Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا توسع إسرائيل ضرباتها خارج البيئة التقليدية لـ "حزب الله"؟

طاولت الاستهدافات الأخيرة أقضية في الشمال للمرة الأولى وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى

تمثال ديني مسيحي في موقع يؤوي نازحين واستهدفته إسرائيل في بلدة أيطو بقضاء زغرتا شمال لبنان (أ ف ب)

ملخص

على رغم أن عدداً من الضربات الإسرائيلية الأخيرة وقعت في مناطق خارج بيئة "حزب الله" التقليدية إلا أنها تبقى "ضربات موجهة تلاحق عناصر وقادة 'حزب الله' أو المقربين منه"، غير أنها تسفر عن مقتل عدد كبير من المدنيين ما يتعارض مع القوانين الدولية ويثير ريبة اللبنانيين. 

وسعت إسرائيل نطاق ضرباتها جغرافياً خلال الأيام الأخيرة خارج البيئة التقليدية لـ "حزب الله" في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، واستهدفت السبت الماضي في غضون ساعتين كلاً من برجا في الشوف والمعيصرة في كسروان ودير بلا في البترون، والأول من أمس الاثنين آيطو في زغرتا، وجميعها مناطق بعيدة جغرافياً وديمغرافياً من الحزب، مما يطرح تساؤلات عن الغاية من هذه الاستهدافات وتبعاتها.

وفي برجا بقضاء الشوف استهدفت الضربة الإسرائيلية شقة سكنية مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 18 بجروح.

وفيما نفى رئيس بلدة البلدة حسن سعد وجود مكتب لـ "حزب الله" فيها، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً قيل إنها من داخل الشقة وتظهر أدوات للتحكم بطائرات مسيّرة.

وفي المعيصرة بقضاء كسروان أسفرت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مبنى يؤوي نازحين وتعود ملكيته لمواطن من آل عمرو عن مقتل 16 شخصاً وجرح 21 آخرين من دون أن يتضح إن كان في المكان أي عنصر أو مسؤول في "حزب الله".

والأمر نفسه في دير بللا حيث استهدفت إسرائيل للمرة الأولى منذ بدء الحرب قرية في قضاء البترون شمال لبنان مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة أربعة آخرين، فضلاً عن وجود أشلاء لم تحدد هويات أصحابها.

وأمس قُتل 21 شخصاً وأصيب ثمانية بجروح في غارة إسرائيلية للمرة الأولى على قضاء زغرتا شمال لبنان، طاولت مبنى في بلدة أيطو يؤوي نازحين، فيما سرت معلومات غير أكيدة عن أن الضربة استهدفت مسؤولاً في "حزب الله".

ويأتي ذلك بالتزامن مع سلسلة تطورات أخرى في الجنوب حيث تتصاعد المواجهات البرية بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي وترفض قوات "يونيفيل" الأممية طلبات تل أبيب بإخلاء مواقعها والتراجع خمسة كيلومترات على رغم الضربات التي تعرضت لها والإصابات في صفوف جنودها.

ووسط هذه الأجواء أكد كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت أن إسرائيل ستواصل ضرب لبنان "بلا رحمة في أي مكان في لبنان وحتى في بيروت"، وذلك عقب هجوم لـ "حزب الله" أصاب قاعدة عسكرية في نتانيا وأسفر عن مقتل وجرح عدد من الجنود الإسرائيليين.

 

ضربات موجهة

كل ذلك أثار ريبة اللبنانيين بخاصة في المناطق البعيدة عن الجبهة والتي تعتبر آمنة نسبياً، ولا سيما أنها تستقبل آلاف النازحين بعدما غادر أكثر من مليون لبناني منازلهم في الجنوب والبقاع والضاحية، فيما الاستهدافات الإسرائيلية لعناصر الحزب لا توفر المدنيين أينما وجدوا، فهل نحن أمام توسيع جديد لنطاق الحرب جغرافياً؟ وما تبعات ذلك على الداخل اللبناني؟

في هذا السياق رأى الكاتب السياسي سام منسى أنه على رغم أن الضربات الأخيرة وقعت في مناطق خارج بيئة "حزب الله" التقليدية فإنها تبقى "ضربات موجهة تلاحق عناصر وقادة 'حزب الله' أو المقربين منه"، وعلى رغم ذلك أوضح أن هذه الاستهدافات "ليست ضربات عادية تطاول شخصاً واحداً، بل هي ضربات تدميرية ووحشية على غرار كل العمليات العسكرية التي تستهدف الحزب مباشرة، لكنها تسبب أضراراً جانبية لا توصف ولا يقبلها لا القانون الإنساني ولا الدولي ولا الديني".

وأشار منسى إلى أنه "حتى الضربات الإسرائيلية التي استهدفت بيئة الحزب التقليدية في الضاحية الجنوبية لبيروت مثلاً، كانت إلى حد ما موجهة، فيما يختلف الوضع في الجنوب حيث التدمير كامل وممنهج ومقصود لاجتثاث تجمعات الأسلحة تماماً وعناصر الحزب".

وعلى رغم الريبة التي تثيرها هذه الضربات والقلق الذي تسببه في أوساط اللبنانيين المضيفين للنازحين، استبعد منسى تحول ما يجري في لبنان إلى طائفي يهدد بحرب أهلية، "لأن الطرفين في البلد بات لديهم وعي كاف لتجنب الانزلاق إلى هكذا مرحلة".

وأوضح أنه "خلال الأيام الـ15 الأخيرة تبيّن أن هناك استيعاباً أو تفهماً من قبل اللبنانيين الذين لم يتعرضوا للتهجير أو النزوح لاستضافة ورعاية النازحين".

غير أن منسى شدد على ضرورة حل أزمة النازحين وإيواء الذين لا يزالون من دون مأوى، ولا سيما مع اقتراب فصل الشتاء، محذراً من إمكان أن تشكل هذه المسألة "مساحة لأعمال انفلات أمني تشمل سرقات واعتداءات على الأملاك الخاصة". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أزمة خطرة

وفي السياق نفسه حذر الخبير العسكري العميد عادل مشموشي من أن أزمة النزوح هي "أكبر عامل خطورة على الوضع اللبناني لأننا مقبلون على فصل شتاء والفصل الدراسي لم يبدأ بعد في المدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين، وكل ذلك في ظل وضع اقتصادي ومالي سيء وتخبط في الأداء السياسي في غياب أية رؤية موحدة للتصدي لكل ما يتعرض له لبنان من أزمات".

وقال الخبير العسكري إن إسرائيل قد تتعمد استهداف المدنيين لإثارة الذعر وتزعم أنها تستهدف أسلحة ومخازن لـ "حزب الله" داخل القرى وقرب المنازل، مما يثير الريبة في أوساط اللبنانيين، مضيفاً أن "هذه أسئلة ملحة وتقتضي تفسيرات من 'حزب الله' إما نفيها وإثبات ذلك، أو تعليل وجودها في هذه الأماكن ليعرف اللبنانيون ما يواجهونه".

وأكد مشموشي ضرورة حل أزمة النازحين واستيعابهم "عبر إيجاد أماكن بديلة عن المدراس، لأن الحرب تبدو طويلة ويجب أن يبدأ العام الدراسي، فمن الممكن إنشاء بيوت مجهزة في بعض المناطق على أن تكون هذه المنازل حلاً موقتاً تمهيداً لعودة النازحين لقراهم وبيوتهم، أو العمل على أعلى المستويات لمساعدة الناس على الصمود في قراهم داخل دور عبادة أو مراكز أخرى شرط تحييدهم عن نيران 'حزب الله' وإسرائيل".

 

القضاء على "حزب الله"

أما على الصعيد العسكري فقال الخبير العسكري إنه تبيّن أن هدف إسرائيل الإستراتيجي في لبنان هو "تقويض قدرات 'حزب الله' القتالية وربما القضاء عليه كمنظمة عسكرية، لذا عمدت منذ بداية الحرب إلى تصفية بعض العناصر القتالية على امتداد الجبهة وبالتحديد المسؤولين عن إطلاق الصواريخ، ولاحقاً باتت تستهدف القياديين الأكبر ثم رأينا عملية تفجير أجهزة البيجر والاتصال اللاسلكي والقضاء على كبار قادة 'حزب الله' أمثال فؤاد شكر وقيادة الرضوان، ثم اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصرالله".

وأضاف مشموشي أن إسرائيل عمدت أيضاً منذ البداية إلى "ضرب مخازن أسلحة الحزب من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال وصولاً إلى الحدود السورية"، مشيراً أيضاً إلى مراقبة إسرئيل لمطارات سوريا واستهدافها مراراً منعاً لتسريب الأسلحة من إيران إلى لبنان عبر المطارات السورية.

ورجح الخبير العسكري أن تسلك الحرب في لبنان مسار غزة، حيث "قضت إسرائيل على قدرات 'حماس' بـ 99 في المئة، ولم تتوقف الحرب ولم يعلن اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار، وفي لبنان ستستمر الحرب ولن يعلن عن اتفاق نهائي إلا بعد استكمال المعركة".

وفي هذا السياق قال مشموشي إن إيران أصبحت أكثر دخولاً في الجبهة اللبنانية وباتت هي من تدير بصورة شبه مباشرة الجبهة، ولا سيما بعد مقتل نصرالله، مضيفاً أن "القرار السياسي سحب من لبنان وأصبح في إيران، أي وقف المعركة لم يعد يتوقف على قبول الحكومة اللبنانية بشروط وقف الحرب، إنما يتوقف على القيادة الإيرانية التي أصبحت ممسكة بزمام الأمور على رغم تناقض مصالحها مع المصالح اللبنانية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات