ملخص
ما زال المدنيون في غزة يعيشون في ملاجئ متداعية، ويعانون الأمرين للعثور على الطعام وسط انعدام تام لظروف السلامة والأمن، وفق المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر سارة ديفيز، حتى بعدما أصبح تركيز الجيش الإسرائيلي منصباً على توجيه ضربات في لبنان.
استهدف الجيش الإسرائيلي شمال قطاع غزة بقصف مكثف وأغلق الطرق مما حال دون وصول المساعدات، وفق ما أعلن جهاز الدفاع المدني في القطاع الفلسطيني اليوم الأربعاء.
وفي نهاية الأسبوع أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عمليات جديدة في أجزاء من غزة، وحاصرت قواته منطقة جباليا فيما أصدر أوامر إخلاء جديدة أمس الثلاثاء، وقال محللون إن "حماس" تعيد رص الصفوف على رغم الضربات المتواصلة والقتال العنيف منذ عام.
وقال مدير الدفاع المدني في محافظة شمال غزة العقيد أحمد الكحلوت لوكالة الصحافة الفرنسية إن "القصف يشتد ويستهدف المواطنين ومنازلهم وهناك خوف ورعب" بين السكان، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي يستهدف أيضاً "محيط بيت لاهيا وبيت حانون شمال قطاع غزة" إضافة إلى منطقة جباليا.
وأشار كحلوت إلى أن "إغلاق الطرق والحصار مستمر لليوم الرابع على التوالي"، موضحاً أن "الحصار مستمر ولا يدخل أي شيء لمحافظة شمال قطاع غزة، وهناك عدد كبير من القتلى نتيجة القصف"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنه من "الصعب إحصاء عدد الشهداء لصعوبة الوصول إلى كل المناطق".
وتابع كحلوت أن الدفاع المدني كان يتلقى مناشدات إغاثة من مناطق مختلفة في شمال غزة، لكن عناصره لم يتمكنوا من دخولها لأسباب أمنية.
وأضاف، "حتى الآن مستشفى كمال عدوان يعمل ويتعامل مع الإصابات التي تستطيع الطواقم انتشالها".
وقد تضرر عمل المستشفيات في غزة بشدة بسبب عدم وصول المساعدات والإمدادات التي تحتاج إليها، وأصدرت وزارة الصحة أمس الثلاثاء في غزة نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي لتزويد المرافق الصحية الوقود قبل توقف جميع المستشفيات عن تقديم الخدمات في محافظتي غزة والشمال.
وقال الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء إن العمليات مستمرة "في كل أنحاء غزة"، مضيفاً أن القوات الإسرائيلية قضت على 20 مقاتلاً فلسطينياً في منطقة جباليا وفككت موقعاً لتخزين الأسلحة في اليوم السابق.
وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس في قطاع غزة الأربعاء بأن 42010 أشخاص قتلوا في الحرب بين إسرائيل والحركة.
وتشمل الحصيلة 45 قتيلاً سقطوا في الساعات الـ24 الأخيرة، وفق الوزارة التي أشارت إلى إصابة 97720 شخصاً بجروح في قطاع غزة منذ اندلعت الحرب.
وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء أن 12 فلسطينياً على الأقل، بينهم تسعة أفراد من عائلة واحدة، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شمال ووسط قطاع غزة.
وأضافت الوكالة نقلاً عن مسعفين تابعين للهلال الأحمر الفلسطيني إن تسعة أفراد من عائلة واحدة قُتلوا في غارة استهدفت شقتهم في حي الشجاعية شمال قطاع غزة.
وتابعت أن ثلاثة أشخاص بينهم طفل قُتلوا وأصيب عدد آخر في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وفيما توغلت الدبابات الإسرائيلية في عمق جباليا بشمال قطاع غزة أمس الثلاثاء وأمرت إسرائيل السكان بإخلاء المنطقة بينما كانت تقصف المخيم التاريخي للاجئين الفلسطينيين من الجو، قالت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس إنه تم إحراز بعض التقدم في ما يتعلق بالتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
لكن نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأميركية قالت خلال ظهورها في برنامج تلفزيوني إن التقدم "لا معنى له" ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بالفعل.
وأضافت هاريس خلال المقابلة التي ستذاع كاملة في وقت لاحق "يجب أن نتوصل لوقف لإطلاق النار واتفاق بشأن الرهائن في أقرب وقت ممكن".
الوضع ما زال مأسوياً في غزة
ما زال المدنيون في غزة يعيشون في ملاجئ متداعية، ويعانون الأمرين للعثور على الطعام وسط انعدام تام لظروف السلامة والأمن، وفق المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر سارة ديفيز، حتى بعدما أصبح تركيز الجيش الإسرائيلي منصباً على توجيه ضربات في لبنان.
وفي الأسابيع الأخيرة، أصبح تركيز إسرائيل في المعركة منصباً على الحدود الشمالية وقد شنت غارات جوية على مواقع "حزب الله" في مختلف أنحاء لبنان بما في ذلك في بيروت، ودخلت قواتها إلى جنوب لبنان.
وعلى رغم ذلك، ما زال المدنيون في غزة يواجهون ظروفاً طاحنة ومدمرة بسبب انعدام الأمن، كما تقول سارة ديفيز، الموجودة حالياً بمنطقة المواصي في غزة.
وقالت ديفيز في مقابلة عبر الإنترنت مع وكالة الصحافة الفرنسية "ما زالوا يعيشون هنا في خيام. وما زالوا غير قادرين على العودة إلى منازلهم. وما زالوا لا يعرفون ما إذا كانت منازلهم قائمة. ويكافحون من أجل إطعام أسرهم كل يوم، وإيجاد مياه صالحة للشرب، وإيجاد الطاقة التي تساعدهم على الاستمرار".
وأضافت ديفيز أنه ما زال يُسمع على نحو مستمر في غزة دوي الانفجارات وأصوات إطلاق النار.
وبينما تم نقل آلاف الجنود إلى الحدود الشمالية مع لبنان، أعلنت إسرائيل عن عمليات جديدة في أجزاء من غزة خلال نهاية الأسبوع وحاصرت قواتها منطقة جباليا ونشر الجيش أوامر إخلاء جديدة السبت.
الوضع "مخيف جداً"
وقالت ديفيز "يشعر الناس بالتوتر الشديد في كل مرة يسمعون فيها بصدور أوامر إخلاء جديدة. أعتقد أن الوضع غامض تماماً بالنسبة للناس على الأرض. إنه مخيف جداً".
قُتل العشرات في جباليا في الهجوم العسكري الأخير، وفقاً للدفاع المدني في غزة، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل 20 مسلحاً.
وبلغ عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائيلية والغارات والقصف نحو 42 ألفاً منذ اندلاع الحرب غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها "حماس"، والتي تعتبرها الأمم المتحدة ذات موثوقية.
وخلال الهجمات، تضررت المستشفيات والعيادات القليلة المتبقية في غزة بشدة بسبب نقص الإمدادات، مع تقييد إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وقالت ديفيز إن المرافق الطبية لا تحصل سوى على كميات محدودة جداً من الوقود الذي لا غنى عنه لتشغيلها وهذا الأمر يزيد الضغط على الأطباء والممرضين.
غوتيريش يتهم نتنياهو بالسعي لحظر الأونروا
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي يسود توتر شديد علاقته مع إسرائيل، الثلاثاء خطياً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من عواقب "كارثية" في الأراضي الفلسطينية في حال منع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من مزاولة أنشطتها.
في الذكرى السنوية الأولى لاندلاع الحرب في القطاع غداة هجوم غير مسبوق لحركة "حماس" على إسرائيل، وجه الأمين العام انتقادات لطريقة إدارة الحرب في القطاع الفلسطيني المدمر.
وقال غوتيريش في مؤتمر صحافي عند مدخل مجلس الأمن المنقسم حول ملف الشرق الأوسط، إنه "كتب مباشرة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليعبر له عن قلقه العميق إزاء مشروع القانون الذي قد يمنع الأونروا من مواصلة عملها الضروري في الأرض الفلسطينية المحتلة".
واعتبر غوتيريش أن "مثل هذا الإجراء من شأنه أن يخنق الجهود الرامية إلى تخفيف المعاناة الإنسانية والتوترات في غزة، بل وفي الأرض الفلسطينية المحتلة بأكملها ومن شأنه أن يشكل كارثة في ظل كارثة كاملة"، وفق ما أورد الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة بالعربية.
وقال غوتيريش إن "مثل هذا التشريع سيشكل انتكاسة هائلة لجهود السلام المستدام وحل الدولتين - مما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار وانعدام الأمن".
تصريحات غوتيريش جاءت في معرض تعليقه على مشروع قانون أقرته لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي، يرمي إلى إنهاء أنشطة ومزايا وكالة الأونروا في إسرائيل.
الجانب الصحيح من التاريخ
وقتل 223 من موظفي الأونروا وتضررت ودمرت ثلثا منشآتها ومدارسها في غزة منذ اندلعت الحرب في أكتوبر 2023، على حد قوله. في أواخر سبتمبر (أيلول) شدد المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني على أن الأونروا تقف "على الجانب الصحيح من التاريخ".
ويدعو غوتيريش بلا كلل إلى وقف إطلاق النار في غزة والآن في لبنان لتجنب "حرب شاملة".
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أعلن الأسبوع الماضي أن غوتيريش "شخص غير مرغوب فيه"، ما يعني منعه من دخول إسرائيل، منتقداً عدم إدانته الصريحة للهجوم الصاروخي الإيراني على بلاده الثلاثاء.
وفي معرض تنديده بالتهجير المستمر لسكان غزة، انتقد غوتيريش طريقة إدارة الحرب، معتبراً أنها "خاطئة في جوهرها". وأضاف "ما من حق مصان في غزة وما من شخص آمن فيها".