ملخص
تظهر بيانات معهد أبحاث التوظيف، وهي مؤسسة بحثية، أنه كلما طالت فترة وجود الشخص في ألمانيا زادت احتمالية حصوله على وظيفة، ليصل معدل التوظيف إلى أكثر من 60 في المئة لأولئك الذين مر على بقائهم أكثر من ست سنوات. كذلك فإنهم يصبحون أقل رغبة في المغادرة، ويصبح الدور الذي يلعبونه في الاقتصاد المحلي والمجتمع أكثر وضوحاً.
لم تكد تمر ساعات قليلة بعد سقوط بشار الأسد حتى بدأ بعض الساسة الألمان في الحديث عن أن الوقت قد حان كي يفكر مليون سوري يعيشون في ألمانيا، وصل كثير منهم كلاجئين في 2015، في العودة إلى ديارهم.
لكن كثيراً من هؤلاء السوريين أسسوا حياة في ألمانيا وليس لديهم أي نية للعودة. وبدأت أصوات أرباب الأعمال والنقابات واتحادات الصناعات تعلو مذكرة بمدى الحاجة إليهم في الاقتصاد الألماني الذي يواجه نقصاً حاداً في العمالة.
وقال المدير العام لشركة للدهانات، أولريش تيمبس، "إخبار أشخاص يعملون بأن عليهم العودة إلى سوريا أمر غير مفهوم بالنسبة إليَّ على الإطلاق".
وقال تيمبس لـ"رويترز" متحدثاً عن 12 سورياً ضمن القوة العاملة لديه وتضم 530 شخصاً على مستوى البلاد، "لقد أخذنا على عاتقنا مهمة تدريبهم وتحويلهم إلى عمال مهرة".
صعود اليمين المتطرف
ومن بين هؤلاء محمد رضا توتنجي، الذي جاء إلى ألمانيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 كلاجئ سوري. ويعيش الآن في مدينة هانوفر في الشمال مع زوجته، التي انضمت إليه لاحقاً عبر برنامج للم شمل الأسر، وأطفالهما الثلاثة.
وقال رضا توتنجي الذي كان قد أنهى للتو دراسته الثانوية عندما غادر سوريا، "لقد اندمجت هنا في ألمانيا وأكملت تدريبي هنا. وأرى مستقبلي هنا".
وكان قرار المستشارة السابقة أنغيلا ميركل في عام 2015 باستقبال أكثر من مليون طالب لجوء معظمهم من سوريا، مثيراً للجدل في حينه في ألمانيا، ورأى بعض الألمان أنه أسهم في صعود نجم حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف.
ومنذ ذلك الحين، استقبلت ألمانيا أيضاً أكثر من 1.2 مليون لاجئ من أوكرانيا، في وقت من المتوقع أن ينكمش اقتصادها عام 2024 للعام الثاني على التوالي ليكون الأسوأ أداء بين دول مجموعة السبع.
انتخابات 2025
وتمثل الهجرة الآن ثاني أكبر المخاوف إلحاحاً بالنسبة إلى الألمان قبل الانتخابات الاتحادية في فبراير (شباط) 2025، بعد الاقتصاد.
وفي محاولة للحد من جاذبية اليمين المتطرف، اقترح بعض الساسة الألمان دفع كلف رحلات عودة السوريين إلى وطنهم. وفي الوقت نفسه جرى تعليق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين.
وقال فريدرش ميرتس الذي قد يصبح المستشار الألماني القادم، إن سقوط الأسد قد يكون فرصة لعودة السوريين، لكن من السابق لأوانه اتخاذ أي قرار.
وعلى رغم أن هناك نحو 500 ألف شخص لا يعملون، من بينهم أمهات وأطفال، فقد ساعد السوريون في تخفيف الضغوط العمالية التي وفقاً لغرفة التجارة والصناعة الألمانية، جعلت نصف الشركات تواجه صعوبة لشغل الوظائف الشاغرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الانخراط في المجتمع
ويعمل نحو 43 ألف سوري في قطاع التصنيع الذي كان يشكل منذ فترة طويلة محركاً رئيساً للنمو حتى التباطؤ الأخير. ومن بين هؤلاء صلاح صادق، مطور البرامج لدى شركة "كونتننتال" لتوريد السيارات والمعدات الصناعية.
وقال صادق الذي حصلت زوجته على الدكتوراه في ألمانيا، إن أطفاله سيضطرون إلى تغيير اللغة والنظام التعليمي إذا عادوا.
ولم يستبعد العودة إلى مدينته دمشق مطلقاً، لكنه أضاف، "نحتاج إلى خمس سنوات في الأقل للحصول على مزيد من الوضوح في شأن الوضع في سوريا".
وتظهر بيانات معهد أبحاث التوظيف، وهي مؤسسة بحثية، أنه كلما طالت فترة وجود الشخص في ألمانيا زادت احتمالية حصوله على وظيفة، ليصل معدل التوظيف إلى أكثر من 60 في المئة لأولئك الذين مر على بقائهم أكثر من ست سنوات.
كذلك فإنهم يصبحون أقل رغبة في المغادرة، ويصبح الدور الذي يلعبونه في الاقتصاد المحلي والمجتمع أكثر وضوحاً.
وقالت مفوضة الاندماج بولاية ساكسونيا أنهالت في شمال شرقي ألمانيا، سوزي موبيك، "لا ينبغي أن نخاطر بالنجاحات التي تحققت في الاندماج. فالشركات والعيادات ومرافق الرعاية تعتمد على العمال السوريين".
حديث سابق لأوانه
ويعمل في المستشفيات الألمانية نحو 10 آلاف سوري، مما يجعلهم أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في ألمانيا، بحسب الجمعية السورية للأطباء والصيادلة في ألمانيا.
وقال رئيس اتحاد المستشفيات الألمانية جيرالد جاس، "إذا غادرت أعداد كبيرة من البلاد، فلن تنهار خدمات الرعاية الصحية، ولكن ستكون هناك فجوات ملحوظة".
وفي إحدى المجموعات على موقع "فيسبوك" للأطباء السوريين في ألمانيا، أظهر استطلاع سريع للرأي أجري يوم سقوط الأسد أن 74 في المئة من 1200 مشارك قالوا إنهم يفكرون في عودة دائمة. وأظهر استطلاع أجري بعد ثلاثة أيام، أن 65 في المئة من 1159 مشاركاً قالوا إن العودة ستتوقف على الظروف في البلاد.
وعندما سمعت ساندي عيسى، وهي طبيبة نسائية تبلغ من العمر 36 سنة وتعمل في إحدى عيادات برلين، بسقوط الأسد تمنت لو أنها قادرة على الاحتفال في مدينتها حمص.
وقالت، "نريد أن نكون في بلدنا، لكن في ما يتعلق بالتفكير في العودة بصورة دائمة... أعتقد أنه من السابق لأوانه للغاية".