Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تراجع حاد للرقابة المدنية في انتخابات تونس... فما الأسباب؟

تعطي ضمانة أكثر للناخب يوم الاقتراع بخصوص مدى مطابقة الاستحقاق للمعايير الدولية

1500 منظمة وجمعية تراقب الانتخابات الرئاسية في تونس (اندبندنت عربية)

ملخص

من 27 ألف جمعية ومنظمة في انتخابات 2014، إلى 17 ألفاً في انتخابات 2019،  ثم 1500 جمعية في مراقبة المسار الانتخابي في رئاسيات 2024، لماذا تراجع حضور المجتمع المدني في الانتخابات بتونس؟ 

تشيد تونس بعد 2011 بتنوّع المجتمع المدني والسياسي الذي أثرى الانتخابات التي شهدتها البلاد بعد الانتفاضة.

وأسهم المجتمع المدني في المحطات الانتخابية التي عرفتها تونس بعد 2011 من خلال مراقبة المسارات الانتخابية من بداياتها إلى نهاياتها، وإصداره تقارير فورية توثق التجاوزات والتعديات التي حدثت طوال المسار الانتخابي. ومثّل المجتمع المدني كذلك ضمانة لشفافية ونزاهة العملية الانتخابية، وأصبح الناخب التونسي يثق بالانتخابات بعد أن باتت تحت رقابة المجتمع المدني.

وتمثل مكانة الهيئات المدنية في المجتمع السياسي، مؤشراً حقيقياً للأنظمة الديمقراطية التي تعمل على تعزيز دور الفعاليات المدنية إيماناً منها بأدوارها الرقابية والمواطنية تعزيزاً للديمقراطية.

وتَعدّ تونس أكثر من 25 ألف جمعية تنشط في مجالات مختلفة رياضية وثقافية وتنموية، إضافة إلى الجمعيات التي ظهرت بعد 2011 والتي تنشط في المجال الانتخابي من خلال المرافقة والرقابة.

وشاركت خلال انتخابات 2014، 27 ألف جمعية ومنظمة في مراقبة المسار الانتخابي، ثم تراجع هذا العدد في انتخابات 2019 إلى 17 ألف جمعية ومنظمة، ليستقر في الانتخابات الرئاسية الحالية على نحو 1500 جمعية ومنظمة.

فما هي أسباب هذا التراجع؟ وهل يؤثر ذلك في نزاهة وشفافية الانتخابات الرئاسية في تونس؟.

اتهامات وحملات تشويه

ويرى بسام معطر رئيس جمعية تونسية في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن "دور المجتمع المدني في الانتخابات أكدته مواثيق دولية عدة، وأصبح مكوناً مهماً في أي عملية انتخابية نظراً إلى لأدوار التي يقوم بها، بخاصة في مراقبة وملاحظة المسار الانتخابي"، لافتاً إلى أن "رؤية المجتمع المدني فارقة في المسارات الانتخابية لأنها من خارج الهيئة الانتخابية ومن خارج السلطة والمرشحين".

ويردف أن "مكونات المجتمع المدني المتخصصة في الشأن الانتخابي تقوم بدور مهم في التوعية بأهمية الديمقراطية والمشاركة في الانتخابات، علاوة على أن ملاحظة المجتمع المدني للانتخابات تعطي ضمانة أكثر للناخب يوم الاقتراع، بخصوص مدى مطابقة الاستحقاق للمعايير الدولية".

ويعتبر أن "المناخ الذي تسير فيه الانتخابات وما طاول المجتمع المدني في تونس من اتهامات وحملات تشويه أدّيا إلى تراجع عدد المتطوعين في فعاليات العمل المدني والجمعياتي"، لافتاً إلى أن "هذه المنظمة ستعوّل في هذه الانتخابات على 220 ملاحظاً فقط، وهو عدد ضعيف مقارنة بخريطة مكاتب الاقتراع التي تفوق الخمسة آلاف مركز، لذلك سيتم الاعتماد على الملاحظين المتنقلين بين مراكز الاقتراع".

ويدعو بسام معطر إلى "تعزيز دور المجتمع المدني وتنويع مصادر تمويله"، مقترحاً على الدولة توفير تمويل عمومي للجمعيات من أجل درء شبهات التمويل الخارجي، وخلص إلى أن "غياب المجتمع المدني عن ملاحظة الانتخابات يؤثر في المسار الانتخابي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إخلالات بسيطة

واعتبرت جمعيته التونسية في تقريرها الأول حول ملاحظة افتتاح عملية الاقتراع للانتخابات الرئاسية، أن الإقبال كان متفاوتاً بين مراكز الاقتراع، مع تسجيل بعض الإخلالات في عدد من مكاتب الاقتراع، على غرار التأخير في فتح المركز في محافظة نابل ووجود اختلاف بين عدد بطاقات الاقتراع وعدد الناخبين المسجلين، كما لاحظت بطءاً في استعمال التطبيق مما جعل أعوان مكاتب الاقتراع يلجأون إلى تدوين المعطيات يدوياً، وعاينت الجمعية كذلك "حالات تأثير في الناخبين لفائدة أحد المرشحين".

وأشار المدير التنفيذي لأحد مراصد مراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية ناصر الهرابي من جهته في تصريح صحافي إلى "نقص في أوراق التصويت وفتح بعض صناديق الاقتراع قبل حضور الملاحظين"، مؤكداً أنه "تم اعتماد 730 ملاحظاً موزعين بين 40 منسقاً جهوياً و690 ملاحظاً ميدانياً في كامل ولايات الجمهورية".

مشاركة ضعيفة للشباب

من جهتها، أكدت آمال بن خود مديرة إحدى الجمعيات في تصريح خاص أن الجمعية "منذ تأسيسها عام 2011 لاحظت جميع المحطات الانتخابية"، قائلة "نركز على مشاركة الشباب في الشأن العام، تحديداً في الانتخابات، وقمنا بنشر 343 ملاحظاً في 12 ولاية لمراقبة 1111 مكتب اقتراع من شمال تونس إلى جنوبها من خلال المراقبة المتنقلة، ولاحظنا مشاركة ضعيفة للشباب، ولم يتم رصد أي حالة نقص في عدد أوراق الاقتراع في عدد من المكاتب".

ولفتت إلى أن "عملية الملاحظة تتم في محيط مكاتب الاقتراع حيث يُصار في بعض الحالات إلى التأثير في الناخبين أو محاولة شراء الأصوات وهي عمليات يتصدّى لها ملاحظو الجمعية".

يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رفضت اعتماد عدد من الجمعيات إثر إشعارها من جهات رسمية بتلقي بعض تلك الجمعيات "تمويلات أجنبية مشبوهة بمبالغ مالية ضخمة ومصدرها بعض البلدان من بينها لا تربطها بتونس علاقات دبلوماسية".

رفع التضييقات على الأحزاب والمنظمات

وبينما تعمل منظمات المجتمع المدني بالإمكانات المتوافرة لها لملاحظة الانتخابات، يرى معارضو المسار الجديد الذي دخلته تونس منذ يوليو (تموز) 2021 أن هيئة الانتخابات تعمّدت إقصاء الجمعيات التي لها مصداقية في مراقبة الانتخابات ولم يتم اعتمادها من قبل الهيئة.

ويرى الباحث في الأنثروبولوجيا والناشط السياسي الأمين البوعزيزي في تصريح خاص أن "تونس دخلت منعطفاً جديداً بعد الـ25 من يوليو 2021، تخلّت فيه عن ممارسة الفعل السياسي والمدني، من خلال رفض السلطة الحالية التعامل مع الأجسام الوسيطة كالمنظمات والأحزاب السياسية التي لها دور كبير في تأطير الناخبين".

ويرى أن "ما بقي من مكونات المجتمع المدني لا يعكس الإرادة الحقيقية للتونسيين"، داعياً إلى "فتح الفضاء العام أمام كل مكونات المجتمع السياسي والمدني ورفع التضييقات التي تطاول عدداً من الأحزاب والجمعيات من أجل مجتمع متوازن ومتصالح مع العمل السياسي والمدني".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير