Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العنف الانتخابي يطل برأسه في الأردن مع اقتراب يوم الاقتراع

رصد 6 حالات ضد النساء حتى الآن والاستحقاق الماضي شهد 63 اعتداء

طوال سنوات مضت كان العنف في الانتخابات المحلية فضلاً عن البرلمانية أحد تحديات التحول الديمقراطي (أ ف ب)

ملخص

النظام الانتخابي الأردني متهم بالتشجيع على العنف والحكومة تخصص 54 ألف رجل أمن لضبط المشهد الانتخابي. والهيئة المستقلة للانتخاب تطلق مبادرة لرصد العنف الانتخابي ضد النساء لكن قانون الانتخاب لا يتضمن أي إشارة إلى هذه الظاهرة.

مع اقتراب بدء الاقتراع للانتخابات النيابية البرلمانية الأردنية في 10 أغسطس (آب) الجاري، أطلت ظاهرة العنف الانتخابي برأسها كواحدة من أبرز السمات التي ترافق المشهد الانتخابي عموماً.

فطوال سنوات مضت كان العنف في الانتخابات المحلية فضلاً عن البرلمانية أحد تحديات التحول الديمقراطي وضمان نزاهة العملية الانتخابية. وتشير الإحصاءات إلى تزايد حجم هذه الظاهرة، إذ سجلت عشرات الحالات خلال الانتخابات البرلمانية عام 2020، بما في ذلك الاعتداءات الجسدية وتدمير الممتلكات، لأسباب متداخلة يرى مراقبون أن أبرزها الإحباط وعدم الثقة وسيطرة المناطقية والولاءات الضيقة وضعف الوعي فضلاً عن طبيعة النظام الانتخابي.

 

النظام الانتخابي متهم

ويفسر ناشطون أسباب العنف الانتخابي وفق عوامل عدة، من بينها التوترات العشائرية التي تلعب دوراً كبيراً في الديناميكيات الانتخابية في الأردن، وبسبب حال التنافس الشديدة تحدث مواجهات عنيفة أيضاً بخاصة عندما يتم التنازع على مقاعد معينة بين مرشحين من العشيرة نفسها.

كما تعزز الضغوط الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة من مشاعر الاستياء بين الناخبين، وتغذيها مطالب التوزيع العادل للموارد والسلطة ما قد يؤدي إلى تصاعد أعمال العنف، فضلاً عن نقص الثقة في العملية الانتخابية وغياب العدالة ما يدفع البعض إلى اللجوء للعنف كوسيلة لتحقيق الأهداف.

ففي عام 2016 تمت سرقة ثمانية صناديق اقتراع في دائرة بدو الوسط، واستبدلت بصناديق أخرى وأعيدت إلى مراكز الاقتراع، في واحدة من أبرز حوادث العنف الانتخابي.

ووفقاً للباحثة الاجتماعية خولة البطوش فإن بنية النظام الانتخابي في الأردن أسهمت بشكل أساسي وعلى مدى سنوات في التأسيس للعنف، إذ إن التنافس بين المرشحين أدى في كثير من الحالات إلى وقوع وفيات. وترى البطوش أن الطبقات الدنيا من المجتمع، وبسبب ظروف اجتماعية ودوافع نفسية داخلية، قد تكون أكثر ميلاً للعنف المجتمعي والانتخابي، كالإحباط من المكانة الاجتماعية لأبناء الطبقات الفقيرة، وتربط ذلك بعدم ثقة المواطن الأردني بالجهات المنظمة للعملية الانتخابية نتيجة تراكم تجارب سابقة تدخلت فيها السلطات المنظمة في مجريات العملية الانتخابية.

وتعزو البطوش أسباب هذا العنف إلى عوامل اجتماعية واقتصادية ونفسية وسياسية وإعلامية، "لكن نظام التصويت وتقسيم الدوائر الانتخابية وتمثيل كل منها، يعزز العنف الانتخابي أيضاً بسبب غياب المعايير الواضحة وحصر حق الناخب في التصويت لمرشح واحد في قوانين سابقة على رغم تعدد المقاعد، إضافة إلى تعزيز العصبية القبلية، وتحول المنافسة في الانتخابات من منافسة سياسية إلى عشائرية أو مناطقية، الأمر الذي يؤدي للعديد من مظاهر العنف الانتخابي كالاعتداء على اليافطات والمقرات الانتخابية وتمزيق صور المرشحين وصولاً إلى الاعتداء الجسدي".

أساليب متعددة

ويستخدم التخويف كوسيلة للسيطرة على الناخبين أو المرشحين المنافسين، وفي سنوات سابقة وظّف مرشحون أفراداً ومجموعات لتهديد الناخبين أو منعهم من التصويت. كما شهد بعض الانتخابات في الأردن مواجهات مسلحة بين مؤيدي المرشحين، بخاصة في المناطق الريفية وأعمال عنف وشغب كبيرة وواسعة.

ويقول وزير الداخلية الأردني مازن الفراية إن كلفة الانتخابات النيابية والبرلمانية وإدارتها وإدامتها، أربع سنوات، تتجاوز 140 مليون دولار، يمولها المواطن عبر الضرائب التي يدفعها. ولا يفضل الفراية الحديث عن عنف انتخابي ويقول إن ما يحدث مجرّد احتكاكات بسبب المنافسة الانتخابية، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى خطة للحماية والحراسة على بعض المنشآت المتعلقة بالعملية الانتخابية وتخصيص أكثر من 54 ألفاً من الضباط والأفراد، وآلاف الأنظمة التقنية والمعدات والآليات والمركبات الداعمة لتأمين الانتخابات المقبلة.

وفي سعي منها لمواجهة العنف الانتخابي تحاول الحكومة زيادة منسوب التوعية والتثقيف ونبذ العنف في ممارسة ديمقراطية سلمية كالانتخابات، لكن في المقابل ثمة مطالبات بإجراء إصلاحات قانونية تغلّظ العقوبات على الجرائم المتعلقة بالعنف الانتخابي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عنف انتخابي رقمي

ومع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن، أصبحت هذه المنصات ساحة للعنف الانتخابي الرقمي، بدورها، بما في ذلك نشر الإشاعات المغرضة أو تسريب معلومات شخصية بهدف تشويه سمعتهم وإضعاف فرصهم الانتخابية. ولا يتضمن قانون الانتخاب إشارة واضحة إلى العنف الانتخابي، إلا أن المادة 22 من القانون تنص على أنه "لا يجوز أن تتضمن الخطابات والبيانات والإعلانات ووسائل الدعاية الانتخابية الإساءة لأي مترشح أو لأي قائمة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو إثارة النعرات الدينية والطائفية والقبلية أو الإقليمية أو الجهوية أو العنصرية بين المواطنين."

ويشير مركز "راصد" إلى توثيق 63 حالة عنف على مستوى الدوائر الانتخابية في الانتخابات البرلمانية الماضية التي أجريت عام 2020. ويؤكد مدير المركز عامر بني عامر أن استخدام المال الفاسد وما ارتبط به من عمليات شراء أصوات في تلك الانتخابات أثّر بشكل سلبي في مجمل العملية الانتخابية وأسهم بالحد من حرية الناخبين. ومن بين مظاهر العنف الانتخابي التي رصدها بني عامر عدم السماح لبعض المراقبين من الدخول إلى غرف الاقتراع، إضافة لحالات عنف بين أنصار المرشحين، وحالات عنف بين الناخبين والأجهزة الأمنية.

عنف انتخابي ضد النساء

ويوضح مركز دراسات "قلعة الكرك" أن ثمة سيدات يواجهـن رفـض العائلة والأقارب للترشح لكن هذا لا يحدث إذا كانت فرصة العشيرة أو العائلة ضعيفة بالحصول علـى مقعد من خلال التنافـس فتلجأ إلى تمثيلهـا بواسـطة "نظام الكوتا".

بدورها، أطلقت الهيئة المستقلة للانتخاب مبادرة لرصد العنف الانتخابي ضد النساء في وقت سجلت ست شكاوى حتى الآن. وخصصت الهيئة قنوات عدة للتبليغ عن هذه الممارسات، وحددت حالات عدة من بينها التأثير في العملية الانتخابية وخلالها، وأن يكون العنف قائماً على أساس الجنس، ويشمل الناخبة أو المترشحة أو المقترعة، ووقوع الضرر المادي أو الجسدي، أو منع المرأة من ممارسة حقها في الاقتراع أو الترشح، أو حملها على الاقتراع لشخص محدد، أو منعها من الاقتراع لشخص محدد.

وتؤكد الهيئة أن بعض الشكاوى التي وصلتها بخصوص العنف الانتخابي ضد المرأة، تتعلق بمنع المرأة من الإفصاح عن رغبتها في الترشح، وتعرض مرشحة لضغوط من عائلتها بشأن مقرّها الانتخابي، إضافة إلى شكوى مرشحة من المساس بدعايتها الانتخابية والتشهير بها.

وتقول المرشحة تمام المعاقلة إنها تعرّضت للعنف الانتخابي وإن الأمر أشعرها بالحزن والحرج، بعد نشر سيرتها الذاتية على مواقع التواصل الاجتماعي لمنطقة الأغوار الجنوبية التابعة لمحافظة الكرك. وتضيف تمام "تعرضت للتنمر والإساءة والتعليقات غير الإيجابية كالإشارة إلى عدم كفاءتي للترشح على رغم حصولي على درجة البكالوريوس في القانون، ولم يثنني ذلك عن التراجع وعدم الترشح بل زدت إصراراً على ذلك".

وحال المرشحة تمام هي حال كثيرات قررن خوض غمار الانتخابات النيابية لكنهنّ ووجهن بسيل من التعليقات المسيئة والمحبطة، كقول أحدهم على منصات التواصل إنه لا يمكن أن يصوّت لامرأة ولو كانت ابنته، بينما يقول آخر إن مكان المرأة هو البيت وليس مجلس النواب، ويستنكر ثالث ترشح النساء في ظل وجود الرجال، كما انتقد آخرون عدم ارتداء بعض المرشحات الحجاب، ولم تسلم مرشحة منقبة من الانتقادات، بدورها، على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي شهادات حية تقول مرشحة سابقة من مدينة معان (جنوب) "اتصــل أحد وجهاء العشيرة بزوجي وطلب منه أن أنسحب من الترشح".

بينما واجهت مرشحة من مدينة مأدبا (وسط) تهديدات من عشيرتها لوجود مرشح رجل من العشيرة نفسها.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي