Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

الضرائب على العادات السيئة لا يخدم الموازنة البريطانية

إن الضرائب المفروضة على الكحول والتبغ والمقامرة وغيرها من "الرذائل" تحقق للحكومة دخلاً بمبالغ ضخمة. لكن مع اعتماد ممارسات صحية أفضل من قبل الناس واستغلال العصابات الإجرامية الأموال، لم يعد الوضع مربحاً للخزانة وللمكلفين على حد سواء

ضريبة على الكحول؟ برميل عملاق من البيرة محمول في تظاهرة ضد الحظر الأميركي على إنتاج الكحول وشربها في عشرينيات القرن الماضي (غيتي)

ملخص

في ظل أزمة مالية، تجد وزيرة المالية راشيل ريفز نفسها أمام معضلة، إذ يعتمد التمويل الحكومي بشكل متزايد على الضرائب المفروضة على السجائر والرسوم المدرسية، مما يثير القلق حول الآثار الجانبية لزيادة هذه الضرائب، مثل تفشي السوق السوداء وزيادة الجرائم.

ثمة يساريون يريدون إلغاء المدارس الخاصة تماماً. فهم يرون في الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على الرسوم المدرسية معادلاً للضريبة على "السلع الضارة".

ماذا لو كانوا في موقع وزيرة المالية راشيل ريفز وكانت الخزانة خالية من المال؟ يمكنها الاعتماد على الـ1.7 مليار جنيه استرليني (2.22 مليار دولار) أو نحو ذلك التي ستجمع من الضريبة على قطاع التعليم المستقل – ستستخدم هذه الأموال، كما وعدت، للاستثمار في المدارس الحكومية.

هذه الحالة توضح المعضلة التي تحيط بالضرائب على السلع الضارة أو "الرذائل" – هي عادة ضرائب مفروضة على الكحول والتبغ والمقامرة. لكن هذه الأيام، مع تغير المناخ، يمكن إضافة البنزين إلى المواد الخاضعة إلى الرذائل، وفي عصرنا الذي يشهد وعياً صحياً أكبر، يمكن إضافة السكر. والآن، يمكن إضافة التعليم الخاص.

اقرأ المزيد

تفضل الحكومة ألا تفرض أي ضرائب – هي تخشى تقلص شعبيتها بشكل كبير، لكن كما تخبرنا باستمرار وزيرة المالية ورئيسها، سير كير ستارمر، هما لا يملكان المال اللازم لتمويل ما يرغبان في تمويله. والأسوأ من ذلك أنهما يزعمان أن حزب المحافظين ترك لهما ثقباً أسود بقيمة 22 مليار جنيه في الخزانة يجب ملؤه. لذلك، يعد التمويل الذي تولده الضرائب مرغوباً جداً، تصح هذه الرغبة أكثر عندما تشتد الحاجة إلى تمويل كهذا.

ثمة نقطة تصل فيها الضريبة إلى ذروتها، عندما تبدأ العوائد في الانخفاض. تكون الضريبة قد وصلت إلى أقصى حد، وانخفض الطلب على البند المعني، وتراجع دخل الخزانة. قد تكون ثمة رغبة في التخلص من البند الخاضع إلى الضريبة، تماماً أو تقريباً، وهذا ينبغي ألا يكون مهماً، لكنه مهم، إلى حد كبير، إذا كانت الحكومة تتمتع بقليل من الهامش المالي.

تصل الضريبة على التبغ إلى ذروتها. كل عام، إلى حد بعيد، يعلن وزير أو وزيرة المالية زيادة في الرسوم على السجائر ومنتجات التبغ الأخرى. وكما هي الحال مع الضرائب المفروضة على الرذائل الأخرى، تمثل الزيادة رقماً من الأرقام التي ستهيمن على التقارير التي تتناول الموازنة في الصفحات الأولى لصحف التابلويد.

هي فقرة محددة في الخطاب السنوي حول الموازنة وعادة ما يستقبلها نواب الحزب الحاكم بصيحات الموافقة. وهذا موقف مصيب: التدخين يقتل ويكلف هيئة الخدمات الصحية الوطنية مبالغ ضخمة.

على مدى السنوات الخمس الماضية، تمتعت الخزانة بوضع مربح لها وللمكلفين. يرتفع معدل المكوس على التبغ، كما تسمى، سنة إثر سنة، ويواكب ذلك نمو متناسب في إيرادات الحكومة. ليس بعد الآن. في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، توقع مكتب مسؤولية الموازنة، وهو الهيئة الرقابية التي تحلل بشكل مستقل المالية العامة، أن يبلغ إجمالي إيرادات الضرائب على التبغ 11.42 مليار جنيه بين عامي 2023 و2024. وفي مارس (آذار) 2023، عدل الرقم إلى 10.42 مليار جنيه.

وبعد تنقيحين لاحقين، شهد الرقم انخفاضاً أكبر، إلى 8.78 مليار جنيه – بعبارة أخرى، أصبح أقل بنحو 2.6 مليار جنيه من الرقم المتوقع في البداية. يأتي التقلص الحاد بعد زيادات في المكوس كانت أعلى بكثير من المتوسط في الأجل البعيد.

على صعيد الصحة، تبدو النتيجة مرضية – المدخنون يشترون عدداً أقل من منتجات التبغ التي تضر بهم. لكن هل يفعلون حقاً؟ تشير البحوث إلى ارتفاع في استهلاك السجائر غير المشروعة وتلك المعفاة من الرسوم الجمركية إذ يؤتى بها من الخارج. تقدر هيئة الإيرادات والجمارك الملكية أن قيمة هذه التجارة، على صعيدي الرسوم وضريبة القيمة المضافة، بلغت 2.8 مليار جنيه بين عامي 2021 و2022. كان ذلك قبل أن ترتفع المكوس بواقع 1.66 جنيه لكل بند عام 2023.

من المفترض أن ذلك جعل تهريب السجائر غير الشرعية وغير الخاضعة إلى رسوم جمركية وبيعها أكثر جاذبية. لكن هذا عمل إجرامي. إن الأشخاص الذين يشاركون في هذا النشاط يخالفون القانون. وبشكل عام، هم لا يعملون كأفراد، بل يكونون أعضاء في عصابات منظمة. ومن المستبعد أيضاً أن يكون تزايد العنف ضد أصحاب المتاجر وسرقة السجائر من المتاجر من قبيل المصادفة.

يدفع ارتفاع الضرائب بعض المدخنين إلى الإقلاع عن التدخين. لكنه يدفع آخرين أيضاً إلى إيجاد إمدادات بديلة. بعيداً من الإقلاع عن التدخين، يبدأون بالعمل السري ويتحولون إلى مجرمين لتلبية حاجاتهم.

وهذا الأثر تكرار للأثر الذي طرأ في الماضي في مجالات أخرى مع رذائل أخرى.

لم ينه الحظر الأميركي على إنتاج الكحول واستهلاكها [بين عامي 1920 و1933] شربها، كل ما فعله هو إنتاج صناعة جديدة بالكامل في معامل تقطير سرية غير قانونية. وكما هي الحال مع التبغ غير المشروع، كانت المعامل غير منظمة، وتسببت المشروبات التي كانت تصنعها بأضرار صحية أكبر في كثير من الأحيان، إذ كان محتوى الكحول أعلى مقارنة بالمشروبات الكحولية المحظورة. نشأت طبقة عصابات بأكملها نتيجة لذلك.

ويصح الأمر نفسه مع القمار. يمكن للقمار أن يكون سبباً للإدمان، مما يولد مشكلات على صعيد الصحة العقلية ومشكلات مالية. ويعد تقييده في شكل يتزايد إحكاماً منطقياً تماماً – لكن ذلك لن ينهي المراهنات. سينهيها للبعض لكن ليس للجميع. ثمة من سيقصدون أوكاراً للمراهنات، ستتواصل الضغوط المجتمعية، وسيزدهر المجرمون. لذلك، فالمشكلة أمام ريفز هي: هل تسترضي زميلها ويس ستريتينغ، وزير الدولة لشؤون الرعاية الصحية والاجتماعية، واللوبي الكبير من خلفه، من خلال الظهور بمظهر من يجعل التدخين عادة أكثر كلفة، بينما تقلل في الوقت نفسه من العوائد المترتبة وتخاطر بدفع بعض المدخنين نحو الشراء من العصابات؟

إذا لم تكن في حاجة ماسة إلى المال، لن يكون ذلك معضلة كبيرة. لكن حاجتها إلى المال ماسة – تذكروا أنها ألغت دعم الوقود المقدم في فصل الشتاء إلى بعض المتقاعدين.

ربما تبقي الضريبة عند المستوى الحالي وتقبل بالمال المحصل، أو ربما لن تفعل نظراً إلى صيحات وزارة الدولة لشؤون الرعاية الصحية والاجتماعية. إذا كان مأزق الحكومة كما يوصف، من المؤكد أن الخطوة المنطقية هي الخطوة الأولى. ما العمل؟

ليس الخطأ خطأ ريفز – هي ترث موازنة عمومية وطنية أصبحت تعتمد على المدخنين للحصول على المال. وفي السنوات المقبلة، يمكن أن ينطبق الشيء نفسه على المدارس الخاصة. تريد الحكومة بشدة أن تعود إيرادات ضريبة القيمة المضافة المفروضة على الرسوم المدرسية إلى القطاع التعليمي الحكومي الذي يعاني ضغوطاً شديدة.

من يدري، قد ينعى وزير أو وزيرة مالية عمالية في المستقبل قطاع المدارس الخاصة.

قد يكون منصب وزير أو وزيرة المالية ثاني المناصب نفوذاً في الحكومة، لكن أحداً لا يستطيع أن يزعم أن توليه سهل.

© The Independent