Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

100 يوم من حكومة مدبولي: إلى أين يتجه الاقتصاد المصري؟

في ندوة خاصة لـ"اندبندنت عربية" ناقش الحضور واقع ومستقبل الاقتصاد المصري المثقل بالأعباء والتحديات ومدى تمكّن الحكومة من تحقيق خطوات ملموسة نحو تخفيف الأعباء المعيشية على المصريين

وصف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي وزارته بـ"حكومة تحديات" خلال خطابه أمام البرلمان في الثامن من يوليو (اندبندنت عربية)

ملخص

في ندوة احتضنتها "اندبندنت عربية" ناقشت آفاق ومستقبل الاقتصاد المصري المثقل بالأعباء والتحديات، متسائلة عن مدى تمكّن الحكومة من تحقيق خطوات ملموسة نحو بعض التحسن في حياة المصريين بعد مرور 100 يوم من عمرها، أم أن التعقيدات لا تزال أكبر من خطواتها، كان ضيوفها رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب فخري الفقي، والمتخصص الاقتصادي ورئيس مجلس أمناء حزب التحالف الشعبي الاشتراكي زهدي الشامي، والمتخصص الاقتصادي وأستاذ التمويل مدحت نافع، بحثاً عن رسم صورة لواقع الاقتصاد.

في تعهده غداة تقديم برنامج عمل حكومته أمام البرلمان في الثامن من يوليو (تموز) الماضي، بعد أيام من أداء القسم الدستوري، عكست لهجة رئيس الوزراء المصري (المعاد) تكليفه مصطفى مدبولي، حجم التحديات الاقتصادية، التي تواجه البلاد وتثقل كاهل المواطن في حياته من غلاء أسعار ونسب تضخم غير مسبوقة، فضلاً عن أزمة الشح الدولاري التي لا تزال تلقي بظلالها على المشهد المصري على رغم الانفراجات المحدودة.

"سنبدأ تنفيذ برنامج الحكومة الذي أعلناه أمام البرلمان، ولن ننتظر 100 يوم لتقييم أداء الحكومة، ولنرى صداه في الشارع المصري، لدينا حرص شديد على أن يكون تنفيذ برنامجنا له أثر ملموس في المواطن بعد أول شهر فقط من تنفيذه على أرض الواقع"، هكذا أقرّ مدبولي أمام وسائل الإعلام والصحف في مقر عمله المنقول حديثاً إلى العاصمة الإدارية الجديدة، التي لا تزال محط خلاف وتباين بين المؤيدين والمعارضين. مؤكداً أن المواطن المصري سيرى "بصمات واضحة في التفاعل بصورة إيجابية مع المشكلات التي تواجهه، ويلمس ذلك بنفسه".

في ندوة احتضنتها "اندبندنت عربية" ناقشت آفاق ومستقبل الاقتصاد المصري المثقل بالأعباء والتحديات، متسائلة عن مدى تمكّن الحكومة من تحقيق خطوات ملموسة نحو بعض التحسن في حياة المصريين بعد مرور 100 يوم من عمرها، أم أن التعقيدات لا تزال أكبر من خطواتها، كان ضيوفها رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب فخري الفقي، والمتخصص الاقتصادي ورئيس مجلس أمناء حزب التحالف الشعبي الاشتراكي زهدي الشامي، والمتخصص الاقتصادي وأستاذ التمويل مدحت نافع، بحثاً عن رسم صورة لواقع الاقتصاد، لا سيما أن الأوضاع الاقتصادية لا تزال الشاغل الأكبر في الشارع المصري وبين نخبه، على رغم حدة الأزمات الأمنية والإستراتيجية التي تحيط بمصر على جبهاتها الجغرافية المختلفة.

 

 100 يوم حكومة وواقع الاقتصاد المصري

في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، أحيا إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إعادة تكليف مصطفى مدبولي (58 سنة) تشكيل الحكومة الجديدة، بعد أسابيع من إعلان فوزه بولاية رئاسية ثالثة، الجدل مجدداً حول الرجل وسياساته الاقتصادية طوال أعوام توليه رئاسة الحكومة منذ عام 2018 خلفاً لحكومة شريف إسماعيل، بين من يرون أن الحكومة برئاسته وفي عهد السيسي (يحكم البلاد منذ 2014) حققت إنجازات ضخمة على صعيد البنى التحتية والمشاريع القومية، في مقابل من يرى أنها أغرقت البلاد في أكبر أزمة ديون خارجية في التاريخ المصري، بعدما تجاوز إجماليه الـ168 مليار دولار أميركي، إثر سياسة التوسع في الاستدانة لمصلحة مشاريع قومية، مما تسبب في انهيار العملة المحلية من مستوى السبعة جنيهات (عام 2014) إلى حدود الـ49 جنيهاً، مما أثر في مداخيل المواطن وتسبب في موجات تضخم وغلاء أسعار لم تشهدها مصر على مدار العقدين الأخيرين.

 

وحول تقييمه لأداء الحكومة في أول مئة يوم يُعيد زهدي الشامي، جدلية "هل الحكومة جديدة أم لا؟"، مع بقاء مدبولي الذي كان وزيراً للإسكان قبل أن يشكل الحكومة للمرة الأولى عام 2018، مجيباً "لا أعتقد أنها حكومة جديدة، لا أحد عاقلاً يرى كذلك، بتغيير بعض الوزراء المحدودين، مثلاً وزير المالية يأتي نائبه، ورئيس الوزراء كما هو. هذا حديث لا يعطي صدقية، هذا ميراث النهج نفسه، والحكومة نفسها التي لها أعوام، والحقيقة ليس حتى حكومة مدبولي. ما قبل الحكومة الحالية هي مجموعة حكومات تأتي تقريباً بالوعاء والمنهج والطريق نفسهم. خلال الأعوام الـ10 التي مضت سيطرت المدرسة نفسها والمنهج نفسه والسياسات نفسها فأوصلتنا إلى ما نحن فيه. وعلى رغم إقرار الدولة من ثلاثة أعوام، إننا نواجه أزمة، ولهذا السبب دعا الرئيس إلى حوار وطني، فإنه لم يكن هناك جدية كافية في التعامل مع أن يكون لدينا نهج جديد مبني على نقاش مجتمعي حقيقي".

زهدي الشامي: الحكومة منفصلة عن الواقع ولا رقابة حقيقية عليها والشعب لم يعد قادراً على تحمل الغلاء

وعلى رغم أن حكومة مدبولي الجديدة شهدت تغيرات واسعة شملت 23 حقيبة وزارية من أصل 31 حقيبة، على رأسها وزارتا الدفاع والخارجية ووزراء المجموعة الاقتصادية (المالية، والبترول، والاستثمار، والتجارة الخارجية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية)، فإن معارضيها اعتبروا أن كثيراً من التغيرات لم تأت بجديد سواء في جوهرها على صعيد عدم استقدام كفاءات مستقلة مشهود لها، أو شكلها الذي تضمن تصعيد نواب وزراء مكان الوزراء السابقين، أو دمج وزارات تحت مسميات أخرى.

ويتابع الشامي، "ما يحدث طوال الوقت هو أنه بعد أن تعترف الحكومة بوجود أزمة (اقتصادية)، تعاود الإنكار، وإرجاع الأزمة لأسباب خارجية لا لسياسات الحكم. مرة بسبب حرب أوكرانيا وأخرى جائحة كورونا، وكلها مماحكات ليست دقيقة لا تنطلي على أحد يحاول أن يقدم تحليلاً صحيحاً. طوال الوقت الحكومة تقدم خطاباً مراوغاً بتصدير إنجازات للمواطن، وهذا غير مفيد، ما كان مفيداً أننا نتحاور بالجدية الكافية لهذا البلد، على رغم أي اختلافات، كي نضعها على الطريق الصحيح ونخرج من الوضع الحالي. هذا ابتداء لا بد من ذكره".

وبحسب رأي الشامي فإن استمرار السياسات نفسها بالنسبة إلى الحكومة التي "تسببت في تفاقم الأزمات الاقتصادية عبر أعوام" لن يحل الأزمات المتفاقمة، على حد تعبيره، قائلاً "الاستنتاج المنطقي لمثل هذا الأمر أنه لن تتغير الأوضاع في مئة يوم، نتوقع تفاقم الأزمات، وازديادها سوءاً، وازدياد وطأتها على الشعب المصري، الذي لم يعد قادراً على التحمل، وهذا الوضع يشكل خطراً اجتماعياً على مصر، إذا لم تكن تدرك الحكومة ذلك. لست متخيلاً مصر كيف ستسير، الحكومة منفصلة عن الواقع انفصالاً كاملاً، تقول خفض التضخم، ومحاربة الغلاء، وتدعيم الخدمات، هذا كلام جميل، لكن لا علاقة له بالواقع، ما يحدث أشياء أخرى تماماً، بكل مسؤولية نقول ونحذر إن المواطن المصري لم يعد قادراً على العيش، فاتورة الكهرباء بلغت ثمانية أضعاف خلال 10 أعوام. أسعار الطعام والشراب تشهد انفلاتاً كاملاً، الدواء لم يعد موجوداً، على رغم رفع سعره. الأمور تزداد تردياً، وفي ظل هذه الحكومة لن نرى نتيجة سوى مزيد من التردي، وهذا سببه أن لدينا خللاً مؤسسياً رئيساً، قائماً ومستنداً، وهو أن الحكومة لا توجد رقابة حقيقية عليها".


ويمضي الشامي في حديثه تقييماً لسياسات الحكومة "الحكومة تقول إنها تتخارج من أصول الدولة، لكنها تتداخل بصور أخرى أسوأ. الاستثمار 75 في المئة منه حكومي، مما يعني أن الحكومة مستحوذة على الموارد كلها، هذا الوضع ضار بالنشاط الاقتصادي. الوضع أصبح خطراً، وهذا الطريق لن يؤدي إلى أي حلول، ماذا يعني أن تصل أنبوبة البوتاغاز إلى 150 جنيهاً، هل يعقل أن ترتفع من ستة جنيهات (عام 2012) إلى 150 جنيهاً الآن، أي 150 ضعف عملتك الوطنية، وهنا لا أحدثك بالدولار، وأيضاً خفض الجنيه والتعويم المتكرر والاقتراض والمديونية، والمشاريع التي أهدرت الموارد من دون دراسة جدوى ومن دون أولويات للاستثمار والإنفاق، ومن دون مراعاة العدالة الاجتماعية والبعد الاجتماعي نهائياً، كل هذا مثالب خطرة في النموذج الجاري الآن في مصر".

وخلال الأسابيع القليلة الماضية من عمر الحكومة، شهدت أسعار موارد الطاقة والكهرباء زيادات جديدة كبيرة، وذلك ضمن ما أعلنته الحكومة في خطتها التي تنتهي في نهاية العام المقبل لرفع الدعم عن المواد البترولية والكهرباء، مما عكس عودة الارتفاع في نسب التضخم وزيادة أسعار السلع والخدمات.

من جانبه وفي تقييمه للحكومة يقول رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، فخري الفقي "مئة يوم ليست كافية للحكم على الحكومة الجديدة". موضحاً "لماذا أقول حكومة جديدة؟ لأنه من النواحي الدستورية واللائحية، بأنه طالما حكومة الدكتور مصطفى مدبولي قدمت استقالتها لرئيس الجمهورية، ثم رئيس الجمهورية يكلف من يكلفه، لكنه كلّف مدبولي مرة ثانية بأن يشكل الحكومة بمفردات جديدة وبأشخاص جدد، لذا نعتبرها حكومة جديدة من المنظور الدستوري، من هنا نقول حكومة جديدة برئاسة مدبولي، صحيح هو الشخص نفسه الذي تقلد الحكومة السابقة لها إلا أنه قدّم استقالته، وكان لرئيس الجمهورية أن يكلف شخصاً آخر، لكنه كلف مدبولي لأسباب في هذه الحالة مبررة، لأننا لا نزال أمام ملفات كلها مفتوحة، وأن يأتي بتشكيل فيه قدر من الشباب ودم جديد، صحيح أن جزءاً منهم جاء من نواب الوزراء السابقين، والخلاصة أنها حكومة جديدة ضُخت فيها دماء جديدة".

فخري الفقي: التحدي الأبرز للاقتصاد المصري نسب التضخم وزيادة المحروقات والغاز والكهرباء جاءت ضمن برنامج الإصلاح الوطني

ويتابع الفقي من وجهة نظره، تبقى أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة في الأجل القصير والمتوسط "نسب التضخم". مؤكداً أن "معالجة الغلاء والتضخم مهمة للغاية". موضحاً "قيام الحكومة بزيادة أسعار أنواع البنزين والسولار إلى جانب الغاز والكهرباء في المنازل، جاء في إطار أننا لدينا برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي مدته أربعة أعوام، انقضى منها عامان، ويتبقى عامان (ينتهي تقريباً في نهاية عام 2026)، وهو بتمويل ودعم من قِبل مؤسسة مالية دولية (صندوق النقد الدولي)". مشيراً إلى أن عملية "تعديل (زيادة) أسعار الطاقة جاءت كذلك في ضوء ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري في مارس (آذار) الماضي بنسبة كبيرة (تحرك سعر صرف العملة المحلية من حدود الـ31 جنيهاً إلى حدود الـ49 جنيهاً لكل دولار)، مما قاد لارتفاع أسعار الطاقة، لكن الآن هدأت أسعار الطاقة إلى حد ملحوظ".


بدوره، وانطلاقا كذلك من قاعدة أن حكومة مدبولي حكومة جديدة، يرى المتخصص الاقتصادي مدحت نافع، "أن مئة يوم كافية كي نؤكد أو ننفي ما إذا كانت الحكومة تلتزم أم لا تلتزم"، موضحاً "هناك عدد من الاعتبارات، الاعتبار الأول هو أن الحكومة تولت المسؤولية في ظروف استثنائية، منها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو مرتبط بالأوضاع الجيوسياسية وخلافه". مبرزاً ما هو اقتصادي "الحكومة الجديدة في تشكيلها الجديد ورثت عدداً من الملفات التي لم تكن هي صاحبتها، منها مثلاً الموازنة العامة، وهي خطة الحكومة الحقيقية لعام مقبل ولعدد من الأعوام في ما يتعلق بالخطة والموازنة، صحيح رئيس الحكومة لم يتغير، لكن في النهاية التشكيل مختلف في معظمه، خصوصاً المجموعة الاقتصادية".

ويتابع "الأمر الآخر من الالتزامات هو أنهم ورثوا أيضاً اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي، والصندوق  حدد عدداً من الالتزامات والمعايير بالاتفاق مع الجانب المصري، على هذه الحكومة أن تنفذه، وأن تعمل وفقاً له، هذا قيد آخر" مضيفاً "القيد الثالث أنها حكومة تتحرك في مساحة ضيقة جداً مالياً، أقصد المساحة المالية المتاحة لها في ظل خدمة الديون لتصل إلى 52 في المئة من المصروفات في الحساب الختامي للعام المنتهي، وتصل إلى 47.5 في العام المقبل 2024 – 2025، ونحو 62 في المئة من الاستخدامات التزامات دين. هذا القيد يجعل حركة الحكومة محدودة، لأنها كيف ستتحرك؟ تتحرك بأداة مالية، بمعنى أية خطة تضعها تحتاج إلى تمويل، فكيف سنمول هذه الخطة؟ هذا قيد آخر يوضع على الحكومة، حتى لا نتصور أن باستطاعتها أن تعالج أزمات كثيرة منها ما هو متراكم، ومنها ما هو في واقع الأمر موروث، ومنها ما هو مزمن".

 

وفي شأن المساحة المالية لتحرك الحكومة، يوضح نافع "هذه المساحة تريد أن يكون لها مصادر لتمويل متطلبات المرحلة ومعالجة التحديات خارج جيب المواطن، كلنا نهدف إلى هذا، لكن في الأجل القصير هذا الأمر صعب". مضيفاً "صحيح الإيرادات الضريبية أصبحت تمثل نحو 82 في المئة من الإيرادات السابقة قبل شكل الموازنة الجديد، وهنا أشير إلى أن الإصلاح الضريبي لا بد من أن يتجلى في البحث عن التهرب الضريبي، والعدالة الضريبية بصورة أفضل". لافتاً أيضاً إلى ترشيد الإنفاق، "معظم المصروفات تصرف على خدمة الدين، لكن لا يزال هناك مثلاً إنفاق استثماري يمكن ترشيده حتى الآن، وهذا يصب فيه اتجاه إرجاء بعض المشاريع، التي بها مكون دولاري، ودخول القطاع الخاص حتى في المشاريع، التي تسمى وطنية أو غيرها".

ووفق نافع فإن "الأزمة الحقيقية أننا لدينا عجز مزمن داخلياً وخارجياً، سواء عجز الموازنة العامة أو عجز خارجي متمثل في عجز ميزان المدفوعات، تحديداً عجز ميزان التجارة، ودعونا نركز على العجز المزمن الحقيقي الذي نواجهه، وهو عجز ميزان التجارة، الذي تنعكس تجلياته على الشح الدولاري والتضخم".

ويمضي نافع في حديثه عن برنامج الحكومة الذي أعلنه مدبولي إبان تشكيل وزارته، "حينما أنظر إلى البرنامج الحكومي الذي على أساسه يجب أن أقيّم أداء الحكومة، البرنامج هو أيضاً أحد الموروثات، لا أتصوّر أن هذه الحكومة التأمت، وأعدّت هذا البرنامج بصورته الحالية، ومن ثم يبقى قيداً على الحكومة الحالية التي ورثته، إذ أصبح هو النتاج الفكري الحاكم والمؤطر لحركتها".

ويضيف "هذا ما للحكومة، لكن ما عليها هو أنها انشغلت كثيراً باللقاءات البينية، بمعنى كلما أشاهد التلفزيون أجد وزيراً يجالس وزيراً آخر، أو مع زميل له في هيئة، وهذه فكرة جيدة للتنسيق، لكن ما يشغلني هو أن هذا القدر من التنسيق الداخلي لا يرقى إلى مستوى أن يكون خبراً، بحيث نصدّره للمشهد العام من وقت إلى آخر، أنا مهتم أن أرى أداءً على الأرض"، مشيراً إلى أن "الحكومة الحالية تتحرك بأكسجين جاء من صفقة رأس الحكمة، وهو أكسجين لن يأتيك كل مرة، لديك تصور للتخارج المستمر بتقليل حجم الحكومة، لكن نحتاج إلى أن نتفق أن الحكومة لن تحقق أهدافها إلا عندما تبقى هي نفسها أصغر من الحجم الحالي، أي تقليل المصروفات التي معظمها ديون، والمصروفات والديون لن تقل إلا حينما تلعب الحكومة دوراً أقل في النشاط الاقتصادي".

مدحت نافع: يجب أن يقتصر دور الحكومة على التنظيم والرقابة ولا يزال هناك إنفاق استثماري ينبغي ترشيده

ويختتم نافع رؤيته "باختصار شديد، نحن نحتاج إلى أن تظل الحكومة هي المنظم وتمارس دوراً تنظيمياً ورقابياً، وهذا ما تنجح فيه الحكومات" مضيفاً "حتى ونحن نضع (سياسة ملكية الدولة)، وأنا عاتب على الأداء الحكومي فيها حتى الآن، والصندوق كذلك، مع الأسف الشديد يوجد قدر من المقاومة الداخلية في القطاعات، التي يُرجى أن تتخارج منها الدولة لمصلحة القطاع الخاص. هذا القدر من المقاومة ينعكس سلباً على أداء الحكومة، وعلى المساحة أو الحيز المالي الذي تتحرك فيه الحكومة". مشيراً إلى أنه "من الالتزامات التي يرى الصندوق في مراجعته الأخيرة أننا تأخرنا فيها ما يتعلق بالإصلاحات الضريبية وإصلاحات هيكل الدعم واستهدافه، وكذلك مدى الإفصاح والشفافية في الطروحات العامة، وإفصاحات المشتريات الحكومية، هذا أيضاً مرتبط بما نسميه الإصلاح المؤسسي لا الهيكلي، نحن نحتاج إلى إصلاح مؤسسي وهيكلي، الهيكلي يشار إليه بأن الحكومة تلعب دوراً أقل، ويختزل دائماً في فكرة الخصخصة، لكن الإصلاح المؤسسي أوسع وأشمل، يتعين علينا فيه أن نحقق قدراً أكبر من الحوكمة الإدارية ومن الانضباط والشفافية والحرية في تداول المعلومات، حتى نستطيع أن نحقق المستهدفات".

لكن ما يراه نافع إرثاً ورثته الحكومة يعتقد زهدي الشامي أن "الحكومة الحالية هي امتداد للقديمة فهي لم ترث تركة ثقيلة، إنما هي من صنعت الأزمات، هي المسؤول المباشر عن الوضع الحالي. فكرة الإرث حجة معروفة، تستخدم مع كل رئيس جديد، حينما جاء السادات قال إنه ورث الاقتصاد صفراً، وحينما جاء مبارك قال الكلام ذاته، وحينما جاء الرئيس السيسي قال إن البلد كان منهاراً، لكن في الأقل في هذا السياق يُفهم أنه جرى تغيير رئاسي، وهو حدث جلل في حد ذاته".

ويتابع "هذه الحجة نفسها ليست مفهومة وليست صحيحة، فحينما تكون الحكومة هي ذاتها بأشخاصها وبسياساتها هنا لا يصح أن أقول إنها ورثت من الحكومة القديمة، لا أنتم من فعلتم هذا وهذه بضاعتكم. لذا هل ستتخلص منها؟ بالطبع لا، الأمر كان يقتضي إعادة النظر في هذه السياسات، وإلى الآن الحكومة تواصل طريق الإنجازات وفق تصورهم، لكن أين الإنجازات؟ وفي رأيي لن يحدث تحسّن، لأننا لا نناقش أسباب الأزمة، دعونا نشخص المرض، لكن الحاصل أننا نتهرب من التشخيص ونأخذ العلاج نفسه".

غلاء السلع والطاقة ونسب التضخم

وإلى جانب التحديات الهيكلية في الاقتصاد المصري، تبقى أزمة الارتفاعات غير المسبوقة في نسب التضخم وأسعار السلع والخدمات، فضلاً عن الزيادة الجديدة التي أقرتها الحكومة أخيراً في أسعار الموارد البترولية والغاز حتى الكهرباء، مما أثقل كاهل المواطن المصري، هي الشاغل الأكبر والتحدي الأبرز للحكومة الحالية. إذ اتفق الضيوف على ضرورة مجابهة الحكومة لنسب التضخم التي سجلت في أحدث تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) على أساس سنوي 26 في المئة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، ارتفاعاً من 25.1 في المئة في أغسطس (آب) الماضي.

يشرح فخري الفقي، منحدر التضخم صعوداً وهبوطاً في البلاد، الذي من المتوقع أن يعود في مرحلة قريبة إلى "أرقام يتحملها المواطن" على حد تعبيره. قائلاً "بعد برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأناه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، وصل معدل التضخم إلى 30 في المئة، وفي نوفمبر 2017 كان لا يزال في تلك الحدود، ونوفمبر 2018 بدأ يهدأ، نعم يوجد تضخم لكنه أقل حدة، واستمر في الانخفاض حتى بلغ خمسة وستة في المئة في 2019، والمواطن كان يتحمله لأنه كان يتقاضى علاوة مثلاً".


وعن أرقام التضخم آخر عامين، يوضح الفقي "منذ عام كان معدل التضخم في أغسطس العام الماضي 40 في المئة، وبعد عام أصبح 25.7، أي إنه في مسار نزولي، بمعنى أن السلة التي يشتريها المواطن شهدت هبوط حدة التضخم. نعم يوجد لهيب أسعار، لكن بعدما كان 40 في المئة من عام أصبح 25 حالياً، نعم لدينا تضخم، لكن لا بد من أن يشهد نزولاً، وبعد رفع أسعار المحروقات قفز التضخم من 25.7 في المئة إلى 26.4 أي إنه أثر لكن بنسبة بسيطة. أنا هنا أذكر أرقاماً وأقرّ واقعاً، إنما مسألة حلوها ومرها، فهي تقديرية".

ويوضح مدحت نافع تحركات التضخم أخيراً بأنه "أخذ مساراً نزولياً على أساس أثر الأساس، لكي أكون واضحاً، أشهر الصيف كان لا بد من أن يهبط فيها التضخم السنوي، لأنه يقارن بفترة كان التضخم فيها منفلتاً للغاية عام 2023. لماذا ارتفعت في أغسطس؟ لأننا أخذنا قرارات رفع أسعار مصادر الوقود والكهرباء، وهذه قرارات تضخمية، الحكومة اتخذت هذه القرارات تحت ضغط معين، في الوقت نفسه تحاول إحداث توازن بين السياسة النقدية والمالية، بأن تظل الأولى متشددة. أي محافظ على مستويات مرتفعة من الفائدة وفي الوقت نفسه تجري عمليات سوق مفتوحة كثيرة، ليجتذب بها فاقد السيولة، كي يقلل فاقد السيولة في السوق، فيقلل الضغط التضخمي"، مضيفاً "المحصلة النهائية هي أن التضخم أخذ مساراً سلبياً، ومع الأخبار الجيدة القادمة من الفيدرالي الأميركي، ببدء التيسير النقدي، لا بد من أن أؤخر التيسير النقدي الخاص بي، بمعنى أن خطوة التيسير بدلاً مما كانت من الممكن أن تكون في نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل، يمكن أؤخرها إلى منتصف العام المقبل، على خلفية الضغوط التضخمية المستحدثة القادمة من قرارات لها علاقة برفع الأسعار وخلافها".

زهدي الشامي: مصر لم تجن سوى فوائد الديون من سياسة الصندوق ولا بد من وقف الهدر في الاقتصاد الوطني

في المقابل، يركز زهدي الشامي في رؤيته على مدى معاناة المواطن أمام ارتفاع الأسعار وتدني الأجور، يقول "أود أن ألقي الضوء على مشكلات الحكومة الحالية مع الحد الأدنى للأجور، لدينا عمال مصريون حتى الآن لا يتقاضون الحد الأدنى للأجور (أقرته الحكومة في فبراير (شباط) الماضي بنحو 6 آلاف جنيه اعتباراً من الأول من مايو (أيار) 2024، أي نحو 123 دولاراً أميركياً)، الذي أصبح على الورق فقط، فضلاً عن أن الحد الأدنى لا يطبق على القطاع الخاص، وعموماً الحد الأدنى انخفض حينما تقيسه بالدولار". موضحاً "الحد الأدنى للأجور في 2012 كان 700 جنيه، ما يعادل 120 دولاراً أميركياً وقتها، وحينما ارتفع الحد الأدنى إلى 1200 جنيه أصبح هذا المبلغ يوازي 168 دولاراً أميركياً، الآن بعدما وصل الحد الأدنى إلى 6 آلاف جنيه أصبح أقل".

ويتابع "بالأرقام والنسب ما تضاعف هو فوائد الدين في إنفاق الدولة، الذي يلتهم كل الموارد، الفقر نسبته في مصر نحو 32.5 في المئة، وذلك ارتفاعاً من 29 في المئة من عام 2019، التزامات الحكومة المصرية في خفض الفقر في برنامج الألفية كان يستوجب خفضه إلى 19.7، لكن ما حدث أن الفقر تجاوز الـ 30 في المئة"، ويمضي "يأتي ذلك في وقت يطالب فيه صندوق النقد بخفض سعر العملة المحلية بهدف تشجيع الصادرات وكذلك رفع سعر الفائدة من أجل تقليل التضخم وهو سيناريو متكرر، ثبت يقيناً أن هذا السيناريو لا معنى له، لأن هذا السيناريو إن كان له تأثير أو صلاحية، فهو في اقتصادات متقدمة، تنتج ولديها تنافس تجاري، وهذه القرارات تؤثر فوراً في التصدير والاستيراد لديها، لكن هذا السيناريو ماذا قدّم لمصر؟ والإجابة مزيد من المشكلات، لأنه يؤدي إلى زيادة كلف الإنتاج، أنت الآن 80 في المئة من مستلزمات الإنتاج الخاصة بك مستوردة، وفي الصناعة مستوردة، صناعة الأدوية الخاصة بك المكون الأجنبي فيها كبير، ولذلك البلد يعاني نقص أدوية الآن بسبب انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، لأنني أستورد بالدولار، والنتيجة زيادة أسعار الدواء 30 و40 في المئة لدى بعض الشركات، وهذا الوضع يدعو إلى الذهول، فالحكومة تدير البلد بالأزمات".


ووفق الشامي فإن "خفض سعر الصرف بهذه الطريقة سيجعلك مضطراً إلى أن ترفع الكهرباء والغاز مرة أخرى، وفي هذا الوضع لا تحدثني عن استثمار، فهذا أكبر معوق للاستثمار. المستثمرون لا يستطيعون أن يعملوا في مثل هذه البيئة، بيئة غير قادر على أن يحسب فيها كلفه، في وقت الكلف تقفز أضعافاً مضاعفة، على الحكومة أن تنظر إلى معدل الادخار ولماذا انخفض، ومن ثم تعمل على رفعه، تنظر إلى القاعدة الصناعية تنميها لا أن تبيع المصانع، الحكومة باعت (الحديد والصلب) خردة، والسؤال كيف تعمل على ملف الصناعة من دون الحديد والصلب؟ هل يوجد بلد يسير بهذا النمط؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويؤكد الشامي أنه "مطلوب فكر آخر غير هذه الحكومة وغير فكر صندوق النقد الدولي ورجاله. مصر فيها اقتصاديون كبار ووطنيون، وهم من المدرسة العلمية في الاقتصاد السياسي، لكن مع الأسف هؤلاء غير مرغوب فيهم. التغيير يأتي بالتحوّل إلى فكر جديد، لا هو فكر الحكومة البيروقراطية الحالية، التي تسير وفق حلول وسط مع الصندوق، ولا فكر الصندوق نفسه، بل نحتاج إلى فكر جديد مصري وطني نابع من تقييم علمي وتشخيص لواقع المشكلة الاقتصادية في مصر" على حد وصفه.

تحدي الدعم وتغير المسار

من بين القضايا الأكثر جدلاً في مصر منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي في نوفمبر 2016، قضية الدعم الذي اتخذت فيه الحكومة كثيراً من خطوات الخفض عن بعض السلع والخدمات وصولاً إلى تحريرها وفقاً لآليات السوق في الأعوام اللاحقة، في إطار مضيها قدماً بالالتزام الذي تعهدت به لصندوق النقد الدولي بالسماح لمعظم الأسعار المحلية بالارتفاع إلى المستويات الدولية. إلا أنه عاد وبات يمثل تحدياً مرة أخرى ومشكلة مزمنة، مع استمرار تراجع قيمة العملة المحلية من نحو ثمانية جنيهات في 2016 إلى نحو 49 جنيهاً لكل دولار الآن، وبدأت بعض آراء المعنيين والمختصين تتجه نحو أهمية تحويل الدعم من سلعي إلى نقدي.

من جانبه يوضح فخري الفقي رؤية الدولة الحالية في ما يتعلق بالدعم قائلاً "الدعم لدينا (الموازنة) في الباب الرابع 636 مليار جنيه، مقسم إلى أنواع دعم سلعي بنحو 300 مليار جنيه، دعم الخدمات الاجتماعية (برامج الحماية الاجتماعية نحو تكافل وكرامة والعلاج على نفقة الدولة) وهذه الخدمات بنحو 90 مليار جنيه، منها 40 ملياراً تكافل وكرامة، و10 مليارات للعلاج على نفقة الدولة، وأشياء أخرى نحو اشتراكات الطلاب والنقل بـ 8 مليارات.. إلخ، وهناك 70 ملياراً أخرى في البرنامج لدعم النشاط الاقتصادي، ودعم الصادرات والإسكان الاجتماعي".

فخري الفقي: الدعم النقدي يمنع التسرب ويضمن وصوله إلى مستحقيه وعلى الحكومة التعهد بزيادته حال ارتفاع الكلفة على المواطن

ويتابع الفقي "دعونا نركز على البند الأول وهو الـ300 مليار جنيه الخاصة بالدعم السلعي، دعم الخبز والبطاقة التموينية بـ 134 ملياراً، الخبز بـ100 مليار، ثم البطاقة التموينية بـ 34، يخدمون ما يزيد على 62 مليون مواطن، وكل مواطن نصيبه 50 جنيهاً نقدياً يأخذ بها سلعاً، لو أسرة مكونة من أربعة أفراد يكون مجموع دعمها 200 جنيه، يُستحق عنها زيت وسكر وأرز وما إلى ذلك، وهنا نوضح مثلاً السكر في التموين ليس بسعر السوق (16 جنيهاً بالتموين، وخارجه بـ 30 جنيهاً أو يزيد الآن)، لذلك نسميه دعماً شبه نقدي، الحكومة تمنحك أموالاً في الكارت، إذاً هذا دعم مزدوج، شبه نقدي، وطبعاً يوجد تسرّب قيمته من 20 إلى 30 في المئة، أي نحو 30 ملياراً، وهنا أتحدث عن رغيف العيش والبطاقة التموينية، تذهب إلى غير مستحقيها، وأيضاً رغيف العيش عليه ملاحظات كثيرة، منها أنه ليس الوزن المحدد بـ90 غراماً ستجده أقل، فأصحاب المخازن تتربح منه، ووفق التصور الجديد الحكومة ستمنح المواطن المبلغ بيده وهنا ستمنع التسرب، لكن ما يخشاه الناس الذين يقولون لا أترك الدعم كما هو على صورته الحالية، متسائلين من يضمن لنا أن الأموال التي ستصرفها الدولة ستكون كافية؟".


ويشدد الفقي، "نحن حسبنا الحسبة، 70 مليون مواطن هم من يصرفون دعم الخبز، البطاقة التموينية 65 مليوناً، سأفترض أنهم 65 إجمالاً، حينما أقسّم الـ 144 ملياراً على 65 مليون مواطن يكون نصيب الفرد الواحد 175 جنيهاً، أي إن أسرة من خمسة أفراد يكون إجمالي نصيبها من الدعم 875 جنيهاً، هذا هو التصوّر الذي سيمنع التسريب الحاصل. لكن حينما تسأل مواطناً؟ يقول لك: لا. والضمانة هنا أنني لا بد من أن أربطه بمعدل التضخم، بمعنى لو أن كلفة رغيف العيش ارتفعت أعوض المواطن وهنا أقول، المواطن لو رأى تعهداً من الحكومة بأنها ستعوضه في حال زيادة كلفة العيش أو الزيت والسكر، وقتها سيقول، أنا مع الدعم النقدي لا الوضع الحالي".


من جانبه يقول مدحت نافع، "لا بد من أن أذكر الحكومة بأننا في حاجة إلى تعريف الدعم، ماذا يعني الدعم؟ هل كل تسرب وهدر وفاقد في الكلف دعم؟ لا، وحينما أقول سأحرر السلعة من الدعم، لا بد من تحرير سوقها أولاً، لأنك ستظل محتكراً، وإن كنت محتكراً، وقتها سيكون لديك كل عيوب المحتكر التي تجعل السعر ليس عادلاً أو غير مناسب للمستهلك". مشيراً إلى أن "الدعم كنسبة من المصروفات وكنسبة من الاستخدامات، قل بالطبع عما كان عليه في السابق، وأقصد بالسابق ما قبل ثورة 2011، إذ كان معروفاً أن الموازنة أربعة أجزاء: أجور ودعم وفوائد ديون والباقي مصروفات".

ويضيف، "عن الدعم وما يتسرب منه، نحن نتحدث عن فاتورة دعم ومزايا اجتماعية 636 مليار جنيه. حقيقة الأمر أنا أتحمل منها 214 ملياراً، لأن هذه أقساط تأمين وستعود في خطأ إكتواري حدث في الماضي. لكن لدي 422 ملياراً تقريباً دعماً، منها دعم مواد بترولية". موضحاً "لو تمكنت من التحول إلى صيغة من الدعم أتحاشى فيها أو أتلاشى مشكلة التضخم وأتحرى في الاستهداف، وأبني على قاعدة بيانات منضبطة، سأقضي على الفاقد والتسرب به، وعليه فأنا أحتاج إلى تعريف الدعم وأهدافه، وحينما يكون لدي تعريف وأهداف محددة وقتها أبدأ أن أعد نموذجاً أعرف من خلاله مدى كفاءة تحقيق الدعم لأهدافه، وأكون قادراً على معرفة الصيغة المناسبة للمواطنين، التي من الممكن أن تكون في معظمها نقدياً، عبر كروت مرتبطة ببطاقة الرقم القومي، تسحب ما يستحق لك من الماكينة، بعيداً من العنصر البشري، وهذا في حد ذاته يغلق باب الفساد".

مدحت نافع: نحتاج إلى إعادة تعريف الدعم والحديث عن تحرير السلعة يقتضي تحرير سوقها أولاً لأنك ستظل محتكراً

في المقابل، يشدد زهدي الشامي على أنه "من المحتم الإبقاء على الدعم العيني في الوقت الحالي، خصوصاً في الخبز، الحديث عن تحويل دعم الخبز إلى نقدي شديد الخطورة، وعديم المسؤولية. الخبز ليس مشكلة الموازنة العامة في مصر، نحن نتحدث عن 120 مليار جنيه في وقت فوائد الديون 1.8 تريليون، أقولها صراحة المواطن الفقير الذي لن يكون بمقدوره الحصول على رغيف العيش سيكون قنبلة اجتماعية، الأزمة ليست في الـ100 مليار الخاصة بالعيش، والتحول إلى الدعم النقدي محفوف بأخطار كبيرة، وفي النهاية أقول، المواطن تقرر له دعم قيمته 50 جنيهاً منذ ثمانية أعوام واليوم المبلغ كما هو، هذه هي حال الدعم النقدي، الحكومة ستقول للمواطن، نحن منحناك قيمة الدعم وانتهى الأمر".

"إشكالية" التعاطي مع صندوق النقد

ومن بين الموضوعات التي تبقى جدلية في الاقتصاد المصري، هو تعاطي مصر مع روشتة صندوق النقد الدولي، بعد لجوئها إليه منذ عام 2016، إذ يرى البعض أنه سبب تأزم الأوضاع الاقتصادية في البلاد، فيما يرى آخرون أنه يبقى أحد المنافذ المشروعة والمؤسسات الدولية التي يجب أن تتعاطى معها مصر، بحكم عضويتها.

يقول فخري الفقي "في ما يتعلق بالتعامل مع صندوق النقد الدولي، أود أن أعلق بأن مصر تمارس حقها مع هذه المؤسسة التي أسهمت في إنشائها ضمن 40 دولة منذ 80 عاماً، وجميع الاقتصاديين يعلمون تماماً أن مصر لم تتخلف يوماً واحداً عن سداد التزامها". مضيفاً، "مصر لديها حصة مالية في الصندوق، وأقول لمن يخشون التعامل مع الصندوق بإمكانك أن تأخذ أموالك وتخرج منه، لكن ابحث عمن تتعامل معه خارج هذه المؤسسة المالية، التي تضم 190 دولة، الإشكالية ليست في التعامل مع الصندوق إنما بأنظمة الدول خصوصاً النامية، أنظمة هذه الدول لا تستطيع التعامل مع الصندوق الذي لديه أساليب وقواعد، وعلينا أن نفهم أنها ليست مؤسسة خيرية، لكن هدفها الحفاظ على استقرار نظام النقد العالمي".


ويوضح الفقي، "مصر تقدمت إلى صندوق النقد الدولي 12 مرة ببرنامج، والصندوق يمول، لكن بعد أن ينظر في البرنامج إذا كان يحقق المستهدفات ومصلحة الدولة في هذه الحالة يمول، ولدينا ثلاثة برامج من الـ12 كانت من بداية سنة 2016. برنامج 2016 - 2019 بـ12 مليار دولار، وأيضاً برنامج في أثناء فيروس كورونا بـ8 مليارات دولار، ثم البرنامج الحالي من ديسمبر 2022 إلى 2026 بـ8 مليارات دولار، إذن إذا نظرنا في الفترة من 2016 إلى 2026 مصر ستحصل على 28 مليار دولار في ظل هذه الأزمة الخانقة، اليوم مصر سددت من الـ20 ملياراً ما يقارب 8 مليارات، ويتبقى 12 ملياراً تسدد على مدى 10 أعوام".

فخري الفقي: أقول لمن يخشون التعامل مع صندوق النقد خذ أموالك وتخارج منه وابحث عمن تتعامل معه خارج هذه المؤسسة المالية

ويتابع الفقي، "صندوق النقد له اشتراطات، وضمانات للدولة التي تقترض. وعليه أقول للمواطن البسيط ما يحدث اليوم هو لمصلحة المواطن. البرنامج برنامج وطني عملت عليه الحكومة، أعدته بنفسها وليس من صنع صندوق النقد، الصندوق يلقي نظرة على البرنامج قبل أن يموله فحسب، لكن على الحكومات والأنظمة ومن بينها مصر أن يكون لديها إخلاص لدى البرنامج كي يحقق أهداف استقرار المؤشرات الاقتصادية الكلية، من معدل نمو يتحقق، وخلق مزيد من فرص العمل وتخفيض البطالة. التضخم ينخفض إلى المستوى الذي يستطيع المواطن تحمله، من خمسة في المئة إلى ستة في المئة في مصر، وكذلك استقرار سعر الصرف. وعجز الموازنة العامة يكون في الحدود المأمونة ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والدين الخارجي كذلك، كل هذه المؤشرات مهمة جداً كي يحدث استقرار اقتصادي، ومن ثم استقرار اجتماعي على المدى الطويل، البرنامج الموضوع حالياً مضى منه سنتان ويتبقى سنتان، مطلوب منه أن يحقق ما ذكرناه سابقاً. والسؤال من الأداة التي تنفذ؟ الإجابة هي الحكومة في هذه الحالة. وهنا أقول إن برنامج مصر مع صندوق النقد خلال (2016 - 2019) حقق هذه الأهداف، لكن ماذا جرى؟ جاءت إلينا كورونا".

من جانبه يرى مدحت نافع، أن "المشكلة الأساسية في مصر إنتاجية. أزمة العجز الخارجي والداخلي، كلها أعراض، إنتاجية المواطن المصري ينظر إليها من أضعف الإنتاجيات على مستوى العالم، وهذا أيضاً دال، لأنه يتداخل فيه التعليم والصحة وخلافه، من مقاومات التنمية البشرية، التي لم يتم استهدافها بصورة كفؤة من خلال البرامج التي نتحدث عنها، لكن هذا يرجعنا مرة أخرى إلى فكرة برامج الصندوق، بغض النظر عن أن برنامج الصندوق خير أو شر، أو أنه برنامج حكومي أو وطني أو غيره، جرت الموافقة عليه. لكن يبدو أن الصندوق في المراجعة يكون مرتبطاً جداً بالكلام أكثر منك، أو في الأقل ملتزم أكثر منك، والسبب أنك لديك أولويات وطنية تختلف. وهنا نجد المشكلة التي لم نلتفت إليها، وهي أن الصندوق مهما كان حسن النية أو ملائكياً أو خلافه له أجندة مختلفة عنك، قد يتفق معك لأنه يحتاجك أن تكون قادراً على سداد ديونك، خصوصاً أنك أكبر ثاني مدين لديه بعد الأرجنتين".


ويتابع نافع، "تقرير الصندوق الخاص بك كي يقرضك من 3 إلى 8 مليارات بحجم 300 في المئة من قيمة اشتراك لديه، قال إننا لدينا خطر عال جداً مرتبط بأداء هذه الدولة (مصر) للمديونية. وهذا ينعكس لدى الصندوق في أخطار السمعة. لأنه إذا أنت فشلت فهذا يعني أنه أيضاً فشل. وبرامجه معك جميعها فشلت". ويمضي "في الأجل القصير الصندوق ينجح معك كدولة في أن تحارب أزمات وصدمات قصيرة الأجل، منها التضخم، واستفحال المديونية وأمور من هذا القبيل، لكن على المدى الطويل الأثر على مستوى المواطنين دائماً ما يكون سلبياً، لأن الحكومة أخذت هذه القرارات تحت وطأة وضغط مؤسسة تمويلية في النهاية".

زهدي الشامي: مطلوب فكر آخر غير الحكومة وصندوق النقد ومصر بها اقتصاديون كبار لكن غير مرغوب فيهم

في المقابل، يبرر زهدي الشامي رفضه فكرة التعامل مع الصندوق قائلاً، "رؤية الصندوق مثلما يقول أهل الاقتصاد تنطلق من محور الطلب لا العرض، أي إن فكرته الرئيسة أن هناك استهلاكاً بصورة زائدة، وعليه هو يريد تخفيض الاستهلاك، من ثَم تنبع كل هذه الإجراءات التي تسمى انكماشية، وهذه الإجراءات هي في الحقيقة تعيد توزيع الدخل ضد الشرائح الواسعة، ضد الفقراء، وأصحاب الأجور، وبصورة بالغة القسوة". معتبراً أن الصندوق "يقدم روشتة مضللة، على مدى 50 سنة، منذ السبعينيات ونحن نطبق هذه الروشتة، وفشلت هذه الروشتة ونحن نكرر العلاج كل مرة بالطريقة نفسها، مما يؤدي إلى نتائج أسوأ".


ويضيف الشامي، "وقت ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 كان يقال إن مشكلة الموازنة العامة في مصر أنها (مخنوقة)، والآن هي مخنوقة أيضاً، الموازنة بها ثلاث كتل تلتهم الموازنة، هي: الأجور والدعم وفوائد الديون، ويتبقى الخدمات والاستثمار، السؤال الآن: كيف تحركت هذه الكتل خلال السنوات الـ10 الماضية؟ خفضنا الأجور (جرى تخفيضها إلى أقل من النصف من نحو 25 في المئة من الإنفاق الحكومي إلى 14 في المئة)، خفضنا الدعم (عام 2013 كان نسبة الدعم 33 في المئة من الإنفاق الآن أصبح 15 في المئة، أي إنها انخفضت إلى ما أقل من النصف)، والسؤال الآن ما الذي زاد بفضل سياسة الصندوق في مصر؟ والإجابة فوائد الديون، الدولة كلها تعمل من أجل فوائد الديون التي ارتفعت من 24 في المئة إلى 46 في المئة، وهذه ارتفاعات فلكية".

هل من إصلاح وروشتة عاجلة؟

وبعد شرح مفصل لواقع الاقتصاد المصري وتحدياته وأفقه المستقبلية، قدم الضيوف آراءهم في ما يتعلق بأولويات الإصلاح أو ما يمكن وصفة بـ"روشتة للخروج" من النفق. إذ بحسب فخري الفقي، يبقى "تحقيق العدالة الاجتماعية أمراً مهماً في البعد الاجتماعي، خصوصاً في هذه الفترة". موضحاً أن هذا يعتمد على أمرين مهمين هما أن "المواطن دائماً يعد أن الحكومة (أمه)، وهذا المفهوم ليس موجوداً خارجياً، لأن الغالبية قطاع خاص، وهو الذي يتحمل المسؤولية، إنما الحكومة ما هي إلا مسؤولة عن الضوابط وتنظم حركة الاقتصاد كلية، لكن في مصر ومنذ الستينيات حتى اليوم موروثنا هو أنه عندما تحدث أزمة تذهب الأصابع إلى الحكومة".

فخري الفقي: المصريون يعتبرون الحكومة "أمهم" وهذا المفهوم ليس موجوداً في الخارج وتحقيق العدالة الاجتماعية أمر مهم للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي

ويتابع الفقي، "ما أقصده أننا لا بد أن نتحول إلى القطاع الخاص، وعلى الدولة أن تمنحه كل ما يحقق له الاستقرار والاستقلال، لكن كيف؟ الأمر الأول لا بد من محاربة التضخم، لأنه يسير على صفيح ساخن، ولا بد لهذا اللهيب أن يهدأ، وعلى البنك المركزي أن يتشدد كي يخفض هذا اللهيب من معدلات الأسعار، ويهبط إلى رقم أحادي مثلما كنا في السابق، إلى أقل من 10 في المئة. أما بالنسبة للسياسة المالية فعلى وزير المالية أن يتشدد أيضاً وهو بالفعل تشدد في الموازنة الحالية في ثلاثة أبواب، أولاً ألا يقترب من باب المرتبات وهذه حتمية، لأن شبكة الحماية الاجتماعية، تتكون من دعم وبقية الشبكة تتألف من خلق فرص عمل من خلال الاقتصاد، أيضاً زيادة المرتبات والمعاشات أولاً بأول، مثلما حدث في العامين الأخيرين، بل ويبكر بهذه الزيادة، الأمر الثالث حد أدنى للأجور، ورفع حد الإعفاء الضريبي. أيضاً القضاء على الفقر وهو من التنمية المستدامة، والقضاء على الجوع، ثم الاهتمام بالصحة ثم التعليم، لذلك الأولوية هي تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطن المصري، من خلال محاربة التضخم وبرامج الحماية الاجتماعية، وهو ما يصب في الاستقرار الاجتماعي".

ويمضي بالقول، "ثم يأتي الاستقرار الاقتصادي بعد الاجتماعي، من خلال تحسين مداخل الاستثمار، كي يحدث نمو للناتج المحلي لأن الأزمة إنتاجية، والإنتاجية مرتبطة أيضاً بالتعليم والصحة، من لديه صحة يكون قادراً على الإنتاج، ومن يمتلك التعليم بأدواته التكنولوجية يكون قادراً أيضاً على الإنتاج، ومن المهم أن أذكر هنا من يعمل ذلك؟ الحكومة لا، الحكومة تعترف بأن الموازنة العامة للدولة في العام الماضي 2023 - 2024 كان باب الاستثمارات الحكومية 585 مليار جنيه، أما الموازنة الحالية التي يتبقى لها تسعة أشهر وتنتهي 495 مليار جنيه، أي إن المبلغ هبط، وهذا مقصود، أي تكميش السياسة المالية، وذلك من أجل إفساح المجال للقطاع الخاص، للاستثمار مع دعم الحكومة بالمحفزات والتيسيرات".

مدحت نافع: مصر لم يكن لديها رؤية تنموية متكاملة منذ عهد محمد علي ولا بد أن يكون لدينا برنامج محدد لمكافحة الفقر

ويختم الفقي رؤيته "الأمر الأخير استقرار سعر الصرف، اليوم لا بد أن نلتزم بمرونة سعر الصرف، وفارق بين تحرير سعر الصرف ومرونة سعر الصرف، الاثنان يكملان بعضهما، مرونة سعر الصرف تعني أن الجهاز المصرفي يتحمل سعر الصرف، بمعنى حينما توجد ندرة في النقد الأجنبي يقفز في البنك، وحينما توجد وفرة يهبط، كي لا يسمح للسوق السوداء أن تظهر، الخطأ الذي جرى أنه لفترة طويلة ما يزيد على سنة كان سعر الصرف مثبتاً عند 31 جنيهاً، وفترة أخرى مثبت عند 15 جنيهاً، لماذا؟ أنت لديك مشكلات، لماذا تثبته؟ امنحه حرية الصعود والهبوط، لذلك خرجت الـ22 مليار الأموال الساخنة".

من جانبه، يرى مدحت نافع "المنطقي أن نقول إننا كما نريد تغيير فكر الحكومة في أن تكون هي الوصي على الشعب، سواء سياسياً أو اقتصادياً، خصوصاً الاقتصاد بما أنها متداخلة بصورة كبيرة، نحتاج أيضاً من الشعب أن يستوعب هذه الفكرة، فمن الضرورة بمكان أن يبدأ الشعب في التفكير في المشكلات التي تواجه الوطن، ليس مستقلاً عن الحكومة بالطبع، لكن بصورة تتضح فيه المسؤوليات بصورة واضحة، الحكومة كلنا متفقون وباعترافها نفسها ممثلة في رئيس الدولة مدير فاشل، الحكومة تعترف بأنها ليس بمقدورها أن تدير هذه المرافق وتلك الشركات إذن الأولى لهم أن يخرجوا".


ويوضح نافع رؤيته، "الروشتة باختصار، لا بد أن يكون لدينا برنامج محدد لمكافحة الفقر، ولتكن هذه هي الرؤية التنموية، مصر لم يكن لديها رؤية تنموية متكاملة منذ عهد محمد علي، ما حدث أنها تجارب تنموية متقطعة، لم نستطع إكمالها، لأسباب داخلية وأخرى خارجية، ليس لدينا حتى الانتقال السلس من فائض العمالة الزراعية إلى فائض العمالة الصناعية، نحن قفزنا إلى الخدمات مباشرة، العالم لم يفعل ذلك، العالم مر بمراحل مختلفة، مرحلة التصنيع في مصر لم تحقق القيمة المضافة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، هذا لم يحدث. دائماً ما هناك فجوة في العملية التنموية رصدتها عديد من الدراسات. ليس لدي نموذج تنموي، وليس ممكناً اعتبار رؤية 2030 التي أصبحت على الأبواب أنها نموذج أو رؤية تنموية، فمصر في حاجة إلى رؤية تنموية ولو اقتصرت على نقطة أو اثنتين، أهمهما مكافحة الفقر".

الأمر الثاني، وفق نافع يكمن في الحاجة "في الأجل القصير أو المتوسط أن يكون لدي قدر أكبر من الحوكمة لبرنامج الصندوق، صندوق النقد الدولي تجري الرقابة عليه من طرفين، الحكومة تراقب نفسها والصندوق يراقب الحكومة في ما يتعلق بالتزامات الاتفاق، وأقترح أن تجري حوكمة أداء البرنامج من خلال لجنة محايدة مستقلة تراقب الأداء وتحقق التوازن، برؤية بعيدة من الطرفين المنفذ للبرنامج أو الرقيب عليه الذي لديه أهداف تمويلية بالأساس وليس أهدافاً تنموية"، مضيفاً أنه في الأجل القصير "لا بد من تخفيض الاعتماد على الأموال الساخنة شيئا فشيئاً، وزير المالية السابق محمد معيط تضرر من الأموال الساخنة، وهو بنفسه قال إنه تعرض لأربع موجات من انسحاب الأموال الساخنة، وكان لا يزال يعتمد عليها، 39 مليار دولار من الأموال الساخنة رقم كبير (التقديرات الحالية للأموال الساخنة في مصر)، وأخشى أن تخرج بسرعة مثلما خرجت الـ20 ملياراً من قبل ذلك، وخروجها سيسبب أزمة كبيرة، وكذلك هيكل الدين لا بد أن يكون أطول أجلاً وأقل قهراً للحكومة ومن ورائها الشعب".

زهدي الشامي: التصنيع السبيل الوحيد لخروج مصر من أزمتها وعلى الحكومة أن توضح أولوياتها للإنفاق والاستثمار

في المقابل، يرى زهدي الشامي، أنه "لا بد من وقف الهدر الموجود في الاقتصاد الوطني، أقصد أن يكون لدى الحكومة أولويات واضحة للإنفاق وللاستثمار، وللمشروعات، بما في ذلك مشروعات ما تسمى القومية، التي ثبت في كثير من الأحيان أنها ليس لها عائد واضح، ولا عائد أيضاً حينما تكون أنجزتها بالقروض، لأنك ستسدد بالدولار".

ويضيف، "دعونا نتوجه إلى الإنتاج صناعي وزراعي. السبيل الوحيد لخروج مصر من أزمتها هو التصنيع، ليس معقولاً أن تكون الصناعة الآن في حدود 10 أو 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، هذا وضع مزر، يجب أن نتوجه إلى الإنتاج والمشروعات المدروسة. لا نجاح أو تقدم من دون صناعة، وليس تصفية الصناعة. وكذلك من دون تعليم وصحة".


ويختم رؤيته بالقول "هناك ملاحظات عدة على مع موازنة الدولة، من تدقيق الرقابة المالية، ووحدة الموازنة، وكذلك الهيئات غير المدرجة في الموازنة، هذا كوكتيل مالي لن تستمر البلد على هذا الوضع، الجانب الآخر الخاص بالشفافية والفساد، وكلنا متأكدون أن لدينا نقصاً في الشفافية، ونقص الشفافية يعني الفساد، ولا أحد يعرف حجم الفساد، وخير دليل إنجاز المشروعات بالأمر المباشر، وقانون المشتريات الذي فتح الباب على مصراعيه، للتعاقدات المباشرة من دون مناقصات، كذلك نحتاج إلى إلغاء القوانين التي تحصن الفساد، لدينا قانون جرى إلغاؤه كان يمنح المواطن قدرة الطعن على صفقات الحكومة، وهذا وضع غريب كيف لمواطن ألا يحق له الطعن على حقوقه؟".

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات