Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هو هدف التعديلات الوزارية الواسعة في المغرب؟

يرى مراقبون أنها جاءت بكفاءات من "أبناء الدار" ومعظمهم يعرفون خبايا القطاعات التي سيتولون تدبيرها

سجل متابعون ومحللون عدداً من الملاحظات على الهندسة الجديدة للحكومة المغربية (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

تنطلق النسخة الثانية من الحكومة بوضع خريطة طريق تشمل عدداً من الأولويات، تتمثل أساساً في الحد من التضخم وخلق مناصب الشغل والعمل على فتح ورش مهمة في أفق احتضان البلاد كأس العالم لعام 2030.

في تعديل حكومي موسع جرى الأربعاء أمس في المغرب، عُين 14 وزيراً جديداً بمناصب مختلفة، إما بصفة وزير أو وزير منتدب أو كاتب دولة، وغادر ثمانية وزراء، بينما حافظ 16 وزيراً على حقائبهم.

ويعد هذا التعديل الحكومي الأول من نوعه الذي تخضع له الحكومة المغربية التي يترأسها عزيز أخنوش منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ليرتفع عدد الوزراء بعد هذا التعديل الجديد من 26 إلى 30 وزيراً.

ويرى مراقبون أن هذا التعديل الحكومي الموسع في المغرب جاء بكفاءات وزارية من "أبناء الدار"، بمعنى أن معظمهم يعرفون خبايا القطاعات التي سيتولون تدبيرها مع استثناءات قليلة، غير أن اللافت هو أن حزب "الأحرار" الذي يقود الحكومة تموقع بصورة جيدة في الهندسة الجديدة للحكومة المغربية، إذ إنه أمسك بالقطاعات الاجتماعية الحساسة من قبيل التعليم والصحة وغيرهما.

مغادرون ووافدون

وفي تفاصيل التعديل الوزاري الموسع في المغرب، غادر السفينة الحكومية ثمانية وزراء في قطاعات حيوية وهم وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى الذي عين مندوباً سامياً للتخطيط، ووزير الصحة خالد أيت طالب، ووزير الفلاحة محمد صديقي، ووزير التعليم العالي عبداللطيف الميراوي، ووزيرة التضامن والأسرة عواطف حيار، ووزير النقل محمد عبدالجليل، ووزيرة الانتقال الرقمي غيثة مزور، والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار محسن الجزولي.

وجاءت التغييرات بوزير التربية الوطنية محمد سعد برادة ووزير الصحة أمين التهراوي ووزير الفلاحة أحمد البواري وزير التعليم العالي عز الدين ميداوي ووزيرة التضامن والأسرة نعيمة بنيحيى ووزير النقل عبدالصمد قيوح والوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي أمل الفلاح السغروشني، والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار كريم زيدان.

وتنص النسخة الحكومية الجديدة على دخول ستة أعضاء جدد في مناصب كتّاب دولة مكلفين بقطاعات مختلفة، وكاتب الدولة هو مسؤول حكومي يتلقى تفويضاً من رئيس الحكومة أو الوزير التابع له، وهم زكية الدريوش وعمر حجيرة وأديب بن إبراهيم وهشام صابري ولحسن السعدي وعبدالجبار الرشيدي.

بروفايلات

وسجل متابعون ومحللون عدداً من الملاحظات الرئيسة على الهندسة الجديدة للحكومة المغربية، أولها أن كثيراً من الوزراء الجدد هم "أبناء الدار"، إذ إنهم يحظون بكفاءات مهنية تناسب القطاعات التي أسندت إليهم، أو في الأقل يمتلكون شهادات دراسية عليا وراكموا خبرات في مجالات تتقاطع مع مهماتهم الوزارية الجديدة.

والملاحظة الثانية أن أسماء وزارية جديدة أثارت منذ الوهلة الأولى جدلاً سياسياً يتمثل في عدم تناسب سيرهم الذاتية مع الحقائب التي سيشرفون عليها طوال المدة الباقية من عمر الولاية الحكومية إلى حدود عام 2026.

ومن هؤلاء الوزراء الجدد وزير التربية الوطنية الذي يعتبر رجل أعمال ناجحاً وحاصلاً على شهادة عليا في الهندسة من معهد القناطر والطرق بباريس، ويدير شركات للحلويات والدواء بعيداً من أية خبرات في قطاع التربية والتعليم، وينطبق الأمر نفسه على وزير الصحة الجديد الذي تبتعد سيرته المهنية والعملية من قطاع الصحة.

وأما الملاحظة الثالثة فتتمثل في كون حزب "الأحرار" تموقع بصورة جيدة في مفاوضات التعديل الحكومي مع الحزبين الآخرين في الغالبية الحكومية وهما "الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، إذ إنه أمسك بحقائب اجتماعية ذات حساسية وأهمية إستراتيجية مثل وزارتي الصحة والتعليم.

وتفضي الملاحظة الثالثة إلى أخرى رابعة تتلخص في أن هناك نوعاً من "الهاجس الانتخابي" يطفو من خلال هذه التعيينات الوزارية الجديدة التي أخذ فيها حزب "الأحرار" نصيباً وافراً من حيث العدد والأهمية، باعتبار أن التحكم في دواليب قطاعات اجتماعية يتيح لهذا الحزب التموقع بصورة أفضل خلال الانتخابات التشريعية المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كتّاب الدولة

ولعل أبرز ما استجد في هذه الحكومة الثانية تعيين ستة "كُتاب دولة" خلت منهم النسخة الأولى عام 2021، وهي مناصب وزارية ذات خصوصية سياسية ودستورية وحزبية أيضاً.

وكتاب الدولة الستة الجدد الذين سيعززون التشكيلة الحكومية في نسختها الثانية هم كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، وكاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة المكلف بالتجارة الخارجية، عمر حجيرة، وكاتب الدولة لدى وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان المكلف بالإسكان، أديب بن إبراهيم، وكاتب الدولة لدى وزير الإدماج الاقتصادي والشغل، المكلف بالشغل، هشام صابري، وكاتب الدولة لدى وزيرة السياحة المكلف بالصناعة التقليدية لحسن السعدي، ثم كاتب الدولة لدى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة المكلف بالإدماج الاجتماعي، عبدالجبار الرشيدي.  

ويفيد القانون التنظيمي رقم (065.13) بخصوص تنظيم وتسيير أشغال الحكومة في المغرب بأن الحكومة تتألف إضافة إلى رئيسها من وزراء نساء ورجال تكون لهم صفة وزراء دولة أو وزراء منتدبين لدى رئيس الحكومة، ويمكن أن تضم كتاباً للدولة معينين لدى رئيس الحكومة أو لدى الوزراء، وبالتالي فإن منصب كاتب الدولة هو بمثابة وزير يعمل تحت إمرة وزير آخر يقوم بتفويض اختصاصات معينة له داخل قطاع يكون في العادة متشعباً وكبيراً، مثل أن يتكلف كاتب دولة بملف الصيد البحري في حقيبة وزارية تعنى بالفلاحة والصيد والبحري والتنمية القروية والمياه والغابات.

ويعتبر مراقبون أن مناصب كتّاب الدولة في المغرب تُمنح في كثير من الأحيان كإرضاء لبعض "الخواطر الحزبية"، ولا سيما في مفاوضات تشكيل حكومة تضم أحزاباً عدة أو عند إدخال تعديلات عليها.

خريطة طريق

وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي والأستاذ الجامعي محمد نشطاوي أن التعديل الحكومي الجديد في المغرب أفضى إلى مغادرة بعض الوزراء الذين أثاروا جدالات قوية مثل وزير التعليم العالي عبداللطيف ميراوي، بسبب أزمة احتجاجات طلبة الطب، ووزير الصحة جراء احتجاجات الأطباء والممرضين، ووزير الفلاحة أيضاً، بينما لم يغادر عبداللطيف وهبي وزير العدل على رغم كل ما أثير حوله من انتقادات عارمة.

واسترسل نشطاوي بأنه كان لزاماً ضخ دماء جديدة في التشكيلة الحكومية من أجل تنزيل الإصلاحات ومباشرة ورش تنموية مهمة، مع منح الأولوية للقطاعات الاجتماعية التي أصابها الوهن خلال الفترة السابقة من ولاية حكومة أخنوش.

ووفق المتحدث ذاته فإنه "يتعين أن تنطلق النسخة الثانية من الحكومة بوضع خريطة طريق تشمل عدداً من الأولويات، تتمثل في الحد من التضخم وخلق مناصب الشغل والعمل على فتح ورش مهمة في أفق احتضان البلاد كأس العالم عام 2030، والاستمرار في العمل الإستراتيجي سواء تعلق الأمر بالحماية الاجتماعية والنقل وتمديد الخط السككي فائق السرعة إلى مدينة أغادير، وخلق مناخ محفز للاستثمار ومواجهة الغلاء والقضاء على الفساد واقتصاد الريع".

وخلص نشطاوي إلى أن المأمول من التشكيلة الحكومية المعدلة أن تضم من بين الأسماء الجديدة كفاءات تحظى بالصدقية والجدية والإرادة لخدمة الصالح العام، وتنزيل الإصلاحات على أرض الواقع في ما بقي من ولاية الحكومة".

سرعة قصوى

من جهته يرى الباحث في الاقتصاد الاجتماعي محمد مجدولين أن التشكيلة الحكومية الجديدة تضمنت هندسة محددة في قطاعات اجتماعية واقتصادية تروم تفعيل الإصلاحات الموعودة، غير أنها ترتبط بمواعيد زمنية محددة".

وأكمل الباحث شارحاً أن "التعديل الحكومي في المغرب يحمل في ظاهره نفساً جديداً في القطاعات الاجتماعية، إذ تركزت غالبية تعيينات الحقائب الوزارية على القطاعات الاجتماعية ذات العلاقة بمعيشة المواطنين والتنمية الاقتصادية.

واستطرد مجدولين بأن الحكومة لم يعد أمامها سوى المرور إلى السرعة القصوى من أجل إكمال الإصلاحات التي بدأتها، أو لترميم الاختلالات والعثرات المسجلة في قطاعات بعينها مثل الصحة والشغل والتعليم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير