ملخص
على رغم الانتقادات، بقي ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، متمسكاً بمواقفه السياسية المؤثرة، وخصوصاً في دعم ترمب، وهو يُعتبر مهندساً رئيساً للتوجهات الجمهورية الحالية.
مع نقل عملية فرز أصوات المؤتمر الوطني الجمهوري الذي استضافته مدينة ميلووكي إلى ولاية كنتاكي في يوليو (تموز)، أطلق مندوبون جمهوريون بحماسة صيحات استهجان ضد زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل.
لا أظن أن ماكونيل اهتم لذلك، مثلما استمتع بإطلاق ليبراليين عليه اسم "حاصد الأرواح"، كان يعلم أن أياً من منتقديه الجمهوريين لا يستطيع أن يفعل ما فعله هو على صعيد الانتخابات أو في مجال عرقلة تشريعات الديمقراطيين، وأكثر من ذلك، لا بد من أنه عرف بالتأكيد أنه كان الشخص الذي يتحمّل المسؤولية الكبرى عن اللحظة الحالية، لقد بدأ كل شيء قبل ثلاثة أعوام، عندما صوّت لتبرئة دونالد ترمب بعد أعمال الشغب التي شهدها السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عرف ماكونيل أن ما فعله ترمب كان خطأً أخلاقياً وأكّد ذلك في خطابه الذي أوضح فيه السبب وراء تصويته عام 2021.
قال "لقد فعلوا [مثيرو الشغب] ذلك لأن أقوى رجل على وجه الأرض عبّأهم بأكاذيب جامحة، ذلك لأنه كان غاضباً، لقد خسر الانتخابات، كانت تصرفات الرئيس السابق ترمب التي سبقت أعمال الشغب تقصيراً شائناً جداً في أداء الواجب".
لو صوّت ماكونيل لإدانة ترمب، ربما أقنع تسعة أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ بالانضمام إليه إلى جانب الجمهوريين السبعة الذين صوتوا لإدانة الرئيس السابق في ذلك اليوم.
هذا القرار المنفرد الذي اتخذه في فبراير (شباط) 2021 لم يضمن عودة ترمب إلى البيت الأبيض وحسب، بل كذلك عودته مع رغبة في الانتقام: مع مجلس شيوخ أقوى وأكثر انحيازاً إلى حركة "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" ومجلس نواب ذي غالبية جمهورية كما تدلّ الترجيحات.
قد تكره حركة "جعل أميركا عظيمة مجدداً" ميتش ماكونيل، لكنه زرع البذور التي سمحت لها بالنمو والازدهار.
تماماً مثل نظيرته في مجلس النواب، نانسي بيلوسي، يركز ميتش ماكونيل في شكل فريد على استخدام السلطة القريبة الأجل للحصول على سلطة بعيدة الأجل.
لطالما لم يدّخر استخدام نفوذه في مجلس الشيوخ ونقوده الوفيرة المتوفرة لديه لمساعدة الجمهوريين في القيام بذلك.
عام 2022، بعد فوز جاي دي فانس بترشيح الجمهوريين إلى مجلس الشيوخ، خشي الجمهوريون من أن يكون أداؤه ضعيفاً للغاية إذا لم يهبّ إلى العمل لشغل مقعد عضو مجلس الشيوخ الجمهوري المنتهية ولايته روب بورتمان في ولاية أوهايو، وشنّ ماكونيل هجمات واسعة داعمة لفانس عبر وسائل الإعلام العاملة في الولاية.
جاء هذا على رغم أن فانس لم يكنّ كثيراً من الود لماكونيل، في الواقع بعد وصول فانس إلى مجلس الشيوخ، حاول بانتظام عرقلة مساعي ماكونيل إلى ربط تقديم مساعدات إلى أوكرانيا بزيادة أمن الحدود الأميركية.
والآن، سيصبح فانس نائباً للرئيس، ومن المرجح أن يصبح أيضاً حلقة الوصل الخاصة بترمب مع مجلس الشيوخ، علماً بأن المجلس هيئة لا يفهم ترمب في شكل خاص أسلوب عملها.
هذا العام، كان نهج ماكونيل لضمان فوز جمهوريين بالمنافسات على مقاعد في مجلس الشيوخ مشابهاً جداً لما فعله دعماً لفانس.
في أوهايو، تكبّد "صندوق قيادة مجلس الشيوخ" الخاص بماكونيل، وهو هيئة نافذة للعمل السياسي، 55 مليون دولار لإسقاط شيرود براون، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية فاز بها ترمب ثلاث مرات.
لقد آتى ذلك ثماره وحقق بيرني مورينو، بائع السيارات المدعوم من ترمب والمثقل بمسائل شخصية، انتصاراً، على رغم أن أداءه كان أقل من أداء ترمب.
وفي الوقت الحالي، يبدو أن عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي بوب كايسي، الذي ينحدر من واحدة من أكثر العائلات السياسية شعبية قد يخسر مقعده في مجلس الشيوخ لمصلحة دايف ماكورميك، المبتدئ في العمل السياسي، ضخّ "صندوق قيادة مجلس الشيوخ" 38 مليون دولار لإسقاط كايسي، وإذا فاز ماكورميك سيترتّب عليه أن يرسل إلى ماكونيل بعضاً من شطائر "بريمانتي براذرز"، [التي حلّ في أحد فروعها خلال حملته]، مع بطاطس مقلية إضافية.
بطبيعة الحال، يتحمّل ماكونيل أيضاً مسؤولية عن حلول غالبية محافظة في المحكمة العليا، نظراً إلى أنه دفع في مجلس الشيوخ باتجاه تأكيد تعيينات ترمب القضائية، لقد وسعت هذه الغالبية في شكل كبير حصانة أي رئيس حالي في مجال القيام بـ"أعمال رسمية"، مما أدى إلى تأخير محاكمة ترمب في قضية رفعها المدعي الخاص جاك سميث.
وأخيراً، أعطى ترحيب ماكونيل بزيارة ترمب مقر الكونغرس في وقت سابق من هذا العام الجمهوريين الموافقة على دعم ترمب.
لطالما كانت علاقة ماكونيل وترمب غير مستقرة، لكن هذا التأييد الكامل سمح للجمهوريين ليس فقط بالمكابرة على أنفسهم ودعم ترمب، بل بتأييده بسعادة والتصويت له بحماسة.
هناك بعض المفارقة الكبيرة في هذا كله، لقد ضغط ترمب على ماكونيل بانتظام لوقف العرقلة التشريعية، التي يعتبرها ماكونيل رادعاً لتجاوزات الديمقراطيين ولتمرير مجلس الشيوخ التشريعات بسرعة أكبر مما ينبغي، كذلك نسف ترمب مشروع القانون الذي يربط بين حماية الحدود الأميركية بمساعدة أوكرانيا، ما يعني أن الديمقراطيين سيستخدمون على الأرجح العرقلة التشريعية لمنع أي مشاريع قوانين تسعى إلى فرض قيود على الهجرة من الوصول إلى مجلس الشيوخ.
وباعتباره مؤيداً متحمساً لمساعدة أوكرانيا، سيواجه ماكونيل صعوبة في تمرير هذه المساعدة، حتى لو فاز الديمقراطيون بطريقة ما بغالبية مجلس النواب.
أثبتت معضلة مشروع القانون الخاص بحماية الحدود في حد ذاتها أن ماكونيل فقد السيطرة على الكتلة الجمهورية في مجلس الشيوخ، وسيترك منصبه كزعيم لهذه الكتلة نهاية هذا العام مع تضاؤل كبير في سلطته.
إذا قُيِّض للديمقراطيين الشعور بأية راحة خلال رئاسة ترمب المقبلة، سينبع هذا الشعور من عدم قدرة أي من خلفاء ماكونيل المحتملين على مقارعة الجمهوريين بالطريقة التي قارعهم بها، قلة منهم ستكون فاعلة في العرقلة التشريعية وفي تأكيد التعيينات.
لقد زرع "حاصد الأرواح" ما حصده.
© The Independent