ملخص
نشرت "حماس" صورة لمقاتل مسلح يقف خلف رهينة إسرائيلي وكتبت "ضغط عسكري يساوي موت وفشل"، فهل تقف الحركة وراء مقتل ستة رهائن انتشل الجيش الإسرائيلي جثثهم من نفق في رفح؟
من نفق تحت أرض محافظة رفح أقصى جنوب غزة، تمكن الجيش الإسرائيلي من انتشال جثث ستة رهائن، وكانت حركة "حماس" احتجزتهم في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما نفذت هجومها على البلدات العبرية القريبة من حدود القطاع.
وفي خضم العملية العسكرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في محافظة رفح منذ مايو (أيار) الماضي بهدف تفكيك كتائب "حماس"، وبناء على معلومات استخباراتية، عثرت القوات البرية على الرهائن الستة.
قتلوا قبل ساعات من تحريرهم
لكن الجيش الإسرائيلي وصل إلى الرهائن متأخراً، إذ وجدهم الجنود جثثاً هامدة، وبعد الفحص الأولى تبين أن بينهم جثة تعود لأميركي وقع في قبضة مقاتلي "حماس"، وكإجراء روتيني نقل الجيش الإسرائيلي الجثامين الستة إلى المستشفى لإجراء فحوص تقليدية، وهناك تبين مع الأطباء أن الرهائن قتلوا حديثاً، أي قبل تحريرهم بساعات قليلة، وعلى إثر هذا الخبر الذي انتشر سريعاً في أوساط المجتمع الإسرائيلي حدثت ضجة كبيرة.
وبسرعة ألقت إسرائيل اللوم على حركة "حماس"، فقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "مقاتلي الحركة أعدموا ستة رهائن بإطلاق النار عليهم في الرأس وقتلوهم بدم بارد، ونحن لن نتقبل مذبحة الرهائن الست و'حماس' ستدفع ثمناً باهظاً، وأطلب من الإسرائيليين الصفح لعدم إعادتهم أحياء، كنا قريبين لكننا لم ننجح".
وأضاف، "على عناصر 'حماس' الذين قتلوا رهائننا أن يعرفوا أن دماءهم على رؤوسهم هم وقادتهم، ولن نهدأ ولن نسكت وسنلاحقكم"، لافتاً إلى أن إسرائيل تجري مفاوضات مكثفة مع الوسطاء في محاولة للتوصل إلى صفقة، لكن الحركة الفلسطينية تواصل بشدة رفض أي اقتراح.
"حماس" نفت في البداية
وبمجرد ما وجهت إسرائيل الاتهام لحركة "حماس" بقتل عناصرها الرهائن الستة، فزعت الحركة من الخبر في البداية ونفت بشدة ذلك، وقال القيادي في حركة "حماس" سامي أبو زهري "لدينا تعليمات صارمة لحراس الأسرى مفادها الحفاظ على حياتهم، لأن كل أسير حي سيجلب ثمناً مختلفاً".
وأضاف، "عناصرنا يتعاملون وفق قوانين الحرب ويدركون أنه يمنع قتل الأسرى الإسرائيليين، وعلى الأرجح قضى الستة في قصف إسرائيلي، وإن الغارات والهجوم الذي ينفذه الجيش تسبب في سقوط عدد كبير من الرهائن".
وأكد أبو زهري أن نتنياهو هو المسؤول عن مقتل الأسرى الإسرائيليين، وهو حريص على قتل الجميع للاستمرار في الحرب، ولذا على مجتمعه أن يختاروا بين رئيس وزرائهم أو صفقة التبادل التي يعرقل التوصل إليها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نفي "حماس" الأولي قتلهم للرهائن وتأكيد الجيش الإسرائيلي بشدة أن الستة قتلوا قبل وقت قصير من وصول القوات إليهم، أثار غضب المجتمع اليهودي والمستوى السياسي والعسكري، ونقلت الجثث للتشريح للوقوف على تفاصيل الحادثة.
نتائج تشريح الجثث
ونقلت الجثث إلى معهد الطب العدلي الإسرائيلي واتضح من الفحوص التي أجريت أن المختطفين الستة قتلوا من عناصر "حماس" بعدد من الطلقات من مسافة قصيرة، وتقول المتحدثة باسم وزارة الصحة الإسرائيلية شيرا سولومون "عملية التشريح برهنت أنهم قتلوا برصاصات في الرأس".
وتضيف سولومون أن "الحال الجسدية للرهائن كانت واهية لكنها لا تشير إلى هزال الشديد أو مجاعة، ولولا إطلاق النار عليهم لكانوا على قيد الحياة، ولم يتم العثور على أي آثار لإصابات أو صدمات جسدية أخرى على الجثث، ولا يوجد شك في أنهم ماتوا نتيجة إطلاق النار"، فيما تشير سولومون إلى أن الرهائن قتلوا على ما يبدو قبل 48 ساعة أو 72 ساعة على أبعد تقدير من موعد إجراء الفحص المخبري عليهم.
سابقة قتل رهائن
وإلى جانب نتائج تشريح الجثث التي تبين أن "حماس" وراء قتل الرهائن، فإن إسرائيل اعتمدت أيضاً على حادثة سابقة للتأكيد أن عناصر الحركة يقفون خلف إطلاق النار على رؤوس الستة، ففي وقت سابق اعترفت "حماس" بأن مسلحيها قتلوا محتجزين كانوا يحرسونهم.
وفي منتصف شهر أغسطس (آب) الماضي أعلن المتحدث باسم "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" أبو عبيدة أن حارساً مكلفاً بمراقبة أحد الرهائن أطلق النار على الإسرائيلي وقتله، وتكررت هذه الحادثة مع رهينتين من النساء كان حراسهم قد أطلقوا عليهم النار وأصابوهم بجروح خطرة.
وبحسب حديث أبو عبيدة فإن الحركة شكلت لجنة لمعرفة التفاصيل، وتبين بعد انتهاء التحقيق أن الحارس الذي قتل أحد الرهائن تصرف بصورة انتقامية خلافاً للتعليمات بعد أن تلقى نبأ مقتل طفليه في غارة إسرائيلية.
لكن "حماس" شددت وقتها على أن هذه الواقعة لا تمثل أخلاقيات الحركة وأنها شددت التعليمات بعد تكرار الحادثة في شأن حماية الرهائن والحفاظ على حياتهم، وكانت هذه المرة الأولى التي تتبنى فيها "حماس" قتل الإسرائيليين لديها، بعد أن كانت تنسب قتلهم إلى القصف الإسرائيلي في القطاع.
وأدى هذا الاعتراف إلى تأكيد شكوك الجيش الإسرائيلي بأن "حماس" هي التي تقف وراء قتل الرهائن الستة، لكن هل فعلاً قتل عناصر "حماس" الأسرى المكلفين بحراستهم؟
صورة تقلب الموازين
وفعلياً غيرت "حماس" موقفها المبدئي الذي تحدث عنه القيادي فيها سامي أبو زهري، ونفى فيه وقوف الحركة وراء قتل الرهائن الستة، إذ نشرت "كتائب القسام" صورة تظهر أحد مقاتليها يلبس زياً عسكرياً ويمسك بيده سلاحاً من نوع مسدس وأمامه أسير إسرائيلي.
وعلقت "كتائب القسام" على الصورة في عبارتين باللغتين العربية والعبرية، وكتبت "ضغط عسكري يساوي موتاً وفشلاً، وصفقة تبادل تساوي حرية وحياة"، وهذه الصورة أثارت ضجة كبيرة، ففيها اعتراف ضمني من "حماس" بأن عناصرها قتلوا الرهائن الإسرائيليين المكلفين في حمايتهم وحراستهم.
تغيير التعليمات
وما زاد الظن بأن "حماس" فعلاً وراء قتل الرهائن هو حديث أبو عبيدة الأخير الذي قال فيه "صدرت تعليمات جديدة للمكلفين بحراسة الأسرى الإسرائيليين بخصوص التعامل معهم في حال اقترب الجيش من مكان احتجازهم".
وأضاف أبو عبيدة أنه "بعد حادثة النصيرات صدرت تعليمات جديدة للمكلفين بحراسة الأسرى بخصوص التعامل معهم حال اقتراب جيش الاحتلال من مكان احتجازهم، إصرار نتنياهو على تحرير الأسرى من خلال الضغط العسكري بدلاً من إبرام صفقة سيعني عودتهم لأهلهم داخل توابيت وعلى عائلاتهم الاختيار إما قتلى وإما أحياء".
وفي وقت سابق خلال الحرب تمكنت القوات الإسرائيلية من تحرير أربعة رهائن في هجوم دام وقع في مخيم النصيرات وسط القطاع، ويبدو من حديث "حماس" أنها طلبت من الحراس قتل الرهائن إذا حاول الجيش تحريرهم من قبضة حراسهم، لكن الحركة التي غيرت التعليمات تلمح لذلك ولا تفصح عنه بوضوح.