Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التمرد المسلح يهدد مستقبل الممر الاقتصادي "الصيني – الباكستاني"

تجد بكين نفسها وسط دائرة مغلقة بين تطرف الانفصاليين البلوش وتجاهل الحكومة إسلام أباد للوضع المتفاقم في الإقليم

يهدف مشروع الممر الاقتصادي إلى تمكين ميناء "غوادر" الاستراتيجي ليكون مركزاً للتجارة العالمية (أ ف ب)

ملخص

تقع بلوشستان التي تعاني تخلفاً حضارياً وأمنياً في منطقة جغرافية مهمة عند تقاطع جنوب ووسط آسيا. وعلى رغم كونها غنية بمعادن ثمينة مثل الذهب والنحاس والحجر الجيري والتيتانيوم والحديد، إضافة إلى أن مساحتها تمثل 44 في المئة من مساحة الأراضي الباكستانية، فإنها الإقليم الأكثر فقراً والأقل نمواً في باكستان.

10 أعوام مضت على إطلاق مشروع الممر الصيني الباكستاني الذي وصف كحجر أساس لمبادرة "الحزام والطريق" ونقطة تحول تنموي واقتصادي لإقليم بلوشستان الباكستاني، من خلال فتح ميناء "غوادر" الاستراتيجي للملاحة العالمية.

وبعد مرور عقد من بدء العمل على المشروع، لا تزال بوادر الازدهار والتحول الاقتصادي بعيدة من بلوشستان بسبب غياب الرؤية السياسية الموحدة وأعمال العنف من قبل التنظيمات الانفصالية. آخر هذه العمليات كانت في الـ26 من أغسطس (آب) في الذكرى الـ18 لمقتل نواب أكبر بوغتي، أحد رؤساء القبائل البوشية الذي شغل مناصب رسمية عدة في مختلف الأوقات، على يد القوات الباكستانية، التي راح ضحيتها أكثر من 70 شخصاً. كما اهتم المسلحون المنتمون لمنظمة "جيش تحرير البلوش" خلال عملياتهم المنسقة والمتزامنة في مختلف مناطق الإقليم بإغلاق الطرق السريعة الرئيسة في بلوشستان لمنع وصول المساعدات إلى قوات الأمن، ولخلق انطباع في وسائل الإعلام بأن سلطة الحكومة الباكستانية ترهلت في الإقليم.

وقد أثر جو انعدام الأمن الناجم عن هجمات الانفصاليين البلوش على مشاريع الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني وعلى تنمية بلوشستان، كما أدى عدم إيفاء باكستان بالتزاماتها تجاه الشركات الصينية، إضافة إلى الفشل البيروقراطي والأزمة المالية والبيئة السياسية غير المستقرة إلى تباطؤ وتيرة التنمية.

في الجانب الآخر، حذر وزير اللجنة المركزية للقطاع الدولي للحزب الشيوعي الصيني ليو جيانتشاو، من أن الأخطار الأمنية تمثل تهديداً أساسياً للتعاون بين الصين وباكستان في الممر الاقتصادي.

في مرمى نيران الانفصاليين

تعمدت التنظيمات المسلحة البلوشية خلال الأعوام الأخيرة استهداف المشاريع الصينية والعاملين فيها في باكستان للإضرار بالممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني. معظم هذه الهجمات نفذها لواء مجيد، وهو فرقة انتحارية تابعة لـ"جيش تحرير البلوش. وقد بدأت المنظمة بشن هجمات انتحارية منذ أن تولى أسلم بلوش قيادة جيش تحرير بلوشستان عام 2018، لتمثل تحولاً استراتيجياً في ما يتعلق بالاهتمام الدولي وتسليط الضوء على المشكلات الاجتماعية والاقتصادية للبلوش.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المصالح الصينية في باكستان كانت على رأس أهداف الهجمات الانتحارية، إذ تم استهداف حافلة للمهندسين الصينيين الذين يعملون في الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني في منطقة تشاغاي عام 2018، كما تم استهداف القنصلية الصينية في كراتشي في العام نفسه، إضافة إلى الهجمات الانتحارية على فندق بيرل كونتيننتال في غوادر عام 2019، وقسم كونفوشيوس (تعليم اللغة الصينية) بجامعة كراتشي عام 2022. ردت باكستان على هذه الهجمات بتصنيف "جيش تحرير البلوش" منظمة إرهابية.

وتصور المنظمة الانفصالية المسلحة في موادها الدعائية مشروع الممر الاقتصادي مشروعاً استعمارياً مثل "شركة الهند الشرقية" البريطانية، كما يزعم "جيش تحرير البلوش" أن الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني سيمنح الصين السيطرة على الموارد المعدنية لبلوشستان والميناء الاستراتيجي في مدينة غوادر، كما ترى المنظمة أن المشروع عزز شعور التخلف الاقتصادي في الإقليم.

 وقد أصدرت المنظمة تحذيراً مباشراً لبكين بعد استهداف عدد من المواطنين الصينيين والمشاريع الصينية في باكستان لإنهاء مشاريعها التنموية في بلوشستان.

شعور التخلف وعدم الأمان

تقع بلوشستان التي تعاني تخلفاً حضارياً وأمنياً في منطقة جغرافية مهمة عند تقاطع جنوب ووسط آسيا. وعلى رغم كونها غنية بمعادن ثمينة مثل الذهب والنحاس والحجر الجيري والتيتانيوم والحديد، إضافة إلى أن مساحتها تمثل 44 في المئة من مساحة الأراضي الجغرافية الباكستانية، فإنها الإقليم الأكثر فقراً والأقل نمواً في باكستان، ويعيش نحو 41 في المئة من سكان الإقليم تحت خط الفقر.

 

وإلى جانب التخلف الاقتصادي والتجاهل الحكومي، ألحقت الجماعات المسلحة البلوشية ضرراً كبيراً بالمشاريع التنموية في المنطقة، إذ استهدف "جيش تحرير البلوش" والجماعات المتمردة الأخرى خطوط أنابيب الغاز وخطوط السكك الحديد وأبراج الكهرباء والاتصالات في الإقليم، إضافة إلى استهداف موظفي شركات التنقيب عن النفط والغاز والعاملين على بناء الطرق والمشاريع الأخرى.

وخلافاً للقاعدة العامة، فإن مشاريع التنمية التي تسهل حل الصراعات المحلية عادة جلبت نتائج عكسية في بلوشستان، إذ أطلقت الحكومة قبل 15 عاماً تقريباً مشروع خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان، لكنه لم يكتمل بسبب الاضطرابات الأمنية. مثال آخر على ذلك هو مشروع الممر الاقتصادي الذي يشمل تطوير ميناء "غوادر" وتحسين البنية التحتية للاتصالات، لكنه راح ضحية "بروباغندا" الانفصاليين الذين يقوضون المشاريع الاقتصادية في بلوشستان، ويعرقلون الجهود الرامية إلى تحويل ميناء "غوادر" إلى مركز إقليمي للحركة الملاحية.

تدعي المنظمات الانفصالية أنها تدافع عن حق البلوش ضد الدولة الباكستانية، فإنها عززت تهميش وتخلف الإقليم من خلال مهاجمة المشاريع التنموية وإرهاب والمدنيين، لتكون جزءاً من دورات العنف التي تسبب إضاعة الفرص الاقتصادية في بلوشستان. ولعل أحد أسباب تطرف هذه المنظمات هو سوء تعامل الدولة الباكستانية مع الصراع الذي أدى إلى عزل جيل كامل من البلوش عن الدولة، وظهور أشكال أكثر تطرفاً من القومية البلوشية.

وفي الوقت الحالي، أدت المواقف المتشددة التي يتبناها المتمردون أيضاً إلى القضاء على جميع السبل المحتملة لحل الصراع، ومن المؤسف أن الصين تجد نفسها وسط هذه المعادلة العدائية التي لا تبدو أنها ستنتهي في المستقبل القريب.

نقلاً عن "اندبندنت أوردو"

المزيد من تقارير