Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكايات وأرقام مفزعة للمختفين قسرا في سوريا

تقدر "العفو الدولية" عددهم بـ82 ألف شخص بينهم أطفال منذ عام 2011 لدى الجهات المتحاربة

تزايدت آمال الأسر السورية في العثور على أبنائهم المختفين قسرا بعد سقوط النظام (أ ف ب)

ملخص

تقول منظمة العفو الدولية إنه لا يطلق سراح المختفين قسراً مطلقاً، ويبقى مصيرهم مجهولاً، وغالباً ما يتعرض الضحايا للتعذيب أو يقتل عديد منهم أو يعيشون في خوف دائم من التعرض للقتل.

سنوات سوداء عاشها السوريون ذاقوا خلالها سلسلة متنوعة من النكبات دفع خلالها أشخاص ضريبة الاختفاء القسري بعيداً من أحبائهم ومجتمعهم، إذ يختفون بعد اعتقالهم من قبل مسؤولين في نظام بشار الأسد، سواء من الشارع أو من منازلهم، ثم ينكرون ذلك الأمر أو يرفضون الكشف عن مكان وجودهم.

وفي بعض الأحيان قد ينفذ عمليات الإخفاء قسرياً عناصر مسلحة غير تابعة للدولة، مثل جماعات المعارضة المسلحة نفسها، وفي كل الأحوال فإنها تعد جريمة بموجب القانون الدولي.

وتقول منظمة العفو الدولية إنه لا يطلق سراح هؤلاء الأشخاص مطلقاً، ويبقى مصيرهم مجهولاً. وغالباً ما يتعرض الضحايا للتعذيب أو يقتل عديد منهم أو يعيشون في خوف دائم من التعرض للقتل، ويعلمون أن عائلاتهم ليس لديها أي فكرة عن مكان وجودهم، ولا يوجد فرصة لأي شخص أن يأتي لمساعدتهم. وحتى إذا نجوا من الموت وأطلق سراحهم في نهاية المطاف، تبقى الجراح البدنية والنفسية تعيش معهم.

82 ألف مُختفٍ

في إحصاء لمنظمة العفو الدولية قالت إن "نحو 82 ألف شخص تعرضوا للاختفاء القسري في سوريا منذ عام 2011، واختفت الغالبية العظمى منهم في شبكة مراكز الاحتجاز الحكومية التابعة لنظام بشار الأسد، لكن أكثر من 2000 شخص اختفوا بعدما احتجزتهم جماعات المعارضة المسلحة من بينها تنظيم (داعش) الإرهابي".

ومع وحشية ودموية الصراع السوري، فإن محنة أولئك الذين اختفوا جرى تجاهلها دولياً إلى حد كبير، وحاولت عشرات الآلاف من العائلات اليائسة كشف مصير أقاربها المفقودين. ففي يوليو (تموز) 2018 أكدت حكومة النظام السوري وفاة ما لا يقل عن 161 شخصاً عُلم اختفاؤهم قسراً منذ بداية النزاع.

 

 

ومن أبرز المختفين قسراً في الحرب التي كانت دائرة الأطفال، الذين لم يستثنوا من معادلات الكبار، بل كانوا ورقة رابحة لهم للضغط على ذويهم ومؤلمة لأقربائهم الذين يسعون إلى معرفة مصيرهم وأين هم وماذا حدث لهم.

جيل ثانٍ من المعتقلين

منذ اليوم الأول لسقوط النظام السوري وخروج المعتقلين من السجون، هرع الأهالي للبحث عن أبنائهم كباراً وصغاراً، فمنهم من وجد البعض اليسير، وآخرون استطاعوا التعرف على جثث أحبتهم، ولكن كثراً انتظروا وعادوا خاليي الوفاض، لا خبر ولا معلومة تشفي وجع سنوات انتظارهم.

ومن القصص التي تفاعل معها الرأي العام قصة المعتقلة رانيا العباسي وأبنائها الخمسة، إذ لم يترك أخوها الموجود في كندا طريقة ليعرف مصير أخته وأولادها، فاتصل بمعتقلات سابقات، وتواصل مع جهات ومؤسسات لرعاية الأطفال التي كان النظام السابق يستخدمها لإيداع أطفال المعتقلين لديهم بعدما يغير أسماء كثيرين منهم لكي يقطع أي صلة لهم بأهلهم ويمنع أحد من التعرف عليهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من بين هؤلاء شاب يدعى علاء رجوب تحدث عن اعتقاله عندما كان طفلاً بعمر سبعة أعوام مع خاله، فقال إنه أودع في السجن شهراً كاملاً ليوضع لاحقاً في دار للأيتام بدمشق، ولكنهم لم يكتفوا بذلك، بل غيروا اسمه إلى علاء ناصيف، وبخاصة عندما أصبح في سن يحق له أن يحمل بها هوية شخصية، لكن علاء هرب خارج سوريا عندما أرادوا أخذه ليخدم في الجيش ويحارب، فمع رفضهم تزويده في الدار التي كان يعيش بأوراق ثبوتية له قرر الفرار.

رعاية أم تجارة؟

ومثل علاء أطفال كثر أودعوا في دور أيتام، وعلى رأسها مجمع لحن الحياة في ضاحية قدسيا بدمشق الذي كان يجري إيداع الصغار فيه لعمر 10 سنوات، وفوق هذا العمر يرسلون إلى فرع المجمع بحلب، ومنهم "نور المدني" التي قالت إن النظام كان يرسل إلى المجمع أطفالاً كثراً خلال فترة الحرب، وأثناء نقاشهم مع الصغار الذين دخلوا حديثاً المجمع كانوا يقولون لهم إن أهاليهم معتقلون في سجون النظام.

