Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن "غارق" في أسئلة حول الإخوان وعملية البحر الميت

الجماعة احتفت بمنفذيها وأعلنت انتماءهما لها ومراقبون يحذرون من صدام مع إسرائيل

يحاول الأردن الحفاظ على حدود مستقرة مع إسرائيل (رويترز)

ملخص

مخاوف لدى السلطات الأردنية من وجود تنظيم مسلح أو طرف ثالث داخل جماعة الإخوان المسلمين يقود إلى عمليات ضد إسرائيل تنتهي بصدام بين البلدين.

لا يتوقع أن تمر حادثة مقتل أردنيين بعد تسللهما إلى إسرائيل وإطلاق النار على جنود إسرائيليين، مرور الكرام داخلياً وخارجياً بعد الإعلان عن انتمائهما إلى جماعة الإخوان المسلمين التي احتفت بهما من دون أدنى التفات لغضب السلطات في عمان.

حادثة ثم احتفاء دفع مراقبين إلى القول إن الحكومة الأردنية قد تواجه بعد الحادثة ضغوطاً داخلية لفرض قيود على أنشطة الجماعة أو اتخاذ تدابير أمنية مشددة، مما يزيد من الاحتقان السياسي الداخلي.

ضبط إيقاع

يتوقع مراقبون تزايد التوتر بين الحكومة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين بعد الإعلان عن انتماء منفذي العملية للجماعة، وأن يسفر ذلك لاحقاً عن قرارات رسمية ضد الجماعة باتجاه ضبط إيقاعها المنفلت في الشارع وفقاً لوصف مصادر قريبة من الحكومة تحدثت لـ"اندبندنت عربية".

تقول المصادر ذاتها إن الغضب الرسمي تفاقم بمجرد احتفاء الجماعة بهذه العملية واستغلالها على منصات التواصل لاستعراض القوة، الأمر الذي رأت فيه السلطات تحدياً لها، إذ سارعت "الإخوان" إلى المناكفة بدلاً من إرسال رسائل تطمينية للحكومة عنوانها عدم القلق من وجود أي تنظيم مسلح داخلها.

 

 

وتؤكد المصادر أن "كل ردود الفعل التي صدرت عن الرموز الإخوانية من قيادات في الجماعة أو نواب يمثلونها في البرلمان لا تشير إلى وجود تيار عقلاني، وهو ما يصعب مهمة كسر الجمود بينها وبين الحكومة ورفع منسوب الثقة بها كتيار سياسي متزن بخاصة بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي حصدت فيها الجماعة حصة وازنة من مقاعد البرلمان".

قلق من الإخوان في البرلمان

تذهب المصادر بعيداً إلى حد توقع حل البرلمان الأردني قبل أن يعقد جلسته الافتتاحية، وتبنى هذه الفرضية على أساس إرجاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، موعد افتتاح مجلس النواب الجديد إلى الـ18 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بدلاً من الموعد السابق والذي كان في بداية أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

وفقاً للمصادر فإن العاهل الأردني يملك الحق الدستوري لحل البرلمان من دون قيود، كما أن سلوك جماعة الإخوان السياسي تحت قبة البرلمان وخارجه لا يمكن التنبؤ به، وقد يشكل خطراً على الأمن القومي والسياسة الخارجية المتوازنة للبلاد، بخاصة بعد العملية الأخيرة في البحر الميت والتي تشير ربما إلى وجود تنظيم مسلح داخل الجماعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوضح المصادر أن مباركة حزب سياسي أردني للعملية أو تبنيها يعد إخلالاً بقواعد العمل السياسي الحزبي، وتغريداً خارج سياق الدولة والقانون، وجنوحاً نحو العمل الميليشياوي المرفوض أردنياً.

توتر مع إسرائيل

على الصعيد الأردني- الإسرائيلي، تأتي الحادثة في وقت حساس جداً وبعد شهر من حادثة أخرى أقدم فيها سائق أردني على قتل ثلاثة إسرائيليين في المعبر الذي يربط بين الجانبين، مما يعزز مخاوف من تدهور العلاقات بين البلدين، في وقت تحتاج عمان إلى إدامة جهودها الإغاثية والإنسانية لقطاع غزة، بينما تتصاعد مطالب إسرائيل وتحركاتها على الأرض لتعزيز الضوابط الأمنية على الحدود المشتركة وبناء جدار حدودي بدعوى وقف عمليات التسلل وتهريب السلاح من الجانب الأردني.

في المجمل، الحادثة تعقد موقف الأردن، الذي يسعى للحفاظ على توازن بين دعم القضية الفلسطينية والحفاظ على علاقاته مع إسرائيل في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.

في هذا السياق، يطرح الكاتب والمحلل السياسي حسين رواشدة عدة أسئلة حول العملية وإن كانت تصب في المصلحة العليا للدولة الأردنية، وهل يجوز دستورياً لحزب أردني أن يبارك هذه العملية ويعترف بانتساب منفذيها إليه، متسائلاً لماذا يريد البعض أن يضع الأردن في جبهة حرب مع إسرائيل ويمنحها الذريعة لتنفيذ مخططاتها تجاهه.

عمل فردي أم تنظيم مسلح

يطالب وزير الإعلام السابق سميح المعايطة الإخوان المسلمين بتقديم توضيحات للدولة الأردنية حول عملية البحر الميت، وإذا كان القرار بإنشاء تنظيم مسلح فهذا تغيير جذري ستترتب عليه مسارات صعبة جداً حول علاقتهم بالدولة.

يضيف المعايطة "العمل المسلح حتى لو رفع شعار فلسطين فهو يعد انقلاباً من الإخوان على القانون الذي منحهم الشرعية والفوز في البرلمان، والدولة هي من تحدد مسار الأردن وليست بنادق أي تنظيم مهما كانت شعاراته".

يؤكد المعايطة أنه وعبر العقود الماضية كانت تحدث محاولات تسلل من أشخاص إلى الضفة الغربية للقيام بعمليات ضد إسرائيل، وكثير منها أو غالبيتها كانت أفعالاً فردية، لكن عندما تكون عمليات التسلل منظمة مثل ما جرى اليوم ويسبقها إعداد ووصية مصورة فإن هذا يفتح الباب أمام تداعيات داخلية، بخاصة إذا ثبت وجود تنظيم وراء ما جرى.

هل من طرف ثالث

لكن المعايطة يضيف سيناريو آخر بالحديث عن وجود طرف ثالث وإمكانية حدوث اختراق للجماعة من قبل أطراف خارجية، سواء كانت من الداخل الأردني أو من الخارج، هدفها استغلال أفراد منها لتنفيذ أجندات تخدم مصالحها في إشارة واضحة إلى إيران.

بدوره، اعتبر المحلل الأمني عمر رداد أنها المرة الأولى التي تظهر فيها تسجيلات صوتية للمنفذين، ترافقها بيانات مباركة صريحة من حزب جبهة العمل الإسلامي، في سلوك تنظيمي مشابه لما دأبت عليه حركة "حماس" الأمر الذي يعزز فرضية أن العملية لم تكن عشوائية، بل منظمة بشكل دقيق، تقف وراءها جهة تمتلك الإمكانات اللازمة للتخطيط والتنفيذ، مشيراً إلى أنباء سابقة هذا العام تحدثت عن إلقاء القبض على خلية مشتركة تضم عناصر من الإخوان المسلمين، وحركة "حماس"، والحرس الثوري الإيراني.

 

 

في السياق ذاته، يقول مراقبون إن العملية التي قام بها السائق الأردني ماهر الجازي على معبر اللنبي في الجانب الإسرائيلي وأسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين في الثامن من سبتمبر (أيلول) الماضي، تختلف من حيث الدلالات والظروف والدوافع الفردية عن العملية التي تمت قرب البحر الميت، وتنظر إليها السلطات الأردنية بعين الريبة والقلق خشية أن تكون تمت بتنظيم مسبق من قبل تيار مسلح داخل جماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي يعني حدوث عمليات أخرى مستقبلاً والتسبب في إحراج عمان أو الزج بها في أتون مواجهة غير محسوبة النتائج مع إسرائيل.

الجماعة توضح

بدوره، قال الناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين معاذ الخوالدة إن عملية البحر الميت التي نفذها الشابان حسام أبو غزالة وعامر قواس جاءت كرد فعل فردي من شباب أردني لم يتحملوا مشاهد الوحشية الإسرائيلية، في ظل حرب الإبادة الجماعية في غزة التي ذهب ضحيتها ما يزيد على 42 ألف شخص.

 وتابع الخوالدة أن هذا الفعل ليس جديداً على الشعب الأردني، بخاصة بعد التهديد الإسرائيلي بتوسيع الحرب في المنطقة واستمرار التهديد بالتهجير وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن.

 وبخلاف بيان الجماعة كان بيان حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للجماعة، أكثر وضوحاً لجهة مباركة العملية وتبنيها والاعتراف بانتماء منفذيها للجماعة.

ورأى الحزب في العملية فرصة لممارسة ضغوط على الحكومة ومطالبتها بإعادة النظر بجميع الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ووقف الممر البري إليها، وطالب بتمتين الجبهة الداخلية وإعادة العمل بالجيش الشعبي.

لكن المحلل العسكري نضال أبو زيد يرى في تتبع شكل العملية أن المستوطنة المستهدفة بالهجوم "نيئوت هكيكار" قريبة بنحو كيلومتر فقط من الأراضي الأردنية مما شجع منفذي العملية.

ويختم أبو زيد بتأكيده أن انتماء المنفذين للجماعة لا يعني بالضرورة تبنيها للحادثة أو تنظيمها عسكرياً، والعملية تشكل تحدياً للأردن الرسمي ولإسرائيل التي سبق أن انتهكت معاهدة السلام مع الأردن الذي يلتزم تماماً ببنودها، موضحاً أن الأسباب لمثل هذه العملية هو استمرار الحرب في قطاع غزة وما يحدث فيها من انتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.

المزيد من متابعات