Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دخول المدارس... "بعبع الأسعار" يقفز إلى جيوب المصريين

زيادات ضخمة في المصروفات وحافلات الطلاب والكتب الخارجية ومتخصصون ينصحون بترتيب الأولويات

تجد أسر مصرية نفسها عالقة بين راحة أبنائها والتكاليف المبالغ فيها بالمدارس الخاصة (أ ف ب)

 

ملخص

يشهد العام 2024 ارتفاعاً كبيراً في الأسعار سواء المستلزمات المدرسية أو الزيادات الضخمة في مصروفات المدارس الخاصة في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعانيها المصريون.

مع اقتراب العام الدراسي الجديد الذي يحل في سبتمبر (أيلول) المقبل على المصريين بمختلف أنواع التعليم الحكومي والخاص والدولي، تبدأ الاستعدادات ما بين دفع المصروفات المدرسية وشراء الكتب والحقائب والأدوات المكتبية المختلفة. وفي ظل حال الغلاء الشديد هذا العام أصبح دخول العام الدراسي ثقيلاً للغاية على كثير من المصريين بما يتطلبه من مصروفات كثيرة واستغلال بعض الناس هذا الموسم لرفع الأسعار من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب.

طبقاً لوزارة التربية والتعليم المصرية فإن عدد طلاب المدارس في البلاد خلال العام الدراسي الماضي وصل إلى 25 مليوناً و657 ألف طالب وطالبة، وبلغ عدد المدارس 61 ألف مدرسة حكومية وخاصة. وقدرت نسبة الطلاب الملتحقين بالمدارس الخاصة في مصر 11 في المئة من إجمالي الطلاب بالنسبة إلى مرحلة التعليم الأساسي.

فوضى أسعار المدارس الخاصة

إحدى الأزمات الكبرى التي يعانيها المصريون هذا العام هي الانفلات غير المسبوق في مصروفات المدارس الخاصة وكل ما يتعلق بها، فعلى رغم أن وزارة التربية والتعليم أعلنت عن شرائح للزيادة السنوية طبقاً لقيمة مصروفات المدرسة تصل أقصاها إلى 20 في المئة سنوياً وتقل كلما زادت قيمة المصروفات فإن كثيراً من المدارس تحايلت على هذا الأمر بصور مختلفة، فقد تلتزم بالزيادة السنوية للمصروفات وتزيد من البنود الأخرى مثل الكتب والنشاط والحافلة المدرسية وكل هذه الأشياء التي ترتبط بالمدرسة ذاتها بعيداً من سلطة وزارة التربية والتعليم.

يقول إبراهيم عبدالله (41 سنة) يعمل محاسباً في إحدى الشركات الخاصة، "لدي طفلان في إحدى مدارس اللغات الخاصة فوجئت أخيراً بأن الزيادة السنوية للطفل الواحد في المصروفات تزيد على 9 آلاف جنيه (186 دولاراً) وزعتها المدرسة بين المصروفات والكتب الخاصة بالمستوى الرفيع والباص والنشاط والزي المدرسي الذي ترغمنا على شرائه من المدرسة فعليّ أن أدفع زيادة على المبلغ الذي كنت أتوقعه نحو 20 ألف جنيه للطفلين (409 دولارات)، هذا بخلاف المستلزمات المدرسية الأخرى مثل الحقائب والأحذية والأدوات المكتبية وغيرها التي زادت هذا العام بنسب كبيرة جداً فسأحتاج إلى نحو 5 آلاف جنيه (100 دولار) لشرائها في المستوى المتوسط، وكل هذا يمثل عبئاً مادياً كبيراً لم يخطط له".

 

 

ويؤكد إبراهيم أنه "في مدرسة أطفالي إجمالي مصروفات الطفل الواحد أصبح يزيد حالياً على 40 ألف جنيه (820 دولاراً) كان هذا المبلغ منذ أعوام قليلة جداً يتيح الدخول إلى مدرسة دولية ولكنه حالياً يمثل مصروفات مدرسة خاصة في المستوى المتوسط. الأزمة أن الزيادات السنوية إن استمرت على هذا المنوال فسأضطر إلى الانتقال لمدرسة أقل في الكلفة وسيسبب هذا ضرراً كبيراً للأطفال".

أزمة في أسعار الباصات المدرسية

إحدى أكبر الأزمات التي يشهدها الناس في ما يتعلق بالزيادات في مصروفات المدارس هي الارتفاع غير المنطقي في أسعار الباصات المدرسية. تتذرع المدارس بأن هذا الأمر جاء نتيجة لارتفاع سعر البنزين في الأوان الأخيرة ولكن الزيادات تجاوزت الحدود المنطقية في كثير من الأحوال وأصبحت وسيلة للتحايل على عدم إمكان زيادة مصروفات المدرسة إلا بحد معين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما مها السيد، وهي أم لطفلين في المرحلة الابتدائية، فتقول "فوجئت هذا العام بأن سعر باص المدرسة ارتفع من 11 ألف جنيه (225 دولاراً) عام 2023 إلى 18 ألف جنيه (368 دولاراً) مرة واحدة، وتتعلل المدرسة بأن أسعار البنزين ارتفعت مرتين خلال العام الحالي ولكنها على أرض الواقع وسيلة للاستغلال فالمبلغ الذي سيتم جمعه من هذه الزيادة من كل الطلاب أضعاف مضاعفة من سعر البنزين بعد غلائه. الأزمة حالياً أني لا أجد بديلاً آمناً وحتى الآن لا أعرف ما الحل".

بينما تشير بسمة محمود (طبيبة صيدلانية)، "لدي طفل واحد في kg2 بإحدى مدارس اللغات ووصل سعر باص المدرسة إلى 21 ألف جنيه (430 دولاراً) أي ما يقارب من مصاريف المدرسة البالغة 26 ألف جنيه (532 دولاراً). الارتفاع هذا العام غير مسبوق وغير منطقي، الجميع يبحث عن بدائل حالياً ومن بينها قيام بعض أولياء الأمور الذين يسكنون في مناطق متقاربة بالتنسيق في ما بينهم للاشتراك في باصات خاصة والاستغناء عن باص المدرسة. لا أعلم إن كان الأمر سينجح أم لا وهل ستتوافر به عناصر الأمان ولكن الأسعار أصبحت خارج السيطرة ولدي طفل واحد فما بال بمن لديه أكثر من طفل".

أنشطة وكتب مستوردة

ارتفاع سعر الدولار والاعتماد على كتب مستوردة في المدارس الخاصة وتوفير كثير من الأنشطة والحفلات والوسائل التعليمية هو السبب الذي تقول معظم المدارس إنه وراء هذه الزيادات الكبيرة.

في يونيو (حزيران) الماضي، قدم برلماني مصري طلب إحاطة إلى مجلس النواب في شأن الزيادات الكبيرة التي أقرتها المدارس الخاصة في المصروفات والتي وصل بعضها إلى 100 في المئة فبعض المدارس زادت مصروفاتها بما يصل إلى الضعف مطالباً وزارة التربية والتعليم باتخاذ الإجراءات التي من شأنها التصدي لهذه الظاهرة التي تشكل استغلالاً كبيراً وتثقل كاهل أولياء الأمور بأعباء كبيرة من دون وجه حق.

تؤكد "منى .أ، مديرة مرحلة في إحدى المدارس الخاصة في مصر"، أن "المواطنين يلجؤون إلى المدارس الخاصة للحصول على خدمات معينة لا تتوافر في التعليم الحكومي مثل تدريس اللغة بصورة مكثفة وتوفير بعض الرفاهية للطلاب سواء في الوسائل المستخدمة في العملية التعليمية أو في تقديم بعض الترفيه للطلاب. الكتب الخاصة باللغات كلها مستوردة من الخارج ومع ازدياد سعر الدولار تضاعف سعرها عن أعوام سابقة قليلة، والبوكليت (نظام يرتبط بالاختبارات) الذي نوفره للطلاب لجميع المواد الدراسية تضاعف سعره للزيادة الكبيرة في أسعار الورق والطباعة".

 

 

وتضيف، "في ما يتعلق بأسعار الباص المدرسي فكثير من المدارس لا يكون لديها حافلات خاصة بها وإنما تتعاقد مع شركة لتوفيرها وهنا السعر يكون خارجاً عن إرادة المدرسة، وكثير من أولياء الأمور ينزعجون من إجمالي الرقم ولكنهم لا يعرفون ما وراءه ولكن هذا لا ينفي أن بعض المدارس بالفعل تستغل الوضع وتطلب زيادات غير منطقية".

مجانية ظاهرية في التعليم الحكومي

على رغم التحاق ملايين التلاميذ في كل المراحل بالتعليم الحكومي (المجاني) الذي يعد حقاً أصيلاً لكل طفل في مصر فإن المشكلات المعتادة في المدارس الحكومية تلقي بظلالها على العملية التعليمية فكثافة الفصول الكبيرة وسوء أحوال بعض المدارس وانخفاض رواتب المعلمين ينعكس مباشرة على أعباء جديدة تضاف على كاهل الناس وعلى رأسها الدروس الخصوصية. وأخيراً أعلنت وزارة التربية والتعليم عن عزمها إيجاد حلول لأزمة الكثافات الكبيرة للمدارس كان من بينها الاستعانة بمبان خالية تابعة لوزارات أخرى، واستخدام بعض مباني مراكز الشباب، وكان من بين المقترحات الاستعانة ببعض فصول المعاهد الأزهرية وحتى الآن جميعها لا تزال في طور الأفكار التي لم يعلن بصورة قاطعة أيها سيتم اعتماده.

تقول نجاة (43 سنة) عاملة في أحد النوادي الرياضية بالقاهرة، "لدي ابن في الصف الثالث الإعدادي وابنة في الصف السادس الابتدائي بإحدى المدارس الحكومية. منذ أعوام طويلة نعتمد بصورة كاملة على الدروس الخصوصية والكتب الخارجية التي أصبحت أسعارها مرتفعة جداً في الأعوام الأخيرة. نحتاج إلى مبلغ كبير للطفلين كل شهر للدروس الخصوصية وإلا لن ينجح ولن يستطيع الاستمرار في الدراسة. المدارس الحكومية مكدسة ولا يستطيع الطالب الاستيعاب والدروس حل لا مفر منه وبدأنا بالفعل الدروس الخصوصية قبل شهر من الدراسة. هناك ارتفاع كبير هذا العام في أسعار كافة المستلزمات المدرسية وعليه فسنشتري أقل شيء ممكن ولكن لا مفر من شراء الكشاكيل والأقلام والكتب الخارجية حتى يمكننا مواكبة الغلاء الشديد".

إقبال متوسط على الشراء

الارتفاع الكبير في الأسعار جعل كثيراً من الأسر تتجه لشراء الحاجات الضرورية فقط وقد تعتمد على المتوفر لديها من العام الماضي ويمكن إعادة استخدامه".

ويقول محمود (بائع في أحد محال بيع الحقائب المدرسية بالجيزة)، "الإقبال حتى الآن متوسط والغالب هو الشراء للأطفال في الأعوام الأولى للدراسة. عادة في مثل هذه الفترة كانت حركة البيع أكبر بكثير. الأسعار بالفعل مرتفعة عن الأعوام السابقة ولكن هذا خارج عن إرادتنا فكل شيء ارتفع سعره وليس فقط مستلزمات المدارس".

في إطار السعي إلى تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين ستفتتح وزارة التموين سلسلة معارض تحت اسم (أهلاً مدارس) مع بداية سبتمبر في كافة المحافظات تباع فيها المستلزمات الدراسية بأسعار معقولة حيث سيتم إقامة معرض رئيس إلى جانب مجموعة معارض فرعية بكل محافظة للعمل على التخفيف عن كاهل المواطنين وتقديم خفض وعروض للأسر المصرية على كافة المستلزمات المدرسية مثل الحقائب والأحذية والملابس والأدوات المكتبية وأجهزة الحاسب الآلي وكل ما تحتاج إليه الأسر مع بداية العام الدراسي الجديد.

كيف نتعامل مع أزمات ارتفاع الأسعار؟

الارتفاع الكبير في الأسعار وضعف القدرة الشرائية لدى قطاع كبير من المواطنين يكون له مردود على الحالة النفسية سواء للأسر أو الأطفال الذين قد لا يتقبلون شراء مستلزمات مدرسية أقل من المعتاد أو الاستعانة بأشياء من عام 2023 وقد يعاني بعضهم المضايقات أو التنمر في المدارس وهي مشكلات يجب مواجهتها والعمل على توعية الأطفال بها.

 

 

تقول الاستشارية النفسية والتربوية منة الله إبراهيم، إن "التغيير هو مفتاح حل أزمة غلاء الأسعار التي تعانيها معظم الأسر وهذا من خلال تحديد الحاجات المدرسية والأولويات من خلال تبادل وجهات النظر بين الأب والأم، كما يجب أن نعلم أولادنا كيف يحددون أولويات حاجاتهم من دون النظر إلى ما يمتلكه زملاؤهم، ليكونوا على وعي باختلاف حاجات كل فرد منا. ومن هنا يجب علينا أن نعلم أطفالنا كيف يكونون على وعي بالتخطيط بعقلانية ومحاولة استبدال بنود الإنفاق ببنود أخرى أكثر أهمية مع الحرص على عدم إلغاء جميع الرفاهيات لأن وجود مساحة لتفريغ الضغط أمر ضروري للحالة النفسية".

وتضيف "الأزمات الاقتصادية تؤدي إلى مشكلات عدة سواء داخل الأسرة مثل وجود أزمات بين الأب والأم الذين يغفلون أن لذلك انعكاساً سلبياً على الأطفال بعيداً من أنظار الأبناء يغفل الآباء أن هذا الخلاف يتسبب في أذى نفسي في نفوس الأطفال فيشعرون بأنهم عبء ثقيل على أهلهم كما يشعرون بالحزن لأنهم يجدون أنفسهم سبب هذه الخلافات وعلى مستوى الأطفال تظهر مشكلات مثل التنمر بين الطلاب وهو أحد صور العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة، وبخاصة الأطفال ذوو الأسر غير القادرة على سد حاجاتهم من مستلزمات دراسية جديدة".

تشير الاستشارية النفسية إلى أن هناك اختلافات شخصية تؤثر في شدة الفعل المسيء ومدته على قوة الآثار التي تتركها على الطفل ومن بينها فقدان الثقة بالنفس وفقدان التركيز وتراجع أداء المستوى الدراسي والخجل الاجتماعي والخوف من مواجهة المجتمعات ومن هنا لا بد من توعية الأطفال بعدم انتقاد الآخرين.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات