Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

طعام الآلهة... الفطر سلة غذائية متكاملة

اعتمدت عليه ثقافات قديمة بما فيها الإغريق والمايا والفايكنغ

عثر على رسومات مختلفة للفطر في لوحات كهوف (بيكسلز)

ملخص

في أوروبا خلال فترة العصور الوسطى لم يكن الناس يثقون بالفطر والفطريات وربطوهما بالسحر والشر، وهو ما ينعكس أيضاً في الأسماء التي أعطيت لها، مثل أصابع الشيطان أو زبدة الساحرات أو بوليت الشيطان. وفي الأساطير والحكايات الخيالية في القرون اللاحقة، غالباً ما يكون الفطر بمثابة مسكن للأقزام أو الجنيات.

مرتبط بالساحرات والحكايات الخيالية، ويقال إنه يجلب التنوير للشامان والهيبيين، كما يعد متعة الخريف والربيع لعشاق الطعام، إنه الفطر الذي أطلق خيال الناس منذ آلاف السنين، إضافة لكونه غذاء متعدد المنافع على رغم أن بعض أنواعه قد تكون سامة. ففي المروج والغابات وعلى جذوع الأشجار المتعفنة وتحت أنواع محددة من النباتات، ينبت الفطر بنوعيه السام والصالح للأكل.

من أنواع الفطر

هناك أكثر من مليون نوع من الفطريات المقدرة، إذ ينمو الفطر في مجموعة متنوعة من الألوان والأحجام، ويشكل الصالح للأكل جزءاً صغيراً فقط من الفطريات، مثل فطر كريميني وهي واحدة من أصناف الفطر الأكثر استخداماً على نطاق واسع، وتحظى بشعبية في المطابخ حول العالم، وتشمل الأنواع الأخرى من الفطر الصالح للأكل (بورتوبيللو وبورسيني وشيتاكي ومحار وشانتيريل وإنوكي وموريل).

وتعد الكمأة من الفطريات، ومع ذلك فهي تختلف عن أنواع الفطر الأخرى في شكلها ونموها، فالكمأة ليس لها سيقان مثل أنواع الفطر الأخرى ولونها بني مع ملمس وعر وتنمو تحت الأرض ملتصقة بجذور الأشجار، كما تتمتع الكمأة بطعم ورائحة أقوى من أنواع الفطر الأخرى وتنمو لبضعة أشهر فقط خلال العام، بينما ينمو عدد من أنواع الفطر على مدار العام.

ويحتوي الفطر على كثير من الفيتامينات والمعادن الأساسية، ولا تزال الأبحاث مستمرة حول إمكانية استخدام الفطر لتحسين الصحة ومنع أو إدارة بعض الحالات الصحية، فإضافة إلى الفيتامينات والمعادن العديدة التي يحتوي عليها الفطر، فقد وجد أنها تحوي مستويات عالية من المركبات المضادة للأكسدة التي يمكن أن تفيد الصحة.

سلة صحية

يعد الفطر طعاماً منخفض السعرات الحرارية، ويعد المعرض للأشعة فوق البنفسجية مصدراً جيداً لفيتامين دال والسيلينيوم والنحاس والثيامين والمغنيسيوم والفوسفور وهي عناصر مهمة للصحة. فالفطر الكريميني يعد مصدراً ممتازاً للزنك، وهو عنصر غذائي مهم لجهاز المناعة وضروري لضمان النمو الأمثل عند الرضع والأطفال.

ولقد وجد الباحثون عدداً من الأسباب الممتازة الأخرى لإضافة الفطر إلى النظام الغذائي، مثل فائدته في خفض ضغط الدم، فهو غني بالبوتاسيوم وهو عنصر غذائي معروف بتقليل التأثير السلبي الذي يمكن أن يحدثه الصوديوم على الجسم، كما يقلل البوتاسيوم من التوتر في الأوعية الدموية، مما قد يساعد على خفض ضغط الدم.

وثبت أن التأثير المضاد للالتهابات للفطر يحسن بصورة كبيرة من كفاءة الجهاز المناعي، ويحتوي الفطر على كميات عالية من السيلينيوم وفيتامين "د"، وفيتامين "ب-6" الذي يمكن أن يساعد في منع تلف الخلايا في الجسم، ويساعد فيتامين "د" في نمو الخلايا، وفيتامين "ب-6" يساعد على تكوين خلايا الدم الحمراء. وقد يساعد تناول الفطر في تقليل خطر الإصابة بحالات صحية خطرة، مثل مرض ألزهايمر وأمراض القلب والسرطان مرض السكري، فكل هذه العناصر الغذائية الموجودة في الفطر تساعد في الحفاظ على نظام مناعة صحي.

كما وجدت الدراسات الطويلة والقصيرة المدى أن الفطر، إضافة إلى التمارين الرياضية وتغييرات نمط الحياة الأخرى، يمكن أن يكون له تأثير مهم على فقدان الوزن. ويعتقد أن مضادات الأكسدة في الفطر قد تزيد من أنظمة الدفاع للخلايا، من ثَم تحسين الإجراءات المضادة للالتهابات والحماية من ارتفاع ضغط الدم المرتبط بالسمنة.

بعض الآثار الضارة للفطر

يمكن لبعض أنواع الفطر أن تتفاعل مع الكحول بطرق غير جيدة، ويحتوي فطر Coprinopsis atramentaria الذي ينمو على الخشب الميت والمتحلل على الكوبرين الذي يعمل مثل عقار "Antabuse"، ما يتسبب في تسارع ضربات القلب واحمرار ووخز وأعراض أخرى عند تناول الكحول لمدة تصل إلى خمسة أيام بعد تناول الفطر.

وتسبب بعض أنواع الفطر الأخرى ضائقة هضمية لدى الأشخاص المعرضين للإصابة الذين يستهلكون الكحول إلى جانب طبق الفطر، ولكن أكبر المخاوف المتعلقة بتناول الفطر هي الآثار الجانبية الضارة للفطر البري والتنوع الكبير في المواد السامة التي يمكن أن يحتوي عليها. وتشمل آثار تناول مجموعة متنوعة من الفطر البري السام تهيج الجهاز الهضمي مع الغثيان والتشنجات والقيء والإسهال، وقد تمر هذه الحالات من تلقاء نفسها أو تكون شديدة بما يكفي لتتطلب دخول المستشفى.

ويمكن أن تؤثر سموم الفطر الأخرى على الجهاز العصبي اللاإرادي والكلى والكبد أو تكون مسرطنة، وبعض هذه السموم ليس لها ترياق ويمكن أن تكون قاتلة في غضون ساعات. ويحتوي الفطر المهلوس على السيلوسيبين والمركبات ذات الصلة التي تنتج تأثيرات نفسية وإدراكية.

إذ كان للفطر المهلوس مكان بارز في تاريخ البشرية، ويعود تاريخ الأدلة الأثرية على استخدام الفطر روحياً إلى 10 آلاف قبل الميلاد، وهناك توثيق للاستخدام في عديد من الثقافات بما في ذلك الإغريق القدماء والمايا والفايكنغ.

طعام الآلهة

ولقد اختبر البشر الأوائل ذلك بالفعل إذ عثر على رسومات مختلفة للفطر في لوحات الكهف، فبالنسبة إلى المصريين كان الفطر "طعام الآلهة"، لقد اعتقدوا أن تناوله يمكن أن يساعدهم على العيش لفترة أطول أو حتى يجعلهم خالدين.

أما اليونانيون فقد شربوا فطر الشقران خلال احتفالات معينة وأبلغوا عن رؤية رؤى وظهورات شبحية، واستهلك المايا والأزتيك الفطر المهلوس، ويقال إن مونتيزوما الثاني آخر حكام الأزتيك أكل كميات وفيرة من "تيوناناكاتل" لحم الآلهة في حفل تتويجه.

وخلال رحلته التبشيرية لاحظ الإسباني برناردينو دي ساهاجون تجمع للسكان الأصليين فكتب في مذكراته، "لقد أكلوا الفطر مع العسل، وعندما بدأ الفطر يؤثر كان هناك رقص وبكاء، فقد رأى البعض في رؤاهم كيف سيموتون في الحرب، وبعضهم كيف سيصبحون أثرياء وغيرها كثير". وفي أوروبا في العصور الوسطى، لم يكن الناس يثقون بالفطر والفطريات أيضاً، وربطوهما بالسحر والشر، وهو ما ينعكس أيضاً في الأسماء التي أعطيت لها، مثل أصابع الشيطان أو زبدة الساحرات أو بوليت الشيطان. وفي الأساطير والحكايات الخيالية في القرون اللاحقة، غالباً ما يكون الفطر بمثابة مسكن للأقزام أو الجنيات.

اقرأ المزيد

تاريخه

لا يزال أصل وتطور مملكة Fungi-more المعروفة باسم Mushrooms غامضاً، وتم التعرف على اثنين في المئة فقط من الأنواع وطبيعتها الحساسة، وهذا يعني أن الحفريات نادرة للغاية ويصعب تمييزها عن الكائنات الحية الدقيقة الأخرى، وحتى الآن كان عمر أقدم أحفورة فطر مؤكدة 460 مليون سنة.

اكتشفت مجموعة من الباحثين بقيادة البروفيسور ستيف بونفيل، من وحدة أبحاث الكيمياء الجيولوجية الحيوية ونمذجة نظام الأرض في جامعة بروكسل الحرة، أحفورة فطر جديدة، وهي أقدم ما تعرف عليها على الإطلاق من تركيبها الجزيئي.

كما اكتشفت البقايا المتحجرة للفطريات (شبكة من الخيوط المجهرية المترابطة) في الصخور التي يراوح عمرها بين 715 و810 ملايين عام، خلال فترة من تاريخ الأرض عندما كانت الحياة على سطح القارات في مهدها. وقد عثر على هذه الصخور القديمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجزء من مجموعة متحف أفريقيا في ترفورين، التي تشكلت في بيئة بحيرة أو بحيرة ساحلية.

بيئة النمو

في البرية، تنمو أنواع مختلفة من الفطر على مواد مختلفة، فأثناء التنزه في الغابة، قد تشاهد بعض أنواع الفطر تنمو على الأشجار بينما ينمو البعض الآخر على الأوراق المتحللة. فالفطر قابل للتكيف للغاية، ويمكن أن ينمو عدد من الأنواع على مجموعة مختلفة من المواد.

وينمو الفطر في نطاق واسع من درجات الحرارة، من 40 إلى 90 درجة فهرنهايت، وتبدأ في النمو في الربيع عندما تكون درجات الحرارة أكثر برودة، لكنها تزدهر في مناخ تبلغ فيه درجات الحرارة نحو 70 درجة. الرطوبة مهمة لنمو الفطر نظراً إلى أن الفطر ليس له جلد، فمن الصعب عليه الاحتفاظ بالرطوبة، وهذا يعني أنها يجب أن تنمو في بيئة رطبة لمنع جفاف الأجسام الثمرية.

ولتحقيق النمو الأمثل للفطر يحتاج إلى كمية مناسبة من الضوء ودرجة حرارة مناسبة، إذ يفضل معظم الفطر الظل أو الأماكن المظلمة، ولهذا السبب غالباً ما تجده في أرضيات الغابات. وبما أن الفطريات لا تنتج الكلوروفيل، فإنها لا تستطيع إنتاج طعامها بنفسها، ولهذا السبب تعتمد بصورة كبيرة على العناصر الغذائية الموجودة في المواد المحيطة بها وعلى ركيزة هي المادة العضوية التي يسمونها المنزل. واليوم مع انتشار مزارع زراعة الفطر أصبح الوضع أكثر أمناً من حيث تناولها وتأمين وجودها على مدار العام.

المزيد من صحة