Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المشهد الجهنمي"... استراتيجية أميركية لإفشال غزو الصين لتايوان

تعتمد إغراق المنطقة بطائرات من دون طيار قاتلة وضمان تحويل منطقة المحيطين الهندي والهادئ لجحيم مطلق لبكين

يقول محللون دفاعيون إن واشنطن تمتلك أكثر الطائرات العسكرية من دون طيار تقدماً في العالم (رويترز)

ملخص

تقترح خطة "المشهد الجهنمي" إنتاج ونشر كميات ضخمة من الطائرات من دون طيار المستقلة المصممة لإرباك طائرات العدو، وتوفير التوجيه والاستهداف الدقيق للصواريخ الحليفة، وتدمير السفن الحربية ومركبات الإنزال، وخلق ما يكفي من الفوضى بصورة عامة لصد - إن لم يكن إيقاف - أي تقدم صيني عبر مضيق تايوان.

بينما تتوقع الولايات المتحدة أن تغزو الصين تايوان في غضون السنوات القليلة المقبلة، وضعت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" استراتيجية جديدة تسمى "المشهد الجهنمي" وتهدف إلى حماية تايوان من هجوم عسكري صيني ضخم عبر إغراق المنطقة بآلاف الطائرات من دون طيار.

ووصف قائد القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ الأدميرال صامويل بابارو الخطة الطارئة التي وضعها الجيش الأميركي لمواجهة أي غزو صيني لتايوان بأنها تتمحور حول إغراق مضيق تايوان بأسراب من الطائرات من دون طيار براً وبحراً وجواً، لتأخير الهجوم الصيني بما يكفي لتمكين الولايات المتحدة وحلفائها من حشد أصول عسكرية إضافية في المنطقة.

ويحدث ذلك تزامناً مع تقييمات قدمها قادة الدفاع الأميركيون عن محاولة صينية وشيكة لضم تايوان التي تعدها بكين مقاطعة منشقة مستفيدة من امتلاكها حالياً أكبر قوة بحرية على هذا الكوكب، إذ تمتلك 234 سفينة حربية مقابل امتلاك الولايات المتحدة 219 سفينة.

تفاصيل الخطة

تقترح خطة "المشهد الجهنمي" إنتاج ونشر كميات ضخمة من الطائرات من دون طيار المستقلة المصممة لإرباك طائرات العدو، وتوفير التوجيه والاستهداف الدقيق للصواريخ الحليفة، وتدمير السفن الحربية ومركبات الإنزال، وخلق ما يكفي من الفوضى بصورة عامة لصد - إن لم يكن إيقاف - أي تقدم صيني عبر مضيق تايوان.

وبحسب الخطة الموضوعة لن تقوم الطائرات من دون طيار المتصلة بالشبكة بضرب الصين فحسب، بل ستوفر أيضاً وظائف استخباراتية واستطلاعية حاسمة لسد الفجوات بين التصوير عبر الأقمار الاصطناعية والرحلات الجوية المأهولة، مما يسمح للولايات المتحدة وحلفائها ظاهرياً بتطوير صورة أكثر اكتمالاً لساحة المعركة.

 

 

ويشير تقرير مركز "الأمن الأميركي الجديد" إلى أن هذه الاستراتيجية تعززت بفعل الدروس الأخيرة المستفادة من العملية العسكرية الروسية الخاصة ضد أوكرانيا، إذ نجح الجيش الأوكراني في نشر طائرات من دون طيار ضد القوة الروسية المتفوقة في العديد والعتاد لتعطيل التشكيلات المعادية، وتدمير المركبات المدرعة، بل وحتى تحييد المقاتلين.

وتمكنت القوات الأوكرانية من تحقيق نجاحات فاقت التوقعات في البحر الأسود بتدميرها 26 سفينة روسية وإجبار أسطول البحر الأسود الروسي على اللجوء إلى ميناء آمن على بعد مئات الأميال باستخدام الصواريخ والطائرات من دون طيار الانتحارية والقوارب المحملة بالمتفجرات.

مبادرة "ريبليكايتور"

تتكامل الخطة الأميركية الجديدة مع مبادرة "ريبليكايتور" التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الأميركية في 2023 لتسريع برامج الأسلحة الذكية ونشر آلاف من الأنظمة المستقلة عبر مجالات متعددة بحلول أغسطس (آب) 2025 لمساعدة القوات المسلحة الأميركية على مواجهة الحشد العسكري الصيني.

وخصصت وزارة الدفاع الأميركية مليار دولار لهذه المبادرة عبر موازناتها للسنتين الماليتين 2024 و2025، وفي مايو (أيار) الماضي أعلن "البنتاغون" عن الدفعة الأولى من القدرات الجديدة، التي تتضمن تسريع نشر أكثر من 1000 من طائرات "سويتش بليد 600" التي تعد بمثابة قنابل ذكية آلية مجهزة بكاميرات وأنظمة توجيه ومتفجرات بحيث تكون قادرة على الطيران لفترات معينة والبقاء في الجو قبل الاصطدام بهدفها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك لا تمثل "ريبليكايتور" الجهد الوحيد الذي تبذله القوات المسلحة الأميركية لدمج منصات الأسلحة غير المأهولة في تشكيلاتها، إذ اختارت قوات مشاة البحرية ثلاثة مقاولين دفاعيين للتنافس على عقد محتمل بقيمة 249 مليون دولار لتزويدها بأسراب طائرات من دون طيار انتحارية، فيما تريد قيادة العمليات الخاصة الأميركية تجهيز أسطولها بطائرات من دون طيار انتحارية من طراز "يو فيجين هيرو 120".

دعم تايوان

وإضافة إلى إنتاج ونشر كميات ضخمة من الطائرات من دون طيار، تقتضي خطة "المشهد الجهنمي" تعزيز الولايات المتحدة مخزون تايوان من هذه الطائرات. وفي يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن الموافقة على بيع أسلحة بقيمة 360 مليون دولار إلى تايوان التي تضمنت 291 طائرة من دون طيار انتحارية من طراز "ألتيوس 600 أم في" و720 طائرة من طراز "سويتش بليد 300".

وتفيد التقديرات العسكرية الأميركية بأن دمج هذه الطائرات من دون طيار الهجومية في التشكيلات العسكرية التايوانية من الممكن أن يمنع السفن الحربية الصينية من الوصول إلى شواطئ تايوان على نحو مماثل للطريقة التي حرمت بها القوات الأوكرانية روسيا من فرض سيطرتها العسكرية على البحر الأسود.

وهذا ليس كل شيء، ذلك أن الحكومة التايوانية تخطط لشراء ما يقارب من 1000 طائرة من دون طيار هجومية إضافية مدعومة بالذكاء الاصطناعي في العام المقبل، مع خطط طويلة الأمد لتوسيع الإنتاج المحلي للقدرات المحلية لمنع تراكم عمليات نقل الأسلحة من الولايات المتحدة وتخفيف الاعتماد على الأجزاء التجارية الجاهزة المصنوعة في الصين.

تحديات كبيرة

وعلى رغم كل الجهود المبذولة يبقى تحويل خطة "المشهد الجهنمي" التي تتضمن إنتاج مئات الآلاف من الطائرات من دون طيار إلى واقع دونه تحديات جمة، إذ أشار تقييم صادر عن مؤسسة "راند" في أبريل (نيسان) 2023 إلى أن الطلب المتزايد على الطائرات من دون طيار من المرجح أن يضغط على قدرة القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية الحالية.

وبالمثل، زعم تقرير منفصل صادر عن مركز "الأمن الأميركي الجديد" في يونيو 2023 أن الحرب في أوكرانيا ودور الحكومة الأميركية كمزود رئيس للمساعدات الأمنية لكييف ألقى الضوء على أوجه القصور الخطرة في قدرة "البنتاغون" على توسيع نطاق إنتاج عدد من الأسلحة مثل الذخائر الموجهة بدقة مقارنة بقدرات روسيا التصنيعية.

 

 

كما استطاعت القاعدة الصناعية الدفاعية في الصين تسريع البحث والتطوير في مجال الأسلحة والإنتاج، حتى إن بكين أضحت تستثمر بكثافة في الذخائر وتشتري أنظمة ومعدات متطورة بمعدل أسرع بخمس إلى ست مرات من الولايات المتحدة. وعلى النقيض من ذلك، انحصر النظام الصناعي الدفاعي الأميركي على مدى العقود الماضية في حفنة من المقاولين الكبار مثل "لوكهيد مارتن" و"رايثيون" وغيرهما، وهو تطور لا يهدد بخنق الابتكار فحسب إنما بعرقلة إنتاج الأنظمة الحيوية اللازمة للحرب الكبرى القادمة.

وفي هذا الإطار يقول تقرير حديث لمركز "الدراسات الاستراتيجية والدولية" إن النظام الصناعي الدفاعي الأميركي يفتقر إلى القدرة والاستجابة والمرونة لتلبية حاجات الإنتاج، وما لم تكن هناك تغييرات عاجلة، فإن الولايات المتحدة تخاطر بإضعاف الردع وتقويض قدراتها على القتال.

حلول مبتكرة

وللتغلب على هذه التحديات ثمة اقتراحات بأن تعمل وزارة الدفاع الأميركية والكونغرس على تعزيز القاعدة الصناعية للطائرات من دون طيار التجارية والعسكرية لتوسيع نطاق الإنتاج واستبدال الطائرات من دون طيار المفقودة بسرعة في أي صراع مستقبلي.

وفي حين اعتمدت وزارة الدفاع الأميركية في ما يتصل بأوكرانيا، على برامج شراء متعددة السنوات للحصول على كميات كبيرة من الذخائر و"الأسلحة الأولية" الكبيرة وتزويد الصناعة بالاستقرار الذي تحتاج إليه لتوسيع القدرة الإنتاجية، فإن مبادرة "ريبليكايتور" ليست مصممة لتوفير هذا الاستقرار لصانعي الطائرات من دون طيار فحسب ولكن أيضاً لجذب اللاعبين غير التقليديين في صناعة الدفاع ولا سيما الشركات الناشئة مثل "أندوريل" أو "سارونيك" التي تلقت أخيراً 175 مليون دولار لزيادة قدرتها التصنيعية.

وهكذا مع الإعداد المناسب والتمويل والتدريب قد ينتهي الأمر بوزارة الدفاع الأميركية وشركائها التايوانيين إلى عرقلة خطط الغزو الصينية المفترضة من خلال إغراق المنطقة بطائرات من دون طيار قاتلة وضمان أن تكون منطقة المحيطين الهندي والهادئ جحيماً مطلقاً بالنسبة إلى الجيش الصيني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير