Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التجنيد في الجزائر "إجباري" ولكن بامتيازات

الجميع ملزم بتأدية "الخدمة الوطنية" لمدة 12 شهراً و"العصيان" يفرض الوقوف أمام المحاكم العسكرية ويسقط الإعفاء

لا يعتبر التجنيد في الجزائر عقاباً بل يمنح للملتحقين به الحق في تكوين عسكري ومهني بحسب مستوى دراستهم (أ ف ب)

ملخص

يستدعى الملزمون بتأدية هذا "الواجب" إلى الإسهام الفعال في الدفاع عن سيادة الوطن ووحدة التراب الوطني خلال مدة 12 شهراً، وتقوم بتسييرها هيئات مركزية وجهوية ومحلية، أما خارجياً فتتكفل الممثليات الدبلوماسية والقنصليات بالتعامل مع الجالية.

يعتبر التجنيد العسكري إجبارياً في دول عدة، منها الجزائر التي حددت مدته بـ12 شهراً بعد أن كان عامين، وذلك لاعتبارات أهمها تغير عقيدة الجيش الجزائري ودخوله مرحلة الاحترافية، لكن تبقى الخدمة العسكرية إلزامية لتحقيق تعبئة شاملة وتعويض أي نقص في أعداد المقاتلين وقت الحرب، حيث يلجأ الجيش إلى استدعاء المجندين عند الحاجة.

الخدمة الوطنية

وتفرض الجزائر تأدية "الخدمة الوطنية" على جميع المواطنين البالغين 19 سنة كاملة، حيث يستدعى الملزمون بتأدية هذا "الواجب" إلى الإسهام الفعال في الدفاع عن سيادة الوطن ووحدة التراب الوطني خلال مدة 12 شهراً، وتقوم بتسييرها هيئات مركزية وجهوية ومحلية، أما خارجياً فتتكفل الممثليات الدبلوماسية والقنصليات بالتعامل مع الجالية.

ويتم تجنيد المواطن المستدعى لتأدية الخدمة الوطنية تبعاً لتكوينه ومؤهلاته المهنية، ويجري تسريحه عند انتهاء المدة القانونية للخدمة الوطنية، وفي ذلك يصنف بحسب مستوى تعليمه إلى طالب ضابط خدمة وطنية إذا كان حائزاً على شهادة جامعية (ليسانس أو أكثر)، وطالب صف ضابط خدمة وطنية إذا كان لديه مستوى يتراوح بين الثالثة ثانوي كاملة والسنة الأخيرة للتخرج غير متوجة بالحصول على شهادة بمن فيهم الحاصلون على شهادة المدى القصير، وطالب رتيب إذا كان مستواه الدراسي يتراوح بين الرابعة متوسط كاملة والسنة الثانية ثانوي كاملة، وجندي إذا كان مستوى دراسته أدنى من السنة الرابعة متوسط.

 

 

ولا يعتبر التجنيد العسكري في الجزائر عقاباً، بل يمنح للملتحقين به الحق في تكوين عسكري ومهني بحسب مستوى دراستهم، وشبه راتب شهري بحسب الرتبة العسكرية المتحصل عليها من التكوين العسكري، مع التكفل بالإيواء والتغذية والعناية الطبية وكذا منحة العجز عند اللزوم، وأيضاً إعادة إدماجهم في مناصب عملهم الأصلية قبل ستة أشهر من التسريح الفعلي، حيث يتم الأخذ بالحسبان مدة الخدمة الفعلية في حساب الأقدمية عندما يتعلق الأمر بالترقية والتقاعد والأسبقية في الحصول على عقد التجنيد في صفوف الجيش، مع التحفظ على استيفاء الشروط التي يحددها التشريع والتنظيمات السارية.

كما يتم الاستنجاد بالمجندين الذين أتموا خدمتهم من طرف الجيش عند الحاجة، وهم من يطلق عليهم جنود الاحتياط، بهدف تدعيم الجيش العامل وقت الحرب أو في حال الاعتداء أو التهديد أو الكوارث، على اعتبار أنه عندما "يواجه الوطن أزمة خطرة قد ينجم عنها تهديد للسيادة الوطنية أو الوحدة الترابية يتم استخدام كل الوسائل المتوافرة، البشرية أو المادية، من أجل إعادة الاستقرار".

ويفرض القانون على المجند الالتحاق فوراً وفي الآجال المحددة بمركز التجمع في حال التعبئة العامة أو الجزئية، وفي حال الاستدعاء الفردي والاستدعاء لفترات، كما أنه مطالب بتزويد السلطات العسكرية بكل المعلومات التي يمكن أن تطالب بها، مع إبلاغ مركز الخدمة بكل تغيير قد يطرأ في الوضعية الاجتماعية.

حقوق وامتيازات

أمام هذه الواجبات يستفيد المجند من حقوق، إذ إنه تحت حماية الدولة بالطريقة نفسها مثل زملائه في الجيش العامل، وفي حال تعرضه لإصابة خلال أداء مهامه سواء بجروح أو بأمراض فله حق التكفل من طرف الجيش وبالحق في التعويض تبعاً للشروط المحددة في قانون المنح العسكرية، إلى جانب استفادته من الراتب، لأن الاحتياطي المعاد استدعاؤه يعتبر عسكرياً عاملاً في الجزائر، وبهذه الصفة يستفيد من كل الحقوق المحددة في القوانين والنظم السارية المفعول.

وسبق للجزائر أن استدعت خلال العشرية السوداء في التسعينيات، جنود الاحتياط لدعم الجيش في ما سمي "حملة مكافحة الإرهاب"، قبل تسريحهم على إثر تحسن الوضع الأمني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن هناك إجراء إدارياً إلزامياً مهماً يسبق التجنيد وهو الإحصاء، ويخص كل المواطنين المقيمين في الجزائر أو في الخارج، البالغين 17 سنة للعام الحالي، وفي حال التغيب يجب أن يطالب الولي الشرعي بالتسجيل في قوائم الإحصاء، وفي حال عدم التسجيل في قوائم الإحصاء يسجل المواطن تلقائياً على مستوى البلدية المولود بها.

ويستدعى كل مواطن تم إحصاؤه من أجل الفحص الطبي عند بلوغه 19 سنة، إثر ذلك يحدد إن كان مؤهلاً أو غير مؤهل لأداء الخدمة الوطنية، وفي حال لم يحضر فإنه يعلن مؤهلاً لأداء الخدمة الوطنية وبذلك يفقد حقه في الإعفاء.

عصيان رغم الإعفاءات

وليس كل المواطنين الذين خضعوا للفحص الطبي وتم قبولهم مرغمين على الانتقال إلى الثكنة، إذ يمكن طلب تأجيل الالتحاق أو إرجاء التجنيد أو الإعفاء، وذلك يخضع لشروط، كما يمكن للمواطن في حال المرض أو تعرضه لاضطراب نفسي الإعفاء من الخدمة الوطنية، وطلب الاستفادة من فحص طبي تأكيدي قبل تجنيده.

وعلى كل المواطنين الذين يريدون الاستفادة من فحص طبي ثان تحرير طلب مصحوب بوثيقة طبية تبريرية على مستوى مركز الخدمة الوطنية أو المركز الإقليمي للخدمة الوطنية الملحق. كما يمكن للمواطن ذي الحال الاجتماعية الجديرة بالاهتمام تقديم طلب إعفاء، وفي حال كان يزاول دراسة أو تكويناً يمكنه التقدم إلى مركز الخدمة الوطنية مع شهادة مدرسية سارية المفعول بغية الاستفادة من التأجيل، وإذا أراد الاستفادة من إرجاء التجنيد فإن الأمر مرتبط بـ"إذا كان هناك أخ مجند لم ينه بعد الخدمة الوطنية أو مستدعى في إطار التعبئة".

 

 

ولا يرغب الجميع في أداء الخدمة أو التجنيد، فعديد من الشباب يرفض الالتحاق ويتهربون إلى حين، وهو ما لم يغفله القانون الذي أشار إلى هذه الحال بـ"العصيان"، وهي الوضعية التي تستدعي الوقوف أمام المحاكم العسكرية طبقاً لقانون العدالة العسكرية، حيث يعتبر المواطن عاصياً.

يقول الباحث عبدالرحمن بوثلجة، إن الاسم الرسمي للقوات الجزائرية هو "الجيش الوطني الشعبي" مما يدل على أن التجنيد جزء أساسي في عقيدة المؤسسة العسكرية، حيث إن هناك قوات نظامية متعاقدة دائمة وفي الوقت نفسه فإن جزءاً آخر يتشكل ممن يسمون جنود وضباط الخدمة الوطنية المحدد حالياً بـ12 شهراً، مشيراً إلى أن هؤلاء يعتبرون جنود احتياط بإمكانهم تدعيم الجيش إذا ما اقتضت الضرورة.

ويواصل بوثلجة، أن الجيش الجزائري يعمل منذ فترة على بلوغ الاحترافية، لكن التجنيد أمر مهم وضروري من أجل تلقينهم التكوين العسكري الذي قد يحتاجونه في حياتهم المهنية وأيضاً لحماية البلاد، موضحاً أن التجنيد يؤكد على أن الجيش الوطني هو من الشعب وليس القوات المسلحة فقط.

شروط استدعاء الاحتياط

وتولي الجزائر اهتماماً بالغاً بملف التجنيد والخدمة العسكرية، فقد صوّت أعضاء البرلمان بغرفتيه لمصلحة مشروع قانون قدمته وزارة الدفاع يحدد للمرة الأولى شروط استدعاء جنود احتياط لدعم الجيش في حال استدعت الضرورة. وقال الرئيس عبدالمجيد تبون بصفته وزير الدفاع، إن "القانون يأتي في إطار رؤية استشرافية لحماية المصالح العليا للوطن بإمكانية تجنيد العسكريين الاحتياطيين والاستعانة بهم في كل الظروف، وفي إطار اللحمة الوطنية التي تقتضي الذود والدفاع عن كل شبر من التراب الوطني".

ويتضمن نص القانون 68 مادة تحدد الفئات التي تدرج في الاحتياط العسكري في فئتي العسكريين العاملين والمتعاقدين، وعسكريي الخدمة الوطنية العسكرية، حيث تنص المادة الثالثة من القانون على أنه "تتمثل مهمة الاحتياط في تدعيم صفوف الجيش الوطني الشعبي للتصدي للتهديدات الداخلية والخارجية، طبقاً للدستور والتشريع الساري المفعول".

وورد في المادة 12 أن الفئات المعنية هم العسكريون الذين أنهوا الخدمة، وحدود السن لديهم هي الضباط العمداء (70 سنة)، والضباط السامون (65 سنة)، والضباط الأعوان (50 سنة)، وضباط الصف العاملون (60 سنة)، وضباط الصف ورجال الصف المتعاقدون (50 سنة).

كما ورد في المادة 13، أنه "يعد عاصياً ويتابع أمام المحكمة العسكرية عسكري الاحتياط الذي لم يلتحق بمكان تعيينه في إطار التكوين والاعتناء بالاحتياط، بعد إعادة استدعائه واستلامه أمر إعادة الاستدعاء مرتين، ما عدا في حال القوة القاهرة المبرّرة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير