Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطباء يحملون السلاح داخل عيادات الإجهاض في أميركا

يحمل الأطباء العاملون في عيادات الإجهاض، وخصوصاً تلك الواقعة على حدود الولايات التي تحظر الإجهاض الأسلحة، ويتخذون احتياطات أمنية دائمة للحفاظ على سلامتهم وسلامة مرضاهم

الدكتور آرون كامبل، الذي يعمل في عيادة إجهاض في فرجينيا ويحمل معه مسدساً (اندبندنت)

ملخص

تتناول المقالة العنف الذي يتعرض له العاملون في مجال تقديم خدمة الإجهاض لمن تحتاج إليها من النساء في الولايات، حيث يسمح بها، والمتاخمة للولايات الممنوعة فيها. الطاقم الطبي يحمل السلاح دفاعاً عن نفسه، وتدابير أمنية مشددة لمواجهة المحتجين والمناهضين.

هذه المقالة جزء من سلسلة تحقيقات وفيلم وثائقي جديد بعنوان "ذا ايه وورد" [كلمة حرف الألف (الإجهاض)] The A-Word، من إنتاج صحيفة "اندبندنت"، إذ يتم البحث في إمكان القيام بعمليات الإجهاض والحصول على الرعاية الإنجابية في الولايات المتحدة بعد بطلان قضية "رو ضد وايد" [الذي نتج منه عدم السماح بعمليات الإجهاض في عدد من الولايات الأميركية].

يحمل الدكتور آرون كامبل مسدسه وهو يسارع نحو عمله في عيادة

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

.



المتظاهرون المناهضون للإجهاض الذين يخيمون خارج العيادة يستطيعون التعرف عليه على رغم أنه يستخدم سيارات مختلفة، ومع وصول سيارته عند المنعطف يندفعون نحوها، ويصرخ أحدهم: "وصل القاتل".

يسارع الموظفون في مكان عمله في عيادة صحة المرأة في بريستول، الذين يتم إعلامهم دوماً بموعد وصوله بصورة مسبقة، بإدخاله عبر الباب الخلفي.

خلال حديثه مع صحيفة "اندبندنت" قال الدكتور كامبل: "عندما أصل إلى العيادة، عادة ما أحمل مسدسي. لا أضع أصبعي على الزناد مباشرة، ولكنني حاضر لاستخدامه إذا شعرت بالخطر". وحتى أثناء العمليات الجراحية التي يجريها، يبقى مسدسه واضحاً تحت ثيابه.

هذا يوم عادي لإجراء العمليات الجراحية في عيادة الإجهاض في مدينة بريستول بولاية فيرجينيا، الواقعة على الخط الفاصل بين ولايتين، منذ أن أبطل قرار دوبس [الذي أصدرته المحكمة العليا الأميركية] لعام 2022 قضية "رو ضد وايد"، مؤدياً إلى إلغاء الحق بالحصول على الإجهاض في كل أنحاء البلاد.



وفي التفاصيل، تقع ومدينة بريستول بين ولايتين: فرجينيا، التي تسمح بالإجهاض، وتينيسي، التي تحظره في ما عدا استثناءات محدودة للغاية.

وهذا ما يجعل هذا المبنى الأحمر، الذي يقع على بعد أقل من نصف ميل من حدود ولاية تينيسي، أقرب مركز لتقديم خدمات عمليات الإجهاض لمناطق عدة من الجنوب الشرقي للبلاد، إذ يمنعها عدد من الولايات.

يضيف الدكتور كامبل، الذي اضطر إلى التخلي عن عيادته التي أسسها والده في مدينة نوكسفيل بولاية تينيسي بعد أن جعلت قضية دوبس عمله مستحيلاً: "لم أكن أتخيل أبداً أننا سنعيش هذا الواقع".

أصبحت مواقف السيارات الخاصة بعيادات الإجهاض في جميع أنحاء الولايات المتحدة بمثابة خطوط أمامية، إذ يمارس المتظاهرون المناهضون للإجهاض حقهم القانوني في الاحتجاج من خلال محاولة إقناع ومضايقة الأشخاص الذين يحاولون القيام بعمليات الإجهاض، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يتحول ذلك إلى العنف.

وازداد العنف ضد مقدمي خدمة عمليات الإجهاض في عام 2022، وهو العام الذي أبطلت فيه قضية رو ضد وايد والعام الذي سجلت فيه أحدث البيانات المتاحة. ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن "الاتحاد الوطني للإجهاض"، تضاعفت هجمات الحرق المتعمد بين عامي 2021 و2022 (من اثنتين إلى أربع)، بينما تضاعفت حوادث المطاردة بأكثر من ثلاثة أضعاف، وكذلك ازدادت عمليات السطو من 13 عملية في عام 2021 إلى 43 في عام 2022.

وكتبت رئيسة الاتحاد الوطني للإجهاض ميليسا فاولر في التقرير: "البيانات دليل على ما نعرفه بالفعل: لقد شجع قرار المحكمة العليا بإبطال قضية رو ضد وايد وسلسلة قرارات حظر الإجهاض التي تلته المتطرفون المناهضون للإجهاض".



تحدث فريق عمل فيلم "اندبندنت" الوثائقي "ذا ايه وورد" إلى عدد من مقدمي خدمة عمليات الإجهاض في جميع أنحاء الولايات المتحدة، الذين قالوا إنهم تعرضوا للعنف طوال عقود من الزمن، ولكن التوترات المتصاعدة وأعداد المرضى المتزايدة لدى مقدمي الخدمات المحدودين عقب قضية دوبس جعلت التهديد أكثر وضوحاً.

وورد في نتائج تقرير الاتحاد الوطني للإجهاض: "شجع [القرار] المتطرفين المناهضين للإجهاض، حتى إنهم سافروا إلى الولايات التي بقي فيها الإجهاض مسموحاً قانونياً لاستهداف العيادات هناك".

وبالحديث عن المحتجين المناهضين للإجهاض الذين واجههم أثناء سفره للعمل في ولايات عدة، قال الدكتور كامبل: "هؤلاء الأشخاص الذين يحضرون إلى مثل هذه العيادات خطرين ولا يمكن استباق [أفعالهم]".

وارتفع عدد حوادث المطاردة تسعة أضعاف بين عامي 2021 و2022 في الولايات التي ما زالت تحمي حقوق الإجهاض، من ثماني حوادث إلى 81 حادثة، وكذلك تضاعفت التهديدات بالهجوم باستخدام القنابل، وتعرضت عيادة تنظيم الأسرة [التي توفر خدمات الإجهاض] في كاليفورنيا لهجوم بقنابل حارقة.



وبعد أسابيع قليلة فقط من تسريب قرار قضية دوبس، تعرضت عيادة جديدة في مدينة كاسبر بولاية وايومنغ للاقتحام وإضرام النيران فيها، تسبب الهجوم المتعمد في أضرار تقدر بمئات آلاف الدولارات وتأخير افتتاح العيادة لمدة سنة تقريباً.

ومنذ أن بدأ الاتحاد الوطني للإجهاض بجمع إحصاءات العنف ضد مقدمي خدمة عمليات الإجهاض في سبعينيات القرن الـ20، سجل الاتحاد 11 جريمة قتل، و42 تفجيراً، و200 عملية حرق متعمد، و531 اعتداء، ونحو 500 اقتحام للعيادات. كما وثق آلاف الحوادث الأخرى المتمثلة بأنشطة إجرامية استهدفت المرضى ومقدمي الخدمات والمتطوعين.

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، قتل شخص مسلح ضابط شرطة وشخصين كانا يرافقان أصدقاءهم إلى عيادة تنظيم الأسرة في مدينة كولورادو سبرينغز، وشهد عقد التسعينيات من القرن الماضي تفجيرات عدة استهدفت عيادات الإجهاض.

دائماً ما يحمل الدكتور كامبل، الذي لديه وشم صغير على صورة شماعة معاطف على ذراعه، مسدساً عندما يكون في العيادة. ويقول في إشارة إلى الطبيب الشهير ومقدم خدمات الإجهاض جورج تيلر الذي قتل برصاصة أطلقها مناهض للإجهاض أثناء وجوده بالكنيسة في مدينة ويتشيتا بولاية كنساس في عام 2009: "كان تيلر آخر واحد، لكنه لم يكن الأول".



ويضيف الدكتور كامبل: "أظن أنه سيكون هناك مزيد [من محاولات القتل] في مرحلة ما، ولا أريد أن أكون أنا [الضحية]".

أحد زملاء كامبل الأطباء الذي يعمل في غرب البلاد، كان قلقاً للغاية في شأن تعرضه للاغتيال، لدرجة أنه ارتدى سترة واقية من الرصاص في العمل.

ويضيف الدكتور كامبل، وبدا منهكاً: "كان هذا الوضع حتى بدأ يتلقى رسائل بريد من مناهضي الإجهاض والمحتجين".

كان مكتوباً بها: "لا تعذب نفسك بالسترة الواقية من الرصاص، لأننا سنطلق الرصاصة على الرأس".

من جهة أخرى، يراقب حارس الأمن في "العيادة الرئاسية للإجهاض" في ميامي بولاية فلوريدا موقف السيارات بحثاً عن أي متسللين أو أي شيء غير عادي.

وتعرضت العيادة للحرق المتعمد في عام 2005، والآن بعد ستة أسابيع فقط من حظر الولاية للإجهاض، أصبحوا أكثر إدراكاً بكونهم هدف [لأي هجوم].

وأفاد الدكتور دانييل ساكس، طبيب أمراض النساء والتوليد في العيادة، الذي لديه أيضاً عيادته الخاصة، بأن المتظاهرين حضروا إلى منزله وعيادته، حتى قبل صدور القرار بقضية دوبس.

وأضاف: "كانوا يرمون رسائل إلى جيراني تقول ’هذا الرجل يقتل الأطفال‘".



وعقب بالقول: "التقيت بمسؤولي مؤسسات إنفاذ القانون واتخذت بعض الاحتياطات، اعتمدت بعض الإجراءات الأمنية".

ولا يسمح سوى للمرضى فقط بدخول العيادة، وإضافة إلى حراس الأمن، أصبح لدى عدد من مقدمي خدمات الإجهاض الآن مدافعون عن العيادة، وهم متطوعون دورهم الوحيد هو حماية المرضى في المنطقة الممتدة بين موقف السيارات وباب العيادة.

وبالعودة لعيادة بريستول، تقوم باربرا شوارتز وكيمبرلي سميث، اللتان أسستا "شركاء الوصول إلى خدمات الإجهاض على حدود الولاية"، وهي مؤسسة خيرية تساعد الأشخاص الراغبين في الإجهاض، بمرافقة المرضى من سياراتهم إلى باب المركز عبر ما يسمونه "قفاز المحارب".

تشرح سميث كيف يحمون المرضى الخائفين بمظلات كبيرة بألوان قوس قزح، لحمايتهم من وهج كاميرات الجسم التي يرتديها المحتجون.

أما شوارتز فتضيف بالقول: "نحاول أن نكون مثل موظفي الاستقبال في موقف السيارات"، وتظهر الوشم الذي حصلت عليه بعد قضية دوبس، وهو عبارة عن رسمة رحم مصحوبة بكلمات "مساعدة ودعم".

وتعقب بالقول: "نريد أن نظهر حسن الضيافة وأن الأمور طبيعية أيضاً، فقط عبر التواصل من خلال لغة الجسد ونبرة الصوت، بأننا أشخاص عاديون وأنكم بأمان هنا".

أما المحتجون خارج العيادة فيؤكدون أنهم سلميون وملتزمون بالقانون (يعد منع الناس من الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية جريمة فيدرالية)، ولا يجوز للمحتجين تجاوز نقطة معينة، وإذا حاولوا عرقلة المرضى أثناء دخولهم للعيادة، يطردون من ممر السيارات.



وفي غالب الحالات، يقف المحتجون بجوار ملصقات لصور الأجنة، ويهتفون باستمرار "نتوسل إليكم ألا تقتلوا أطفالكم".

لكن المحتجين المناهضين للإجهاض يحاولون أيضاً اعتراض السيارات قبل أن تتمكن من الوصول إلى العيادة، حاملين لافتات مكتوب عليها "ارجع للوراء" عند إشارات المرور القريبة.

وتقول شوارتز وسميث إن المحتجين يحاولون أيضاً إرباك المرضى عمداً، عبر ارتداء سترات بلون مشابه لسترات مرافقي العيادة وحمل المظلات نفسها متعددة الألوان.

بمجرد دخول المرضى للعيادة، غالباً ما يحول المحتجون انتباههم إلى أفراد أسر المرضى وأصدقائهم الذين لا يسمح لهم بالدخول إلى العيادة لأسباب أمنية وللحفاظ على الخصوصية، ولذلك يضطرون إلى الانتظار في الخارج.



على الرصيف خارج عيادة بريستول، يشتبك شاب يدعى جوناثان، الذي يحمل إنجيلاً وملصقاً لصورة جنين، بمشادة كلامية مع مرافق مريضة قال إنه قاد السيارة بها لمدة 10 ساعات من أجل الموعد.

يصرخ جوناثان بالقول "أنت شريك بالقتل" لصديق المريضة، الذي يمشي ليناشده أن يترك النساء بحالهن.

يرد الصديق: "لا تصرخ عليهن وتقول ’ستذهبن إلى الجحيم‘! لا تكن قاسياً بهذا الشكل، وجودهن هنا صعب بما فيه الكفاية، الاختيار يعود لهن"، ولكن من دون جدوى.

داخل عيادة بريستول، جميع النوافذ مغطاة لدرء أعين المتطفلين وضمان سلامة المرضى والموظفين.

وبحسب مديرة العيادة كارولينا أوغوريك فإن أكثر من 95 في المئة من مرضاهم يأتون من ولايات أخرى، إذ هناك مرضى يسافرون بسياراتهم طوال اليوم من أماكن بعيدة مثل ميسيسيبي ولويزيانا وفلوريدا للوصول إلى العيادة.

ضاعفت العيادة عدد أيام الجراحة كل شهر بمقدار أربع أضعاف، من أجل استيعاب الطلب المتزايد مع اعتماد مزيد من الولايات لقانون حظر الإجهاض.

 


تقول أوغوريك: "أحياناً نعمل يوم الأحد، ونعمل خلال المساء، إذ نبقى هنا حتى الساعة التاسعة مساء، لأن إحداهن كانت عالقة في زحمة المرور أو لا يمكنها مغادرة عملها قبل وقت معين".

وتواجه العيادة دعوات إلى إغلاقها، إذ تقول أوغوريك إن بعض المحتجين يحاولون الضغط على ملاك المبنى. وفي العام الماضي، قال الموظفون إن نشطاء مناهضين للإجهاض من تكساس سافروا إلى بريستول من أجل الضغط على السلطات لاستخدام القوانين المحلية لإغلاق العيادة.

لقد جعل ذلك أوغوريك أكثر توتراً وقلقاً على سلامتها الشخصية، عندما تدخل إلى موقف السيارات تتوقف "لترى ما إذا كان هناك شيئاً يبدو مختلفاً". وتقود عن قصد سيارة ليس من السهل تمييزها، وتتحقق من الطرود خارج منزلها كل يوم، وإذا ذهبت إلى مطعم تتحقق بحثاً عن أي من المحتجين الذين بإمكانها التعرف عليهم.



وتسأل بنبرة إحباط: "من أيضاً يجب عليه أن يصل إلى مكان عمله ويتحقق مما إذا كانت أية نافذة قد تصدعت أو تحطمت، أو إذا كان يوجد طرود لا ينبغي أن تكون هناك؟".

وفقًا لبيانات الاتحاد الوطني للإجهاض، في عام 2022 تلقى مقدمو خدمات الإجهاض في الولايات التي تسمح بعمليات الإجهاض ثلاثة تهديدات بالإرهاب البيولوجي، وجرى تسجيل ثلاث حوادث حرق متعمد، ووصول 57 طرداً مشبوهاً.

تقول أوغوريك: "لقد أصبح الأمر جزءاً من أسلوب حياتي، هذا فقط من أجل حماية نفسي، وحماية صحتي العقلية. يجب أن نكون دائماً متيقظين بالكامل".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات