ملخص
ارتفاع أسعار زينات الكريسماس وركود حركة البيع بصورة كبيرة له أسباب عدة، فمن ناحية قلصت الزيادة الكبيرة في أسعار كل السلع بصورة عامة من بنود الرفاهيات لدى قطاعات كبيرة من الناس لمصلحة أشياء أكثر أهمية، وفي الوقت نفسه فإن ارتفاع سعر الدولار نتج منه زيادة في أسعار السلع المستوردة كافة.
تأتي أعياد الكريسماس هذا العام على الشابة ماري رأفت في بيتها الجديد، حيث تزوجت من أشهر عدة وكانت تنوي شراء شجرة كبيرة وأفرع للأنوار ومجموعة من زينات الكريسماس، لكنها فوجئت بالارتفاع الكبير في أسعارها مما قلص من حجم مشترياتها.
تقول "فوجئت بارتفاع أسعار كل شيء بصورة كبيرة، وبناء عليه اشتريت شجرة صغيرة بدلاً من الكبيرة ومجموعة من الديكورات لتزيينها وفرعاً للنور".
توضح ماري أنها ستحتفظ بمشترياتها للعام المقبل على أن تضيف حينها مجموعة جديدة من الديكورات، مشيرة إلى أنها اشترت أقل الأشياء لأن العيد تلزمه مصاريف أخرى كثيرة.
ما وراء الأسعار
حال ماري لم تختلف كثيراً عن كثير من الراغبين في شراء زينات الكريسماس، فهذا العام شهدت أسعارها ارتفاعاً بنسبة تصل إلى 30 في المئة، مع ملاحظة أن الكميات المعروضة بالمحال ليست بالكثافة المعتادة في مثل هذا الوقت من العام، إذ كانت الأشجار والزينات تزين واجهات المتاجر بكثافة في النصف الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى بداية العام الجديد وقرب عيد الميلاد للمسيحيين الشرقيين في السابع من يناير (كانون الثاني).
ارتفاع أسعار زينات الكريسماس وركود حركة البيع بصورة كبيرة له أسباب عدة، فمن ناحية قلصت الزيادة الكبيرة في أسعار كل السلع بصورة عامة من بنود الرفاهيات لدى قطاعات كبيرة من الناس لمصلحة أشياء أكثر أهمية، وفي الوقت نفسه فإن ارتفاع سعر الدولار نتج منه زيادة في أسعار السلع المستوردة كافة من الخارج ومن بينها كثير من الزينات والألعاب وكل المنتجات المتعلقة بالكريسماس، التي كانت تشهد رواجاً كبيراً خلال هذه الفترة من السنة.
في مارس (آذار) 2022 كان البنك المركزي المصري، في ظل شح الدولار حينها، ألزم كل البنوك عدم تمويل نحو 13 سلعة غير أساسية إلا بموافقته، من بينها لعب الأطفال والخردوات ومنها زينات الكريسماس مثل دمى "بابا نويل" والألعاب الصغيرة التي تعلق في أشجار عيد الميلاد، قبل أن يرفع القيود عن استيراد هذه السلع في أغسطس (آب) الماضي، لكن ارتفاع معدلات التضخم والغلاء قلل من إقبال المصريين على بعض السلع التكميلية، فقطاع كبير من المصريين وبخاصة من الطبقة المتوسطة غيروا من نمطهم الاستهلاكي واستبعدوا كثيراً من الرفاهيات لمصلحة أولويات أخرى.
الكرات الذهبية والملونة ومجسمات "بابا نويل" الصغيرة والنجوم الذهبية وأفرع النور المضيئة أكثر ما يكون عليه الطلب في هذه الفترة، إضافة إلى أشجار الكريسماس ذاتها التي تختلف في الحجم والطول ما بين الصغيرة جداً والمتوسطة التي تستخدم غالباً في المنازل والأحجام الضخمة التي تناسب المساحات العامة مثل المطاعم والفنادق والمولات.
"بابا نويل" الأغلى
ويتفاوت الإقبال عادة على شراء هذه الزينات من مكان لآخر، ومن منطقة لأخرى، فالأحياء الراقية أكثر إقبالاً من الشعبية، لكن هناك مناطق لديها خصوصية، فعلى سبيل المثال حي شبرا (شمال القاهرة) الذي تقطنه أعداد مسيحية كبيرة تنتشر فيه محال بيع الزينات، ويعتبر من الأماكن التي تشهد رواجاً كبيراً خلال هذه الفترة من العام.
لكن بجولة في بعض محال بيع الهدايا وزينات الكريسماس من الملاحظ ارتفاع الأسعار مع ضعف الشراء، إذ يتراوح سعر شجرة الكريسماس ما بين 200 جنيه )أربعة دولارات) للحجم الصغير وحتى 3 آلاف جنيه (نحو 60 دولاراً) للأحجام الكبيرة. بينما شجرة الكريسماس المتوسطة التى يشتريها الناس للمنازل عادة يتراوح سعرها ما بين 500 و1000 جنيه (10 إلى 20 دولاراً) بحسب النوعية والجودة ومن دون قطع إضافية لتزيينها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول حسين السيد صاحب أحد محال بيع الهدايا بمنطقة الدقي إن "حركة البيع هذا العام محدودة جداً، والبضائع المتاحة أقل من الأعوام السابقة بفعل ضعف حركة الاستيراد وارتفاع الأسعار، وفي الوقت نفسه الناس لديها أولويات أخرى".
ويوضح مصطفى وهو بائع بأحد محال بيع الهدايا بمنطقة الجيزة أن "الإقبال هذا العام ضعيف جداً، وحركة البيع محدودة، وهذا مفهوم بفعل ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للناس، فمثلاً شرائط الزينة التي تضم مجسمات لكرات ملونة أو دمى لبابا نويل يبدأ سعرها حالياً بنحو 100 جنيه (دولاران) في حين أن سعرها منذ عامين كان بين 30 و70 جنيهاً فقط، وكذلك لعب بابا نويل سواء القطنية أو البلاستيكية يتراوح سعر الحجم المتوسط منها ما بين 300 و500 جنيه )ستة - 10 دولارات) وهي كلفة كبيرة على الناس في ظل الغلاء خصوصاً في حال الشراء لأكثر من طفل".
عبء الدولار الجمركي
ارتفاع سعر الدولار وضعف قيمة الجنيه ليسا السببين الوحيدين لارتفاع سعر زينات الكريسماس وإنما ارتفاع الجمارك على الواردات منها في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعارها بفعل تحميل قيمة هذه الزيادة على سعر المنتج إضافة إلى مصاريف النقل ومكسب التاجر، إذ تصل السلعة في النهاية إلى المستهلك بسعر مرتفع، وتنعكس على حركة البيع والشراء بخاصة في السلع المرتبطة بموسم معين مثل الكريسماس.
نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية والهدايا والخردوات بالغرفة التجارية بركات صفا يقول "هناك بالفعل زيادة كبيرة في أسعار زينات الكريسماس، ويرجع هذا إلى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، إضافة إلى ارتفاع سعر الدولار الجمركي مما نتج منه زيادة في الجمارك بنحو 50 في المئة، فهذه النوعية من السلع تحديداً البند الجمركي الخاص بها مرتفع وقد يصل إلى ما يعادل ثمن المنتج نفسه، مما يؤدي إلى ارتفاع كبير في الثمن بالمتاجر. في الوقت نفسه فإن هناك كلفاً غير منظورة لكن تُحمل في النهاية على سعر المنتج مثل الارتفاع غير المسبوق في أسعار إيجارات المحال وفواتير الكهرباء، وكل هذه الأمور لا يشعر بها المستهلك ولكنها تؤثر في سعر السلعة".
ويضيف "على رغم أن سعر الدولار هذا العام لم يختلف كثيراً عن العام الماضي فإن شعور الناس بارتفاع أسعار مستلزمات الكريسماس أعلى، على اعتبار أن العام الماضي كان هناك مخزون من العام السابق، ولكن هذا العام لم تدخل بضائع جديدة إلى السوق المصرية بكمية كبيرة، فهذه النوعية من السلع موسمية، وإذا لم تبع تخرن عاماً كاملاً، لذا تكون عبارة عن سيولة مجمدة لدى التجار، وهو أمر غير مطلوب هذه الأيام".
يوضح نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية أنه على رغم الموسم القصير للكريسماس فإن ما يميزه في مصر أنه يكون على مراحل ثلاث، الأولى في احتفال الـ25 من ديسمبر (كانون الأول)، والثانية في احتفال كل المصريين برأس السنة الجديدة، والأخيرة في احتفال معظم المسيحيين المصريين بعيد الميلاد في السابع من يناير. وعلى رغم ذلك فإن الإقبال على الشراء هذا الموسم ضعيف حتى الآن.
حال متناقضة
على النقيض من ركود حركة البيع والشراء في المتاجر فإن بعض الأماكن في مصر خلال الأعوام الأخيرة من بينها مولات تجارية ومراكز ترفيهية بمناطق تقع على أطراف القاهرة شرقاً وغرباً مثل "التجمع الخامس" و"الشيخ زايد" اعتادت أن تضع زينات مكثفة وتقدم أجواء احتفالية بالكريسماس والعام الجديد بصورة لم يعتدها المصريون بهذه المبالغة، حتى إن البعض صار يتندر بأن الزينات فيها أصبحت أكثر من الفاتيكان.
تتوجه قطاعات كبيرة من الناس لمثل هذه الأماكن للتمشية والتقاط الصور التي تنتشر لاحقاً على كل مواقع التواصل الاجتماعي، ويحقق القائمون عليها أرباحاً طائلة بالكثافة الكبيرة التي تتوافد عليها وتستفيد بالخدمات المتوافرة فيها من مطاعم وكافيهات تتزين كلها بأجواء الكريسماس، وما بين العالمين يبدأ المصريون سواء من اشتروا الزينات أو من لم يشتروها، عاماً جديداً، آملين بأن يكون أفضل وأقل ضغطاً على كل المستويات.