وظهر في الأيام الأخيرة عديد من الشهادات التي تؤكد سوء معاملة الأطفال في هذا المكان الذي كان يتردد عليه بشار الأسد وزوجته، إذ تشجع عديد من العاملين السابقين فيه إضافة لبعض الأطفال الذين شبوا في هذا المكان على التحدث بصوت عالٍ عن الوضع السيئ داخله والعمل الدائم مع الأمن لطمس هويات عدد كبير من الأطفال أو للمتاجرة بهم وبأعضائهم.

 

 

وفي ظل هذه المحاولات اليائسة من الأهل لإيجاد أبنائهم ظهر اسم منظمة "أس أو أس" التي قال عنها حسان العباسي شقيق المعتقلة رانيا وأبنائها، "إن هذه المنظمة هي الباب الخلفي للنظام المجرم لإيداع أطفال المعتقلين فيها حتى عام 2019، ففي هذا العام ظهرت جمعيات أخرى مثل (دفى) وغيرها". وقد حاولت "اندبندنت عربية" التواصل مع منظمة "أس أو أس" للوقوف على الاتهام الموجه لها، لكن لم تلقَ استجابة.

في هذا الوقت ظهرت رسالة سيدة على "يوتيوب" تعليقاً على أحد الفيديوهات التي تتحدث عن الأطفال المختفين قسراً، فتقول، "إنها كانت موظفة سابقة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، إذ كان فتح أي ملف له علاقة بالأيتام ممنوعاً، وذلك بتوجيهات من القصر". وتضيف، "لديَّ أجوبة عن كثير من الأسئلة التي تخص معاهد الرعاية، كما لديَّ أدلة تثبت كيف خلق النظام السابق بيئة قانونية للتجارة بالأطفال"، لكن لعدم وجود وسيلة للتواصل معها لم نستطع التأكد من كلامها.

إحصاءات الاختفاء القسري

قبل عام كانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أصدرت تقريرها السنوي الـ12 عن الاختفاء القسري في سوريا، بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، وقالت فيه، "إن ما لا يقل عن 112 ألفاً و713 شخصاً، بينهم 3105 أطفال و6698 سيدة، لا يزالون قيد الاختفاء القسري في سوريا منذ مارس (آذار) 2011 حتى أغسطس (آب) 2023 على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة".

وبحسب تقرير الشبكة فإن "من بين العدد الإجمالي هناك 96 ألفاً و103 آلاف لدى قوات النظام السوري بينهم 2327 طفلاً و5739 سيدة، بينما 8684 شخصاً أُخفوا على يد الدواعش بينهم 319 طفلاً و255 سيدة"، فيما أسند التقرير مسؤولية إخفاء 2162 بينهم 17 طفلاً و32 سيدة إلى "هيئة تحرير الشام". وأضاف أن "2943 شخصاً بينهم 256 طفلاً و563 سيدة لا يزالون قيد الاختفاء القسري لدى مختلف فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني منذ عام 2011 حتى الآن في جميع المناطق التي سيطرت عليها، و2821 شخصاً بينهم 186 طفلاً و109 سيدات لا يزالون قيد الاختفاء القسري لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)".

 

 

 

وأوضح التقرير أن مراسيم العفو فشلت في الإفراج عن المعتقلين والمختفين قسرياً، ولم تتضمن فاعلية وشفافية حقيقية، أو آليات لضمان إطلاق سراحهم جميعاً وتحقيق العدالة لهم، بل إنها كانت خدعة سياسية استخدمت للترويج لصورة النظام السوري بأنه يتخذ إجراءات لتخفيف الضغط الدولي من جهة ومواسم لابتزاز أهالي المعتقلين والمختفين قسرياً مالياً من جهة أخرى".

وذكر التقرير أن حصيلة المعتقلين تعسفياً الذين أفرج عنهم من 21 مرسوم عفو صدرت منذ 2011 وحتى 2022 بلغت ما لا يقل عن 7351 شخصاً (6086 مدنياً و1265 عسكرياً)، وذلك من مختلف السجون المدنية والعسكرية والأفرع الأمنية في المحافظات السورية، بينهم 6086 مدنياً منهم 349 سيدة و159 شخصاً كانوا أطفالاً حين اعتقالهم.

واستعرض التقرير المؤشر التراكمي لحصيلة المختفين قسرياً منذ مارس 2011 وتوزع تلك الحصيلة أيضاً بحسب سنوات وأطراف النزاع، فخلال الأعوام الأربعة الأولى للحراك الشعبي نحو الديمقراطية شهدت الموجات الأعلى من عمليات الاختفاء القسري، وكان عام 2012 الأسوأ من حيث حصيلة المختفين قسرياً، يليه أعوام 2013 ثم 2011 و2014، إضافة إلى أنه أورد توزيع حصيلة المختفين قسرياً على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة بحسب المحافظات السورية، أي تبعاً للمكان الذي وقعت فيه حادثة الاعتقال، وليس تبعاً للمحافظة التي ينتمي إليها المعتقل، وكانت محافظة ريف دمشق بحسب التقرير شهدت الحصيلة الأكبر من ضحايا الاختفاء القسري، تليها حلب، ثم دمشق، ثم دير الزور.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير