ككرة الثلج، كبُرت قضايا التشكيك بأفعال الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يوماً تلو الآخر، وتشعّبت حتى تخطّت مفاعيلها الحدود الأميركية، وصولاً إلى أستراليا وإيطاليا. فبعد اتّهام ترمب بطلب المساعدة من رئيس وزراء أستراليا، سكوت موريسون، لضرب صدقيّة تحقيق المدعي الخاص، روبرت مولر، تفاعلت المسألة في كانبيرا دافعةً موريسون إلى التقليل من أهمية مكالمته الهاتفية مع الرئيس الأميركي ووصفها بـ"المقتضبة والعادية". وفي إيطاليا، خرجت معلومات عن طلب مماثل لترمب من رئيس الوزراء.
أستراليّاً، تصاعدت المخاوف من احتمال أن يكون رئيس الوزراء حاول مساعدة ترمب على تشويه سمعة خصوم سياسيين. وقال موريسون، اليوم الأربعاء، إن الرئيس الأميركي طلب منه فقط أن يقيم "نقطة اتصال" داخل الحكومة الأسترالية لتحقيق يأمل ترمب منه أن يُكذّب تحقيق مولر بشأن تدخّل روسيا في الانتحابات الرئاسية الأميركية عام 2016.
"عدم التعاون يثير الدهشة"
وفي حديث لشبكة "سكاي نيوز" التلفزيونية، قال رئيس الوزراء الأسترالي إنه كان من دواعي "سروره" أن يلبّي طلب ترمب على أساس أن سفير بلاده إلى الولايات المتحدة، جو هوكي، سبق أن عرض مساعدة أستراليا في التحقيق في مايو (أيار) الماضي.
وعن مكالمته الهاتفية مع الرئيس الأميركي، أوضح موريسون أنها "كانت محادثة مقتضبة وعادية إلى حد ما. كنّا قد ذكرنا أننا مستعدّون للمساعدة والتعاون في ذلك التحقيق، وهو ليس أمراً غير معتاد. الولايات المتحدة حليف مهم لنا، في الواقع أكثرهم أهمية، ونحن معتادون على تشارك الكثير من المعلومات". وأضاف "أستراليا لن تفعل نقيض مصالحها القومية. ولو قرّرنا عدم التعاون لكان ذلك بصراحة أكثر ما يثير الدهشة".
المعارضة الأسترالية: لننشر المعلومات
وبينما تتمتّع العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة بدعم قوي من الحزبين في أستراليا، طالب زعيم المعارضة أنطوني ألبانيز، في وقت سابق اليوم الأربعاء، بنشر المعلومات التي سلّمتها كانبيرا إلى واشنطن فيما يتعلّق بالمساعدة التي طلبها ترمب. وأكّد ألبانيز أنّ "المسألة غير عادية بتاتاً"، وأنه "ينبغي على رئيس الوزراء الإدلاء ببيان كامل".
غير أن موريسون لم يكشف عمّا يمكن أن تكون أستراليا قدّمته للولايات المتحدة، قائلاً إن التصرّف في هذه القضية يعود الآن إلى المسؤولين على المستوى الإداري.
وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريز باين، رفضت بدورها الإفصاح عن "المواد والمعلومات"، التي يمكن أن يكون تبادلها رئيس الوزراء مع ترمب. وفي مقابلة مع إذاعة "إيه بي سي"، سعت باين إلى الطمأنة بأنّ حكومتها تصرّفت كما ينبغي، مؤكّدةً أن أي تعاون مع إدارة ترمب يجري "بقدر ما نستطيع وبقدر ما هو مناسب".
مساعي عزل ترمب
من المعروف أن ترمب، ووسائل الإعلام الحليفة له، لطالما أيدوا نظريات المؤامرة بشأن تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، وتقرير مولر الذي يشرح جهود موسكو في قلب نتائج انتخابات عام 2016 لصالح ترمب، من دون أن يجد المحقّقون دليلاً على تواطؤ بين روسيا ومحيط المرشّح الجمهوري.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" أوردت أنه خلال مكالمة هاتفية أخيراً طلب الرئيس الأميركي من رئيس الوزراء الأسترالي المساعدة في مراجعة يجريها وزير العدل الأميركي، بيل بار، حول مصادر التحقيق الذي يجريه روبرت مولر بهدف تكذيبه. وأفادت الصحيفة بأن التحقيق الأول الذي أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي حول تدخّل روسيا في انتخابات عام 2016، فُتح إثر تلقّي "إف بي آي" إخباراً من مسؤولين أستراليين.
وأفادت "نيويورك تايمز" بأن البيت الأبيض منع الوصول إلى محضر المكالمة بين ترمب وموريسون بالطريقة نفسها التي منع بها الوصول إلى محضر مكالمة ترمب مع نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، والتي طلب خلالها الأول من الثاني فتح تحقيق يطاول جو بايدن، منافس ترمب الديمقراطي المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2020. وأدّى الكشف عن محتوى هذا الاتصال إلى فتح تحقيق في مجلس النواب الأميركي، ذي الغالبية الديمقراطية، يرمي إلى عزل ترمب.
بوتين يدافع عن ترمب
ومع تطوّر ملف المكالمة بين ترمب وزيلينسكي، دافع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، عن نظيره الأميركي، قائلاً "لا أرى شيئاً مسيئاً في المحادثة بين ترمب والرئيس الأوكراني". وأكّد أنه لن يمانع نشر اتصالاته الهاتفية مع ترمب، مضيفاً أنه يعتقد دائماً أنه من المحتمل نشر ما يتفوّه به كلّما تحدّث.
وكان رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأميركي قال الأحد الماضي إن الكونغرس عقد العزم على الاطلاع على اتصالات ترمب الهاتفية مع بوتين وغيره من زعماء العالم، مشيراً إلى مخاوف من احتمال أن يكون الرئيس الجمهوري عرّض الأمن القومي للبلاد للخطر.
ترمب يطلب من روما المساعدة
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أمّا في إيطاليا، فأكّدت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" أن رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، سمح بعقد لقاءين بين وزير العدل الأميركي ورئيس الاستخبارات الإيطالية، الجنرال جينارو فيكشيوني، في إطار جهود الرئيس الأميركي لضرب مصداقية تحقيق مولر.
وأكّدت وسائل إعلام إيطالية أن "بار" وصل إلى روما في أغسطس (آب) الماضي لجمع عناصر متعلقة بتحقيق مولر، وعاد إليها يوم الجمعة الماضي ليلتقي الجنرال فيكشيوني، قبل وصول وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الثلاثاء إلى روما.
وأضافت أن وزير العدل الأميركي طلب خصوصاً من الاستخبارات الإيطالية توفير أكبر عدد ممكن من المعلومات حول جوزف ميفسود، أستاذ جامعي مالطي يدرّس في روما ويشتبه الأميركيون بأنه جاسوس لصالح الإيطاليين أو البريطانيين.
وتعهّد ميفسود للمستشار السابق لحملة ترمب الانتخابية، جورج بابادوبولوس، أن يؤمّن له معلومات تضرّ بالمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وفق ما أوردت وسائل إعلام إيطالية. وأضافت أن ميفسود عمل في جامعة "لينك كامبوس" في روما حتى عام 2017، حين سُجن بابادوبولوس بسبب كذبه على مكتب الـ"إف بي آي".
ويؤكّد بابادوبولوس أن ميفسود جزء من مجموعة "جواسيس" استُخدموا للإيقاع بترمب، وهو موقف بات البيت الأبيض يؤيده أكثر فأكثر.
وقبل أن يختفي أثره، أقام ميفسود في شقة تابعة لجمعية مرتبطة بجامعة "لينك كامبوس" حتى مايو (أيار) 2018، وفق صحيفة "كورييري ديلا سيرا". ويعتقد أن لهذه الجامعة صلات بالاستخبارات وبحركة "الخمس نجوم"، الحزب المهيمن في الغالبية الحاكمة الإيطالية والمقرّب من كونتي، وفق الإعلام الإيطالي.
وقالت صحيفة "لا ريبوبليكا" إن بار "حذّر" الجنرال فيكشيوني من أن الصلات بين جامعة "لينك" وحركة "الخمس نجوم"، التي يتولى رئيسها لويجي دي مايو وزارة الخارجية، قد تسيء للعلاقات الثنائية بين البلدين.