ملخص
في مقابلة صوتية لـ"اندبندنت عربية"، أكد أستاذ القانون والتنظيم الدولي في جامعة القاهرة إبراهيم سيف منشاوي أن "التحرك الإسرائيلي في سوريا هو سلوك عدواني ويُعدّ انتهاكاً واضحاً وصريحاً للقانون الدولي المعاصر"، وأوضح أنه "على رغم التبريرات الإسرائيلية على المستويات السياسية والدبلوماسية والأمنية للخطوة، فإن استخدام القوة في استهداف الأصول العسكرية للدولة السورية، وكذلك الاستيلاء على الأراضي السورية، يُعدّ انتهاكاً واضحاً لحظر استخدام القوة المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة في المادة 2 فقرة 4 التي تحظر على الدول استخدام القوة أو التهديد باللجوء إليها في العلاقات المتبادلة".
ما إن سقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد على يد فصائل المعارضة المسلحة وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام" في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، حتى أعلنت إسرائيل بدء عمليات عسكرية في المنطقة العازلة على الحدود بين البلدين والمقامة بموجب اتفاق فض الاشتباك عام 1974، فضلاً عن تنفيذ غارات جوية كثيفة استهدفت القدرات العسكرية للجيش السوري، وصفتها تل أبيب بأنها "الأكبر والأشمل" منذ عقود.
في تبرير إسرائيل لتحركها الذي جاء للمرة الأولى منذ 50 عاماً، أعلن مسؤولوها العسكريون والسياسيون أن الخطوة "لحماية أمن بلادهم ومنع تمركز عناصر متطرفة على الحدود"، إذ تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"منع أي تهديد آتٍ من سوريا، وضمان عدم تمركز أي قوى معادية إلى جوار الحدود"، ووصف الخطوة بأنها "إجراء دفاعي موقت حتى يتم التوصل إلى ترتيب مناسب".
وفي ضوء "استغلال" إسرائيل للأوضاع السورية غير المستقرة، متذرعة بأن تحركها جاء "دفاعاً عن النفس وضد التهديدات المحتملة"، يتجادل القانونيون في شأن الخطوة الإسرائيلية ومدى انتهاكها لقواعد القانون الدولي.
انتهاك واضح وصريح
في مقابلة صوتية لـ"اندبندنت عربية"، أكد أستاذ القانون والتنظيم الدولي في جامعة القاهرة إبراهيم سيف منشاوي أن "التحرك الإسرائيلي في سوريا هو سلوك عدواني ويُعدّ انتهاكاً واضحاً وصريحاً للقانون الدولي المعاصر"، وأوضح أنه "على رغم التبريرات الإسرائيلية على المستويات السياسية والدبلوماسية والأمنية للخطوة، فإن استخدام القوة في استهداف الأصول العسكرية للدولة السورية، وكذلك الاستيلاء على الأراضي السورية، يُعدّ انتهاكاً واضحاً لحظر استخدام القوة المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة في المادة 2 فقرة 4 التي تحظر على الدول استخدام القوة أو التهديد باللجوء إليها في العلاقات المتبادلة".
ويتابع منشاوي أنه "في قرار تعريف العدوان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، اعتبر مثل هذه الأفعال كالقصف الجوي والاستيلاء على أراضي دول أخرى عملاً من أعمال العدوان، مما يعني من بين جملة أمور أن استخدام إسرائيل القوة ضد الدولة السورية، يمثل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة على نحو قاطع لا يقبل الجدل لأن المادة 2 فقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة، تحمي بصورة أساسية الدولة من استخدام القوة أو التهديد باستخدامها".
ويشرح أنه "على رغم تبرير إسرائيل لخطوتها على الإطاحة بنظام الأسد من قبل فصائل المعارضة المسلحة، فإن هذا لا يمثل سنداً قانونياً لتجاوز الحظر الأممي ولا يفرض أي استثناء عليه لأن الأصول التي استهدفتها إسرائيل هي أصول مملوكة للدولة السورية، كما أن الأراضي التي احتلتها هي أراضٍ تابعة للدولة السورية".
"الدفاع عن النفس والدفاع الوقائي"
وأمام عدم اعتداء أي جهة من الجانب السوري على إسرائيل مما يمنحها الاستناد إلى مبدأ الدفاع عن النفس، يقول منشاوي في شأن الذرائع التي استندت إليها إسرائيل حول عملياتها في سوريا "من خلال القراءة المتمعنة لتصريحات المسؤولين والقادة الإسرائيليين، نستنتج أن هذه التصريحات يمكن قراءتها على أن إسرائيل تتذرع بالحق الشرعي في الدفاع عن النفس ضد الجماعات المسلحة التي تنشط في الإقليم السوري بموجب نص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، لكن مسألة التذرع بالحق في الدفاع عن النفس في هذه الحال تثير المسألة المتعلقة بالدفاع الوقائي عن النفس التي لا يؤيدها القانون الدولي المعاصر".
وتورد المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، استثناء لحظر استعمال القوة المنصوص عليه في المادة 2 فقرة 4 من الميثاق، إذ تنص على أن "الحق الفردي والجماعي في الدفاع عن النفس يمكن أن يمارس إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وعلى الدول أن تبلغ مجلس الأمن فوراً بالتدابير المتخذة وأن تتوقف عن اتخاذها حالما يتخذ هذا الأخير الإجراءات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدوليين.
ويتابع المنشاوي أن "حتى الدفاع الوقائي عن النفس لا يتوافق مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ولا يمكن استخلاصه من استقراء الممارسة الفعلية سواء من خلال المناقشات التي جرت في شأن استخدام القوة في إطار الأمم المتحدة، أو من السوابق المحدودة التي أثيرت فيها تلك النظرية"، موضحاً "لأن المادة 51 تنص صراحة على حق الدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن النفس إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، ومعنى هذا أن الأمر لا يخرج عن احتمالين، أن يقع هجوم مسلح ويحق حينئذ للدولة الضحية أن تدافع عن نفسها، أو لا يقع هذا الهجوم ولا تجوز حينئذ ممارسة هذا الحق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف أنه "من ناحية أخرى تؤكد الممارسة الدولية منذ إقرار الميثاق ضرورة تفسير المادة 51 طبقاً لمعناها العادي والمألوف، مما يعني أن شرط الهجوم المسلح هو شرط لا غني عنه لمباشرة الحق الشرعي في الدفاع عن النفس بالنسبة إلى الدول، مما أكدته كذلك الأحكام الصادرة من محكمة العدل الدولية في كثير من المناسبات والتي رفضت كل أشكال الحرب الوقائية التي تتخذ من دون إذن من مجلس الأمن".
وعليه، يوضح منشاوي أنه "وفقاً لهذه المعطيات فإن تذرع إسرائيل بهذه الحجج لتبرير هجماتها على الأراضي السورية يتعارض هو الآخر مع نصوص ميثاق الأمم المتحدة والممارسة القضائية الدولية المستقرة والمستقاة من أحكام محكمة العدل الدولية، مما يعني أن هذه الهجمات تنتهك القانون الدولي بصورة سافرة وتقوض وحدة وسلامة الأراضي السورية وتستغل حال عدم الاستقرار الحالية لاحتلال مزيد من الأراضي السورية".
ويختتم أن هذه الحال تفرض على مجلس الأمن الدولي ضرورة التدخل السريع لوضع حد لهذه الانتهاكات، "من أجل الحفاظ على السلامة الإقليمية للدولة السورية، بوصفه الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل في حفظ السلم والأمن الدوليين".
وبينما لم تعلق السلطات الجديدة في سوريا على التحركات العسكرية الإسرائيلية، إلا أن قائد "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع، الملقب بـ"أبو محمد الجولاني"، خرج أخيراً وقال إن "سوريا لن تدخل في حرب جديدة، وليست مستعدة لحرب أخرى" وإن سوريا الجديدة "ليست لديها أية نية للدخول في صراع مع إسرائيل"، موضحاً أن "أكبر تهديد لنا هو ’حزب الله‘ والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في سوريا".
Listen to "ماذا يقول القانون الدولي بشأن التحرك العسكري الإسرائيلي في سوريا؟" on Spreaker.