Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مزارعو النيجر لقمة سائغة للجماعات الإرهابية

مراقبون يتوقعون إنشاء نقاط أمنية أو معسكرات في مساحات واسعة بالبلاد لحماية أبناء القرى

المزارعون العزل في النيجر هدفا سهلا للجماعات الإرهابية (أ ف ب)

ملخص

تعتبر النيجر من أشد الدول فقراً في العالم، على رغم الثروات التي تزخر بها، مما دفع سكانها إلى اللجوء بصورة كبيرة للمجال الزراعي من أجل تأمين موارد عيشهم، لكن هجمات الإرهابيين تضعهم أمام خيارات صعبة.

في منطقة تيلابيري النيجرية الواقعة على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، تتصاعد مخاوف المزارعين من هجمات يشنها مسلحون مرتبطون بتنظيمي "داعش - فرع الصحراء الكبرى" و"القاعدة" الإرهابيين، إذ راح عشرات من القرويين ضحايا للهجمات المتزايدة.

ولم تفلح عمليات عسكرية أطلقها جيش النيجر من أجل قصقصة أجنحة الجماعات المتطرفة وتأمين القرويين في التقليص من الهجمات التي لا تسبب فقط خسائر في الأرواح بل أيضاً في ممتلكاتهم، إذ يستولى المسلحون على مواشيهم وغير ذلك.

وتعتبر النيجر من أشد الدول فقراً في العالم على رغم الثروات التي تزخر بها، مما دفع سكانها إلى اللجوء بصورة كبيرة للمجال الزراعي من أجل تأمين موارد عيشهم، لكن هذه الهجمات تضعهم أمام خيارات صعبة.

لا عودة

ومن العاصمة النيجرية نيامي قال محمد سيدو إنه غادر منطقة تيلابيري بلا عودة بعد أن تعرض إلى هجوم رفقة عائلته قضي فيه نجله، وذكر سيدو في حديثه إلى "اندبندنت عربية" بنبرة طغى عليها الحزن والقلق إن "العودة باتت مستحيلة، كان من المفترض أن أكون في حقلي الآن، إذ بدأ الموسم الزراعي، لكن غياب الأمن والاستقرار واستمرار سطوة الجماعات الإرهابية يجعلنا نغادر ونترك أراضينا خلفنا".

ويأتي هذا فيما تكافح السلطات المنبثقة عن انقلاب عسكري حدث في الـ26 من يوليو (تموز) 2023 من أجل تطوير قدراتها العسكرية واستعادة زخم عملياتها الرامية، للتقليص من هجمات الجماعات الإرهابية.

 

 

وبعد سنوات شهدت هطولاً مهماً للأمطار أسفرت عن فيضان نهر النيجر عاد القرويون في البلاد الواقعة في غرب أفريقيا للاستثمار في الزراعة، وهي عودة تزداد أخطارها في ظل تصاعد الهجمات الإرهابية.

ومن جانبه قال قادر الذي فضل عدم الكشف عن هويته الكاملة، "لم أغادر قريتي دوكو ساراو على رغم أن النشاط المكثف الذي تقوم به الجماعات الإرهابية يثير مخاوفي وأصدقائي الذين يعملون كمزارعين". وأضاف أن "المعضلة أنه أحياناً نكشف عن جواسيس يعملون لصالح تنظيمات متشددة، وهم يقومون بجمع معلومات لجماعاتهم حول ما إذا كان هناك حضور للأمن أو تنسيق بين الأهالي والجيش، وهو أمر يجعلنا في مرمى نيران الإرهاب".

عجز الجيش

تصاعد الهجمات التي تنفذها جماعات إرهابية يقع في مناطق مثل تيلابيري، التي تعتبر إحدى أبرز نقاط مثلث الموت بين بوركينا فاسو والنيجر ومالي، في وقت لا يتردد فيه الجيش النيجري في إظهار مساع للتصدي لتلك الجماعات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقبل أشهر استبق الجيش النيجري موسم الحصاد بإطلاق عملية "لاكال كاني" العسكرية التي قضى فيها على نحو 68 إرهابياً كانوا يخططون لشن هجمات مميتة ضد القرويين، بحسب ما كشفت عنه حكومة نيامي.

وقالت الحكومة إن الجيش نجح أيضاً في استعادة 220 رأساً من المواشي في منطقتي تينواشي وإنازي وإرجاعها إلى مالكيها في خطوة بعثت برسائل طمأنة إلى القرويين، لكنها أثارت تساؤلات حول عدم استمرارية مثل هذه العمليات خصوصاً في مواسم الزراعة كما في الحصاد.

ولا توفر السلطات في النيجر إحصاءات محدثة حول ضحايا الهجمات الإرهابية من المزارعين، لكن عشرات قضوا بالفعل في تلك الهجمات خصوصاً أنهم عزل.

وقال الباحث السياسي النيجري محمد أوال إن "الجيش في مأزق بالفعل في ظل عملياته الموجهة ضد الجماعات الإرهابية، إذ إنه لا يحصل على معلومات استخبارية كافية تجعله يتحرك ضد هؤلاء بصورة أنجع، لا سيما في ظل وجود تضاريس يصعب الكشف عنها وشن عمليات برية فيها".

ولفت أوال في تصريح خاص إلى أن "الوضع صعب بالنسبة إلى القرويين الذين ليس لهم مورد رزق أو أجور ثابتة، ومع ذلك يختار كثير منهم الفرار من مناطقهم نحو العاصمة أو دول أخرى أملاً في الحصول على وظائف بمنأى عن أي أخطار أو الهجرة إلى أوروبا، وهو أمر سيزيد من متاعب البلد واقتصادها".

 

 

ورأى أنه "على رغم أن الجنرال عبدالرحمن تياني يحاول تقديم إنجازات أمنية ملموسة للشارع في النيجر، إلا أنه لا يزال عاجزاً في الواقع عن التصدي لهجمات الإرهابيين التي تستهدف المزارعين وتجعلهم أكثر الفئات هشاشة، فعدد من المجازر نفذت في قرى البلاد وحقولها من دون أن نسجل تحركاً يوقف ذلك".

أكثر فئة استهدافاً

تأتي هذه التطورات على رغم استعانة النيجر بـ"الحليف الروسي"، والتخلي عن التحالف مع فرنسا في مجال مكافحة الإرهاب، وتدريب العناصر الأمنية والعسكرية في البلاد.

وقال الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية محمد تورشين إنه "بلا شك أن الجيش النيجري يحاول بشكل أو بآخر حماية المدنيين والمزارعين، لكن التنظيمات الإرهابية تعتمد في استراتيجيتها على حرب عصابات تقوم على الكر والفر والهرب من مناطق هجماتهم".

وأضاف "لذا في كثير من الأحيان عندما تكون الأجهزة الأمنية والعسكرية تؤمن بعض المناطق تقوم الفصائل المسلحة والإرهابية الأخرى بمهاجمة المزارعين الذين هم أكثر فئة استهدافاً واستقراراً ووجوداً في مختلف الأزمنة في مناطق عملهم".

وشدد تورشين على أن "المزارعين يوجدون في الريف ومناطق غير مأهولة جداً بالسكان، وهو ما جعلنا نرى في عدد من المرات هجمات دموية ضدهم، لذلك أتوقع أن نرى إنشاء نقاط أمنية، وربما حتى معسكرات في مساحات واسعة من التراب النيجري للحد من استهدافهم".

المزيد من تقارير