ملخص
للوقوف عند مقاربة الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب لملفات الشرق الأوسط، قراءته لحرب غزة وفشل مساعي الهدنة حتى الساعة، وكذلك آخر تطورات المعركة الانتخابية والمنافسة المنتظرة بينه وبين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الخامس من نوفمبر المقبل، أجرت "اندبندنت عربية" مقابلة خاصة مع منسق العلاقات العربية في حملة ترمب مسعد بولس.
لم تكن الانتخابات الأميركية يوماً أميركية فقط، فهي تعني العالم كله من شرقه إلى غربه، وفي هذا القول لا توجد مبالغة، فسيد البيت الأبيض وقراراته وسياسة إدارته تؤثر في غالبية دول العالم، إن بصورة مباشرة أو غير مباشرة، سياسياً وأمنياً وحتى اقتصادياً، فنجد ملايين الناس من الصين ودول وسط آسيا إلى أوروبا وما بينها من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتابعون تطورات وأخبار المحطة الانتخابية في أميركا حتى قبل أشهر من حدوثها.
على الضفة الأخرى، قد تؤدي أحداث وصراعات خارج حدود الولايات الأميركية إلى زيادة حظوظ مرشح من دون آخر فإما أن تكون ورقة رابحة بالنسبة إليه أو خاسرة، خصوصاً إن كانت أميركا معنية وداخلة في هذا الصراع، كحرب فيتنام منتصف القرن الماضي، غزو العراق عام 2003 والحرب على الإرهاب، العلاقة مع إيران والاتفاق النووي، الحرب الروسية في أوكرانيا، وصولاً إلى حرب غزة القائمة منذ أكثر من 10 أشهر.
قد تكون الأحداث العربية التي تعني أميركا كثيرة، وتؤثر بصورة متفاوتة على خيار الأميركيين إن كانت لديهم أصول عربية أو لا، فيما تشير التقديرات إلى وجود 3.7 مليون أميركي من أصل عربي، ينتشرون بصورة أساسية في ولايات ميشيغان وكاليفورنيا وفلوريدا ونيويورك.
للوقوف عند مقاربة الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب لملفات الشرق الأوسط، قراءته لحرب غزة وفشل مساعي الهدنة حتى الساعة، وكذلك آخر تطورات المعركة الانتخابية والمنافسة المنتظرة بينه وبين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أجرت "اندبندنت عربية" مقابلة خاصة مع منسق العلاقات العربية في حملة ترمب مسعد بولس.
بايدن وقع في الفخ
نبدأ حديثنا أميركياً مع بولس، بسؤاله عن انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق، فيصف ما حدث بالانقلاب، ويقول "هذا لم يحصل سابقاً في تاريخ الحزبين الديمقراطي والجمهوري وباقي الأحزاب. كان هناك انقلاب كبير ونصب فخ لبايدن، خصوصاً قرار إجراء المناظرة المبكرة مع الرئيس ترمب التي حدثت لأول مرة في تاريخ أميركا منذ بدء المناظرات عام 1960 مع الرئيس جون كينيدي، فعادة المناظرات تكون بعد مؤتمري الحزبين في سبتمبر (أيلول)، لكن تحديد موعد هذه المناظرة باكراً كان فخاً من قبل القائمين على الحزب الديمقراطي وبايدن وقع فيه"، ويضيف أنه بعدما وقع الرئيس الديمقراطي في هذا الفخ بانت حقيقته وضعفه وكانت هناك مؤامرة لإخفاء هذا الموضوع من قبل نائبته والحزب الديمقراطي بصورة عامة، إلى حين إقناعه بالتراجع عن الترشح واختيار هاريس للسير بالسباق الرئاسي.
لكن مسعد بولس يقر أيضاً بأنهم كجمهوريين ربما لم يكن يجب أن يشاركوا في هذه المناظرة، ويعد أن انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، ليس ضربة لترمب إنما بالتأكيد عامل سلبي، معتبراً أن المنافسة في السابق كانت بين لا مرشح، في إشارة إلى بايدن وترمب، والنتيجة كانت محسومة بالتأكيد، لكن اليوم بات هناك مرشحة، على رغم سلبياتها، على حد قوله.
"هاريس يسارية متطرفة"
يقارن منسق العلاقات العربية في حملة ترمب ما بين بايدن وهاريس، فيقول إن بايدن معتدل مقارنة مع هاريس التي يعدها يسارية متطرفة وإلى يسار السيناتور بيرني ساندرز، واليوم انتقل الترشح الديمقراطي من رئيس اختير عن قصد معتدلاً عام 2020 لمواجهة ترمب، إلى مرشحة متطرفة.
يردد بولس كثيراً، أن الناخب الأميركي سيعرف هاريس على حقيقتها قريباً بعد انتهاء شهر العسل وحالة التأييد الذي حظيت به إثر ترشيحها، ويسأل عن سبب عدم إقامة هاريس أي خطاب مطول أو مقابلة مباشرة حتى الآن على رغم مرور شهر على ترشيحها مكان بايدن، فيقول "لأول مرة في تاريخ أميركا والعالم لدينا مرشح للرئاسة لا يجاوب على أسئلة الصحافيين، ولا يعطي أي مقابلة صحافية. لا تخرج هاريس عن النص المعد مسبقاً، الذي لا يتخطى الدقائق"، ويضيف أن المناظرة المقبلة في الـ10 من سبتمبر المقبل ستكون الاختبار الحقيقي لها في مقابل ترمب، من دون سابق تحضير أو نص خطي، معتبراً أن سبب كل هذا هو عدم فهمها السياسات المختلفة وأنها ليست لديها قدرة أو عمق المعرفة في المواضيع الكبرى، وهو ما سيظهر في المناظرة المباشرة.
محاولة اغتيال ترمب
سألنا بولس عما إذا كانت تكشفت أي خيوط عن محاولة اغتيال ترمب خلال تجمع انتخابي منتصف يوليو (تموز) الماضي، فيكشف عن أن تفاصيل ارتباط جهات خارجية بالعملية لم تتكشف حتى اللحظة، وأن هناك خيوطاً أخرى تتعلق بالجهات الخارجية، ولكن لم تتكشف بعد الصلة بين هذه الخيوط ومحاولة الاغتيال، مشدداً على أن محاولة الاغتيال هذه ليست بريئة وليست بمسعى فردي من الفتى الذي نفذها، في إشارة إلى المنفذ توماس ماثيو كروكس.
ويكمل معتبراً أن عمليات مماثلة فيها عوامل وتفاصيل معقدة، وما هو مؤكد أنه كان هناك إخفاق وإهمال كبيرين لدرجة المؤامرة لحين إثبات العكس، وإن لم يثبت العكس نعد أنها كانت هناك مؤامرة ضخمة تستهدف ترمب.
الناخبون العرب واختياراتهم
على صعيد الانتخابات، لا توجد أيضاً أرقام دقيقة لعدد الناخبين الأميركيين من أصول عربية ممن يحق لهم التصويت، لكن التقديرات تشير إلى أنهم يشكلون نحو واحد في المئة فقط من إجمالي عدد الناخبين، وأهمية أصواتهم تبرز في الولايات المتأرجحة التي ستحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية، لا سيما ميشيغان وبنسلفانيا وأوهايو.
يؤكد بولس أن ولاية ميشيغان لها أهمية قد تعد الأكبر لناحية الناخبين العرب، إذ يسجل فيها حضور كبير لهؤلاء كما أنها ولاية متأرجحة، مما يعني أن تصويتهم قد يحسم النتيجة في هذه الولاية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يتوقف منسق العلاقات العربية في حملة ترمب عند خيارات الناخبين العرب يوم الانتخاب، فيؤكد أنها لا تتم وفق ملف محدد أو تصب في خانة واحدة، بل تتأثر بتغير الأحداث في الداخل الأميركي كما في الدول العربية وارتباط أميركا بهذه الأحداث، كاشفاً عن أن الناخبين العرب أو من أصول شرق أوسطية يتوزعون بين لبنانيين وسوريين ومصريين وأيضاً يمنيين وعراقيين.
"الحرب في غزة هي موضوع أساس جداً في اختيار الناخبين العرب يوم الخامس من نوفمبر المقبل ولعلها الملف الأهم الذي سيحسم خيارهم"، يقول بولس، ويكشف عن أن بايدن خسر 100 ألف صوت في الانتخابات التمهيدية بسبب هذه الحرب، وهم يعملون كحزب جمهوري لمحاولة جذبهم وإقناعهم لانتخاب ترمب.
إيقاف الحرب في غزة
نسأله عن خطط ترمب إن عاد رئيساً لأكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم لإيقاف الحرب في غزة، فيؤكد أن مواقف الرئيس السابق حول هذه الحرب واضحة وأعلنها بشكل مكتوب ورسمي وأساسها أنه ضد هذه الحرب وضد قتل المدنيين ومع إيقافها، وهو حتى ضد الحرب في أوكرانيا وكل الحروب الأخرى، من منطلق إرساء السلام، ويكمل مشدداً على أن هذه الحرب لم تكن لتقع لو أن الرئيس الجمهوري كان في البيت الأبيض، لكنها وقعت بسبب ضعف الإدارة الأميركية وضعف بايدن بالتحديد.
وعن نظرية أن نتنياهو يجر أميركا إلى هذه الحرب وإلى معركة ربما أوسع في المنطقة، يؤيد بولس هذه المقولة معتبراً أن فشل إدارة بايدن في الأشهر الماضية بإرساء هدنة كان اقترحها بنفسه يعد دليلاً على ضعفه، وما زيارة وزير الخارجية أنطوني بلينكن المتكررة والدائمة للشرق الأوسط إلا تأكيد على هذا الفشل، متوقفاً عند ما سماه تناقض الإدارة الأميركية بالتعامل مع هذه الحرب، فهو من ناحية يوافق على صفقات أسلحة لإسرائيل منذ أيام بقيمة 23.5 مليار دولار، وفي الوقت عينه يسعون إلى إنهاء الحرب لأسباب انتخابية.
يوصف بولس، وهو أميركي من أصول لبنانية، الوضع في لبنان، بأن الأزمة الراهنة صعبة ومؤسفة للغاية، وما تسمى جبهة المساندة القائمة منذ 10 أشهر، عمقت الخلاف والشرخ بين اللبنانيين، ويقول "لم يبق شيء من الكيان اللبناني ومع تواصلنا بعدد كبير من الأحزاب هناك موجة كبيرة من اللبنانيين تتحدث بصورة جدية عن الفيدرالية".
نسأل بولس عن العلاقة الطيبة التي تجمعه بالوزير السابق سليمان فرنجية، وهو مرشح الثنائي لرئاسة الجمهورية، وما إذا كانت حظوظه بالرئاسة سترتفع إن وصل ترمب إلى البيت الأبيض، فيجيب بأن الوزير فرنجية صديق مقرب لكن لناحية الانتخابات الرئاسية في لبنان فهذا يعود للبنانيين بصورة أساسية، ويشدد على أن الدول الكبرى تلعب دوراً أساسياً لا شك في ترجيح كفة مرشح على حساب آخر، لكن في النهاية الأمر متروك للكتل النيابية اللبنانية.
يوم السادس من نوفمبر
نختم حديثنا مع منسق العلاقات العربية في حملة ترمب عما إذا كان مشهد أحداث الكابيتول بعد خسارة ترمب في الانتخابات السابقة يمكن أن تتكرر، فيجيب مؤكداً أن ما حدث حينها كان نتيجة أخطاء كبيرة مسؤولة في جزء كبير عنها نانسي بيلوسي، لكنه موضوع لن نعود إليه ونحن تخطيناه تماماً.
"أين سيكون دونالد ترمب في السادس من نوفمبر المقبل"، نسأل بولس فيجيب "نحن شبه متأكدين من الفوز، وشهر عسل هاريس سينتهي قريباً، والإحصاءات التي نثق بها تعطي ترمب تقدماً على الصعيد الوطني وفي الولايات المتأرجحة".