على مجلس الأمن ولا بأس وقتها من عدم تمرير القرار لأنها ستكون بذلك ألزمت الجميع الحجة، ومن ثم قد تلجأ إلى خيار لتكوين قوة إقليمية تساعدها هي بالإسناد تماماً كما تفعل مع أوكرانيا الآن، لكن الأمر المختلف هنا هو أن الولايات المتحدة ستدعم دولاً بدلاً من دولة واحدة مما يعطي تدخلها مشروعية أكبر.

وتابع "كانت الآمال معقودة على إمكانية وصول السودانيين في ما بينهم إلى السلام لكن يبدو أن الأوان فات على ذلك، فلم يعد لنا إلا التدخل الدولي ناعماً كان أو خشناً ومن المؤسف جداً أن خطاب الجيش ظل مضطرباً منذ بداية الحرب ويميل إلى كونه خطاب كراهية، بينما ظل خطاب ’الدعم السريع‘ على مستوى القيادة متسقاً وناضجاً ومسؤولاً مما لا يصدقه الواقع".

ويرى بدوي أنه مع ضعف فرص نجاح مفاوضات جنيف لم يعد أمام السودان غير الوصاية الدولية، سواء كان ذلك برعاية المفاوضات عبر الأسلوب الناعم أو بفرض وصاية خشنة تتضمن الحل العسكري بمكونات دولية وإقليمية.

إخفاق المساعي

منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منتصف أبريل (نيسان) 2023 أخفقت كل المساعي والمبادرات والوساطات المحلية والإقليمية والدولية المتعددة في وقف الحرب.

وأبرز تلك المساعي كان منبر جدة التفاوضي بتسهيل ووساطة سعودية - أميركية مشتركة، ومبادرة منظمة "إيغاد" والاتحاد الأفريقي واللجنة الرباعية التي ضمت كلاً من كينيا وجنوب السودان وإثيوبيا وجيبوتي، ثم مؤتمر قادة دول جوار السودان الذي استضافته العاصمة المصرية القاهرة ثم مفاوضات البحرين السرية.

وشكل منبر جدة المبادرة الأكثر فاعلية لجمع الطرفين على مائدة المفاوضات والوصول إلى اتفاق مبدئي في شأن القضايا الإنسانية وتخفيف المظاهر العسكرية خلال الـ11 من مايو 2023، لكنها علقت مرتين إثر انسحاب وفد الجيش احتجاجاً على عدم التزام "الدعم السريع" بالانسحاب من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين، في وقت ما زالت المعارك تتمدد وتتسع رقعتها مخلفة مزيداً من موجات النزوح والأوضاع الإنسانية الكارثية ومهددة بمجاعة طاحنة ووضع البلاد على شفا الانهيار.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات