ملخص
شنّت طائرات حربية روسية غارات على أحياء مدينة حلب للمرة الأولى منذ عام 2016، فيما أعلن الجيش السوري إعادة حشد قواته حالياً قبل وصول تعزيزات لشن هجوم مضاد.
سيطرت "هيئة تحرير الشام" وحلفاؤها اليوم السبت على مطار حلب الدولي وبلدات استراتيجية في محافظتي إدلب وحماة المجاورتين بعد "انسحاب" القوات الحكومية منها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما أكد رئيس النظام السوري بشار الأسد أن بلاده قادرة على "دحر الإرهابيين" مهما اشتدت هجماتهم.
ونقلت الرئاسة السورية عن الأسد تأكيده خلال اتصال بنظيره الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، أن "سوريا مستمرة في الدفاع عن استقرارها ووحدة أراضيها في وجه كل الإرهابيين وداعميهم، وهي قادرة وبمساعدة حلفائها وأصدقائها على دحرهم والقضاء عليهم مهما اشتدت هجماتهم الإرهابية".
من جهته أورد المرصد أن "هيئة تحرير الشام سيطرت على مطار حلب"، ثاني أكبر مطار دولي بعد دمشق، ليصبح أول مرفق جوي مدني تحت سيطرتها. وترافق ذلك مع تقدمها والفصائل المعارضة الناشطة معها إلى ريفي حماة الشمالي وإدلب الشرقي، حيث سيطرت على "عشرات البلدات الاستراتيجية" فيهما.
غارات روسية
ونقلت وكالات أنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها السبت إن القوات الجوية نفذت ضربات على مقاتلي المعارضة في سوريا دعماً لجيش النظام.
وقال المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتنازعة في سوريا الذي تديره الدولة، إن ضربات بالصواريخ والقنابل استهدفت "تجمعات للمسلحين ومراكز قيادة ومستودعات ومواقع مدفعية" في محافظتي حلب وإدلب. وأضاف أن حوالي 300 مقاتل من المعارضة سقطوا قتلى في الهجمات.
اتصالات مكثفة
وقالت وسائل إعلام رسمية في طهران اليوم إن وزيري خارجية إيران وروسيا عبرا عن دعمهما لسوريا التي تشهد هجوماً كبيراً تشنه جماعات معارضة، مضيفة أن الوزير عباس عراقجي أبلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف في مكالمة هاتفية بأن هجمات المعارضة جزء من خطة إسرائيلية- أميركية لزعزعة استقرار المنطقة.
ودعا عراقجي اليوم إلى التعاون مع روسيا من أجل التصدي للهجمات الأخيرة التي تشنها "هيئة تحرير الشام" وفصائل حليفة لها في سوريا، مشدداً على "ضرورة اليقظة والتعاون" بين طهران وموسكو "لمواجهة الأفعال التي يقوم بها الإرهابيون في سوريا".
من ناحية أخرى، بحث وزيرا الخارجية الروسي والتركي في اتصال هاتفي "التطور الخطر للوضع" في سوريا بعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" وفصائل حليفة لها على القسم الأكبر من مدينة حلب.
وقالت الخارجية الروسية في بيان إنه خلال هذا التشاور بين سيرغي لافروف وهاكان فيدان "أعرب الجانبان عن قلقهما البالغ حيال التطور الخطر للوضع في سوريا والمتصل بالتصعيد العسكري في محافظتي حلب وإدلب".
كان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعلن اليوم سيطرة "هيئة تحرير الشام" وفصائل حليفة لها على "غالبية مدينة حلب"، بالتزامن مع شنّ طائرات حربية روسية غارات على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ عام 2016، فيما أعلن الجيش السوري إنه يعيد حشد قواته حالياً قبل وصول تعزيزات لشن هجوم مضاد.
في الأثناء، قال مصدران من المعارضة لوكالة "رويترز" اليوم إن قوات المعارضة أعلنت سيطرتها على مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، مما يعني أن محافظة إدلب أصبحت بأكملها الآن تحت سيطرة المعارضة.
وفي ضوء التطورات، قال ثلاثة سكان لـ"رويترز" إن آلاف السيارات المدنية تغادر مدينة حلب عبر طريق خناصر أثريا الرئيس إلى خارج المدينة، وذلك بعد ساعات من اجتياح مسلحي المعارضة أحياء رئيسة هناك. وأضافوا أن السيارات تتجه في الغالب صوب اللاذقية والسلمية، مع إغلاق الطريق السريع الرئيس بين دمشق وحلب.
وقتل 16 مدنياً على الأقل اليوم في غارة "روسية على الأرجح"، استهدفت وفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان" مستديرة رئيسة في منطقة تقدمت إليها "هيئة تحرير الشام" وفصائل متحالفة معها داخل مدينة حلب.
انسحابات بلا مواجهات
وقال الجيش السوري في بيان، "إن الأعداد الكبيرة للإرهابيين وتعدد جبهات الاشتباك دفعت بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع بغية امتصاص الهجوم، والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد".
ويشكل البيان أول اعتراف علني من الجيش بدخول قوات معارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" مدينة حلب التي تسيطر عليها الحكومة، في هجوم مباغت بدأ الأسبوع الماضي.
وقال الجيش السوري إن عشرات الجنود قتلوا أو أصيبوا في معارك عنيفة مع مسلحي المعارضة في حلب وإدلب خلال الأيام القليلة الماضية.
وذكر بيان الجيش أن قوات المعارضة لم تتمكن من "تثبيت نقاط تمركز... بفعل استمرار توجيه قواتنا المسلحة ضربات مركزة وقوية".
من جهته، أوضح مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبدالرحمن اليوم أن الساعات الماضية لم تشهد اشتباكات بين الطرفين، مضيفاً أن ما يجري "في الواقع هو عملية انسحاب وانهيار".
السيطرة على غالبية حلب
وقال المرصد السوري إن "هيئة تحرير الشام" والفصائل الحليفة لها "سيطرت على غالبية مدينة حلب ومراكز حكومية وسجون"، وأضاف "شنت طائرات حربية روسية بعد منتصف ليل الجمعة - السبت غارات على أحياء مدينة حلب للمرة الأولى منذ العام 2016".
وأوضح أن "الغارات الروسية استهدفت حي الفرقان قرب حلب الجديدة من الجهة الغربية للمدينة". وقال إن "محافظ حلب وقيادات الشرطة والأفرع الأمنية انسحبوا من وسط المدينة".
وقال مصدران عسكريان روسيان إن مقاتلات روسية وسورية قصفت اليوم مسلحين معارضين تمركزوا في مواقع بضاحية مدينة حلب سيطروا عليها أمس الجمعة. واستهدف القصف أيضاً بلدات وقرى سيطرت عليها قوات معارضة.
وكان "المرصد" أعلن في وقت سابق أن نصف مدينة حلب بات تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" وفصائل حليفة، بعد يومين على هجوم مباغت شنته تلك الفصائل على مناطق سيطرة النظام في شمال سوريا وشمال غربها.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن "نصف مدينة حلب بات الآن تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل موالية لها"، مضيفا أن المقاتلين وصلوا إلى قلعة حلب. وأشار إلى أنه "لم يحصل أي قتال، ولم تطلق طلقة واحدة، وسط انسحاب لقوات النظام".
وقال مصطفى عبدالجابر، أحد قادة "جيش العزة" المعارض، إن التقدم السريع يرجع إلى عدم وجود عدد كاف من المسلحين المدعومين من إيران في المحافظة.
انسحاب الموالين لإيران وتوسع القوات الكردية
وفي التفاصيل الميدانية، أفاد المرصد السوري بسيطرة مسلحي المعارضة على مدينة معرة النعمان بعد انسحاب قوات النظام منها باتجاه مدينة خان شيخون، كما انسحبت من قرية في ريف حماة.
وكان المرصد أفاد في وقت سابق صباح اليوم بأن النظام سحب قواته من كامل محافظة إدلب بما فيها مطار أبو الضهور العسكري، باستثناء مدن معرة النعمان (عاد وانسحب منها لاحقاً) وخان شيخون وكفرنبل في جنوب المحافظة، حيث توجد قوات عسكرية في مركز هذه المدن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المرصد السوري إن مسلحي المعارضة سيطروا اليوم على نحو 50 قرية وبلدة.
في غضون ذلك، انتشرت القوات الكردية في بلدتي نبل والزهراء في الضواحي الشمالية الغربية لحلب بعد انسحاب فصائل مسلحة موالية لإيران منهما، وفق المرصد السوري. وأضاف هذا الأخير أن القوات الكردية انتشرت أيضاً في منطقة مطار حلب الدولي وفي أحياء بضواحي حلب بعد انسحاب النظام منها.
وأوضح مدير المرصد أن قوات كردية، وليس "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة من واشنطن، هي من تسيطر على المنطقة في بلدتي نبل والزهراء، مضيفاً أن مطار حلب الدولي أصبح تحت سيطرة الأكراد.
وشهدت بلدتا نبل والزهراء منذ ليلة أمس حركة نزوح واسعة باتجاه مناطق عدة في ريف حلب الشرقي ومناطق أخرى خارج المحافظة كحمص وحماة وحي أشرفية في حلب، بعد تقدم الفصائل المعارضة. ونقل المرصد السوري عن مصادر محلية قولها إن عدد النازحين بلغ أكثر من 50 ألفاً.
وحسب المرصد السوري، بعد انسحاب قوات النظام سيطرت القوات الكردية على الحواجز الواقعة بين الشهباء وحلب وحواجز حي الأشرفية، ومطار حلب الدولي، والمنطقة الصناعية بالشيخ نجار. كما تقدمت باتجاه بلدات تل حافر وتل عران وتل حاصل وقرى أخرى في ريف حلب الشرقي.
انسحاب القوات الروسية
وأفاد المرصد السوري بأن القوات الروسية أفرغت اليوم عدداً من مقارها في سبع قرى داخل ريف دير الزور، وسحبت عربات ومعدات عسكرية باتجاه مدينة دير الزور.
وأوضح المرصد أن القرى السبعة هي الحسينية والصالحية وحطلة ومراط ومظلوم وخشام وطابية في الجهة الشرقية لنهر الفرات، مشيراً إلى أنها "منطقة تماس بري مع مناطق ’قسد‘".
وكان المرصد السوري أفاد أمس بانسحاب القوات الروسية من النقطة العسكرية في تل رفعت، ومطار منغ العسكري، تزامناً مع تقدم الفصائل المعارضة.
مدينة سراقب
وسيطرت "هيئة تحرير الشام" وفصائل معارضة على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق ما أفاد "المرصد". وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، "أهمية سراقب (شمال غرب) أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق".
وأودت العمليات العسكرية بحياة 311 شخصاً، وفق المرصد، غالبيتهم مسلحون من طرفي النزاع، وبينهم مدنيون قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم النظام السوري.
"متطرفين"
وأعلن الجيش الروسي أمس أن قواته الجوية تقصف فصائل مناهضة للحكومة في سوريا ضمن عملية لصد "متطرفين" شنوا هجوماً كبيراً على مدينة حلب، وفق ما أوردت وكالات أنباء روسية رسمية.
ونقلت الوكالات عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا قوله إن "القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية، ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين".
وأوردت الوكالات أن الغارات أدت إلى "القضاء" على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.
وقال نائب رئيس مركز المصالحة الروسي أوليغ إغناسيوك إن "عملية صد عدوان المتطرفين مستمرة"، حسبما نقلت عنه وسائل إعلام رسمية.