ملخص
من المتوقع أن تزداد الضغوط من البنوك الأوروبية إذا خففت الولايات المتحدة أو حتى تخلت عن خططها لفرض قواعد "بازل"
يتداول البنك المركزي الأوروبي مسألة نشر بحث حساس يُظهر أن متطلبات رأس المال للبنوك الكبرى في الاتحاد الأوروبي ستزداد بنسبة مزدوجة إذا طبقت عليها القواعد نفسها المطبقة على نظيراتها الكبرى في "وول ستريت".
ويدفع بعض كبار صانعي السياسات في البنك نحو نشر التقرير أو في الأقل بعض نتائجه، لمواجهة الضغوط المكثفة التي يمارسها قطاع البنوك بهدف تخفيف القواعد المتعلقة بتنفيذ اتفاقية "بازل" في شأن متطلبات رأس المال العالمية في هذا القطاع.
ومن المتوقع أن تزداد الضغوط من البنوك الأوروبية إذا خففت الولايات المتحدة أو حتى تخلت عن خططها لفرض قواعد "بازل" على بنوكها، وسط موجة متوقعة من تخفيف القيود التنظيمية بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
تطبيق القواعد الاحترازية الأميركية
وتُعد حزمة "بازل 3" إصلاحاً طموحاً لقواعد تنظيم البنوك، اتفق عليه من قبل الجهات الرقابية حول العالم في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، بهدف الحد من اعتماد البنوك على نماذجها الداخلية لتقديم موازنات تبدو أقوى مما هي عليه في الواقع.
التقرير الذي أعده البنك المركزي الأوروبي العام الماضي ولم ينشر حتى الآن، تناول تأثير تطبيق القواعد الاحترازية الأميركية الحالية في متطلبات رأس المال للبنوك الأوروبية.
ووفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز" نقلاً عن شخصين مطلعين على التقرير، وجد المسؤولون في فرانكفورت أن تطبيق القواعد الأميركية على أكبر البنوك الأوروبية سيؤدي إلى زيادة الحد الأدنى لمستويات رأس المال لديها بنسبة مزدوجة.
واليوم تواجه أكبر البنوك في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة متطلبات رأس مال إضافية بناءً على أهميتها النظامية، والتأثير المحتمل لانهيارها في النظام المالي العالمي.
وتشمل مستويات رأس المال الدنيا للبنوك الأميركية الكبرى احتياطاً يعكس نتائج اختبارات الإجهاد السنوية التي يجريها "الاحتياط الفيدرالي"، إضافة إلى رسم إضافي يعتمد على أهميتها النظامية، ومتطلبات "الركيزة الأولى" الأساسية التي تبلغ 4.5 في المئة من أصول المقرض موزونة بحسب الأخطار.
ويحجم بعض المسؤولين عن نشر نتائج البنك المركزي الأوروبي لأن هذه النتائج تعتمد على افتراضات من المرجح أن يطعن فيها قطاع البنوك. ويعتقد المسؤولون أن هذه الطعون قد تؤدي إلى نزاعات غير مثمرة بين المقرضين والمشرفين في البنك المركزي، فيما يقول آخرون إن التقرير يعتمد جزئياً على بيانات سرية، مما يجعل نشره أمراً صعباً.
رأس المال للبنوك الأوروبية أعلى من الأميركية
من جانبه رفض البنك المركزي الأوروبي التعليق على التقرير الذي أعد في مواجهة الضغط الذي يمارسه قطاع البنوك في الاتحاد الأوروبي لإظهار أن لديه بالفعل مستويات رأس مال أعلى من نظيراتها في الولايات المتحدة، وذلك في إطار جهود الضغط التي يبذلها القطاع لتخفيف القواعد الجديدة، التي يدعي أنها تضعه في وضع غير متكافئ أكثر مقارنة بمنافسيه الأميركيين.
وأفاد تعاون الاتحاد الأوروبي للبنوك مع استشاريين من شركة "أوليفر وايمان" لإنتاج دراسة العام الماضي بأن نسبة رأس المال من الفئة الأولى المشتركة، وهو مقياس رأس المال المستخدم بصورة روتينية، في البنوك الأوروبية الكبرى خلال الأعوام الثلاثة الماضية كانت أعلى بمعدل 3.1 نقطة مئوية مقارنة بالبنوك الأميركية.
وفي حين أن أحد الأسباب التي تجعل البنوك الأوروبية تتمتع بنسب رأس مال أعلى هو استخدامها الأكبر لنماذجها الخاصة، التي يمكن أن تستخدم لتقليل الأخطار المرتبطة بأصولها، فكلما كانت هذه الأصول "الموزونة بحسب الأخطار" أقل، ارتفعت نسب رأس مالها النسبية.
وتتقيد البنوك الأميركية في استخدام مثل هذه التحركات المحاسبية، فيما تحتفظ البنوك الأوروبية بـ"احتياطات إدارية" أكبر فوق الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال مقارنة بنظيراتها الأميركية.
وهذا العام جرى الانتهاء من صياغة قانون الاتحاد الأوروبي لتنفيذ معايير "بازل"، وسيجرى تطبيقه على مراحل خلال الثمانية أعوام المقبلة.
وقدّر الاتحاد الأوروبي للبنوك أن هذا القانون سيزيد متطلبات رأس المال الأدنى للبنوك الكبرى والناشطة دولياً بنسبة 8.6 في المئة، في حين سترتفع المتطلبات للبنوك الأكبر التي تصنف على أنها ذات أهمية نظامية بنسبة 12.2 في المئة.
وقدم المشرعون في بروكسل عدة تنازلات لمصلحة الصناعة والدول الأعضاء، شملت تخفيف متطلبات رأس المال للإقراض للمؤسسات الصغيرة والإقراض العقاري، وكذلك بالنسبة إلى الفروع التأمينية للبنوك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي وقت سابق من هذا العام، خفض "الاحتياط الفيدرالي" مقترح زيادة متطلبات رأس المال للبنوك الأميركية الكبرى بأكثر من النصف إلى تسعة في المئة بعد رد فعل عنيف من الصناعة والسياسيين ضد المجموعة النهائية من قواعد "بازل" (تركز على مقدار رأس المال الذي يتعين على البنوك أن تمتلكه في مواجهة الأخطار الائتمانية والتشغيلية والسوقية التي قد تتعرض لها أعمالها، بصورة كبيرة أو إلغائها بالكامل)، ومع ذلك، فشل المنظمون في التوصل إلى اتفاق في شأن هذا الاقتراح، والآن يتوقع عدد من التنفيذيين في البنوك أن تأتي إدارة ترمب بفريق تنظيمي جديد في واشنطن الذي سيعمل على إضعاف "بازل".
وقالت رئيسة قسم الإشراف في البنك المركزي الأوروبي، كلوديا بوخ، إن أوروبا يجب أن تتمسك بخطط تنفيذ قواعد "بازل" بغض النظر عما تفعله الولايات المتحدة الأميركية.