Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعددت أشكال النجاة والخطر واحد... قصص صحافيات غزة

بسرعة نفضت الغبار عن ملابسها ولبست درع المهنة وقرأت آخر المستجدات في الأخبار

قتلت 21 صحافية من غزة خلال الحرب الإسرائيلية (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

صحافيات غزة يضطررن إلى صياغة قصص وإعداد تقارير إخبارية أثناء انتظار دورهن في الطوابير

بينما كانت الصحافية ولاء جنينة تشعل النار في الحطب لطهو ما يتوفر لديها من خضار، سمعت صوت زميلها المصور يستعجل الخروج في بث مباشر مع القناة الإعلامية التي تعمل فيها بغزة، بسرعة نفضت الغبار عن ملابسها ولبست درع الصحافة وقرأت آخر المستجدات في الأخبار.

العمل من المستشفى

وقفت ولاء أمام الكاميرا وعقلها مشغول بأسرتها وبالنار التي بدأت تستعر، تراقب بعين الطعام على القدر، وبعين ثانية تقرأ التحديثات الإخبارية، تقول "منذ أول يوم الحرب لم أزر عائلتي وأهلي، لقد نسيت ملامحهم تماماً، منذ 10 أشهر وأنا أتابع عملي كصحافية".

تقيم ولاء في المستشفى وتتخذ من المرفق الصحي مقراً لعملها، في الليل تنام في خيمة مخصصة للصحافيات، وفي النهار تقضي يومها في خيمة أخرى مخصصة لمتابعة العمل الإعلامي، وعلى مدار الساعة تتابع الأخبار.

تضيف ولاء "أصعب ما في الحرب تجربة النزوح، لقد تركت بيتي ونزحت من حارتي وغادرت مكتب عملي، النزوح تجربة لم أختبرها من قبل، الآن أحلم بيوم واحد من الاستقرار، والنوم في غرفتي داخل منزلي، أشتاق للهدوء".

عمل ولاء كصحافية أمر مرهق للغاية، توضح أنه يتوجب عليها تدبر أمورها الشخصية وطهي الطعام وتحضير المياه وفي الوقت نفسه متابعة عملها المهني، لافتة إلى حاجاتها إلى الخصوصية لاسيما في فترة الدورة الشهرية.

ما تواجهه ولاء تعانيه جميع الصحافيات في غزة، إذ يعشن ظروفاً صعبة في الحرب، وبحسب لجنة حماية الصحافيين فإن القتال في غزة "الأكثر دموية" على الإطلاق بالنسبة إلى الصحافيات والصحافيين، إذ قتل في فترة وجيزة 171 صحافياً بينهم 21 صحافية.

في طابور طويل تقف الصحافية فريال عبدو تنتظر دورها لتعبئة المياه، وتقضي وقتها أثناء الانتظار في قراءة الأخبار، والتجهيز لكتابة قصتها، فهي تعمل كاتبة قصص إنسانية، ولكنها لا تستطيع التركيز بسبب الضوضاء.

صياغة قصص في طابور مياه

"أقسم أن هذا يفوق قدرتنا على التحمل، منذ 10 ساعات وأنا أقف في طابور فقط للحصول على زجاجة ماء، أضطر إلى صياغة قصصي الصحافية أثناء انتظاري، هناك ضجيج يمنعني من التركيز على كتابة التقارير، هذا يشكل ضغطاً نفسياً رهيباً ويجعلني أعاني".

على هاتفها المحمول كانت فريال تكتب قصتها، تخبرنا الصحافية أنها تعيش في دوامة من الصراع بين ممارسة عملها الميداني ووقوفها في طوابير الانتظار لسد احتياجاتها، وتضاعفت هذه الأعباء عليها لعدم وجود معيل لديها يقوم بهذه المهمات.

بتنهيدة ثقيلة تختصر فريال معاناة كل الصحافيات قائلة "أحلم بأن آكل وجبة محترمة واحدة، أو أن أذهب إلى الحمام من دون الاضطرار إلى الوقوف في طابور انتظار منعدم الخصوصية، أو أشرب مياهاً نظيفة من دون معاناة في الحصول عليها".

الأم في الجنوب والطفل في الشمال

منذ 10 أشهر تعيش الصحافية أميرة الغصين نزوحاً متكرراً مع أعضاء فريق مؤسستها الإعلامية، وتجهل مصير طفلها الذي تطمئن عليه عبر الهاتف فقط، تقول "الوضع الأمني صعب جداً، وأخشى على عائلتي التي لم تتمكن من النزوح وبقيت في شمال غزة".

تعمل أميرة مصورة صحافية وتخاطر بحياتها كثيراً في التقاط صور من الحرب، ونجت من موت محتم خمس مرات، تشرح "أثناء إجراء مقابلة صحافية لإعداد قصة إنسانية قصفت إسرائيل بالقرب مني، وتطايرت الشظايا نحوي، في مرة ثانية اتصل بي الجيش الإسرائيلي وطلب مني مغادرة مكان إعداد تحقيق لكني رفضت فأغار على المكان ونجوت من الموت، تعددت أشكال النجاة لكن خطر الموت ما زال يلاحقني".

وتقول الزميلة أميرة "تجربة الحرب هي الأصعب على الصحافيات من ناحية النزوح من مكان لآخر، علاوة على عدم توفر الخصوصية وحالة النقص في مختلف متطلبات الحياة سواء المياه أم الطعام وحتى معدات الصحافة".

وتضيف "لا تجربة أقسى من معايشة المدنيين أهوال الحرب، فكيف لو كانت حرب إبادة يشنها من يملك القوة ويتسلح بالقدرة، كل يوم أعيش وجعاً، أنا إنسانة ولدي قلب ومشاعر تجاه القصص التي أصورها".

تتابع أميرة "إلى جانب كوني صحافية، أنا أيضاً أم وزوجة وأخت، خلال رحلة نزوحي واختياري الاستمرار في عملي الصحافي واجهت كثيراً من المتاعب، فهناك كثير من الصحافيات اللاتي صمدن في الميدان على رغم العراقيل التي تفرضها عليهن عمليات الجيش الإسرائيلي".

ابنها ضحية

أثناء رصد الزميلة شروق أسعد الأخبار المتوالية من داخل قسم الطوارئ في المستشفى وصلت جثة ابنها، حينها صرخت بصوت عال تقول "عشت صدمة نفسية رهيبة لكن لم أتوقف عن العمل إلا لأيام معدودة".

وتضيف "الصحافيات يعانين سوء الحالة الصحية والمعيشية، وهذا يتفاقم أثره بالنظر إلى انعدام أية مساحة من الخصوصية، فعديد من الصحافيات العاملات في الميدان اضطررن إلى المبيت في خيم مكشوفة على أرصفة الطريق من دون توفير أدنى مقومات الحماية والنظافة الشخصية، وسط دوامة من الفوضى والذعر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الصحافيات مناضلات

 يقول نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين تحسين الأسطل "اختيار كثير من النساء مهنة الصحافة والإصرار على ممارستها على رغم ما تشكله من أخطار في الحرب، دليل مهم على نضال المرأة الفلسطينية ودورها الجبار الذي كان له الأثر الأكبر في المشهد الإعلامي".

ويضيف "أصبحت الصحافة تهمة عند إسرائيل ولم تعد وسائل التعريف مثل الخوذة والسترة الدلالية والكاميرا، وسائل تحمي الإعلاميين والإعلاميات من الاستهداف، إذ سجلنا في حالة الصحافية سلمى القدومي أن الجيش الإسرائيلي أطلق عليها الرصاص، وهي تلبس زيها الرسمي وتحاول التقاط صورة واحدة للدبابات".

لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ينفي الاتهامات التي تفيد بأن القوات الإسرائيلية تستهدف الصحافيين، ويقول "لا نتعمد إيذاء الصحافيين الذين ربما أصيبوا أثناء غارات جوية أو عمليات تطاول أهدافاً عسكرية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير