Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أول انشقاق لقائد بارز في "الدعم السريع" بالسودان

الجيش يرحب بخطوة كيكل وشراسة المعارك تفاقم حصار العالقين

نشطاء سودانيون يحتفون بانشقاق كيكل عن قوات الدعم السريع (مواقع التواصل)

ملخص

تحتدم المعارك والمواجهات في وسط الخرطوم وشمال مدينة الخرطوم بحري وعلى محاور سنار والجزيرة وشمال وغرب دارفور وعلى نحو أشد في محيط سلاح المدرعات جنوب بالخرطوم.

رحب الجيش السوداني اليوم الأحد بانشقاق القائد البارز في قوات "الدعم السريع" أبو عاقلة كيكل ومعه مجموعة من قواته، في ما قال الجيش إنها أول مرة تنشق فيها شخصية كبيرة عن تلك القوات.

وقال الجيش في بيان "انحاز إلى جانب الحق والوطن اليوم بعد مغادرته صفوف المتمردين ومقرراً القتال جنباً إلى جنب مع قواتنا القائد بميليشيات آل دقلو الإرهابية أبو عاقلة كيكل ومعه مجموعة كبيرة من قواته".

وأضاف "ترحب القوات المسلحة بهذه الخطوة الشجاعة من قبلهم وتؤكد أن أبوابها ستظل مشرعة لكل من ينحاز إلى صف الوطن وقواته المسلحة".

اتساع الهجوم المضاد

مع تصاعد حدة المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بعد اتساع الهجوم المضاد الذي نفذه الجيش منذ أكثر من أسبوعين، يتفاقم في المقابل حصار العالقين وسط المعارك الشرسة وتزداد الأوضاع الإنسانية تدهوراً على مناطق تماس الاشتباكات بين الطرفين بمحاور العاصمة والوسط ودارفور في ظل تنامي مطرد لمعدلات الفقر والجوع وتداعي النظام الصحي وشح الأدوية والغذاء وتفشي وباء الكوليرا وحميات الضنك والملاريا.

جبهات ساخنة                                                                                              

وبالعاصمة السودانية تحتدم المعارك والمواجهات في وسط الخرطوم وشمال مدينة الخرطوم بحري وعلى محاور سنار والجزيرة وشمال وغرب دارفور وعلى نحو أشد في محيط سلاح المدرعات جنوب بالخرطوم.

مع مواصلة الحصار والقصف المدفعي لمدينة الفاشر بشمال دارفور منذ أشهر عدة، هاجمت قوات "الدعم السريع" خلال الأيام الماضية مجموعة جديدة من القرى بمحلية "كتم" بالولاية نفسها، أسفرت عن مقتل أكثر من 50 قتيلاً ونزوح أكثر من 13 ألف مواطن.

واتهم الناطق الرسمي باسم القوات المشتركة الرائد أحمد حسين قوات "الدعم السريع" بقيادة حملة انتقامية باستهداف بعض مناطق شمال دارفور بغرض تحويل النزاع إلى صراع عرقي.

مأساة "توتي"

وكشفت مجموعة محامو الطوارئ الحقوقية عن ارتفاع وتيرة الانتهاكات التي ترتكبها قوات "الدعم السريع" في حق المدنيين المحاصرين العالقين داخل جزيرة "توتي"، بعد تقدم الجيش في عدد من المناطق في مدينتي بحري والخرطوم، مما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا إلى 35 شخصاً قضوا نتيجة العنف ونقص الرعاية الصحية، مع وجود أعداد كبيرة من المصابين والمرضى في وضع حرج.

كشف بيان للمجموعة عن أن المدنيين المحاصرين بالجزيرة يعانون نقصاً في الغذاء والرعاية الصحية بعد نهب قوات "الدعم السريع" المتكرر لـ"تكايا" المطابخ الجماعية وكافة محال المواد الغذائية بصورة فاقمت الأوضاع الإنسانية بصورة خطرة عمقت نقص الغذاء.

طالبت المجموعة المجتمع الدولي والإقليمي بإدانة تلك الانتهاكات والضغط على قوات "الدعم السريع" للكف عن تجويع للمدنيين في "توتي" ونهب المطابخ الخيرية والسماح بمرور الحالات الإنسانية والخدمات الطبية إلى الجزيرة.

حصار مرعب

وكشف عدد من سكان توتي ممن تمكنوا من الفرار من الجزيرة بعبور النيل بالمراكب والوصول إلى محلية كرري شمال أم درمان عن حياة مليئة بالرعب والقهر والجوع يعيشها السكان هناك تحت وطأة الحصار وممارسات التضييق التي تقوم بها الميليشيات على رأسها الحرمان من الطعام والعلاج.

وأوضح محسن عوض الكريم أن الميليشيات تفرض مبالغ طائلة على كل أسرة مقابل السماح لها بالخروج من الجزيرة وصلت إلى 5 مليارات من الجنيهات (ما يعادل 2000 دولار) بحجة تأمين خروجهم.

وظلت جزيرة توتي الصغيرة عند منطقة "المقرن" ملتقى النيلين الأزرق الأبيض تحت الحصار منذ عام ونصف العام، بعد أن سيطرت قوات "الدعم السريع" على كوبري "توتي" المنفذ الوحيد الذي يربط الجزيرة بمدينة الخرطوم.

رهائن "توتي"

تابع، "لكن مع ازدياد الضغوط وتدني الأوضاع الإنسانية قررت بعض الأسر المخاطرة بالفرار باستخدام المراكب الخشبية لعبور النيل ليلاً في الاتجاه مدينة أم درمان، على رغم تعرض بعضهم لإطلاق النار والإصابة أثناء الفرار".

وأشار عوض الكريم إلى أن السكان أصبحوا تحت رحمة قوات "الدعم السريع" على مدار أكثر من عام ونصف العام يتعرضون للاستجواب اليومي بصورة مهينة ومستفزة مع الجلد بالسوط مع كل غارة جوية أو قصف مدفعي بتهمة إرسال الإحداثيات إلى الجيش، حتى وصل الأمر درجة منع الخروج من البيوت بتاتاً". وأردف، "لقد تحول الناس في الآونة الأخيرة إلى رهائن يكابدون للحصول الغذاء ومياه الشرب والأدوية وينهشهم الجوع والمرض وصار مصير أي مريض هو الموت المحتم بسبب انعدام الدواء والمراكز الصحية".

 

اتهامات ووعيد

لدى تفقده مراكز الإيواء لاستقبال الوافدين من جزيرة توتي بشمال أم درمان، قال عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام للجيش الفريق ياسر العطا إن السودان يتعرض لأكبر مؤامرة وتهجير في تاريخه.

أضاف العطا، "على رغم الحزن والدماء والجرائم الذي يتعرض لها المدنيون في جزيرة توتي على يد ميليشيات (الدعم السريع)، وبيع بعض المختطفات في أسواق دارفور وإجبار القاصرات على الزواج من أفراد الميليشيات، فإن النصر بات قريباً جداً".

ورداً على هذه الاتهامات وصف مستشار "الدعم السريع" الباشا طبيق تلك حديث الفريق العطا بأنه أكاذيب هدفها بث الكراهية والعنصرية وتأجيج الفتنة القبلية، ولن تحقق له نصراً، متسائلاً، "أين يتم بيع النساء في أسواق دارفور؟".

توعد طبيق في تغريدة على حسابه بمنصة "إكس" بأن قواتهم ماضية في حربها بحيث تجعل من الأيام المقبلة ناراً حارقة لكل أوكار الإرهاب بالبلاد على حد وصفه، مؤكداً أن تصدى قواتهم تصدت لمغامرة فاشلة جديدة من الجيش وكتائب البراء الإرهابية وكبدتهم خسائر بشرية ومادية كبيرة.

تحت النيران

وفي شمال مدينة الخرطوم بحري، حيث تتواصل المواجهات العنيفة بين الجانبين منذ أكثر من أسبوعين، يعلق كثير من المدنيين في أحياء الصافية ومناطق الحلفايا التي توغلت فيها قوات الجيش، واضطرت قوات "الدعم السريع" إلى التراجع ونقل خطوط دفاعها إلى منطقة شمبات وشمال الصافية.

وقال مواطنون من المناطق المتاخمة لمصفاة نفط الخرطوم بمنطقة الجيلي إنهم ظلوا يعيشون طوال أشهر الحرب الماضية فترة عصيبة تحت رعب جنود "الدعم السريع" من دون كهرباء أو ماء أو طعام، والآن بعد عبور قوات الجيش من أم درمان إلى الخرطوم بحري عبر كوبري الحلفايا وتحرير أجزاء من المنطقة، تحاصرنا نيران المعارك العنيفة التي تدور بين الجانبين، جعل من الصعب الخروج من المنطقة.

وكشف مواطنون من منطقة السامراب ببحري أن عن الحصار الذي تفرضه قوات "الدعم السريع" على المنطقة وانقطاع خدمات الكهرباء والمياه عن المنطقة لأشهر عدة، وغياب أي خدمات للرعاية الصحية، تعيش المنطقة وضعاً كارثياً بسبب التفشي الكبير لحمى الضنك ووباء الكوليرا، كما ظهرت حالات قاتلة من التسمم الجماعي نتيجة شرب مياه غير صالحة، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً.

إجلاء وتدخلات

وأعلنت وزارة الصحة بولاية الخرطوم القيام بتدخلات عاجلة في منطقة شمال بحري التي حررها الجيش، وتواصل لجنة الطوارئ الصحية العمل على توصيل المساعدات الصحية والغذائية والدوائية لتلك المناطق.

وأوضح المتحدث باسم الوزارة محمد إبراهيم إخلاء عدد من الحالات المرضية الحرجة بعد تعرض المرضى لمضاعفات حادة بسبب حصار الميليشيات على لمناطق المدنيين وحرمانهم من الحصول على العلاج والغذاء الكافي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي منطقة الجريف غرب قالت لجان الطوارئ أن المنطقة تشهد تفشياً للحميات بصورة مخيفة، بينما تتساقط "تكايا" المطاعم الخيرية بصورة مستمرة بسبب انقطاع الدعم المادي والعيني عنها.

وحذرت غرفة طوارئ (جنوب الحزام) في جنوب الخرطوم من أن قسم الطوارئ بمستشفى بشائر مهدد بالخروج من الخدمة ما لم يتم توفير كميات من الدم بصفة عاجلة، وذلك بعد أن توقف قسم النساء والتوليد بالمستشفى للسبب ذاته.

عالقو الوسط

وفي ولاية الجزيرة ونتيجة لتفاقم أزمة الدواء اضطر الجيش إلى توصيل إمدادات دوائية وحاجات طبية عاجلة عبر نقلها جواً إلى الولاية.

وكشف أسامة عبدالرحمن الفكي وزير الصحة المكلف الولاية عن صعوبة الوصول إلى منافذ الرعاية الصحية بالولاية، مبيناً أن الولاية أصبحت مكشوفة أمام تفشي أوبئة الكوليرا والملاريا وحمى الضنك بسبب عرقلة ميليشيات الدعم السريع لجهود المكافحة.

وحذرت شبكة أطباء السودان من أن النقص في المعينات الطبية وشح الوقود يهدد حياة المئات من مرضى الفشل الكلوي بالولاية.

وناشدت الشبكة المنظمات الدولية والإقليمية الإسراع بتقديم المساعدات الطبية لتخفيف معاناة المرضى الآلاف من المدنيين الذين لا يزالون عالقون في مناطق الصراع وتسهيل وصول تلك المعينات والإشراف على تشغيل مراكز غسل الكلى والمستشفيات.

الوحش الجريح

في السياق أوضح رئيس مسار الوسط باتفاق جوبا لسلام السودان التوم هجو أنه كلما اشتد الضغط العسكري الهجومي على الميليشيات في محوري الوسط بالجزيرة وسنار زادت الانتهاكات وعمليات النهب والسلب التي ترتكبها في حق المدنيين من سكان القرى البسطاء.

أوضح هجو أن قوات الميليشيات أصبحت مثل الوحش الجريح بعد تضييق قوات العمل الخاص التابعة للجيش الخناق عليها إلى جانب عمليات القصف الجوي المكثف على نقاط تجمعها ومتحركاتها، متوقعاً أن تكون في هزيمة الميليشيات نهاية لهجماتها على القرى في وقت قريب.

 

استعدادات التصعيد

على نحو متصل أوضح الباحث في المجال الأمني والسياسي محمد بابكر شيخ الدين أن التطورات العسكرية تشير إلى أن طرفي الحرب يكثفان استعداداتهما تمهيداً لمواجهات ومعارك مرتقبة ربما أكثر سخونة، وقد تشمل فتح جبهات جديدة، مما سينعكس بدوره على أوضاع العالقين المتدهورة بصورة أسوأ مما هي عليه الآن.

لفت شيخ الدين إلى أن المناطق التي يدخلها الجيش ثم يخرج منها من دون البقاء فيها أو إحكام سيطرته عليها، يدفع فيها المدنيون ثمناً باهظاً بعد خروج الجيش منها، وتتحول حياة العالقين إلى جحيم بسبب الحملات الانتقامية التي درجت قوات "الدعم السريع" على شنها على السكان بتهمة التواطؤ والتخابر مع الجيش.

ويعتقد الباحث أن تمادي الطرفين المتقاتلين في التصعيد العسكري سيقضي على ما تبقى من بنيات تحتية وينذر بطول أمد حصار العالقين تحت النيران ويوسع دائرة الجوع وستزيد تبعاً لذلك موجات الفرار والنزوح، كما يعني أيضاً المزيد من الانتهاكات وجرائم الحرب والضحايا المدنيين خلال الفترة المقبلة.

عرقلة المساعدات

إلى ذلك طالبت 10 دول غربية بينها بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا بضرورة فتح الممرات وضمان تسهيل وصول الإعانات إلى ملايين المتضررين من الحرب وفي حاجة عاجلة للمساعدة.

واتهمت الدول في بيان مشترك وقع عليه أيضاً المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات طرفي الصراع بالعرقلة الممنهجة للجهود الإنسانية المحلية والدولية التي هي أساس المجاعة الراهنة بالسودان على رغم حالة الطوارئ الملحة.

 

 

وشدد البيان على ضرورة رفع القيود المفروضة على معبر أدري على الحدود مع تشاد بما يتماشى مع تعهدات الجانبين.

وعقب محادثات جنيف برعاية الولايات المتحدة في نهاية أغسطس (آب) الماضي تعهد الطرفان المتحاربان بضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق.

وتسببت الحرب المندلعة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل (نيسان) العام الماضي في أكبر موجة نزوح عالمياً وأزمة إنسانية كارثية ومجاعة تهدد أكثر من نصف السكان السودان، بينما يتزايد انتشار أوبئة الكوليرا وحميات الضنك والملاريا وترتفع معدلات سوء التغذية بمعدلات مخيفة وسط الأطفال.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير