Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاحتكار يهيمن على لبنان بعد اتساع نطاق الحرب والنزوح

يشكل قطاع الإيواء والسكن ضغطاً على المواطنين والإيجار الشهري يراوح ما بين 500 و800 دولار

لبنان على أبواب الحصار والتخزين مستمر (اندبندنت عربية)

ملخص

مع توسع العمليات العسكرية في لبنان تزداد المخاوف من وقوع حصار وتأثر سلسلة توريد السلع الأساسية من الفرش إلى الغذاء والدواء والوقود.

ولد أسلوب اغتيال أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله صدمة في نفوس اللبنانيين، ودفع عشرات الآلاف من المواطنين لمغادرة أحياء الضاحية الجنوبية التي ظلت حتى الأمس القريب "منطقة آمنة".

ولم يتمكن كثير منهم من المبيت في مراكز الإيواء بسبب امتلائها، وفي انتظار فتح أماكن أخرى وتجهيزها على عجل. في وقت تسببت حركة النزوح بالضغط على السلوك الاستهلاكي للمواطن اللبناني، والميل نحو تخزين المواد الأساسية.    

البحث عن مكان آمن

هرب المدنيون على عجل تحت وطأة تهديدات الجيش الإسرائيلي، واتجه هؤلاء نحو العاصمة بيروت إذ افترش هؤلاء الأرض على كورنيش عين المريسة وساحة الشهداء، فيما توجهت قوافل السيارات شمالاً.

وشهدت مداخل مدينة طرابلس ازدحاماً ملحوظاً، وتجند ناشطين لخدمة النازحين، والتنسيق مع لجنة إدارة الأزمة لفتح مزيد من المدارس بعد أن وصل إشغال الشقق السكنية والفنادق إلى الحد الأقصى.

كما شهدت الأسواق التجارية إقبالاً شديداً على شراء المواد الغذائية ومواد الطاقة والدواء فيما تتزايد المبادرات الشعبية للإغاثة خارج الإطار الحكومي المربك أمام الاعتداءات العنيفة وغير المسبوقة، فيما أشار وزير البيئة اللبناني ناصر ياسين عن العمل على زيادة مراكز الإيواء.

ويأتي كلام ياسين الذي يترأس لجنة الطوارئ الوطنية في أعقاب موجة نزوح جديدة بعد الهجمات على الضاحية الجنوبية، وأشارت "يونيسيف" لبنان في بيان لها إلى أن "الهجمات العنيفة والمستمرة على لبنان تدفع بالوضع الإنساني نحو الكارثة"، مع نزوح عشرات الآلاف من الأسر منذ ليلة الجمعة الماضي عقب عملية اغتيال نصرالله، من دون أن تجد مكاناً آمناً تلجأ إليه"، فيما تشير ترجيحات إلى نزوح مليون شخص تقريباً، لجأ 250 ألف منهم إلى مراكز إيواء.

 يرجح الوزير ياسين "تحويل القاعات والأندية إضافة إلى المدارس الرسمية لإيواء النازحين"، لافتاً إلى توجيه النازحين إلى الشمال وجبل لبنان ومناطق أخرى، بعد أن امتلأت مراكز بيروت الـ100.  

حصار قريب؟

حملت ساعات مساء أول من أمس السبت أخباراً مقلقة للبنانيين، مع توجه الجيش الإسرائيلي لفرض حصار عسكري على المنافذ البرية والبحرية والجوية للبلاد وحظر هبوط الطائرات المقبلة من سوريا وإيران، والتهديد بقصف الجرافات التي تحاول إصلاح الطرق الحدودية المقصوفة مع سوريا.

وهو ما تزامن مع دعوة اللبنانيين إلى الابتعاد عن المنطقة التي توجد قرب ممتلكات "حزب الله"، و"عدم العودة حتى إشعار آخر". دفع هذا التهويل بمزيد من الهجمات إلى التساؤل حول "دخول لبنان في المجهول" على أعتاب حرب شاملة ومدمرة لما صمد حتى الآن أو مقايضة كبرى تفرض تغييراً ملحوظاً على المشهد القائم حالياً.

تجار الأزمات

للحرب وجه آخر لا تقل بشاعة عن الدمار، حتى برزت بشدة محاولات الاحتكار و"الاستفادة من الفرصة" بحجة قانون السوق والعرض والطلب في ظل غياب تام للسلطات.

وفي هذا الإطار، يشكل قطاع الإيواء والسكن ضغطاً شديداً على المواطنين. في وقت ينجح البعض في تأمين مسكن بواسطة أحد الأصدقاء والأقارب في المناطق الآمنة، يخضع آخرون لشروط المحتكر.

في الشمال، تسجلت مجموعة من النجاحات في مناطق الضنية وزغرتا وعكار وطرابلس، من خلال فرق الاستجابة في المناطق التي قامت بإحصاء الشقق والغرف الفندقية المتاحة وتوزيع النازحين عليها، قبل الانتقال إلى توزيعهم على المدارس والمؤسسات التربوية والبلدية، وفي طرابلس أعيد فتح وتأهيل فندق الكواليتي المغلق منذ سنوات.

تكيف بعض النازحين "مرغماً" مع الأوضاع الراهنة، فيما تحفظ آخرون على السكن في شقق صغيرة لا تتوافر فيها شروط الرفاهية، وفق أحد المسؤولين عن الإغاثة. لكن في المقابل، برزت صعوبة في تأمين شقة، ويقود التواصل مع السماسرة إلى أرقام صادمة، إذ طلب أحدهم مبلغ 800 دولار أميركي إيجاراً شهرياً لشقة مفروشة في منطقة جبلية تستخدم للاصطياف. في المقابل، فإن البدل الشهري لشقة فارغة غير مفروشة ضمن المدينة هو 500 دولار أميركي، مع شرط دفع ستة أشهر سلفاً.

أزمة الفرش والمخدات

تحت وطأة الخوف، هرب المواطنون وتركوا وراءهم الأمان والمنزل والمفروشات والأغطية والملابس. وصلوا إلى المدارس غير المجهزة للإقامة، والخالية من المرافق الصحية. وأنعشت اندفاعة هؤلاء سوق "الفرش" والمخدات. ويتحدث أصحاب المصانع والمحال عن إقبال شديد، وغير مسبوق بشكل يفوق حرب 2006.

وكشف اللواء محمد الخير رئيس الهيئة العليا للإغاثة عبر تلفزيون لبنان عن "عمليات احتكار في سوق الفرش الذي يعد أساسياً في الإيواء"، مشيراً إلى تأمين الهيئة 6 آلاف فرشة في ظل الموجات الأولى للنازحين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير إلى تعاون الجمعيات ورجال أعمال ومانحين في تأمين المساعدات، داعياً فاعلي الخير إلى تقديم مزيد من المساعدات العينية. ويشكو "جشع التجار"، متعهداً بملاحقة من يستغل الناس، فالفرشة التي كان يراوح سعرها ما بين 8 و10 دولارات، أصبحت تباع بـ30 دولاراً أميركياً.

وأضاف، "تعاقدت الهيئة مع مصنع في البقاع لتأمين ألف فرشة، لم ينفذ التزاماته مع الهيئة بسبب دفع أحد التجار سعراً أعلى، إلا أن ملاحقته وتوقيفه أديا إلى إغلاق المصنع الأكبر. لذلك لا بد من فرض عقوبات مالية شديدة لكي لا تعطل عجلة الإنتاج".     

من جهته تعهد مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبوحيدر بالعمل لقمع الاحتكار في سوق الفرش من قبل "تجار الأزمات"، والتزام خطة الطوارئ لمواجهة توسع الحرب، وقمع المخالفات في الأفران والمحطات ومتاجر السوبرماركت بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، مشيراً إلى العمل لاستمرار وصول الطحين والوقود إلى الجنوب.   

توريد الغذاء مستمر

يطمئن نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي إلى توفر السلع الغذائية بصورة كافية في المتاجر وبالأسعار المعهودة، ناهيك بـ"استمرار مرفأ بيروت في العمل المعتاد، وانتظام سلسلة التوريد والتموين".

يأمل بحصلي في عدم تفاقم الأمور أكثر مما هي عليه، وفي استمرار الضمانات بعدم استهداف المنشآت المدنية أو المنشآت النفطية ومطار بيروت. ويدعو إلى عدم إخافة المواطنين لأن البضاعة المعروضة أكثر من الطلب، وهناك مخزون يكفي ثلاثة أشهر في الحد الأدنى، ولا حاجة للتهافت على الأسواق. من جهة أخرى، يذكر بحصلي بتكديس البضائع في مرفأ بيروت، كاشفاً عن تجديد المطالبة بتسريع المعاملات خلال اجتماع غرفة التجارة.  

الأدوية المزمنة متوفرة إلى حين

على ضفة الأدوية المزمنة يتحدث نقيب الشركات المستوردة للدواء جوزيف غريب إلى وجود مخزون كاف لمدة خمسة أشهر في الصيدليات ومستودعات الشركات. يضيف، "لا خطر على المخزون الاستراتيجي إلا في حالة تهديد سلسلة التوريد"، و"استمرار النقل البحري أمر مهم للغاية".

يشير غريب إلى ترقب وتقييم مستمر للمشهد على ضوء تطور الأمور، وتنسيق مستمر مع وزارة الصحة ونقابة الصيادلة لافتاً إلى "استقرار سعر الدواء بفعل السعر المحدد من وزارة الصحة ولا يتأثر بكلفة الشحن".   

يتحدث غريب عن تنسيق مع وزارة الصحة من أجل الحفاظ على المخزون من جهة، ومن جهة أخرى وضع المخزون في تصرفها إذا ما اقتضت الحاجة لمعالجة مصابي الحرب، إضافة إلى علاجات الأمراض المستعصية وغسيل الكلى.

كما يشير غريب إلى "عدم التهافت على سوق الأدوية رغم كل ما حدث"، مشدداً على عدم وجود احتكار في سوق الدواء اللبناني لأن هناك مصلحة لدى التاجر والصيدلي في بيع الدواء لمستحقيه. ويطمئن إلى أن عدم إصابة أي من "مخازن الأدوية" بالقصف الشديد على ضواحي بيروت.

الوقود متوافر

لم تقتصر المخاوف على سوق الغذاء والدواء وإنما تجاوزها إلى المحروقات. حيث تشهد البلاد عودة طوابير البنزين في أعقاب أي ضربة أو اغتيال أو حتى مجرد إشاعة.

يؤكد ممثل نقابة موزعي المحروقات فادي أبو شقرا "توافر البضاعة في كل المناطق ووجود مخزون في المستودعات، إضافة إلى استمرار وصول البواخر عبر البحر بسبب عدم وجود الحصار".

يجيب أبوشقرا عن وصول المحروقات إلى المناطق المستهدفة في الجنوب والبقاع، لافتاً "تحاول الصهاريج الوصول إلى حيث الإمكان".

أما في ما يتعلق بالفترة المقدرة التي يستغرقها استهلاك المخزون النفطي المتاح، يوضح أبوشقرا "حالياً، لا يوجد استهلاك للمحروقات في البلاد بسبب عدم تمكن المواطن الانتقال بين منطقة وأخرى وتوافر البضاعة بمختلف صورها، بما فيها الديزل والمازوت المستخدم للتدفئة". ويشدد على "منح الأولوية في التوزيع للمستشفيات، ومعامل الأوكسجين، والمصانع ذات الصلة بالضرورات الطبية".    

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات