اندلع حريق بمنشأة طبية في كييف وأصيب شخص واحد في ساعة متأخرة من مساء أمس الخميس، بعد هجوم روسي بطائرة مسيرة.
وقال رئيس الإدارة العسكرية في المدينة سيرجي بوبكو عبر تطبيق "تيليغرام" إن الحريق اندلع في منطقة دنيبروفسكي على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، وحث السكان على البقاء في الملاجئ وسط استمرار التحذيرات من شن ضربات جوية.
ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن أمس الخميس الهجوم الجوي الروسي على أوكرانيا ليلاً بـ"الشائن"، وعده بمثابة تذكير بمدى ضرورة وأهمية دعم الشعب الأوكراني.
وقال بايدن في بيان أصدره البيت الأبيض "تواصل روسيا التقليل من شأن شجاعة الشعب الأوكراني وصموده وعزمه، وتقف الولايات المتحدة مع أكثر من 50 دولة في دعم أوكرانيا ونضالها من أجل الحرية".
كانت روسيا وجهت في وقت مبكر أمس الخميس ثاني هجوم كبير على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا هذا الشهر، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء على نطاق واسع في أنحاء البلاد.
بوتين يهدد
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال أمس الخميس إن روسيا ربما تستخدم صواريخها الفرط صوتية الجديدة (أوريشنيك) لمهاجمة "مراكز صنع القرار" في كييف، رداً على إطلاق أوكرانيا صواريخ مقدمة من الغرب على أراض روسية.
ولم تستهدف الهجمات الروسية حتى الآن الوزارات أو البرلمان أو مكتب الرئيس على مدى 33 شهراً من الحرب.
وتحمي الدفاعات الجوية كييف، لكن بوتين يقول إن صاروخ أوريشنيك الروسي الفرط صوتي، الذي أطلقته روسيا للمرة الأولى على مدينة أوكرانية الأسبوع الماضي لا يمكن اعتراضه، وهو كلام قوبل بالتشكيك من خبراء غربيين.
وقال بوتين في اجتماع تحالف أمني للدول السوفياتية السابقة في قازاخستان "بالطبع، سنرد على الضربات المستمرة على الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى، بما يشمل مواصلة اختبار أوريشنيك في ظروف قتالية، كما حدث في الـ21 من نوفمبر (تشرين الثاني)".
وأضاف "في الوقت الراهن، تختار وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة الأهداف التي سيتم ضربها على الأراضي الأوكرانية، وتكون هذه الأهداف منشآت عسكرية أو مؤسسات دفاعية وصناعية أو مراكز صنع القرار في كييف".
وأشار بوتين إلى أن "أوريشنيك" يتمتع بقوة تدميرية توازي قوة نيزك، وقال إن "التأثير الحركي قوي مثل سقوط نيزك، ونحن نعلم في التاريخ ما النيازك التي سقطت وأين، وماذا كانت العواقب، في بعض الأحيان كان ذلك كافياً لتشكيل بحيرات بأكملها".
وأوضح الرئيس الروسي أنه يمكن مقارنة هذا السلاح من حيث القوة "بضربة نووية" إذا ما أطلقت أعداد منه على هدف واحد دفعة واحدة، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذا الصاروخ غير مجهز حالياً لحمل رؤوس نووية.
التهديد لغة الضعيف
اعتبر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك الذي تدعم بلاده كييف، أن تهديدات بوتين أظهرت "ضعفه" أكثر من أي شيء آخر.
ورداً على سؤال حول هذا التهديد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السويدي أولف كريسترسون قال توسك إن "استخدامه (بوتين) في كثير من الأحيان للغة التهديد تشهد على ضعفه وليس قوته".
من جهة أخرى، وصف بوتين الخميس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بأنه "شخص ذكي" قادر على حل المشكلات، وذلك في وقت تتصاعد التوترات بين الغرب وموسكو قبيل تولي الجمهوري منصبه في يناير (كانون الثاني).
وقال "تصوري عن الرئيس المنتخب مجدداً هو أنه في الواقع شخص ذكي، ويتمتع بخبرة كبيرة. أعتقد أنه سيجد حلاً"، من دون تحديد "الحل" الذي كان يشير إليه.
وفي أوكرانيا، أفاد مسؤولون إقليميون بأن الكهرباء انقطعت عن 280 ألف مشترك آخر في الأقل في منطقة رفنة (غرب) و215 ألفاً في منطقة فولين (شمال غربي) والمحاذية أيضاً لبولندا.
وسمع مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في كييف دوي الانفجارات في العاصمة خلال الليل، بينما اعترضت أنظمة الدفاع الجوي مسيرات وصواريخ روسية، فيما احتمى السكان بمحطات قطارات الأنفاق.
وأوضحت وزارة الطاقة أن الهجوم هو الـ11 من نوعه، الذي يستهدف هذا العام بنى تحتية مدنية أوكرانية مرتبطة بالطاقة.
وحذرت المسؤولة الرفيعة في الأمم المتحدة روزماري ديكارلو هذا الشهر، من أن الضربات الروسية على البنى التحتية الأوكرانية للطاقة قد تجعل هذا الشتاء "الأكثر قسوة منذ بدء الحرب".
ويفيد خبراء بأن أوكرانيا وروسيا استخدمتا على حد سواء الذخائر العنقودية خلال النزاع، والذخائر العنقودية هي قنابل أو صواريخ أو قذائف تنثر عدداً من القنابل الأخرى الصغيرة على مساحة واسعة.
وحظرت أكثر من 100 دولة استخدام هذا السلاح بسبب احتمال تسببه بأضرار واسعة وعشوائية ولعدم انفجار عدد من الذخائر الأصغر التي ينثرها لدى ارتطامه بالأرض، مما يعني تحولها إلى ألغام أرضية قابلة للانفجار بعد سنوات.
لكن أياً من روسيا أو أوكرانيا لم تحظر استخدام الذخائر العنقودية، علماً بأن هذه الذخائر أدت إلى مقتل أو إصابة أكثر من ألف شخص في أوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، بحسب ما أفاد "ائتلاف الذخائر العنقودية" في سبتمبر (أيلول).
زيلينسكي يندد
من جهته ندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "بترويج" بوتين لصاروخ أوريشنيك ووصفه بأنه أسلوب لتعطيل محاولات إنهاء الحرب، ولا سيما محاولات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
وأضاف زيلينسكي في خطابه الليلي المصور "لا يسعى إلى إنهاء هذه الحرب، كما أن بوتين يريد منع الآخرين من إنهاء الحرب".
وتابع "يمكنه استخدام أوريشنيك فقط لإحباط جهود الرئيس ترمب التي ستعقب تنصيبه بكل تأكيد، يريد بوتين تصعيد الوضع إلى مدى ستفشل عنده محاولات الرئيس ترمب، وذلك كي لا يتمكن من إنهاء الحرب".
وقال بوتين إن هجوماً روسياً كبيراً خلال الليل على أوكرانيا، جاء أيضاً رداً على استخدام كييف صواريخ أتاكمز الباليستية الأميركية.
وقال زيلينسكي إن روسيا استخدمت صواريخ كروز مع ذخائر عنقودية في الهجوم الذي أدى إلى انقطاع الكهرباء عن أكثر من مليون شخص، وهو ما وصفه زيلينسكي بأنه "تصعيد بغيض".
وقال زيلينسكي أيضاً إنه يتحدث مع زعماء غربيين، منهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني أولاف شولتز، من أجل تحديد رد على "محاولة روسيا جعل الوضع لا يحتمل بصورة أكبر وإطالة أمد الحرب".