ملخص
أكد السفير الفلسطيني لدى سوريا سمير الرفاعي "إغلاق معسكرات الفصائل الفلسطينية في سوريا كلها"، مضيفاً أن معظم تلك المعسكرات كانت خالية من الأصل، ولم تستخدم لتدريب "فدائيين" منذ عام 1974.
لم تمضِ سوى أيام على إسقاطها النظام السوري، حتى أغلقت "هيئة تحرير الشام" المعسكرات التابعة لفصائل فلسطينية كانت محسوبة على نظام بشار الأسد وقاتلت إلى جانبه في المعارك ضد المعارضة منذ انطلاق الثورة عام 2011.
ومع أن تلك الفصائل لم تمارس منذ عقود العمل العسكري ضد إسرائيل، سواء انطلاقاً من الأراضي السورية أو غيرها، لكنها احتفظت بمعسكرات عدة خاصة في محيط العاصمة السورية دمشق.
رسالة طمأنة
وأبلغت "إدارة العمليات العسكرية" فصائل فلسطينية عدة محسوبة على النظام السوري السابق بأنها "لن تستهدف إلا من يثبت عليه من عناصرها المشاركة في قمع وقتل الشعب السوري".
وطمأن الحكم الجديد تلك الفصائل بأن الجرائم التي حدثت في عهد النظام السابق بمشاركة بعضها "سيتم التعامل مع مرتكبيها بمعزل عن الفصائل التي ينتمون إليها".
لكن "إدارة العمليات العسكرية" شددت على أن تلك الترتيبات موقتة مع الفصائل الفلسطينية حتى تنظيم أوضاعها القانونية بعد استقرار الأمور في سوريا، وأنه "لن تكون هناك فصائل لها خصوصية في الدولة السورية الجديدة خلال المرحلة المقبلة".
اجتماع سوري- فلسطيني
وشارك في الاجتماع ممثلون عن فصائل الجبهة الشعبية- القيادة العامة و"منظمة الصاعقة" وحركة "فتح الانتفاضة"، وكلها محسوبة على النظام السوري، إضافة إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية وحركة "الجهاد الإسلامي" وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتأتي تلك التطورات مع تأكيد القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع أن الأراضي السورية لن تستخدم للهجوم على إسرائيل والتزام اتفاقية "فض الاشتباك" لعام 1974 بين بلاده والجانب الإسرائيلي.
إغلاق المعسكرات
وأكد السفير الفلسطيني لدى سوريا سمير الرفاعي بدوره "إغلاق معسكرات الفصائل الفلسطينية في سوريا كلها"، مضيفاً أن معظم تلك المعسكرات كانت خالية من الأصل، ولم تستخدم لتدريب "فدائيين" منذ عام 1974.
وتمتلك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية- القيادة العامة ومنظمة "الصاعقة" وجيش التحرير الفلسطيني قواعد عسكرية في سوريا منذ عقود.
لكن الرفاعي قال في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إن تلك المعسكرات استخدمتها حركتا "الجهاد الإسلامي" و"حماس" خلال وجود الأخيرة في سوريا بين أعوام 2000 و2011"، مشيراً إلى أن حركة "فتح" لا تمتلك أي معسكرات تدريب في سوريا والتي أصبح وجودها فيها سياسياً، ويقتصر على السفارة الرسمية ومكتب منظمة التحرير في دمشق.
وحول نوع الوجود الفلسطيني في سوريا، أوضح الرفاعي أن الحكم الجديد في سوريا "يجري دراسة حوله وأن الفلسطينيين لم يبلغوا بالقرار في شأن ذلك عدا عن قضية المعسكرات".
ووفق الرفاعي، فإن السفارة الفلسطينية لدى دمشق تعمل كالمعتاد، لكنه لفت إلى أن دائرة العلاقات العربية فيها تخضع لدراسة الاستمرار في نشاطها، وقال إن الحكم الجديد في سوريا خصص طاقماً لحراسة مقر السفارة الفلسطينية منذ أيام.
مواقف هادئة
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش أن مواقف الحكم الجديد من الفصائل الفلسطينية المحسوبة على نظام الأسد "هادئة وإيجابية"، على رغم إشارته إلى صعوبة معرفة تفاصيل السياسة الجديدة.
ووفق هواش، فإن تلك الفصائل الفلسطينية "ليست ذات وزن سياسي أو عسكري على الساحة الفلسطينية وأن دورها يقتصر على إصدار البيانات"، وأضاف أنها "كانت تخوض المعارك مع نظام الأسد ضد السوريين"، مشيراً إلى أن الحكم الجديد لم يطلب منها سوى إغلاق المعسكرات ومنع استخدام السلاح خارج المكاتب وممارسة النشاط داخلها.
"حماس" والحكم الجديد
وحول العلاقة بين حركة "حماس" والحكم الجديد في دمشق، أوضح هواش أن أحمد الشرع لديه نظرة مختلفة عن الفصائل الإسلامية مثل "الإخوان" التي تنتمي إليها الحركة الفلسطينية، ونبه إلى أن الشرع لن يتعامل مع أي حركة أو منظمة فلسطينية تعاملت مع نظام الأسد.
في الوقت نفسه، اعتبر مدير مركز "تقدم للسياسات" في لندن محمد مشارقة أن الفصائل الفلسطينية في سوريا كانت "بمعظمها جزءاً من تركيبة الجهاز الأمني للنظام السوري، فعناصرها قتلوا واعتقلوا، وعملوا مُخبرين ضد الشعب".
وأوضح أن "جيش التحرير الفلسطيني شارك في قتل السوريين وحاصر المخيمات الفلسطينية"، مردفاً أن توعد الحكم الجديد بمحاسبة من اعتدى على الشعب السوري "بصورة فردية وليس جماعية خطوة حكيمة". وذكر أن الحكم الجديد "منح الفصائل الفلسطينية الأمان ما دام أن منتسبيها لم يتورطوا في جرائم ضد السوريين".
ووفق مشارقة، فإن "الحكم الجديد سيعطي الأولوية للقضايا الداخلية من توفير أسياسيات الحياة للسوريين ووضع قواعد الحكم الانتقالي، ويترك القضايا الخارجية جانباً".
وطالب مدير مركز "تقدم للسياسات" ممثلي تلك الفصائل ومنظمة التحرير الفلسطينية "بالاعتذار إلى السوريين عن المشاركة في قمع ثورتهم"، قائلاً إن "الحكم الجديد في سوريا لم يبقِ أي سلاح خارج سلاح الدولة".
موقف فلسطيني موحد
وبعد ثلاثة أيام على إسقاط نظام الأسد، أكدت الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق "وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق في حقه بتقرير مصيره وبناء دولته الوطنية المستقلة على كامل التراب الوطني السوري".
وقررت تلك الفصائل تشكيل "هيئة العمل الوطني الفلسطيني المشترك بمشاركة الفصائل كافة وجيش التحرير الفلسطيني كمرجعية وطنية فلسطينية موحدة".
وأشارت تلك الفصائل إلى "ضرورة تعزيز أواصر الأخوة بين الشعبين السوري والفلسطيني، والتلاقي في المصير المشترك لمواجهة العدو الواحد في سوريا وفلسطين". وبحسب بيان لتلك الفصائل، فإن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتجمعاتهم في أنحاء سوريا "لن تكون إلا سنداً للشعب السوري في رسم مستقبله الزاهر".